سعيد موسى
الحوار المتمدن-العدد: 2557 - 2009 / 2 / 14 - 01:15
المحور:
القضية الفلسطينية
((مابين السطور))
لم يعد مجديا صم الاذان باصابع التفرد, ولم يعد مفيدا اغماض العيون باكف المزايدات العبثية الحزبية, ولم تعدالحقائق على الارض بخافية على احد, مهما حاول الفرقاء الاستخفاف بوعي شعبنا, والذي مل حالة الانشطار الوطني التي لم تعود عليه سوى بنكبات بعد انتكاسات, فحتى الاعداء وسط المعترك نراهم يحتكمون لخيار شعبهم كلما المت بهم ازمة سياسية رغم كل التناقضات الايدلوجية فيما بينهم, الا ان شعبا منذ ستون عاما يقف على رؤوس اصابعه يقارعهم لاستعادة حقه المغتصب يجمعهم كلما احتدم بينهم الخلاف, فما بالنا ونحن جميعا من اقصى اليمين حتى اقصى اليسار اصحاب قضية عادلة وحق مغتصب, كل فريق يريد ادارة الصراع على هواه وكيفا تناسب ذلك مع مصلحته الحزبية مع ضرب عرض الحائط بمن سواه تحت مسمى ترجمة خيار الشعب بشكل خاطيء ومتعمد, وفي المحصلة تتحول الخلافات السياسية الحميدة الى صدامات عنيفة وترصد باقصاء الاخر, في حين ان عدونا الاكثر تناقضا شيء واحد لايختلف عليه, الا وهو المشاركة السياسية والائتلاف الحاكم, خاصة اذا ماكانت الاوضاع السياسية تمر في مراحل مصيرية تتطلب اجماعا وطنيا, فما بالنا نتشدق ليل نهار بان هذا الفريق خيار الشعب وكان الاخر خيار الاغراب.
الحقيقة التي يجب ان يتوقف عندها كل من قال انه ينوب عن الجماهير, هي المسئولية الوطنية في هذا الوقت العصيب بالذات, والذي لايختلف عليه اثنان بان الحالة الوطنية التي يمر بها شعبنا هي من اسوء محطات تاريخنا العربي الاسلامي عامة والفلسطيني خاصة, وهذا يتطلب ركل العناد والتفرد بل مطِلِوب الان تناسي كل اناشيد مناكفة الشرعيات, فلاشيء مطلق وشعبنا يبكي بدل الدموع دماء على ما آل اليه حالنا من ذل فرقة بعد عز وحدة, ومن تداعي الامم علينا كما تتداعى الاكلة على قصعتها, والمطية هي انقسامنا الماساوي والاعتقاد بان كل من صفق لهذا الفريق او ذاك يؤكد شرعيته وهذا مفهوم خاطيء وفيه قصر نظر, لان الشرعية لايمنحها الا الشعب, وقد يمنى الشعب بصدمة نتيجة سلوكيات خياره تجاه مجموع الاجزاء الوطنية الاخرى, فمن المجدي دائما تلمس مدى رضى الجماهير من عدمه عن كل سلوك لهذا الحزب تجاه جماهيره, وذاك الحزب تجاه باقي الجماهير.
لامناص اليوم بالاعتراف الصريح اننا شعبا وقضية نقف على منعطف طرق, وسط انواء محلية واقليمية ودولية سياسية متغيرة وعاصفة, وصوت حالنا ربما يمكن استثماره لغير صالحنا من قوى اقليمية ودولية , ولن يكون باي حال من الاحوال مصلحة وطنية فلسطينية عليا, وان كان به مصلحة حزبية دنيا, ناهيكم عن عدو متربص جل همه الحفاظ على هذا الشتات والانقسام الوطني, ليكون له ذريعة كلما تبددت ذرائعه, اليوم هناك جمهور عدو وليس حكومة فقط هو جمهور الكيان الاسرائيلي, بعدما رقص على دماء اطفالنا من مجازر ومحارق وعقوبات جماعية اجرامية, فقد اتحد على كلمة سواء ليكون خياره كل من نادى بمزيد من المجازر والقتل في اوساط شعبنا, فقد اصبح صوت جمهورهم موحد متحد على التطرف وصراحة العنصرية والعدوان, وليس ادل على ذلك من صعود اشد احزابهم تطرفا وعنصرية ودموية المسمى" اسرائيل بيتنا" بقيادة المتغطرس"ليبرمان" بل وان كانت قوى اليسار في الكيان الاسرائيلي ليست اقل دموية وتطرفا, لكن الخيار الاقوى لتلك الجماهير المعادية هي بصوت عال نعم للعدوان وسياسة الترانسفير والاستيطان ولا للسلام.
ففي مثل هذا المنعطف, اعتقد انه من الحماقة بل من الجنون ان ننشغل في مناكفات اعلامية وميدانية وسياسية, لكي ننجر خلف تلك القوة الاقليمية وتلك , فمصلحتنا الوطنية الفلسطينية اولوية مصيرية, خاصة وان المتتبع الى مسار التاريخ وحركة المد والجزر البياني لمسار القومية العربية في مواجهة الصهيونية يصاب بصدمة وخيبة امل, فمنذ الخمسينيات حيث ذروة المد الصهيوني كان يقابله مدا قوميا راس حربته اضافة الى مصر وسوريا والاردن والمملكة العربية السعودية, هي حركة التحرر الوطني الفلسطيني عبارة عن فصائل فلسطينية فدائية سواء من اليسار الفلسطيني المقاتل او حتى من المسار الاخواني والذي انتهجه باديء ذي بديء كرافعة قتال الزعيم الخالد الشهيد/ ياسر عرفات, وقد كانت تلك الحقبة رغم ضرواة الهجمة الصهيونية العالمية هي صفحة مضيئة في تاريخنا العربي الاسلامي, واليوم تشهد الحركة الصهيونية بما لايدع مجال للشك وبالدلائل الميدانية على المسار البياني حالة من الجزر, سواء على مستوى الكاريزمة القيادية, او حتى على مستوى جزر ايدلوجية التوسع الجغرافي في المحيط العربي لابل في الداخل الوطني, رغم حالة السعار الصهيوني في تغيير الواقع الديمغرافي والجغرافي بمصادرة عشرات الاف الدونمات, الا انهم يتقوقعون داخل الصور العنصري في اعلى حالة جزر جغرافي على خارطة ايدلوجية "من النهر الى النهر", وما اردت الاشارة اليه لكل صاحب نظرة ثاقبة فاننا وللاسف وعلى غير منطقية المد والجزر , فان الواقع العربي الاسلامي بل الفلسطيني, يشهد في مواجهة هذا الجزر الصهيوني جزرا وطنيا وقموميا واسلاميا, يتمثل في حالة العداء والتشتت والتربص العربي العربي والاسلامي الاسلامي والفلسطيني الفلسطيني, شيء في غاية الغرابة التي تطرح امام الجماهير الف سؤال وسؤال.
فواقع الكيان الاسرائيلي ليس بافضل حال, فليس من العقل والمنطق ان يقابله في واقعنا العربي والفلسطيني حال اسوء, بل وجب مواجهة ذلك الجزر الذي انتج ذروة التطرف, ان يقابل بخطوة للامام اي امتداد بياني على مسار التوحد سواء في المعترك السياسي او معترك المقاومة بشتى اشكالها المناسبة, بل ماكان بالامس مطلبا يصبح اليوم ضرورة حتمية, لان ينزل الفرقاء من على رؤوس جبال المناكفة, ليتوجهوا مقبلين غير مدبرين على لم الصف واعادة ترتيب الاولويات الوطنية, لان استمرار حالة الانقسام الفلسطيني ستخلق من حولنا على مستوى الاقليم احلافا سياسية سيكون الخاسر الوحيد فيها هو الطرف الفلسطيني , وتكون تداعيات تلك الاحلاف والتي هي اللبنات الاولى الحقيقية لشرق اوسط جديد, تحويل مسار حقوقنا الوطنية الى ادنى مستوياتها, وتفلت من بين ايدينا كراس حربة في الصراع مقاليد زمام المبادرة, وواهم من يعتقد في حال تكريس الانقسام ان المحيط السياسي سواء على المستوى العربي المتشرذم او على المستوى الصهيوني المتطرف, بانهم لن يفرضوا على واقعنا روئيتهم لتسويات لن يكتب لها نجاح الا في مثل حالتنا الوطنية من الانقسام والتشرذم والاصرار على الامساك المطلق بوهم السلطة الزئبيقة.
ماهو قادم اسوء مما يتصوره البعض, شعبنا منقسم على نفسه, وقياداتنا منقسمة على نفسها, وتبعياتنا لهذه الاجندة وتلك في ازدياد لدرجة الضياع, فضعف بنياننا الوطني, والذي لم يشهد في تاريخنا اوهن مما هو عليه الان , سيسهل مهمة اعادة التشكيل من اطراف قريبة وبعيدة ستسعى جاهدة لاعادة التشكيل حسب رموز اعلامها وهويتها ومصالحها, ونصبح هجينا مطموس الهوية ومشوه المصير, والحل يكمن في تدارك مزيدا من كارثة الانقسام مهما حدث جراء ذلك من خسارة والام, ودون ذلك فالخسارة القادمة عظيمة واشد فتكا ان لم يتوقف الجميع عن تسونمي اوهامه التفردية, العدو يخطط لمزيد من استثمار الشتات الوطني, كي يزيد من حجم مجازرة نوعا وكما, وسيجد على خارطة الانقسام الفلسطيني والتداعي العربي الاقليمي مايكون له سقف معقول للتغطية على مجازرة , تارة باسم اقتلاع الارهاب وتارة اخرى باسم عدم وجود الشريك للسلام.
واعتقد ان المبادرة المصرية فيما يتعلق بالحوار والمصالحة, سواء رضي البعض عن مسمى مظلة الحوار او لم يرضى, فلا اعتقد ان هناك ملعب اخر لتلك المصالحة والحوار, كما اعتقد ان مصر وهي المصرة على تلك المصالحة وحرصها على انجازها, سوف يدفعها الى الانحياز الكامل للكل الوطني حتى وان شكك البعض في ذلك, فلن يكتب لمجهوداتها اي نجاح الا بالانحياز للكل بنفس القدر, ومحاولة تفهم مخاوف ومطالب كل فريق في مواجهة الاخر, وجر الفرقاء بالوفاق والتراضي, الى مربع الامان بخلق مناخات اخوية وطنية في حضن الكنانة كي تنجز اتفاقا وتوافقا تاريخيا فلسطينيا, يعيد اللحمة الوطنية والتي طالما استعصت على اعدائها من الصهاينة وغيرهم لكنها سقطت في مهاوي خطيئة اختيار ادوات غير مناسبة لعلاج الخلافات السياسية في ذلك الزمان, هذه هي قوة الردع الفلسطينية قوة وحدة سياسية وقوة اجماع على منهجية حق المقاومة, وقوة شراكة الدم وشراكة القرار, وقوة وقف نزيف وجرح الوطن وما لذلك من استحقاقات على الجميع دون استثناء من المنتظر ان يلمسها شعبنا المكلوم والمصاب في نواة ردعه وصمام امانه وحدته, فمها تجاوزنا كل الخطوط الحمر فمن العقل ان نحكم العقل ونعيده الى جمجمته بعد جنون وشطحات الانقسام, كي نستطيع مواجهة التطرف الصهيوني السابق والقادم, ومهما تعهد غيرنا بالوقوف الى جانب بعضنا ضد بعضنا اولا وضد عدونا ثانيا فان هذه المعادلة غير سوية على الاطلاق, فقد آن الاوان ان نعترف بان الكفر عناد ونتدارك الانهيار الوطني, ونطلب الى من يريد صلاحنا ان يدفع باتجاه وحدتنا ويدعمنا في مواجهة تناقضنا الوحيد وهو الاحتلال والاجرام الصهيوني, فهل نحن قادرين فعلا على امتلاك قرارنا الوطني المستقل كي يحترمنا الصديق ويحسب لنا العدو حساب, ام ان قوة الردع هذه باتت في حكم المستحيل, عندها كتحصيل حاصل سنكون الطرف الاضعف الذي يفرض عليه مصيره المقزم , ولايفيد عندها وفي ظل احكام الحصار السياسي والعسكري اي شعار, ولعلي انهي هنا مقولتي وعنوان مقالتي الشهيرة منذ سنوات بالقول" سياسة دون مقاومة تعني صفر , ومقاومة دون سياسة تعني صفر وادنى", فمطلوب منا اعادة العقول من شطحاتها الى جماجمها, ليتماسك الجسد الوطني بقوة العقل والوحدة مشكلا جسر من قوة الردع الوطني الفلسطيني في مواجهة كل تحديات المرحلة والمتغيرات على الساحة الاقليمية والدولية, فالخسارة النسبية من الجريمة عدم تداركها لتصبح قريبا خسارة شبه مطلقة, ولا نملك الا الدعاء بان يوفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه , لنستعيد بعثرة ما افسده الانقسام من اجزاء جسدنا وننقذ مايمكن انقاذه,لنستعيد قوة الردع للجسد الوطني الذي اذا اشتكى منه عضوا تداعت اليه باقي الاعضاء بالحمى والسهر, والله ولي التوفيق.
#سعيد_موسى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟