أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الحركة العمالية والنقابية - ليما نبيل - ضحايا الفقر والزمن القاسي: أطفال الأشغال الشاقة يعملون 16 ساعة يومياً















المزيد.....

ضحايا الفقر والزمن القاسي: أطفال الأشغال الشاقة يعملون 16 ساعة يومياً


ليما نبيل

الحوار المتمدن-العدد: 785 - 2004 / 3 / 26 - 09:48
المحور: الحركة العمالية والنقابية
    


" لو كان الفقر رجلا..".

لكنه ليس رجلا واحدا لنقتله ونستريح..

وليس عدة رجال ..

الفقر "مؤامرة" إن شئت، مرض إن "شئت".. حكم.. إن شئت.. وهو هنا وهناك وهنالك..

يبدأ يوم العمل عند "عماد" الساعة الثالثة فجرا، حين يذهب إلى السوق المركزي في العاصمة الأردنية، حيث تباع الفواكه والخضار ثم يتجول في المناطق الشعبية لبيع ما لديه لحساب شخص آخر، يدفع له دينار في نهاية اليوم، الذي يختتم الساعة السابعة مساء، وحياته كلها "ساندويتشات" فلافل، ويضربه رب العمل إذا لم يبع كل البضاعة.

ويعرف زميله "سمير" أربعة أطفال آخرين يعملون مثله في "الحسبة" سوق الخضار والفواكه، ولصالح رب العمل نفسه، الذي يفضل تشغيلهم على الكبار، ويقول "سمير" انه لم يتعرض إلى الإساءة أو التحرش الجنسي حتى الآن، على الرغم من عمله الطويل في سوق الحسبة"، لكنه يعرف الكثير من القصص، هو يتعب كثيرا لانه يعمل ساعات طوالا، وينام معظم الأحيان في حافلة الركاب "الباص" وهو في طريقه كل مساء إلى بيته في "الجبل الأبيض".

ويصرح "خالد" 15 سنة، بأنه لا يحب العمل، ويبدو متعبا جدا ويتمنى العودة إلى المدرسة على الرغم من كرهه الشديد للأساتذة الذين لم يكونوا يراعون ظروفه العائلية، لكنه يقول انه مضطرا إلى العمل في سوق "سوق الحسبة" ولا يستطيع أن يجد عملا آخر، لان هذه ثالث مهنة يمارسها في سنتين، وكان قبل ذلك يعمل في ورشة لتصليح السيارات، وأصيب بجروح بالغة في يده بسبب محرك "موتور" سيارة، وكان يعاني من سوء معاملة رب العمل الذي كان يضربه بالمقص أو بآلة حادة والمأساة أن رب العمل الجديد يسئ معاملته أيضا.

لكن معاناة "سليم" 13 سنة متشعبة فهو في الصف السابع، يعمل طوال السنة بائعا متجولا للخضار بعد انتهاء ساعات الدوام المدرسي، ويعمل أثناء العطل والإجازات طوال اليوم، ويعيش مع والديه واخوته الثمانية ووالده مدمن كحول، وتخاف أمه أن تترك عنده الأطفال، بخاصة البنات ولا تريد ان تطلب الطلاق حتى لا يضيع الأولاد.

وإذا تحدثنا عن حوالي 10% من الأطفال الذين يجب أن يكونوا في المدرسة وتسربوا منها، أو لم يلتحقوا بها أصلا وفي مقارنتها مع أعداد الأطفال في سن المدرسة، فان هذه النسبة تصير 100 ألف طفل، كما تقول الإحصاءات في الأردن.

ويتمنى الطفل احمد لو ظل في المدرسة، فهي المكان الوحيد الذي يشعر فيه بالأمان، إلا انه وغيره من رفاقه العمال الصغار، يلومون النظام التعليمي والمدرسة بشكل عام، وبعض الأساتذة بشكل خاص، إضافة إلى سوء الاوضاع المعيشية.

* مخالفة مزدوجة

وعلى الرغم من أن قانون العمل الأردني يمنع عمل الأطفال اكثر من ست ساعات، فقد تبين من نتائج الدراسات عن "عمالة الأطفال في الأردن"، انهم يعملون اكثر من 12 ساعة في اليوم، بلا تأمين صحي أو تأمين اجتماعي عدا عن تسربهم من المدارس.

وتتحدث المواد من 72 وحتى 77 من ذلك القانون عن عمل الأحداث وتنص مضموناتها على عدم تشغيل الحدث الأكثر من ست ساعات في اليوم، وعلى إعطائه ساعة راحة بعد عمل أربع ساعات، وان لا يعمل بعد الثامنة مساء، أو قبل السادسة صباحا وعدم تشغيله في الأعمال الخطرة أو المرهقة أو المضرة بالصحة وان يقدم قبل تشغيله صورة مصدقة عن شهادة الميلاد وشهادة لياقة صحية وموافقة خطية من ولي الأمر على التحاقه بالعمل.

لكن واقع أولئك الأطفال يقول غير ذلك، فان أيا من هذه المواد لا يؤخذ به، وجدير بالذكر أن المادة الأخيرة حول معاقبة صاحب العمل، أو مدير المؤسسة عن أي مخالفة لأي حكم من أحكام هذا الفصل، تنص على دفع غرامة بين 100 دينار و500 دينار، ومضاعفة العقوبة في حالة التكرار، لكنها لم تطبق ولم يذكر أن شخصا واحدا قد خضع لها، ويؤكد كثيرون أن التدهور والقصور في نظام التعليم الأساسي، من العوامل الرئيسية وراء تفشي وانتشار ظاهرة عمالة الأطفال، ويتمثل ذلك في سوء العملية التعليمية، ونقص كفاءة وقدرات المدرسين وضعف الإدارة التعليمية لتعليم الأطفال، وتلبية حاجاتهم ورغباتهن وميولهم ويضاف إلى ذلك الأعداد الكبيرة للطلبة في الفصول الدراسية، وعدم سعة الغرف لاستيعابهم وعلى الرغم من قانون التعليم الإلزامي الموجود في الأردن، إلا أن الجهات المعنية بشكل عام، والتربية والتعليم بشكل خاص لا تفعل شيئا تجاه الطلاب الذين يتسربون من المدارس كل عام، والذين تتراوح أعدادهم بين 5% في مناطق لتصل إلى 40% في مناطق أخرى.

* ظلم مستحكم

ويتمثل الجانب المظلم في عمالة الأطفال في انهم يقبلون بلا مناقشة الأجر الذي يحدده ويدفعه مشغلهم، ويقبلون أيضا ساعات العمل التي يفرضها رب العمل، ولا يطالبون بإجازات أو عطل وينفذون كل ما يؤمرون به، ويستعمل رب العمل كل الطرق والوسائل الممكنة لينفذ مآربه بما في ذلك التأنيب والضرب والشتم.

ولا توجد عقود عمل للأطفال العمال، لذلك لا مجال للمطالبة بحقوقهم المهضومة أو الدفاع عنهم، ويقبلون بأي تعويضات مادية جراء إصابتهم في العمل، حسب تقديرات صاحب العمل ولا يتم غالبا منحهم التعويض أو نفقات العلاج ويحرمون حتى من الأجر اليومي عند الغياب الناجم عن الإصابة.

ومأساة هؤلاء الأطفال أيضا، انهم يخضعون للرقابة الصارمة، ويعانون جميعا من الحرمان الشديد والتعرض الدائم إلى المخاطر الصحية والنفسية.

* تصديق ولكن ..

وتؤكد د.جانيت عبود، الخبيرة في مجال الطفولة وبخاصة عمالة الأطفال أن ظاهرة عمالة الأطفال في الأردن، أصبحت تشكل مظهرا من مظاهر القلق نتيجة ازديادها المستمر وهو ما يستدعي التصدي لها، وبحث مسبباتها وانعكاساتها السلبية على صحة الطفل ونموه وتعليمه.

يذكر أن الأردن صادق على اتفاقية حقوق الطفل واستغلاهم اقتصاديا وعلى اتفاقية تحديد السن الأدنى لعمل الأطفال التي أقرتها منظمة العمل الدولية، وهي الالتزام بالا تقل سن الاستخدام عن سن إتمام مرحلة التعليم الإلزامي، أي 15 سنة، لكن الدراسات التي أنجزت في الأردن خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة، حول عمالة الأطفال تظهر وجود أطفال في سن التاسعة أو العاشرة، يعملون في "حرف" بعضها خطر، بلا رقابة أو متابعة من الدولة التي يقول منتقدوها أنها تعالج لا تكون بإلقاء القبض على هؤلاء الأطفال، وإحضار اولوياء أمورهم، واخذ تعهد منهم بعدم إعادة أطفالهم إلى العمل"، فالحل كما يؤكد الباحث والخبير في جبهة العمل الوطني للطفولة، صادق الخواجة، " ليس في أن تأخذ الطفل من الشارع بل أن توجد له البديل أو مكانا افضل".

* جيش

هكذا إذن تتوزع حياة الأطفال العمال بين أنواع عدة من الجماعات (الشلل):واحدة داخل العمل، وأخرى في الحارة، ولكن شلة الحسبة لها تأثير أقوى؟ وتوفر "الحسبة" أو سوق الخضار، فرص عمل لمجموعة كبيرة من الأطفال، حيث يعملون في التحميل والتنزيل "والعتالة" ويستخدمون عربات النقل اليدوية في تلك العمليات، وتكون البداية باستئجار الأطفال عربات من "متعهد" في أول الحسبة بمبلغ دينار واحد يوميا، ويعمل الطفل على تحميل البضائع للزبائن من داخل الحسبة إلى الموقع الذي يريد الزبون، وتعتمد التسعيرة على المسافة التي يقطعها الطفل في حمل البضائع، وتترواح بين 25 و50 قرشا، ويترواح عدد مرات التحميل بين 10 و15 مرة يوميا، ويختلف عدد مرات التحميل والأسعار ووزن البضاعة، من طفل إلى آخر، حسب البنية الجسدية والعمر، ويعمل بعض الأطفال على تنزيل البضائع من الشاحنات الكبيرة عند وصولها إلى الحسبة ، لكنهم جميعا يقضون ساعات العمل ذاتها من الثالثة صباحا وحتى العاشرة صباحا، ثم ينتقلون إلى العمل في أماكن بيع الخضار والفواكه، التي تقع داخل السوق لحمل البضائع للزبائن حتى الساعة السابعة أو الثامنة مساء، وتتراوح أعمار الأطفال العاملين في الحسبة بين 8 و15 سنة، وهذا يخلق تنافسا قويا بين الأطفال الأكبر والأصغر سنا على العمل، تتراوح دخول الأطفال العاملين في الحسبة من 30 إلى 100 دينار شهريا ( 40 إلى 130 دولار).

وعلى الرغم مما يقوله هؤلاء الأطفال العمال، فان العاملين في مجال التنمية يقولون ان الاستغلال الاجتماعي والمالي والجنسي هو القاعدة، بالنسبة إلى هؤلاء الأطفال الذين يعملون ضمن مجتمع من الكبار، ساعات طويلة وقد يبلغ عدد الأطفال العمال في الأردن اكثر من 60 ألفا، وهو رقم كبير ومذهل نسبة إلى عدد سكان المملكة، وعلى الرغم من عدم وجود إحصاءات دقيقة تؤكد أو تنفي فان هذا الرقم التقريبي قريب من الحقيقة.

ويتحدث "هادي" عن معاناته الشديدة وإصابته بالإرهاق من ساعات العمل الطويلة، ويصف كيف يعود إلى بيته كل ليلة وينام قبل أن يتناول طعام العشاء من كثرة التعب: "لقد كانت أمي تذهب لتحضر وجبة العشاء وتعود لتجدني نائما، وخلال ثلاث سنوات من عملي في الحسبة، لم أتناول العشاء سوى مرات تتجاوز أصابع اليد الواحدة".

ويؤكد الباحثون الاجتماعيون والاختصاصيون إن فقر الأسر يشكل دافعا لوجود الطفل في العمل، ويتمثل هذا الدافع في الحاجة الماسة إلى ما يحصل عليه الطفل من اجر، يشارك من خلاله الأسرة في تلبية حاجاتها الأساسية، فعلى الرغم من انخفاض الأجر للطفل، إلا أن هذا الأجر البسيط، يشكل قيمة عالية بالنسبة إلى الأسر.

ويرى كثيرون أن عمالة الأطفال تعد إفرازا طبيعيا لنظام تعليمي عاجز عن استيعاب أفراده والاحتفاظ بهم، وتزويدهم بالمعارف النظرية والعلمية ليصبحوا قادرين على التفاعل بإيجابية مع المتغيرات المعاصرة. 



#ليما_نبيل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- 4th World Working Youth Congress
- وزارة المالية العراقية تُعلن.. تأخير صرف رواتب الموظفين شهر ...
- بيسكوف: روسيا بحاجة للعمالة الأجنبية وترحب بالمهاجرين
- النسخة الألكترونية من العدد 1824 من جريدة الشعب ليوم الخميس ...
- تاريخ صرف رواتب المتقاعدين في العراق لشهر ديسمبر 2024 .. ما ...
- وزارة المالية العراقية.. تأخير صرف رواتب الموظفين شهر نوفمبر ...
- يوم دراسي لفريق الاتحاد المغربي للشغل حول: تجارة القرب الإكر ...
- وزارة المالية العراقية.. تأخير صرف رواتب الموظفين شهر نوفمبر ...
- الهيئة العليا للتعداد العام للسكان تقرر تمديد ساعات العمل لل ...
- واشنطن توسع عقوباتها ضد البنوك الروسية و العاملين في القطاع ...


المزيد.....

- الفصل السادس: من عالم لآخر - من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الفصل الرابع: الفانوس السحري - من كتاب “الذاكرة المصادرة، مح ... / ماري سيغارا
- التجربة السياسية للجان العمالية في المناطق الصناعية ببيروت ( ... / روسانا توفارو
- تاريخ الحركة النّقابيّة التّونسيّة تاريخ أزمات / جيلاني الهمامي
- دليل العمل النقابي / مارية شرف
- الحركة النقابيّة التونسيّة وثورة 14 جانفي 2011 تجربة «اللّقا ... / خميس بن محمد عرفاوي
- مجلة التحالف - العدد الثالث- عدد تذكاري بمناسبة عيد العمال / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- نقابات تحمي عمالها ونقابات تحتمي بحكوماتها / جهاد عقل
- نظرية الطبقة في عصرنا / دلير زنكنة
- ماذا يختار العمال وباقي الأجراء وسائر الكادحين؟ / محمد الحنفي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الحركة العمالية والنقابية - ليما نبيل - ضحايا الفقر والزمن القاسي: أطفال الأشغال الشاقة يعملون 16 ساعة يومياً