أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - لطيف شريف - خالد خشان // عذرية مقدسة















المزيد.....

خالد خشان // عذرية مقدسة


لطيف شريف

الحوار المتمدن-العدد: 2556 - 2009 / 2 / 13 - 07:07
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


خالد خشان في قصيدته "طفولة آدم " التي صارت عنوانا لمجموعته الشعرية الأولى ، يجسد منحة الإنسان -إنسان كل العصور- بعمق متناه و يؤرخ لها .
أبتدأ من كوة صغيرة بحجم ثقب في جبهة آدم قتيلا فينفتح على عمق المأساة الإنسانية في شكل انبثاقات صوفية تعزز بعضها البعض مما يزيد من الإحساس بتلك المأساة حتى لتصبح بالنهاية كل القصيدة صورة رؤيوية متكاملة يمكن النظر أليها من كل الجهات - صورة الإنسان مقصيا من عليائه ومجتمعه ونفسه .
وقصيدة يوم عائلي المنشورة في جريدة العرب اللندنية لا تبتعد عن تلك المحنة وانما هي تجسيد لصورة فردية من صورها حيث يستهلها الشاعر خالد خشان بمقطع تذمري لما يكتشف إن "لا وجود" للمرأة على الإطلاق في الثالوث المقدس مما يتبادر لذهن القارئ للوهلة الأولى إن الشاعر قد امسك بشرخ في هذه الثلاثية الهارمونية المتكاملة،منتهكا بذلك قدسيتها المحرمة على ما يبدو.لكن الشاعر عندما يرسم صورة كبرى لـذلك الـ "لاوجود "بعدد وجيز من الكلمات ويتجاوره مكانيا مع تناغمية الثلاثية المقدسة، إنما يسعى إلى تضليل القارئ كي يسلك طريقا لا يدرك فيه رسالة النص الشعري المتمثلة في تلبس الشاعر بلوبس تلك القدسية التي يتخذ منها معادلا موضوعيا لعذريته وتبريرا لها ،منجز ذلك بكلمات ثلاث فقط :
(اكتشفت / خارج / واسفاه )؛
اكتشفت اليوم
أن الزوجة
خارج
الثالوث المقدس
وا أسفاه على ذلك.
يتخذ الشاعر من مبدأ التناقض بين تناغمية الثلاثية المقدسة وما يكتشفه من نشاز فيها ،أساسا يبني عليه صورته الكبرى التي يرفدها بصور أخرى تكون أما نماذجا صغرى منها أو موازية لها أو خارجة عن مسارها لكن ذلك الخروج في حالة خالد خشان ما هو إلا خروج ظاهري بل انه تعزيز واتفاق معها في حقيقة الأمر لان كل مقاطع القصيدة تؤكد لا موجودية تلك المرأة التي يعلن عن تخليه عنها بصراحة ويكف عن مغالطة نفسه في :
سأسمو بدونك
إلى الأبد .
إن قوة الخيال العالية عند خالد خشان عملت بذكاء منقطع النظير على توحيد وتجانس الكل الذي أخرجته لغته البسيطة المنسابة في صور فردية تميزية مجسدة بدقة متناهية حالته الفكرية والحسية بما فيها من غموض وتعقيد تعجز الكلمات المجردة وحدها إن تخرجه. وبالرغم من هيمنة تلك الصور التي تعززها الانحرافات اللغوية عن المالوف ،على رسالة النص الشعري فأن تلك الرسالة تنبثق جلية بينة كالعنقاء من تحت هالة الضوء المنبعثة مما تشكله تلك الصور من علاقات إشعاعية فيما بينها وهي عذرية الشاعر أو ألانا في القصيدة:
سأسمو بدونك
إلى الأبد.

إن الشعر الذي يجسد الحالات الفكرية يعمل وفقا لآلية معرفية تقوم بتنظيم عناصره وتمده ببرنامج تاؤيلي بالإضافة إلى استراتيجيات وتكتيكات التداخل بين الدلالة والمعرفة ببنية الاتصال التي تجسدها .وقصيدة يوم عائلي تملك كل تلك المقومات من مجاز ذهني وتشبيهات وتناقض تنبثق على شكل صور مادية وحسية لتمسك بتلابيب تلك الحالات وما يشوبها من غموض وتقيد وحتى تعمية.
كما قلنا في البداية ،تحاول القصيدة في مقطعها الاستهلالي إن توهم القارئ بان الشاعر على خلاف مع عدم موجودية المرأة في الثالوث المقدس لكن قراءة متأنية تثبت العكس من ذلك ؛إن الشاعر يتنكر لأي وجود لتلك المرأة في حياته وما شوقه وافتتانه بها وتحرقه إليها ألا مغالطة يسعى من ورائها لإخفاء عذريته المقدسة :
اني اطرق على
باب قلبك منذ زمن
ألم تسمعي
روحي تتلو جمالك
في صلاتي
...تعالي خذي غيابك المر
كله
وأوصدي خلفه الباب
إن كلمة يطرق ويتلو وغياب وتعالي كلها تؤكد إن "لا وجود " لتلك المرأة عدا تمثلها كوجد في قلب الشاعر الذي يجسده تجسيدا ماديا رائعا في مقطعها اللاحق :
انكفأت آنيتي
فاندلقت روحي
فتلطخ قميصي
شوقا إليك
و كلمة شوق تعني الغياب والنأي .وفي المقطع اللاحق تسقط قطرة من روح محبوبة فتفيض روحه بالورد وهنا يحمل الفيض معنيين الامتلاء عن الحد الطبيعي والموت وكلها يترادفان بالمعنى ثم يعزز ذلك بدعوتها للطواف حول قبره ثم يرجعنا إلى الثالوث المقدس في :
فأنا مازلت ابحث
عن طرف خيط
في صنارة الله


عسى إن يمسك بما يبرر تلك العذرية ليشد من أزره ويلغي أسباب المعاناة . وفي المقطع السادس يؤكد إن لها وجود كان بشهوانية وحسية عاليتين لكن لا وجود في الآن غير ذكريات ولربما أوهام :
كم ركضنا
في العشب المحاذي لساقيك
احذري
لئلا ينفتق سوتيانك
وينسكب رذاذ نهديك
وفي كلمات مثل محاذي والهث عند ضفاف الخاصرة كلها تؤكد ذلك الغياب رغم إن المسافة بينهما لا تتجاوز البوصات.قد يريد الشاعر من هذا الاقتراب إن يزيد في عذابات الروح.إما في مقطعها الحادي عشر تصل القصيدة إلى حالة عالية من الكمال تفيض ثناياه تحرقا وشوقا للغائب الذي لا يكون غيابه غيابا مطلقا لا اثر له وانما غياب لموجود كان في إلهنا بدليل له مخلفات مادية :
في الليل الأول
من فصول تمجيد اللذة
منحي ... عنكبوت يتكعب
يوزع فوانيس التحديق
لـ ( سوتيان ) ممتلا
ولـ (سروال) يعج بالصراخ

في الليل الثاني
ابحث في خرائط الرمال
عن مدن لم تبدا قداسها بعد
وعن وشم سقط من قوافلي
لامرأة تقايضني
لذتها بالجحيم .
في جميع المقاطع أعلاه يتدحث الشاعر عن حب طاغي وقوة بحث لا تكل لكن ماذا يرى في ذلك الحب غير خطيئة فيعلق قبلاتها على مسامير الحائط:
اعلق قبلاتك
على مسامير الحائط
قبلة
قبلة
واتقرفص تحتها
مثل بوذي مخطئ
وأبدا بالنواح
في المقطع اللاحق يتحدث عن دفء أنثوي يتمطى بين دفتيه لكن عبثا إن العمر قد تجاوز أوانه و هذا الدفء ما هو إلى مغالطة من مغالطاته الأخرى التي يصور فيها نفسه عاشقا ولها لكن بلا حبيب فتتدفق من فمه كلمات الخلاص وينتهي موسم الحب فيعانق عذريته التي حاول إن يخفيها تحت انحرافات اللغة والمجازات والتشبيهات التي تصور لنا حالة الفكر التي تستحوذ على ذهن الشاعر لحظة الكتابة :
الرماد أخر الرسائل
واول كتب النزيف
تركت قامتك
تغادرني بعيدا
بعيدا بلا نجم
سوى الظل
وهنا يذكر الشاعر بمكبث شكسبير حيمنا يقول:
وما الحياة إلا ظل عابر
حكاية يرويها مجنون
لكن بعد فوات الاوان.





#لطيف_شريف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- امبراطورية كزار حنتوش
- تحطيم العراق الاستراتيجية الأمريكية
- قراءة في شعر كزار حنتوش
- الحجاب
- المغامرة الامريكية المرتقبة


المزيد.....




- الوكالة الدولية للطاقة الذرية تعتمد قرارا ينتقد إيران لتقليص ...
- ZTE تعلن عن أفضل هواتفها الذكية
- مشاهد لاستسلام جماعي للقوات الأوكرانية في مقاطعة كورسك
- إيران متهمة بنشاط نووي سري
- ماذا عن الإعلان الصاخب -ترامب سيزوّد أوكرانيا بأسلحة نووية-؟ ...
- هل ترامب مستعد لهز سوق النفط العالمية؟
- عاجل | مراسل الجزيرة: 17 شهيدا في قصف إسرائيلي متواصل على قط ...
- روبرت كينيدي في تصريحات سابقة: ترامب يشبه هتلر لكن بدون خطة. ...
- مجلس محافظي وكالة الطاقة الذرية يصدر قرارا ضد إيران
- مشروع قرار في مجلس الشيوخ الأمريكي لتعليق مبيعات الأسلحة للإ ...


المزيد.....

- -فجر الفلسفة اليونانية قبل سقراط- استعراض نقدي للمقدمة-2 / نايف سلوم
- فلسفة البراكسيس عند أنطونيو غرامشي في مواجهة الاختزالية والا ... / زهير الخويلدي
- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - لطيف شريف - خالد خشان // عذرية مقدسة