داود أمين
الحوار المتمدن-العدد: 2560 - 2009 / 2 / 17 - 09:42
المحور:
التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية
وصلني يوم أمس، ومن خمس جهات مختلفة، مادة عنوانها ( بيان صادر من جماهير الحزب الشيوعي في الناصرية )، وهو يحمل توقيع ألأخ ( حميد حسين لفتة ) وكانت هذه أول المفارقات، إذ كيف يمكن أن يوقع شخص على بيان ( للجماهير! ) الم يدر في خلد كاتب البيان أن القراء سيتساءلون، من هي هذه الجماهير وما حجمها؟ وأين هو التخويل الذي منحته للآخ كاتب البيان؟ وإذا إفترضنا أن مضمون مادته يعبر عن وجهة نظر أخرين يشاركونه أراءه، فكان من الطبيعي أن لا يعنون مادته بهذا العنوان غير الواقعي، بل يكتب مادته الشخصية، ويقول أنها تمثل رأيه ورأي أخرين! أما أن يصوغ المادة كبيان ففيه مصادره غير مقبولة ولا منطقية لرأي الناس وقناعاتهم!
ثم يتجنب الأخ حميد في بيانه الشخصي الحديث عن تأريخ ونضال الحزب الشيوعي العراقي ( لأنه أكبر بكثير مما نكتبه نحن ) كما جاء في المادة، التي يشير فيها الى أن ما دعاهم بل (أجبرهم!) على كتابته ( ولا أدري لماذا يتحدث بصيغة الجمع في حين إن البيان يحمل إسمه الوحيد ! ) هو ( الأنتكاسة التي أصيب بها الحزب جراء الإنتخابات الأخيرة وما حصل عليه الحزب من نسبة 1,8% من مجموع أصوات الناخبين ) ولا أستطيع أن أفهم كيف تجبر(إنتكاسة!) للحزب حريصاً على كتابة مادة معادية كهذه، حتى لو سلمت نية كاتبها! علماً بأنني لا أرى أية إنتكاسة في النتيجة التي حصل عليها الحزب في المحافظة، بل وفي عموم العراق، فهناك ظروف موضوعية حقيقية وليست مفتعلة، ولم يعد التعكز على التأريخ والماضي كافياً، كما أن هناك أيضاً ظروف ذاتية، وهذا البيان أصدق تجلياتها، فإذا كنا نتصارع مع رفاقنا بهذه اللغة وبهذا الأسلوب، ونكيل التهم وبالأسماء فكيف سنحقق نتائج أفضل في الأنتخابات الحالية أو حتى القادمة؟!
يقول الأخ حميد في بيانه أن جماهير الناصرية صدمت وأصيبت بإحباط وتذمر شديدين، وهي تشهد نتيجة الأنتخابات، وأنا أعتقد أن هذه الجماهير ستصدم وتصاب بخيبة أشد عندما تقرأ بيان الأخ حميد، الذي لا يتضمن سوى التيئيس والتحريض الصريح ضد الرفاق! إن الأخ حميد يتعجب كيف ( تتجول قيادة الحزب في الناصرية بشوارع الناصرية الرئيسية بيوم إعلان النتائج ألأولية وهم يتبادلون القبلات وكأنهم مبتهجين بما حصل ) وأسال العزيز حميد ، وماذا تريد منهم أن يفعلوا ؟ هل يقبعون في بيوتهم أو في مقر الحزب مؤكدين أستنتاجك غير الدقيق في حصول إنتكاسة! كنت أتمنى من الأخ حميد أن يبتهج معهم، وهو يرى حارقي مقر حزبه، وغلاة الطائفيين الذين تربعوا على كراسي المحافظة، تركلهم أصوات الجماهير! وأن يضع يده مع يد رفاقه وينسى كل خلاف ثانوي إستعداداً لأنتخابات قادمة! لا أن يصدر بياناً ( ستطبعه مجموعة القيادة المركزية وتوزعه بشكل واسع في بغداد ! كما كتب أحدهم في الحوار المتمدن!) فهل كنت تنتظر ذلك يا عزيزي حميد ؟! وهل هذا هو طريق الأصلاح وتقويم الأخطاء ؟
بيان الأخ حميد يشير في أحد فقراته أيضاً الى أن قيادة الناصرية حاربت وأبعدت العناصر الجيدة وذات الماضي الناصع، وكنت أتمنى أن يذكر إسماً واحداً من الرفاق الذين جرى إبعادهم بقرار حزبي من قبل قيادة الناصرية! لقد كنت قبل شهر ونصف في الناصرية، وقد حدثني العديد من الرفاق والأصدقاء الذين تركوا الحزب بإرادتهم وبقناعتهم لأن لديهم أراء خاصة، وملاحظات سلبية على هذا الرفيق أو ذاك، أو على طريقة العمل! وقد حملني الكثير منهم مسؤولية نقل ملاحظاتهم الى قيادة الحزب، وقد فعلت ذلك بأمانة الشيوعي الحريص على حزبه ورفاقه، ولم يذكر لي أي واحد من الرفاق الذين حملوني معاناتهم وأرائهم أنه طُرد أو أُبعد، بل ذكروا لي أنهم هم من إختاروا أن يكونوا خارج الحزب! والحزب كما يعرف الأخ حميد إتحاد إختياري بين مناضلين، والذين خرجوا من الحزب هم من إختاروا هذا الموقع، ولا علاقة مباشرة لقيادة الناصرية بخروجهم!
أما عن الأماسي الأسبوعية الثقافية والسياسية التي أصبحت تضايق وتثير سخط سكرتير المحلية، خصوصاً إذا كان القائمون بها من الأنصار! بحيث جاء بقفل لقاعة المقر لكي يوقفها! فأمر يدعو حقاً للأبتسام! فحسب معلوماتي إن الرفيق مسؤول المحلية كان نصيراً، بل مسؤولاً سياسياً لسرية مقاتلة ( سرية زاخو ) ثم لقاطع أنصاري هو( قاطع أربيل ) وساهم في العديد من العمليات العسكرية! فهل أصبح لديه موقف معادي للأنصار؟! كما إني قدمت في زيارتي قبل الأخيرة محاضرة في قاعة المقر عن الحركة الأنصارية، وبطلب من الرفيق نفسه وبحضوره! ولولا إنشغال الرفاق بالحملة الأنتخابية أثناء زيارتي الأخيرة، لقدمت محاضرة أخرى عن الأعلام الأنصاري، وأعتقد أن ترحيب الرفاق في المحلية سيكون كبيراً بها!
أما الحديث عن التخطيط لأفشال رابطة المرأة وإتحادي الطلبة والشباب فلا يُقنع أي عاقل، إذ من مصلحة قيادة الناصرية - حتى في إطار المصلحة الخاصة والضيقة - أن يكون لديها منظمات فاعلة ونشطة وحقيقية ! فكيف تخطط لأفشال هذه المنظمات، ولمصلحة من ؟ كنت أتمنى من الأخ حميد أن يتحدث بموضوعية حول هذا الموضوع، كأن يقول إن العمل في هذه الميادين ضعيف ويحتاج لكذا وكذا ، ويتطوع هو والمخلصين من أمثاله للمساعدة في تطوير العمل وإنعاشه !
اما في الفقرة التي يتحدث فيها الأخ حميد عن حرق المقر، فقد وردت جمل تعيدنا لزمن داحس والغبراء! فهو يقول بالنص (كنا نمني أنفسنا لو إن أحد القياديين قد تعرض لإصابة أو إستشهد في الدفاع عن مقر الحزب لكي نتباهى به أمام الأخرين)!! ولا أعتقد إن عاقلاً يشاطر العزيز حميد رأيه هذا! فالهجوم على مقر الناصرية في الإنتخابات السابقة، كان عملاً همجياً ، خططت له ونفذته عصابات حاقدة، وإنسحاب الرفاق من المقر وعدم تقديمهم ضحايا كان عين الصواب، وليس شيئاً معيباً كما يرد في بيان الأخ حميد! فالمقر جُدد بعد أيام، ولكن لو إستشهد الرفاق لخسرناهم للأبد! واسأل العزيز حميد أين كان عندما أحرق المقر؟ ولماذا لم يتصدى هو والذين يشاطرونه هذا الرأي للمهاجمين لحظة إقتحام المقر أو فيما بعد على الأقل ما دام يعرفهم وقد وثقهم على أشرطة السي دي؟ نحن حزب سياسي ولسنا عشيرة، والمنطق الذي يدعو اليه عزيزنا حميد هو منطق إنتحاريي القاعدة وليس منطقنا نحن الشيوعيين، لقد تركنا مقرات بشت ئاشان ( أيام الحركة الأنصارية ) عندما كان هجوم أوك والسلطة أكبر من طاقتنا، وإنسحبنا من مقرات خواكورك وزيوة وكافيا وأربيل والفوج الأول والفوج الثالث عندما أدركنا أن ليس بمقدورنا الصمود والبقاء أمام قوات السلطة الزاحفة بإتجاهنا، فهل كنا مخطئين، وهل كان موقفنا غير واقعي؟
ثم يطلب الأخ حميد في نهاية بيانه أن تتنحى قيادة الناصرية جانباً فمدينة الناصرية وّلادة للكوادر والمناضلين، واسأله لو إستجابت هذه القيادة لبيانك وتنحت عن المسؤولية، فما هي الألية التي تلد فيها مدينة فهد الكوادر والمناضلين ؟ لكي يتسلموا المسؤولية بعد أؤلئك المتنحين؟ هل ترسل قيادة الحزب مندوباً يدور في مقاهي الناصرية وشوارعها وأزقتها باحثاً عن الكوادر والمناضلين؟ أم يضع الحزب إعلاناً في الصحف ووسائل الأعلام يطلب فيه كوادر ومناضلين ( ليس عليهم أي غبار ! ) لأشغال مواقع المتنحين !؟
عزيزي حميد لقد جرحني بيانك، وجرح المناضلة ( أم داود ) التي ذكرتها في بيانك، وجرح أرواح صباح طارش وسحر ومهدي عودة وسعدون وسيد وليد وأرواح أصحاب كل الصور التي تزين واجهة مقر الحزب، أدرك أنك حسن النية، فأنت تنتمي لعائلة شيوعية عريقة، قدمت للحزب والشعب الشيء الكثير، ولكن بيانك غير موفق، وما دمت تطلب النصح كما جاء في نهاية بيانك، فأقول لك صادقاً، لا تضيع تأريخك وتأريخ عائلتك بالعزف على لحن نشاز! إذ ليس هكذا يُدار الصراع الفكري، فبيانك تضمن تشهيراً بشيوعيين لا تعرف أنت بدقة تأريخهم النضالي المشرف طوال عقود من السنين ، في الحركة الأنصارية وخارجها.
إن الأخطاء إن وجدت في منظمة حزبية ما ( ولتكن الناصرية التي لا يخلو تنظيمها من الكثير من الأخطاء ) فإن حلها يكون داخل الحزب وضمن أطره التنظيمية المعروفة، والأراء المختلفة، وحتى الخاصة، للشيوعيين، يفترض عندما يراد نشرها، أن تطرح بموضوعية وبروح المسؤولية والحرص، وأن تعكس حلولاً ومعالجات، وستكون صحافة الحزب وأدبياته أول من يحتضنها، لا أن تتحول لمادة بيد أعداء الحزب والحاقدين ، عليه، كنت أتمنى أن تتحلى بالموضوعية وأنت تشخص النسبة التي سميتها مخيبة التي حققها الحزب في الأنتخابات الأخيرة في الناصرية، فتذكر خطأ الرفيق ناصر فياض عندما نزل في قائمة منافسة لقائمة الحزب! ومعه صادق مكي وعزيز عرب وأخرون! الم تأخذ هذه القائمة من أصوات قائمة الحزب، ومعظم من فيها كانوا رفاقاً الى ما قبل أشهر!!
وأخيراً أدعوك أيها العزيز حميد للعودة لحزبك، ومن خلالك أدعو جميع الرفاق الذين هم خارج الحزب في الناصرية للعودة للحزب ، وممارسة آلية الديمقراطية في الأنتخابات والترشيح، إذ ليس هناك خيار أخر بديل، والبقاء خارج الحزب لن يصحح الأوضاع التي يعتقدون أنها خاطئة، ومن خلال ألية الديمقرطية يمكن أن يحقق من يعتقد أنه الأفضل ما يريد!
#داود_أمين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟