تعليق وتحليل ، 7/8 اذار 2004
ناتان ج. براون
بروفسور علوم سياسية وشؤون دولية
جامعة جورج واشنطن
باحث مساعد، معهد الشرق الاوسط
خلفية: في 1 اذار 2004، بعد يومين على الموعد النهائي المحدد في اتفاق 15 تشرين الثاني 2003 بين "سلطة التحالف المؤقتة" ومجلس الحكم العراقي، اعلن المجلس انه انجزواقر "قانون الادارة الانتقالي"، وهو دستور مؤقت ينظم الوضع في العراق بعد استعادة السيادة في 30 حزيران 2004 الى حين تبني دستور دائم.
وكان مجلس الحكم يخوض صراعاً مع قضايا دستورية منذ انشائه (يمكن الحصول على مراجعة ممتازة لهذه القضايا الى حد تشرين الثاني 2003 من "المجموعة الدولية للازمات". وما تزال مناقشة مثيرة للاهتمام ومدعومة نظرياً اعدها اندرو اراتو - بالاستناد الى مسودة القانون المطروحة في كانون الثاني 2004 - جديرة تماماً بالاطلاع). في البداية، شكل مجلس الحكم لجنة لتقديم توصيات بشأن آليات لصوغ الدستور. وكان من المقرر ان تقدم تقريرها في ايلول 2003. وفي الوقت الذي لا اعتقد فيه ان ان تقرير اللجنة قد نشر، فانها حسب ما افادت تقارير لم تتمكن من التوصل الى توصية محددة. وانتهى عمل اللجنة مع التوصل الى اتفاق 15 تشرين الثاني 2003 بين "سلطة التحالف المؤقتة" ومجلس الحكم العراقي. وكان هذا الاتفاق يقضي ان يقر المجلس "قانوناً للادارة الانتقالية" بحلول نهاية شباط 2004. وكان مثل هذا القانون سيجعل من المكن تنظيم "مجمعات انتخابية محلية" بحلول نهاية ايار، وعقد اجتماع لــ "مجلس وطني انتقالي" بالاستناد على هذه المجمعات الانتخابية، وحل مجلس الحكم العراقي و"سلطة التحالف المؤقتة"، واستعادة السيادة العراقية بحلول نهاية تموز 2004. وكان يفترض ان يعقب ذلك اجراء انتخابات لجمعية تأسيسية في 2005، وان تتولى هذه الهيئة اعداد دستور دائم وتسعى الى المصادقة عليه، ثم تجرى انتخابات بموجب الدستور الجديد بحلول نهاية 2005.
وانهارت تلك الخطة تحت ضغوط دولية وداخلية وجرى التخلي عنها في النهاية. وبقي الجهد لكتابة "قانون الادارة الانتقالي". لكن تبين ان الاعلان في 1 اذار 2004 بان مجلس الحكم اتفق على مسودة للقانون كان مبالغاً فيه. واتضح في وقت لاحق ان الصياغات لم تكن كلها اكتملت وكان يجب التوفيق بين الصياغتين العربية والانكليزية ومراجعتهما. وفي 5 آذار، كان يفترض ان يجتمع مجلس الحكم لاقرار الوثيقة النهائية، لكن بعض الاعضاء اثاروا اعتراضات وتم نأجيل التوقيع الى 8 اذار.
النص: في الوقت الذي تسربت فيه مسودات مؤقته عدة الى الصحافة، لم يقدم اي من مجلس الحكم او "سلطة التحالف المؤقتة" تقارير ضافية عن الجهود لكتابة القانون. ولم يجر الاطلاع على نص كامل الاّ في 7 اذار 2004 عندما نشرته صحيفة "اشلرق الاوسط" اليومية الصادرة في لندن. وفي اليوم التالي، في 8 اذار - وفقط بعد انجاز التوقيع - نشرت نسخة رسمية. ونشرت "سلطة التحالف المؤقتة" على موقعها النص الانكليزي.
واثبت ادناه بعض التعقيب على فقرات القانون. وكنت نشرت في وقت سابق ترجمة وتعقيباً على مسودة سابقة. وعلى حد علمي، لم تتوفر علناً اي ترجمة اخرى لتلك المسودة. وفي الوقت الذي اشعر فيه بالرضا لكوني قدمت خدمة بنشر الترجمة والتعليق، تقودني تجربتي مع تلك المسودة الى مناشدة من يستخدمها الى قراءتها بعناية تامة. فقد استخدمت بعض تعقيباتي، كما يبدو، في رسالة الى كوندوليسا رايس مستشارة الامن القومي الاميركي تحمل توقيع اربعة من اعضاء مجلس الشيوخ الاميركي. ولا اعرف من تولى صياغة تلك الرسالة، لكن الشخص (او الاشخاص) المسؤول استطاع ان يحرّف بعض المعلومات بطريقة بمكن ان اصفها بأدنى تعبير بانها غير مفيدة. ومزجت الرسالة بعض المخاوف المشروعة تماماً بشأن الحرية الدينية ببيانات تتسم بالغلو ومضللة (وكذبة واحدة على الاقل).
الامن: كان احدى القضايا التي اهملت في المناقشات الصحفية للقانون هي مسألة الترتيبات الامنية بعد استعادة السيادة العراقية في 30 حزيران 2004. ويتصدى النص النهائي للقانون لهذه القضية بطريقة غير متوقعة.
لقد تضمن اتفاق 15 تشرين الثاني والمسودات المبكرة للقانون ان تتفاوض "سلطة التحالف المؤقتة" ومجلس الحكم بشأن ترتيبات امنية وتقدمها بعدئذ الى البرلمان الانتقالي كي يجري تبنيها. وكان من المفترض ان يجتمع البرلمان الانتقالي قبل استعادة السيادة العراقية في 30 حزيران 2004 لاقرار الترتيبات. ولم يتخذ اي تدبير احتياطي لرفض او حنى لاعادة التفاوض بشأن الترتيبات: اي كان من المفترض، ضمناً، ان يعطى البرلمان المشكل حديثاً الاختيار بين قبول ترتيبات لم يكن تفاوض بشأنها او تأخير استعادة السيادة. واصبح من المتعذر الدفاع عن هذه الخطة عندما اعلن مجلس الحكم بوضوح اتنه لم يعد مستعداً للتفاض بشأن هذا الامر مع "سلطة التحالف". وهذا ابقى الاحتمال بانه في 30 حزيران ربما ستصبح القوات الاميركية وغيرها من قوات التحالف محتلة لبلد لديه حكومة ذات سيادة من دون موافقة تلك الحكومة - وهو وضع قد يكون محرجاً على المستويين السياسي والقانوني معاً.
والحل الذي تم التوصل اليه لهذه المشكلة في المادة 59 (راجع الشرح ادناه) حل بارع ولكن ايضاً متهور وقد يثير جدلاً.
التعقيب
الديباجة
توجد ديباجة للقانون، وهو شيء لم يكن موجوداً في المسودات الاولية. بالاضافة الى ذلك، تجعل المادة الاولى المباديء المعلنة في الديباجة جزءاً لا يتجزأ من الدستور. وتلمح هاتان السمتان الى ان واضعي القانون يأملون ان تصمد حصيلة جهدهم عند انتهاء المرحلة الانتقالية ويتم تبنيها في الدستور الدائم. ان جعل المبادىء المثبتة في الديباجة جزءاً لا يتجزأ من الدستور يهدف الى التأثير على مسار التفسير الدستوري وفلسفة التشريع (وربما ارشاد محكمة دستورية عند تفسير بعض فقرات الوثيقة). واذا جرى تبني دستور دائم بحلول نهاية العام القادم، من المستبعد ان يكون هناك وقت كافي لتطوير تقاليد للتأويل الدستوري. لذا اعتقد ان واضعي القانون ينظرون الى الكثير من فقرات الوثيقة باعتبارها في المقام الاول ذات تأثير ملهم ومصممة لتكون مرشداً لكتابة الدستور الدائم، لا ان يكون لها اي تأثير مباشر.
المادة 1
تثبت الوثيقة ان استخدام المذكر يشمل المؤنث. (اللغة العربية لغة اكثر ميلاً بكثير الى التذكير والتأنيث بالمقارنة مع الانكليزية، وتشير الاسماء والافعال والصفات كلها الى الجنس. ولا يستخدم المذكر عموماً للرجال فقط بل ايضاً للحالات التي يكون فيها الجنس محدداً.) لذا فان هذه الفقرة تثبت بشكل صريح ما قد يكون بخلاف ذلك ضمنيا فحسب: ان كل اشارة الى "عراقي" او "مواطن" او "فرد" بصيغة المذكر تشير الى النساء بالاضافة الى الرجال. ويبدو انه جرى تبني هذه الفقرة من مسودة الدستور لدولة فلسطينية. وكانت جوان كول وشاهين كول كتبا تحليلاً عاماً بشأن قضايا الجندر (الجنس) المتعلقة بالدستور.
المادة 2
تضمن اتفاق 15 تشرين الثاني بين مجلس الحكم و"سلطة التحالف المؤقتة" جدولاً زمنياً طموحاً لا يشمل نقل السيادة الى حكومة عراقية فحسب بل ايضاً لتأليف دستور عراقي، يفترض ان ينجز بحلول كانون الاول 2005. ولم يتضمن ذلك الاتفاق - والمسودات الاولى للقانون - اي تدابير تحسباً لاحتمال الاخفاق في الايفاء بالجدول الزمني. وكما جاء في صيغتها النهائية، تبقي المادة 2 من القانون على الجدول الزمني الاصلي، لكنها تشير ايضاً الى المادة 61 التي تسمح بتمديد لستة اشهر لمرة واحدة في حال رفض الدستور او سارت كتابة مسودته ببطء شديد.
وكانت مسودات سابقة اولت تركيزاً اكبر على عملية اختيار اعضاء مجلس وطني انتقالي وجمعية تأسيسية. واصطدمت النقاط الاجرائية التي تمت صياغتها بمشاكل مرتبطة بشرعية مجلس الحكم و"سلطة التحالف المؤقتة": كان يفترض اختيار مجلس انتقالي عبر نظام مجمعات انتخابية غير واضح المعالم لم يقنع العراقيين او المراقبين الدوليين بانه سيكون محصناً تجاه التلاعب. وبما ان هذا المجلس سيصوغ فانوناً لانتخاب جمعية تأسيسية، فان الهيئة الاخيرة ستكون ايضاً مفسدة بشكل غير مباشر. وتسقط السمودة النهائية الكثير من هذه التدابير. وبدلاً من ذلك، فانها تتضمن حكومة مؤقتة ذات سيادة تشكّل من قبل "سلطة التحالف المؤقتة" ومجلس الحكم، بتشاور مع الشعب العراقي وربما مع الامم المتحدة. وبعد تشكيل هذه الحكومة، ستجري انتخابات لمجلس وطني بحلول 31 كانون الثاني 2005 كحد اقصى.
المادة 3
كان اتفاق 15 تشرين الثاني وكذلك المسودات السابقة للقانون تحظر التعديل. ولم يعد هذا الموقف يمكن الدفاع عنه لان بعض الفقرات المتعلقة بالحكم لم تكتب بعد وبالتالي فان الوثيقة ستعدّل بالضرورة، كما تقر بذلك المادتان 2 و3 من القانون. هكذا، اجبرت المادة 3 على توفير آلية تعديل محدودة.
المادة 4
الفقرات المتعلقة بالفيدرالية، المذكورة هنا، عامة جداً وتتطرق الى معانيها مواد اخرى.
المادة 5
الاصرار على سيطرة مدنية على المؤسسة العسكرية العراقية يمثل اعترافاً بان هناك تاريخ طويل في العراق لتدخل الجيش في الحياة السياسية: من 1936 الى 1941 كان الحكم الرئيسي للسلطة السياسية. ومن 1958 الى 1979 جاء كل رئيس عراقي من الجيش.
المادة 6
هذه المادة تعد بعدالة تقدم تعويضات. وسيثير الايفاء بهذه الوعد قضايا صعبة كثيرة، جرى معالجة بعضها في المادة 58.
المادة 7
اثارت الصيغة المستخدمة للاسلام والشريعة الاسلامية جدلاً عالمياً وداخلياً كبيراً. وتمثل الصياغة النهائية للقانون حلاً وسط بين اولئك الذين كانوا يرغبون ان يكون الاسلام "مصدراً" واولئك الذين يرغبون ان يكون "المصدر الرئيسي" للتشريع. لكن مع غياب اي تدابير لتقرير تفسيرات للشريعة صادرة عن مرجع يتمتع بسلطة، ليس من الواضح ما اذا كان اي من هذه الفقرات سيكون له اي تأثير قانوني عملي.
- ان اعتبار الاسلام دين الدولة الرسمي له اهمية رمزية كبيرة وهو شيء مألوف في الوثائق الدستورية العربية، لكن المعني العملي لمثل هذا التوصيف محدود تماماً على الارجح.
- ان اعتبار الاسلام "مصدراً" للتشريع غامض بالفعل. وتشير دساتير عربية اخرى الى "مباديء الشريعة"، لكن القانون العراقي يشير فقط الى الاسلام. الاهم من ذلك، تبدو الفقرة كما لو كانت توصية للمشرعين بالرجوع الى الشريعة الاسلامية لكنها لا تلزمهم بها، ناهيك عن الزامهم بأي تفسير معين.
- المادة تحظر ايضاً تمرير قانون يتعارض مع جوانب في الشريعة الاسلامية تعد من الثوابت ومجمع عليها. لكن هذا الحظرلا ينطبق الاّ على المرحلة الانتقالية، وبالتالي فان التشريعات الأقدم تظل سارية المفعول. واخذاً بالاعتبار اكثر من الف سنة من الفقه والاجتهاد الاسلامي، بالاضافة الى الخليط السني - الشيعي للعراق، فان عدد الثوابت المجمع عليها ضئيل الى اقصى حد.
- وعلى نحو أعم، اخذاً بالاعتبار غياب اي بنية مخولة اصدار تفسيرات للاسلام جديرة بالقبول، لن يكون لهذه المادة بحد ذاتها تأثير يذكر على النظام القانوني العراقي. ويمكن لها في احسن الاحوال ان تقدم دعماً رمزياً لاولئك الذين يطالبون بقدر اكبر من النفوذ القانوني للاسلام.
- كما تحظر هذه المادة اي تشريع يتعارض مع الحقوق الواردة في اماكن اخرى في القانون. وهذا كما يبدو ايماءة غريبة بالموافقة في اتجاه اولئك الذين يخشون ان تؤدي الصياغة بشأن الاسلام بشكل ما الى نقض المواد المتعلقة بالحقوق. انني أصف هذه اللغة بانها غريبة لان من الواضح انها زائدة عن الحاجة: فتأكيد المواد المتعلقة بالحقوق بهذه الطريقة لا يضيف شيئاً الى فاعليتها. وهذه الصياغة في المادة 7 تؤكد فحسب حقوقاً جرى التأكيد عليها في مكان آخر. باختصار، يبدو ان صياغة هذه الفقرة تقول انه سيكون شيئاً غير دستوري ان يسن قانون غير دستوري.
وما يثير الاهتمام اكثر ان هعذه المادة تطرح الحريات الدينية على اساس فردي وليس طائفي، بخلاف المسودات الاولى. وقد يكون هذا في جانب منه رداً على الرسالة الشنيعة نوعاً ما التي وجهها اربعة اعضاء في مجلس الشيوخ الاميركي واشرت اليها في المقدمة لهذا التعقيب. وبالفعل، غالباً ما توضع الحرية الدينية على اساس طائفي وليس فردي (بالرغم من ان ادعاءات الرسالة طرحت المسألة بطريقة مضللة). لذا فان هذه المادة تمثل خروجاً محتملاً على صعيد المفاهيم الاقليمية للحرية الدينية.
ًكما تعلن هذه المادة ان العراق دولة متعددة القوميات. وهذا يكاد يكون امراً غير مسبوق في الدساتير العربية، لكن ليس تماماً كذلك. فالدساتير في عهد البعث كانت تصف العراق بانه يتألف من قوميتين (عربية وكردية). ولم تكن مثل هذه المواد، بالطبع، مقنعة لمعظم السكان الاكراد.
المادة 9
الطبيعة المفصلة لهذه المادة ستحول العراق الى دولة ثنائية اللغة عملياً، وليس مجرد نظرياً.
المادة 11
قد تثير هذه المادة الانتباه لانها كما يبدو، اذا كانت قراءتي لنتائجها صحيحة، تعرض اعادة المواطنة لليهود العراقيين الذين غادروا البلاد بعد 1948. لكنني استبعد ان يقبل كثيرون هذا العرض، ولا يبدو ان هذا الحق سينتقل الى اولئك الذين يتحدرون منهم. لذا فان الاهم من ذلك بكثير هو تأثير المادة على الشيعة العراقيين الذين جرّدتهم الحكومة البعثية من حقوق المواطنة. والدعوة التي تتضمنها المادة لأن تقوم الجمعية الوطنية باصدار التشريع اللازم قد يعني ان هذه الحقوق الدستورية لن تكون سارية المفعول حتى يتم اصدار مثل هذا القانون، ولو انني لست متأكداً بان هذا هو ما تقصده المادة.
ويبدو ان نصاً سابقاً يضم ان يتمتع الاباء والامهات على السواء بحق نقل المواطنة العراقية الى ابنائهم قد الغي.
المادة 12
النص الذي يمنح المساواة بين الجنسين يمتاز بانه سخي جداً. وبالفعل، فانه اكثر سخاءً بكثير مما هو الحال في الولايات المتحدة (حيث يوجد تعديل في الدستور يقضي بالمساواة في الحقوق لم يصادق عليه ابداً). لكن بلداناً عربية اخرى تتضمن مواداً مماثلة (مثل الكويت) لم تطبقها بشكل كامل. فالكويت تحظر على النساء التصويت بطريقة من المؤكد تقريباً انها تنتهك الدستور. ومع ذلك، اقتضى الامر اكثر من ثلاثة عقود كي تقام دعوى في محكمة تتحدى الحظر، وتملصت المحاكم الكويتية حتى الآن من اصدار حكم على الطريقة بسبب ثغرات قانتونية في الدعاوى التي اقيمت.
المادة 13
ردد الكثير من التعليقات الصحفية الادعاء بان القانون يتضمن لائحة حقوق غير مسبوقة في المنطقة. وهذه مبالغة: فحسب معايير العالم العربي، لا تعتبر المواد الخاصة بالحقوق شاملة على نحو متميز. الشيء المبتكر هو عدد الحقوق التي هي مطلقة، لا تتوقف على تطبيق تشريع. واللغة المستخدمة هنا صيغت في الغالب بعناية الى حد بعيد لسد ثغرات.
لكن البعض من الحقوق تسري بالفعل وفقاً للقانون. وفي الوقت الذي تعتبر فيه مثل هذه اللغة شائعة في النصوص الدستورية العربية، فانها ليست بالضرورة مصدراً لمشاكل اذا كان تنفيذ التشريع بالذات يتسم بنزعة ليبرالية (بالفعل، الصيغة المعتمدة لتعريف الحقوق غالباً ما تتبع في اوروبا). لكن الاعتماد على تنفيذ التشريع في الحالة العراقية قد يثير مشاكل كبيرة. اولاً، لم يجر تضمين صيغة تؤكد انه لا يمكن تقييد حق ما تحت غطاء تعريفه. ثانياً، لم يكتب التشريع الضروري بعد في معظم الحالات (بالرغم من ان "سلطة التحالف المؤقتة" اصدرت قانوناً ينظم عمل المنظمات غير الحكومية)، ما يعني ان القانون النافذ المفعول سيرجع الى عهد البعث وكل ما يترتب على ذلك.
المادة 14
ان تضمين بعض الحقوق الاجتماعية والاقتصادية هو امر مألوف في المنطقة، ولو ان "القانون" العراقي يدخل قدراً من الواقعية بتثبيت ان الوحدات الحكومية تضمنها بحدود امكاناتها. فعموماً، يتم تفسير مواد دستورية مماثلة في اماكن اخرى باعتبارها مرشداً ملهماً يقدم الى الزعماء السياسيين، وهي صيغة يتبعها "القانون العراقي" بشكل صريح بدل ان يكون ذلك بشكل ضمني.
المادة 15
الشروط المثبتة لعمليات التفتيش والاعتقالات والمحاكمات مفصلة على نحو غير مألوف، ولا شك ان ذلك متأثر بتاريخ العراق القريب (ويبيّن ايضاً شيئاً من التأثير الاميركي ليس بروحيتها العامة - وهو شائع بالنسبة لانظمة كثيرة - بل بصياغتها المحددة). والحظر المفروض على التعذيب محكم بشكل خاص بالمقارنة مع المعايير المطبقة في المنطقة. كما ان منع محاكمة المدنيين في محاكم عسكرية والحظر على المحاكم الاستثنائية امر غير مألوف تماماً بالنسبة الى المنطقة (ولو انه ليس غير مسبوق كلياً). لكن هذه الصياغة تتعارض بشكل صريح مع المادة 48 التي تدعو الى تشكيل محكمة استثنائية ستمارس عملها كلياً خارج الاطار الدستوري.
المادة 21
ان الحماية الدستورية للعمل مع المنظمات غير الحكومية الدولية هو ابتكار توجد حاجة ماسة اليه.
المادة 23
اللغة المعتمدة هنا مستوحاة كما يبدو من "التعديل التاسع" على دستور الولايات المتحدة. وبشكل عام يبدو لي ان من الحكمة ان تصاغ المواد الدستورية الى اقصى ما يمكن ضمن مصطلحات تعرفها الشخصيات القانونية والقضائية العراقية. وفي الوقت الذي اصبحت فيه الاقتباس عبر الحدود شيئاً مألوفاً تماماً في صياغة الدساتير، فان "التعديل التاسع" نادراً ما جرى محاكاته في اماكن اخرى.
المادة 25
ان تحديد واجبات الحكومة الفيدرالية اكثر تفصيلاً مما هو عليه في مسودات سابقة، واللغة التي ستتحكم بعائدات النفط هي صيغة حل وسط كما يبدو. وتبدو النتيجة بالفعل نظاماً فيدرالياً حقيقياً، ولو انه اخذاً بالاعتبار اهمية عائدات النفط في دعم كل وظائف الحكومة في العراق، فان التوازن في هذه المادة قد يبدو انه يرجح قليلاً لصالح الحكومة المركزية. لكن يصعب التنبؤ بدقة بالطريقة الفعلية لعمل هذا النظام.
المادة 26
هذه مادة مهمة في ثلاثة جونب:
- بتأكيده على بقاء القوانين النافذة في 30 حزيران سارية المفعول، يجيب "القانون" على السؤال - الذي ترك مفتوحاً في مسودات اولى - بشأن مكانة تشريعات "سلطة التحالف المؤقتة". ومن المفترض ان التشريع الصادر عن مجلس الحكم العراقي لا يصبح نافذاً الاّ اذا حصل على موافقة "سلطة التحالف المؤقتة" قبل 30 حزيران.
- وهذا مثبت على نحو اكثر تحديداً في الفقرة الاخيرة، التي تضمن بشكل محدد ان القوانين الصادرة عن "سلطة التحالف المؤقتة" بناءً على سلطتها بموجب القانون الدولي تبقى نافذة المفعول. وهذه الصيغة تترك ثغرة كامنة هنا، ولو انني لا اتوقع انها ستستخدم في المرحلة الانتقالية. فقد اصدرت "سلطة التحالف المؤقتة" محموعة متنوعة واسعة من التشريعات القانونية، وقد ترى محكمة عراقية جريئة جداً ان "سلطة التحالف" تجاوزت حدود القانون الدولي. ولن يكون مثل هذا الموقف غير محتمل. فميثاق لاهاي للعام 1907 - الذي تتجنب "سلطة التحالف المؤقتة" الاستشهاد به في تشريعاتها القانونية، مفضّلة قرارات مجلس الامن ذات الصياغة الاكثر عمومية - يقول انه "بعدما تكون مرجعية السلطة الشرعية انتقلت في الواقع الى ايدي المحتل، فان الاخير سيتخذ كل الاجراءات بحدود قدرته لاعادة، وضمان، الى اقصى ما يمكن، النظام والامان العام، فيما يحترم، ما لم يمنع كلياً، القوانين المطبقة في البلاد". ويبدو ان "سلطة التحالف المؤقتة" تتبنى تفسيراً واسعاً الى حد بعيد لما يعنيه تعبير "ما لم يمنع كلياً" من احترام القوانين المطبقة. وبالفعل، يمكن للمرء ان يشكك في شرعية "قانون الادارة الانتقالي" ذاته - وهو نتاج لعملية ادارتها "سلطة التحالف المؤقتة" - بالاستناد على مثل هذه الاسس. ومن شأن الفوضى الدستورية والقانونية التي ستنجم عن ذلك ان تجعل مثل هذا الموقف مستبعداً سياسياً.
- ان السماح للتشريعات الفيدرالية (الصادرة عن السلطة الاتحادية) بان تتفوق على تلك الصادرة عن هيئات تابعة لمحافظة او اقليم هو معلم مهم لنظام فيدرالي (وليس كونفيدرالي)، ولو ان اللغة المستخدمة هنا ليست قاطعة.
المادة 27
ان حظر الميليشيات غير المشكلة بموجب قانون (وعلى وجه التحديد قانون فيدرالي او اتحادي) يمثل خطوة بالغة الاهمية، لكنه ايضاً يثير مشكلة بالغة الصعوبة: في غياب قانون فيدرالي، ستبدو مثل هذه القوى غير شرعية. واذا كان الامر كذلك، فان احتمال كتابة وتمرير قانون يبدو مستبعداً بحلول 30 حزيران. ومع ذلك، فان حل هذه الميليشيات سيثير صعوبات كبيرة في الوقت الحاضر.
اللغة المعتمدة في هذه المادة لتنظيم عمل قوات الاستخبارات عمومية، لكن مجرد ذكر الموضوع شيء مبتكر. والعنصر الاكثر اهمية هو على الارجح التأكيد على رقابة برلمانية. ولا توجد اي دولة عربية حسب علمي فرض فيها بنجاح مثل هذا الدور للبرلمان.
المادة 29
هذه خطوة رمزية مثيرة للاهتمام (ولو انها على الارجح رمزية فحسب): "القانون" هنا يؤكد بشكل اساسي الحق في ان يعلن حل "سلطة التحالف المؤقتة"، وان "سلطة التحالف" - بموافقتها على "القانون" - تقر ضمنياً بهذا الحق. وهذا يعكس العلاقة القانونية، والمتراتبة زمنياً، والسياسية بين البني التي تؤسس بموجب "القانون" و "سلطة التحالف المؤقتة".
المادة 30
في الوقت الذي الغيت فيه الفقرات التفصيلية المتعلقة باختيار اعضاء الجمعية الوطنية، التي كانت موجودة في مسودات سابقة، يبدو ان النص النهائي لـ"القانون" اكثر تفصيلاً بكثير في ما يتعلق بوظائف البنى الدستورية المختلفة والعلاقات بينها. وبالفعل، كانت المسودات السابقة تلزم الصمت بشكل واضح في الغالب بشأن مسائل اساسية مثل من الجهة التي يمكن ان تقدم تشريعات. والنص النهائي لـ"القانون" اكثروضوحاً بكثير، اذ يقيم بشكل عام نظاماً برلمانياً (على رغم ان الرئاسة هي اكثر من منصب رمزي). ومما يثير الاهتمام ان اسم المجلس جرى تغييره من "المجلس الانتقالي" في مسودات سابقة الى "الجمعية الوطنية" في النص النهائي.
وتركزت الكثير من التكهنات الصحفية على ما اذا كانت مسألة تمثيل النساء هي حصة ام هدف. وحسب قراءتي، يمكن قراءة الصيغة النهائية بأي من الطريقتين، وقد احيلت المسألة اساساً الى قانون الانتخابات.
وشروط العضوية في الجمعية الوطنية مفصلة تماماً بشأن قضية اجتثاث البعث. لكن الشرط بان يكون يتمتع الاعضاء بسمعة حسنة يبدو غامضاً على نحو مثير للاشكال. والشرط المتعلق بالتعليم - ان يحمل الاعضاء شهادة دراسة ثانوية او ما يعادلها - ربما يكون موجهاً جزئياً الى زعماء العشائر الاكبر سناً. ومما يثير الاهتمام ان زعماء العشائر في العراق حذفوا بنجاح شرطاً في دستور 1925 كان يقضي ان يكون نواب البرلمان غير اميين.
المادة 33
في الوقت الذي تسمح فيه معظم الدساتير العربية باستجواب الوزراء، فان هذا "القانون" يمد هذا الحق الى اعضاء مجلس الرئاسة.
المادة 35
ان وجود رئيس وزراء الى جانب مجلس رئاسة قد يؤدي الى نشوء نظام معقد، ولو انه ينبغي عدم الخلط بين ذلك وترتيب على نمط "الجمهورية الخامسة" لان الجمعية الوطنية ذاتها تختار اعضاء مجلس الرئاسة.
المادة 36
اللغة المستخدمة هنا تعني كما يبدو ان اعضاء مجلس الرئاسة غير مسؤولين سياسياً تجاه الجمعية الوطنية بعد انتخابهم، ولو انه يمكن اقالتهم لاسباب تتعلق بكفاءتهم ونزاهتهم. وبما ان قرارات مجلس الرئاسة تتخذ بالاجماع، ليس من الواضح ان تشخيص احدهم ليكون رئيساً والاثنين الآخرين كنائبين سيكون له اي معنى عملي.
المادة 38
لا يوجد اي شرط بأن يكون رئيس الوزراء او الوزراء اعضاء في الجمعية الوطنية.
المادة 39
ان اعطاء مجلس الرئاسة - حتى اذا كان يتصرف بناءً على توصية من مجلس القضاء الاعلى - السلطة لتعيين اعضاء المحكمة العليا هو تنقيص من استقلال القضاء، حتى بالمقارنة مع جيران العراق. ويتوقف الكثير على كيفية تعامل مجلس الرئاسة مع التوصيات الصادرة عن مجلس القضاء الاعلى (وما اذا كانت سلطة التعيين الرئاسية تبرز كسلطة فعلية ام مجرد مسألة شكلية).
المادة 43
اعتقد انه امر غير مسبوق على صعيد الحكم في العالم العربي ان تلغى وزارة العدل من كل الامور الادارية التي تتعلق بالقضاء. لكن الادارة لم تحةة. واذا جرى تطبيق هذا بشكل كامل، فانه قد يتضمن نقل الرقابة على مجموعة واسعة من الوظائف الى "مجلس القضاء الاعلى" (مثل تخصيصات الموازنة، والعلاقة مع الفروع الاخرى للحكومة، وموظفي المحاكم غير القضائية). وفي الوقت الذي توجد فيه "مجالس القضاء" على نطاق واسع في مجال الحكم في العالم العربي، لا تملك سوى قلة من البلدان قدرة ادارية على تأمين رقابة على مثل هذا الطيف الواسع من المهام، وسيحتاج "مجلس القضاء" العراقي - الذي جرى اصلاحه اخيراً فحسب من قبل "سلطة التحالف المؤقتة" الى مساعدة كبيرة على الارجح. وقد اكون مبالغاً في تقييم الفقرة المتعلقة بالاستقلال الذاتي الاداري (للقضاء)، لكنها تنطوي، كما يبدو لي، على تأثير بعيد المدى. واخذاً بالاعتبار ان الكثير من الحكومات العربية تهيمن على القضاء عبر ادوارها الادارية الواسعة بدلاً من اعتماد سيطرة مباشرة فجة، فان قراءتي - اذا كانت صحيحة - تعني انها خطوة كبيرة في اتجاه استقلال حقيقي للقضاء.
المادة 44
ٍ"المحكمة العليا" هي في الواقع اقرب الى محكمة دستورية (هيئة متخصصة مع سلطة قضاء حصرية على القضايا الدستورية) منها الى محكمة عليا اكثر عمومية (التي تملك عادة وظائف استئنافية). وفي الوقت الذي توجد فيه فقرة للوظائف الاستئنافية، تشير المادة التالية الى "محكمة تمييز"، ومثل هذه الهيئة هي في العادة اعلى محكمة استئناف لمعظم الحالات.
المادة 45
هذه المادة المتعلقة بتركيبة المجلس القضائي تطرح قضيتين مثيرتين للاهتمام. اولاً، انها تشير الى بنى محددة للمحاكم من دون تفصيل (ولو ان المادة 46 تقدم بالفعل بعض التفصيل)، ولذا نفترض انها تستوجب انشاءها. وعلى وجه اكثر تحديداً، تشير المادة الى "محكمة تمييز" يبدو انها منفصلة عن "المحكمة العليا"، لكنها ستحل كما يبدو مكان المحكمة الاخيرة باعتبارها محكمة الاستئناف العليا.
ثانياً، تم انشاء المجلس القضائي المذكور في المادة 45 بالفعل من قبل "سلطة التحالف المؤقتة" بموجب "القانون 35". والمشكلة هي ان مضامين المادة 45 تتعارض مع ما جاء في "القانون 35". وهذا يترك بعض الامور غير واضحة. هل سيشكل "مجلس القضاء (الاعلى)" فوراً طبقاً لما تمليه المادة 45؟ وبالمقارنة مع كسودة سابقة، لا تتضمن المادة 45 الآن اي اشارة الى الحاجة الى تشريع لتنفيذها. مع ذلك، بما ان المحاكم المشار اليها قد لا تكون كلها تعمل حالياً، هل سيكون "القانون 35" الصادر عن "سلطة التحالف المؤقتة" ساري المفعول مؤقتاً، بالرغم من انه سيكون اصبح غير دستوري؟
المادة 46
هذه المادة هي مثال آخر على مدى الدقة التي اتسم بها التفاوض حول الترتيبات الفيدرالية.
المادة 48
الفقرة المتعلقة بـ"المحكمة الخاصة" تثير قضايا عدة. اولاً، انها تتعارض كلياً مع الوعد الذي تضمنته المادة 15 بحظر المحاكم الاستثنائية. ثانياً، هذه المحكمة، التي يهدف منها الى محاكمة مجرمي حرب متهمين، ليست مجرد محكمة استثنائية. فقد وضعت كلياً خارج الدستور. وتم تأسيس المحكمة المعنية ("المحكمة الجنائية المختصة") من قبل مجلس الحكم العراقي بعدما خول بذلك من قبل "سلطة التحالف المؤقتة" لمحاكمة اولئك الذين اتهموا بارتكاب مذابح وجرائم حرب. وبمعنى معين، فان "القانون" (قانون الادارة الانتقالي) يحول هيئة استمدت سلطتها من "سلطة التحالف المؤقتة" الى محكمة عراقية كلياً.
لكن "المحكمة الخاصة" ليست محكمة عادية. وهي تماثل، في بعض جوانب لا تبعث على الارتياح، المحاكم السياسية التي انشئت في بعض البلدان العربية في الخمسينات والستينات بعد حدوث تغيير نظام للتعامل مع النظام القديم. وليس لدي شك في ان الضمانات الاجرائية ستكون اكبر بكثير مما كانت عليه في هيئات سابقة، لكن لا يمكن تجاهل الطبيعة السياسية للمحكمة. وبالفعل، فان اللغة المعتمدة هنا مجفّلة، لان الدستور لا يكتفي بالاعتراف بـ"المحكمة الخاصة" التي انشأها مجلس الحكم العراقي بل انه ايضاً يعفيها من اي من شروط الدستور. ولا يمكن لاي محاكم عراقية اخرى ان تشارك في قضايا تقع ضمن السلطان القضائي لـ"المحكمة الخاصة". واللغة المعتمدة ذات طابع شامل الى حد بعيد، لدرجة انه ليس واضحاً ما اذا يمكن بالاستناد الى هذا الدستور تعديل القانون الذي انشئت بموجبه"المحكمة الخاصة".
المادة 49
ان مفعول ذهه المادة هو انها تجعل الهيئات التي انشئت في ظل "سلطة التحالف المؤقتة" هيئات عراقية.
المادة 53
هذه المادة لا تكتفي بتكريس الامر الواقع. فهي ايضاً تطرح ذلك بتفصيل اكبر مما جاء في المسودات الاولى. والمواد التي تليها هي المواد الاكثر تفصيلاً والتي صيغت بعناية اكبر في الدستور، ما يلمح الى ان مسألة علاقة الحكومة المركزية بالمناطق الكردية هي المسألة الاكثر تعقيداً التي جرى التفاوض بشأنها.
والفقرات المختلفة بشأن الفيدرالية معقدة الى حد بعيد، ومن الصعب التنبؤ بدقة كيف ستطبق. ويرجع هذا جزئياً الى ان تلك الفقرات تعتمد في تنفيذها على بعضها البعض (واحياناً في علاقة شدّ مع بعضها البعض).
المادة 59
من المحتمل ان تثير هذه المادة جدلاً كبيراً، لانها تعوض عن غياب اتفاق بشأن ترتيبات امنية بطريقة متهورة.
اولاً، تضع المادة عملياً القوات المسلحة العراقية تحت قيادة اميركية (بصيغة "قيادة موحدة" لـ"القوة المتعددة الجنسيات"). ثانياً، انها تشير الى قرار مجلس الامن 1511 وتستخدمه عملياً لادامة مثل هذا الترتيب الامني حتى تجري المصادقة على دستور دائم ويصبح نافذ المفعول.
ومما يكتسب اهمية انه من بين كل مواد مسودة الدستور كانت هذه القضية الكبرى الوحيدة التي لم يجر تسريبها.
المواد 60 - 62
المواد المتعلقة بالدستور الدائم ملفتة للانتباه في نواح عدة:
- انها تتخلى عن المحاولة التي تضمنتها مسودات سابقة لتثبيت مباديء تتحكم بالدستور الدائم. ويبدو هذا اجراءً حكيماً، لان "القانون" (قانون الادارة الانتقالي)، الذي صادقت عليه هيئة غير منتخبة، سيكون مفتقراً الى الشرعية المطلوبة لوضع شروط على عمل الهيئة المنتخبة التي تتولى كتابة الدستور الدائم.
- نقلت المسؤولية عن صوغ الدستور من جمعية تأسيسية تنتخب تحديداً لهذا الغرض الى "الجمعية الوطنية".