أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - سهر العامري - هروب الظالم وهجرة المظلوم !














المزيد.....

هروب الظالم وهجرة المظلوم !


سهر العامري

الحوار المتمدن-العدد: 784 - 2004 / 3 / 25 - 08:48
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


حين يضع المرء عينين على ما يكتبه البعض فيما يخص الوضع في العراق يعجب من نفر يتعامى عن الحقيقة البينة ، ويمضي ليخترع أوهاما من أفكاره ، يريد بها حجب الهدف والغاية التي يرمي إليها من خلال ما يكتبه ، ومن هذا الأفكار المخترعة هو أن لا فرق بين ظلم صدام واستبداده ، وبين الحرية التي استنشقتها صدور العراقيين بزواله ، وبدليل – وفق هذه الأوهام المخترعة – أن العراقيين كانوا قد هجروا العراق زمن الساقط صدام ، وامتلأت بهم الأرض ، وها هم اليوم يهاجرون زمن الحرية ، فأين هو الفارق؟ يتساءل هؤلاء !
ما اعتاد العراقيون على هجر وطنهم ، رغم ما حل به من محن وويلات ، ورغم ما نزل به من كوارث وفياضانات مدمرة ، فمنذ القدم أمر اله الماء عند العراقيين القدماء، ( آيا ) ، أتونابشتم أن يبني سفينا حين فار تنور الطوفان ، وحين حلبت السماء أضرعا مدرارة ، فطغى النهران : دجلة والفرات ، وعاد العراق ماء وسماء ، وظل أتونابشتم يطوف بالسفين وما فيه ، هناك على أرض العراق رغم هول الكارثة، والى أن استوت به وبهم على الجودي .
لكن ابن زياد ، عبيد الله ، قذف ظلما بأكثر من خمسين ألف اسرة عراقية خارج حدود العراق ، وبعيدا عنه كثيرا ، هناك في خراسان ، حاملين معهم اصرارا على العودة ، وجذوة على المقاومة ، وحبا لن ينضب أبدا لوطنهم .
لقد عادوا من هناك ، يحملون رايات سودا ، يتقدم سليمان بن كثير الخزاعي ، ولاهز بن قريط ، وقحطبة بن شبيب ، وذلك بعد أن جثا ظلم أسود امتد الى أكثر من سبعين عاما ، لاقوا فيها مرارة الاغتراب ، واغتراب اللسان ، وضيق ذات اليد ، ورغم كل هذا ظلوا هم على شواطيء العراق ، سامقين مثل نخيله ، ورحل الظلم !
في نفي أو بظلم هجر العراقي وطنه ، وهذه شهادة قديمة بين أيدينا يسطرها لنا ابن حوقل في سفره الخالد : المسالك والممالك والمفاوز والمهالك ، فيقول عن سبب هجرته من بغداد سنة احدى وثلاثين وثلاثمئة هجرية ، وعن سبب تأليفه لكتابه المذكور : وأعانني عليه تواصل السفر ، وانزعاجي عن وطني مع ما سبق به القدر ، لاستيفاء الرزق والأثر ، والشهوة لبلوغ الوطر ، بجور السلطان وكلب الزمان ، وتواصل الشدائد على أهل المشرق والعدوان ، واستئناس سلاطينه بالجور بعد العدل والطغيان.
وحالنا ، نحن الذين هجرنا العراق زمن ظلم صدام ، هو حال أولئك الرجال من أجدادنا ، فقد صبرنا على البلوى ، وعلى امتداد زمن الغربة ، وعلى تنكر الغريب لنا والقريب ، ورغم كل ذلك ظلت أعيننا مشدودة أبدا الى مطلع الشمس ، متطلعة الى العراق ، وارضه . لقد خرجنا – أيها المتفقهون الجدد – من العراق مضطهدين أحرارا ، ولم نغادره مجرمين قتلة كبطانة الساقط صدام ، من أمثال الكذاب محمد سعيد الصحاف ، والدجال محمد الدوري ، ومن على شاكلتهما ، خرجنا نحن حين لم تكن لنا حيلة غير الموت أو الخنوع للظلم ، وخرجت شيع صدام مثل كلاب صيد تقطر أنيابها دما ، أبت شعوب حرة ، كثيرة في هذا العالم أن تمنح مجرمين مثلهم حق الحماية والعيش ، فنزلوا ضيوفا عند قوم من طينتهم ، عند أولئك الذين وقفوا مع صدام في ظلمه للعراقيين ، جميع العراقيين ، مدفوعين بحب الظلم وعشق الجور ، وباذال الناس والشعوب ، هؤلاء الذين أغراهم صدام بأموال العراق ، وبعنترياته المزيفة ، تلك العنتريات التي لم تصمد شهرا واحدا أمام الجنود الأمريكان .
نحن خرجنا من ظلم هؤلاء الذين استوطنوا بيوتا راقية البناء في عمان والامارات ، وبمال مسروق من فقراء العراق ، وهم خرجوا بظلمهم خوفا من مظلوميهم ، وليس من ظالميهم ، نحن خرجنا سوادا عظيما ، زاد على أربعة ملايين ، وهم خرجوا عصابة من مجرمين ولصوص ، فكيف تكون هجرتنا من العراق كهجرتهم ؟
انظروا ! ها هي امريكا تطارد أرصدة البعض منهم في بنوك الدنيا ، في هذا البلد القصي ، أو ذلك البعيد ، فمن أين أتت هذه المليارات من الدولارات لبرزان التكريتي مثلا ، هل كان برازن قد امتلكها بعقله ؟ هل كان قد امتلكها بعمله ؟ الجواب : لا هذه ولا تلك ، وإنما هي أموال نفط العراق الذي تصرفوا في بيعه بطريقة تخجل منها عصابات المافيا في ايطاليا ، أو عصابات المخدرات من مجاهدي ابن لادن في أفغانستان ، فهم ، كلصوص مجرمين ، كان يعدون أنفسهم لساعة كهذه الساعة ، وظنوا أن المال الحرام سيحميهم ، وسيوفر لهم الأمن والأمان ، وأن العراقيين سيسكتون عنهم ، وفاتهم أن شعبنا سيلاحقهم بجرائمهم التي اقترفوها بحقه ، ولا يشرف مضيفيهم أن يمنحوا حمايتهم لمجرمين عانى منهم شعب العراق القتل والتشريد والحرمان .
نحن – أيها المتفقهون – خرجنا من العراق صفر اليدين إلا من كراماتنا وحبنا للعراق، ومات كثير منا جوعا على أرصفة الدول العربية ، وهذه أرض الله الواسعة أمامكم سلوها عن قبورنا ، لا يوجد بلد في هذا العالم لم ينزله قبر لعراقي أو عراقية ، هذا فضلا عن بعض منا قد حلّ بطون الحيتان ، أو بطون الحيوان حين كان العراقي منا يبحث عن شبر من أرض يجد فيه دفء الأمن ، وحفظ الكرامة . فكيف تكون هجرة القاتل والمقتول سواء ؟ قولوا : كيف يكون القاتل والمقتول سواء ! ؟



#سهر_العامري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ظرف الشعراء (10) : حمّاد عجرد
- ألوان من الشعر : ثلاث قصائد
- العراقية والتهديدات العماشية-الايرانية الجديدة !
- ظرف الشعراء (9) : إبن مناذر
- عام على سقوط القتلة !
- ظرف الشعراء (8) : كثير عزة
- صبيحة والموقف الايجابي من المرأة !
- ظرف الشعراء (7) : أبو نواس
- الزرقاوي ورسالة مخابرات الدولة !
- أزمة السكن و تصريحات الوزير !
- ولكنه ضحك كالبكا !
- حين صار كوكس مُلا !
- رشى صدام من القصور الى الشوارع !
- ظرف الشعراء (6) : ليلى الأخيلية
- شباط : الماضي والحاضر !
- ظرف الشعراء (5) : دِعبل الخزاعي
- مرفوض في عمان مقبول في بغداد !
- ظرف الشعراء ( 4 ) : بشار بن برد
- ويبنون بيوتا من خشب !
- ظرف الشعراء ( 3 ) : ولادة


المزيد.....




- مسؤول أمريكي: إسرائيل أول دولة تتفاوض مع ترامب بشأن الرسوم ا ...
- ترامب يفكك أجهزة الحكومة: العاصفة تهز مركز الأرصاد الجوية
- الخارجية الإيرانية تؤكد أن طهران لم تسع قط لامتلاك أسلحة نوو ...
- حرائق الغابات تستعر في جميع أنحاء نيبال وتهدد القرى والبنى ا ...
- غزة: غارات إسرائيلية جديدة تقتل العشرات بينهم إعلامي وحصيلة ...
- حكومة الوحدة الوطنية تعفي الليبيين في تونس من الغرامات وتصدر ...
- المفوضية الأوروبية تفضل الحوار مع واشنطن لحل رسوم ترامب الجم ...
- ظاهرة جيولوجية غير مسبوقة.. صفيحة أرضية قديمة تبتلع أجزاء من ...
- الداخلية السورية تكشف ملابسات هروب 6 نزلاء من سجن السلمية في ...
- العثور على جسيمات بلاستيكية دقيقة في 9 أنهار أوروبية كبرى


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - سهر العامري - هروب الظالم وهجرة المظلوم !