ثائر الناشف
كاتب وروائي
(Thaer Alsalmou Alnashef)
الحوار المتمدن-العدد: 2554 - 2009 / 2 / 11 - 07:29
المحور:
المجتمع المدني
إنها المرة الثامنة عشر التي تجري فيها الانتخابات البرلمانية في إسرائيل خلال ستين عاماً من عمرها ، وهو رقم قياسي إذا ما قورن بالدول التي تعتمد النظام الديمقراطي البرلماني سبيلاً للحكم ومن التغيير كناظم لمسار تطورها السياسي ، فأغلب الحكومات التي تكون نتاج عملية الاقتراع تستهلك مدتها القانونية كاملة وفقاً لما يحدده الدستور ، إلا في إسرائيل حيث لم تصمد حتى الآن سوى أربع حكومات لآخر عهدها .
والمفارقة أن دينامية التغيير في إسرائيل ، تتناقض مع الجمود السياسي في محيطها العربي ، ولا غرابة عندما تلجأ إسرائيل إلى عزل قياداتها السياسية وحتى العسكرية من مهامها بين الفينة والأخرى ، لأنها ترى في هذه الدينامية ، سبباً من أسباب القوة والبقاء ، بما يخدم نظرية أمنها المطلق ، وكأنها تريد أن تعطي الفرصة لأي إسرائيلي لكي يقدم مال لديه من امكانات ، بما لا يدع مجالاً لهيمنة جيل على جيل آخر.
لقد انتهى جيل ديفيد بن غوريون بنهاية شارون ، وبدأت أجيال أخرى ، تطرح ما لديها من إمكانات ، وأن صبت طروحاتها في طاحونة واحدة ، إلا وهي نظرية الوجود ، ولو أن هذا الوجود لم يتحقق إلا عن طريق الحرب عبر الآلاف السنين ، فإن ذلك لا يمنع إكماله وتدعيمه عن طريق السلم .
يذهب البعض في تحليله إلى اعتبار التغيير في إسرائيل مجرد عناوين تتغير حيناً مع الحفاظ على الجوهر الذي هو بمثابة النص الذي تنطلق على أساسه أي حكومة ، لكن هذه الاعتبارات في مجموعها تبدو غير صائبة ، لأن التغيير إذا حصل ، لا يركز على الشكل وحده دون المضمون ، وهو حاصل دوماً ، لكنه يأخذ من الشكل على حساب المضمون ، بالتالي نكون أمام تغيير سريع في الشكل ، بطيء في المضمون أي في السياسات ، وصورة التغييرات التي رسمناها في إسرائيل تشبه صورة التغيير الجديد في الولايات المتحدة الاميركية الذي جاء بباراك اوباما رئيساً ، مع الحفاظ على حدود هذا التغيير في الشكل والمضمون .
فجيل اليوم في إسرائيل يختلف عن الجيل الأول ، جيل اليوم تغلب عليه نزعة تجمع بين الحرب لأجل الحفاظ على ما هو موجود ، وبين التفكير مجرد التفكير في السلام ، أما الجيل الأول ، فإن نزعة الحرب لديه كانت توسعية لم تتح مكاناً للسلام أو التفكير فيه .
لو تصورنا ، أن إسرائيل في قبضة حزب واحد ورجل واحد ، هل كان لها أن تستمر وتبقى على هذا المستوى من القوة ؟ وبالعودة إلى المقارنة بين إسرائيل وما يحيط بها ، سنجد نظماً لا يزال بعضها يتخذ من المواجهة معها ذريعة لتجميد الحياة السياسية وإلغاء التنمية وفرض السطوة الأمنية على المجتمع ، بينما إسرائيل تشعر أنها اقتربت من سن الشيخوخة عندما ينجح أي ائتلاف حكومي في إتمام مدة بقائه في الحكم .
بهذه الدينامية تبدو إسرائيل في سباق دائم مع نفسها قد يصل أحياناً إلى حد المواجهة ، فهي تدرك ما في ذاتها قبل أن يسبقها الآخرون ، أو هي تتغير من يوم لآخر حتى لا تسمح لغيرها إدراك ما في ذاتها من قوة وبقاء .
#ثائر_الناشف (هاشتاغ)
Thaer_Alsalmou_Alnashef#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟