أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ابراهيم علاء الدين - كيف نهزم قوى الاسلام السياسي















المزيد.....

كيف نهزم قوى الاسلام السياسي


ابراهيم علاء الدين

الحوار المتمدن-العدد: 2555 - 2009 / 2 / 12 - 09:33
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


في سياق وصفه لأحوال الناس في العاصمة الاردنية عمان التي زرتها بعد غياب نحو 15 سنة ، قال صديقي بسام العايش، انها تنقسم الى قسمين عمان الشرقية وعمان الغربية، الشرقي منها هي العاصمة القديمة ، تضاعف عدد سكانها عدة مرات، مكتظة بالسكان اغلبهم عمال فقراء او موظفون صغار، وعدد كبير من العاطلين عن العمل.
الناس فيها يسكنون فوق بعضهم البعض، شوهتها المباني العشوائية، بعض مناطقها لا يوجد فيها بنية تحتية للصرف الصحي، ، ينتشر فيها كل ما يخطر على البال من الممنوعات، والفوضى، كما ينتشر فيها التيار الديني، ويشيع بين سكانها الاوهام وتنظم حياتهم القدرية والتواكل، والشعارات الناظمة لحياتهم "خليها على الله" و "الله غالب على امره" و " الله يرزق من يشاء بغير حساب".
اما القسم الغربي منها فهي مدينة راقية حديثة يسكنها الاثرياء ، يسود في احيائها الامن والامان، وتنتشر فيها المقاهي والمطاعم والملاهي الراقية، وتجوب شوارعها السيارات الفارهة، وتشاهد في اسواقها الحديثة ارقى الازياء العالمية.
واضاف ان الانتقال من عمان الشرقية الى الغربية يشبه الانتقال من عاصمة في جنوب الصحراء الافريقية الى مدينة اوروبية.
وفي القاهرة اعترض صديقي مصطفى جمعة على رأي لأحد الاصدقاء كان ينتقد سكوت الحكومة عن تفاقم واتساع العشوائيات حول الاحياء الراقية بالقاهرة بقوله: ان الحكومة لا ترى بالعشوائيات ظاهرة سلبية، بل تعتبرها ضرورية لتوفير الخدم للاثرياء ، لذلك فهي حريصة عليها، ولو لم توجد لربما احتج الاثرياء أو قاموا بانفسهم ببنائها، لانهم بحاجة الى حارس الفيلا او العمارة، وبحاجة الى من يغسل سياراتهم، وبحاجة الى الخادمة، ولما كان الاثرياء يمتلكون شققا مفروشة للتأجير، فيجب توفير الراحة للسائح بان يكون قريبا منه من يزوده بالحشيش والمخدرات، والعاهرات، وباقي الخدمات الاخرى.
وفي هذه المناطق يضيف مصطفى يرتع فيها دعاة التيارات الدينية، كما يرتعوا في قرى المحافظات المصرية كلها.
وفي بيروت ودمشق والجزائر العاصمة والدار البيضاء وتونس الحال نفسها يحيطها حزام الفقر والعشوائيات، ويوجد فيها كل ما يخطر على البال من الممنوعات، وايضا يرتع فيها دعاة التيارات الدينية.
وفي نقاش مع احد الاصدقاء في بيروت عندما كانت الفاكهاني "او بيروت الغربية" عاصمة الثورة الفلسطينية، قال هذا الصديق الذي قرر ترك الفصيل الذي ينتمي اليه ان العائلات الكبيرة الفلسطينية كانت تشغل فقراء الفلاحين عندها في الارض قبل عام 48 وها هي تشغلهم الان مقاتلين في الثورة.
وكان تردد في ما مضى قصة لها مدلول عميق حول احد زعماء فصيل وطني فلسطيني مفادها ان هذا الزعيم ذهب ليخطب احدى بنات العائلات المعروفة فرفض اهلها بحجة انه فدائي معرض للموت، وانهم لا يريدون لابنتهم ان تترمل مبكرا، فرد الزعيم عليهم بقوله انه زعيم سياسي وليس مقاتل قائلا "السياسي لا يموت".
وفي فترة مبكرة من العمر دار حوار ساخن بين مجموعة من الاصدقاء حول ضرورة الانخراط في صفوف المقاتلين في الثورة الفلسطينية، فقال احدهم ان والده ابلغه ان من يذهب للقتال هم الفقراء فقط، اما ابناء الاثرياء فانهم يتعلموا ويحصلوا على شهادات ويصبحوا قادة في هذه التنظيمات، وانه اقتنع بكلام والده وانه سوف ينهي الجامعة ثم يصبح قائدا.
في المخيمات الفلسطينية عار على الشاب اذا لم يكن منتميا لتنظيم، فيما في الاحياء الراقية من عمان مثلا عار على الشاب الفلسطيني اذا لم يكن لديه سيارة، ويدخن ارجيلة ويرتاد افخم المطاعم ويرتدي اخر الازياء ، وتسريحة شعره على الموضة.

هذه الصور وما اكثرها حول الفوارق الطبقية في عالمنا العربي، الذي تتراوح معدلات الفقر فيه ما بين 70 الى 80 بالمائة من السكان نصفهم تقريبا تحت خط الفقر.
ففي عالم عربي يزيد عدد سكانه عن 250 مليون نسمة تنحدر فيه الدخول والاجور، وتزدهر فيه البطالة الحقيقية والمقنعة، لتبلغ في الجزائر مثلا 30 بالمائة، وفي مصر تشير الاحصاءات الى وجود نحو 7 ملايين عاطل عن العمل ويزيد عددهم بنسبة 10 بالمائة سنويا، ولا تقل معدلات البطالة عن 15 بالمائة في معظم الدول العربية، وفي نفس الوقت يوجد 40 بالمائة من سكانه اميون ، وتنعدم فيه الفرص الوظيفية، ويعاني من ازمة اسكان، ومحدودية الانتاج وبطء النمو الاقتصادي، وتزخر فيه التوترات السياسية وعدم الاستقرار، وتنتعش فيه اساليب الفساد والافساد من كل نوع، الى جانب اجواء القمع السياسي، وغياب الحريات، وانعدام العدالة والمساواة، في ظل هذا المناخ لا بد وان تجد تيارات التطرف السياسي بيئة ملائمة لها.
فبالرغم من وجود العديد من العناصر التي تلعب دورا مركزيا في تكوين ثقافة العنف والتطرف الا انني ارى ان جذرها لا يمكن الا ان يكون اقتصادي.
ففي قطاع غزة حيث 75 بالمائة من السكان يعيشون بالمخيمات ويعتاشون على هبات وكالة غوث اللاجئين، وفرص العمل معدومة الا في مليشيات او مؤسسات فصائل المقاومة، وتزدهر فيه كل الامراض الاجتماعية والاقتصادية ، والفقر يشمل 60 بالمائة من السكان، فكيف يمكن الا يكون هذا المجتمع مرتعا للاخوان المسلمين، ومرتعا للعنف والتطرف بكل اشكاله.
ففي هذه البلاد الممتدة التي يطلق عليها العالم العربي يبلغ اجمالي ناتجها القومي ما بين 500 الى 600 مليار دولار سنويا، وهو يعادل تقريبا اجمالي الناتج القومي لدولة اوروبية واحدة مثل اسبانيا، ويعادل تقريبا الناتج الاجمالي للبرازيل. حتى ان دولة صغيرة مثل سويسرا التي تفتقر لكل ما له علاقة بالموارد الطبيعية يبلغ ناتجها القومي السنوي حوالي 350 مليار ولار.
في هذا العالم العربي يبلغ متوسط دخل الفرد في معظم دوله غير النفطية حوالي 2500 دولار سنويا، وفي اغناها كالسعودية حوالي 10 الاف دولار سنويا.
فيما يبلغ متوسط دخل الفرد في اوروبا حوالي 20 الف دولار، وفي الولايات المتحدة حوالي 25 الف دولار.
هذا العالم العربي الذي تبلغ قيمة صادراته السنوية اقل من 20 مليار دولار. في حين ان صادرات اسرائيل تبلغ 24 مليار دولار سنويا.
في هذه المجتمعات التي يشكل الفتية والشباب ما بين 30 الى 40 بالمائة من السكان، غالبيتهم ينتمون لاسر فقيرة، حيث كلما ازداد فقر الاسرة كلما انجبت اكثر، هذا على الرغم من تدني فرص الزواج لانعدام الامكانيات ليبلغ عدد العوانس ممن فاتهم قطار الزواج في مصر مثلا حوالي 3 ملايين فتاة، ومثلهم من الشباب. هذا في الوقت الذي تتضاعف فيها نسب الطلاق.
اما عن الاوضاع الصحية فحدث ولا حرج ففي مصر مثلا يذكر تقرير لبرنامج الانماء التابع للامم المتحدة ان حوالي 5 ملايين مصري مصابون بالتهاب الكبد، و 4 ملايين مصابون بمرض السكري، و 14 بالمائة مصابون بحساسية في الجهاز التنفسي، وحوالي 16 مليونا مصابون بالانيميا، ونحو 100 الف مصري يصابون سنويا بالسرطان، عدى عن الامراض الاخرى الشائعة في المجتمع.
في هذه الاوضاع المأساوية وجدت التيارات الاسلامية بيئتها الملائمة لبث افكارها ومبادئها، وفق برنامج المرحلية، حيث المرحلة الاولى تركز على اسلمة المجتمع، ليس فقط من خلال برامج الارشاد والوعظ بل وايضا باستغلال حاجة الفقراء، واللعب على البعد الانساني، وبأرخص الاثمان. بتقديم بعض المساعدات العينية البسيطة، او بعض الخدمات الصحية الاولية، او خدمات اجتماعية، ولذلك ركزت جماعات الاخوان المسلمين على اقامة الاف الجمعيات تحت كل اسم يخطر على البال، فاكتسبت تعاطف الفقراء وجندت ابنائهم في صفوفها، وسخرت الفقراء في خدمة اجندتها. (حماس اشترت الاف الاصوات في القرى والمخيمات بتقديم سجادة صلاة، و3 كيلو لحم).
لذا فانني اعتقد ان مواجهة تيارات التطرف، وتقزيم ومحاصرة التيارات الدينية يتطلب فيما يتطلب العناية القصوى بالاوضاع الاقتصادية، والعمل باقصى طاقة لتحسين الاحوال المعيشية للمواطنين، حتى لا يكونوا لقمة سائغة بايدي من يتصدق عليهم بالفتات، ومن يفتح معسكراته لتجنيد الشباب مقابل راتب يسد من خلاله بعض احتياجات افواه اسرته.
ان استغلال البشر مرفوض بكل انواعه، ومهما كانت مبرراته، والاستغلال ليس قاصرا فقط على استغلال بنات الفقراء في مهن حقيرة، بل هو ابشع من ذلك عندما يستغل الفقراء في حروب من اجل تحقيق اهداف سياسية، ولتحقيق مكاسب فصائلية، او للسيطرة على السلطة، ايا كان نوع السلطة، او لتحقيق مآرب شخصية، او اعلاء عقيدة فكرية على غيرها.
ويجب توفير كل الاجواء المناسبة وفي مقدمتها الاجواء الاقتصادية حتى يتمكن الانسان من الاختيار بشكل حر، بعيدا عن أي ضغوطات مهما كان شكلها، وبغير ذلك لا يكون هناك خيارات حرة، بل يكون الانسان مجبرا على سلوك هذا الاتجاه او ذاك بفعل الضغوط الاقتصادية.
وبالتالي فان على المناضلين من اجل الارتقاء بأوطانهم عليهم خوض كفاح متواصل لتحقيق التطور الاقتصادي في بلدانهم، الى جانب المهام الاخرى وفي مقدمتها الكفاح الفكري في مواجهة الافكار الماورائية وافكار التطرف والعنف.
فالتحولات الكبرى التي شهدتها دول امريكا اللاتينية في السنوات الاخيرة مثلا قامت على اسس اقتصادية بعد ان نحت الايديولوجيا جانبا، تلك الايديولوجيا التي فشلت على مدار 100 عام تقريبا من تحقيق أي انجازات تذكر، ولكن عندما تمكنت البرازيل من بناء اقتصاد حضاري تمكنت قوى اليسار فيها من تحقيق فوز كبير، وهذا ما يجري في بوليفيا وتشيلي وفنزويلا، والارجنتين، فيما معظم دول القارة ما زالت ترزح تحت طغم ديكتاتورية، وتعاني من اسوا انواع الفقر.
باختصار لا يمكن تحقيق التطور المنشود لبلادنا بحيث تسود فيها الحريات الديمقراطية وسيادة القانون، والعدالة والمساواة والقضاء على كل اشكال التمييز، والخلاص من كل اشكال التبعية، وهزيمة الاعداء من كل نوع، الا بالتنمية الاقتصادية وبالازدهار الاقتصادي، الذي يحقق مستوى افضل للمعيشة، ويقلص البطالة ، ويحسن التعليم، ويرتقي بصحة المواطن، ويرفع عنه الضغوط ، وتهئ له المناخات الحرة للاختيار الديمقراطي.



#ابراهيم_علاء_الدين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حرية الصحافة غير محترمة في بلاد قناة الجزيرة
- العنف والفقر متلازمان
- مشعل : اما السيطرة على المنظمة او استبدالها
- لصوص حماس ووزيرها الكذاب
- لا نريد خلافة عثمانية ولا صفوية
- اعتقال ام المؤمنين .. والارهاب الاسلاموي
- المثقفون الراقصون على ايقاعات الخداع
- العراق يهزم الارهاب
- العميل نصر الله .. ومسرحيات اردوغان .. والجبهة الشعبية الضحي ...
- الصراع بين المشروع الاسلاموي الاخواني والمشروع الوطني
- اذا كانت ارادة الله فلماذا الاحتجاج ..؟؟؟
- جماعة الاخوان المصرية تواجه مأزقا .. ولن تنقذها حماس
- بعض كتاب اليسار الفلسطيني مصابون بالحول السياسي والفكري
- الخطاب الديني للاخوان المسلمين في خدمة اليهود
- كم انت رخيص ايها الفلسطيني في ديانة مشعل
- تظاهرات الاخوان -المسلمين- لنصرة حماس.. وليس دفاعا عن أهل غز ...
- اغتصبوها وقالوا صامدة ..!!
- ولا تلقوا بانفسكم الى التهلكة .. يجب محاكمة حماس
- اهم من اعادة اعمار غزة .. اعمار بعض العقول..
- زعماء الانتصارات الوهمية من صدام الى هنية


المزيد.....




- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ابراهيم علاء الدين - كيف نهزم قوى الاسلام السياسي