|
بين -الدير- و-الشيخ- .. -ياسين- يدفع فاتورة الاستشهاد جرائم شارون هى الذراع العسكرية لمشروع الشرق الأوسط الكبير
سعد هجرس
الحوار المتمدن-العدد: 783 - 2004 / 3 / 24 - 07:14
المحور:
اخر الاخبار, المقالات والبيانات
الجريمة البشعة التي قامت بها حكومة شارون أمس باغتيال الشيخ أحمد ياسين الزعيم الروحي لحركة المقاومة الإسلامية »حماس«،.. لا تشكل مفاجأة إلا للسذج وباعة الأوهام. فهذا النوع من الجرائم ليس غريباً عن السياسة الإسرائيلية بشكل عام منذ قيام الدولة اليهودية حتي الآن، وليس غريباً بشكل خاص عن رئيس الوزراء الإسرائيلي آرييل شارون وتاريخه المتخم بالمذابح للفلسطينيين منذ انضمامه إلي عصابات »الهاجاناة« الصهيونية عام 1945 إبان الانتداب البريطاني علي فلسطين، ثم دوره الشرس ضد المقاومة الفلسطينية بعد إقامة الكيان الصهيوني عام ،1948 وهو دور بلغ من الفجاجة حداً جعل وزير »الدفاع« الإسرائيلي الشهير موشيه ديان يبعده عام 1957 عن قيادة المظليين. ورغم أنه ترك الجيش ودخل الكنيست عام 1973 ليغير البدلة العسكرية ببدلة رجل السياسة فانه عاد وزيراً للدفاع في حكومة مناحم بيجين عام 1980، وفي منصبه الجديد أشرف علي مذبحة صبرا وشاتيلا التي يتم تصنيفها في الأدبيات السياسية العالمية بأنها أسوأ مذابح القرن العشرين. ومع ذلك اكتفي بيجين بابعاده عن وزارة الدفاع مع الاحتفاظ به في مجلس الوزراء. وكانت وزارة البنية التحتية، التي تم تفصيلها خصيصاً علي مقاسه، هي الإداة الرئيسية لتكثيف المستوطنات اليهودية كالخلايا السرطانية ابتداء من عام 1996 وكوفئ علي هذا الدور الاستعماري بتعيينه وزيراً للخارجية عام 1998 ثم رئيساً لليكود. ثم كانت زيارته للمسجد الاقصى وتدنيسه حرمته عام 2000 هي المفجر للانتفاضة الفلسطينية الأخيرة بكل ما شهدته من بطولات فلسطينية وفظائع وجرائم إسرائيلية تضمنت كل أشكال انتهاك القوانين الدولية بما فيها الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني وهدم المنازل والاغتيالات للقيادات الفلسطينية من كل ألوان الطيف السياسي من أقصي اليمين إلي أقصي اليسار، ودون تفرقة بين »علمانيين« أو »إسلاميين«. وإذن فان جريمة اغتيال الشيخ أحمد ياسين لا تشكل مفاجأة، وإنما هي مجرد حلقة في سلسلة طويلة، ومكشوفة، من إرهاب الدولة الصهيونية. بل إن السفاح شارون كان من الصفاقة والتبجح بحيث إنه قال بالفم الملآن عقب هذه الجريمة الأخيرة البشعة، إنها تمت تحت إشرافه شخصياً، وأنها »بداية« لحملة قد تستهدف غيره من القادة الفلسطينيين، مهنئاً أجهزة الأمن التي اقترفت هذه الفعلة الشنعاء. إنها إذن رسالة إسرائيلية حقيقية ومعلنة علي رؤوس الاشهاد تقول بدون لف أو دوران إنه ما من أحد أصبح محصناً أو بعيداً عن يد إسرائيل الطويلة. وهي بهذا الشكل، ورغم أنها لا تشكل مفاجأة بأى حال من الأحوال، فإنها تحمل عددا من الرسائل التي يجب أن نقرأها بعناية. الرسالة الأولي: أن القيادة الإسرائيلية قررت تجاوز كل الخطوط الحمراء ووضع قواعد جديدة لـ »اللعبة«، وان هذه القواعد الجديدة لا تضع اعتباراً لـ »الأعراف« والمساومات القديمة لإدارة الصراع، فكل من تسول له نفسه الاستمرار فى مقاومة الاحتلال الإسرائيلي أصبح في مرمي النيران الإسرائيلية، دون تفرقة بين زعامات سياسية أو قيادات عسكرية. والأخطر أن ذلك لم يعد ينطبق علي الفلسطينيين فقط، بل ربما أصبح يشمل اللاعبين الإقليميين أيضاً، أي البلدان العربية »المناكفة« أيضاً. الرسالة الثانية: ان القيادة الإسرائيلية، وبناء علي هذه القواعد الجديدة، قررت إجهاض المبادرات والتحركات العربية والأوروبية التي نشطت في الأيام الأخيرة لامتصاص هذا الاحتقان الخطير. وبعد أن ظن كثير من الواهمين ان هذه التحركات والمبادرات نجحت في »الحيلولة دون اجتياح إسرائيل لقطاع غزة«، مثلما بشرتنا بعض الصحف يوم السبت الماضي، جاء الرد الدامي علي يد شارون نفسه بعد صلاة فجر الاثنين لينسف كل هذه المبادرات. والأخطر من نسف شارون لكل المبادرات، ومنها المبادرة المصرية، انه وضع مجمل سياسة »السلام« بين العرب وإسرائيل موضع تساؤلات وشكوك جدية، جعلت مجرد التفكير في الاحتفال بمرور ربع قرن علي توقيع أول معاهدة صلح بين دولة عربية وبين الدولة اليهودية.. مجرد مزحة ثقيلة وبالغة السماجة. ويبدو من القراءة السياسية السريعة لملابسات هذه الجريمة الشارونية الأخيرة أنها بمثابة الذراع العسكرية لمشروع »الشرق الأوسط الكبير« الذي تلوح به الإدارة الأمريكية لإعادة رسم خريطة المنطقة. وإذا كان الكثيرون من المفكرين والكتَّاب العرب قد تساءلوا عن سبب غياب أية إشارة عن الصراع العربي الإسرائيلي في مشروع الشرق الأوسط الكبير، فان شارون قد تكفل بتقديم الإجابة.. وقام بملء الفراغ ووضع النقاط علي الحروف، موضحاً لكل ذي عينين التساند الوظيفي بين المشروع السياسي الصادر من واشنطن عن الشرق الأوسط الكبير والوجه العسكري المنطلق من تل أبيب، غير عابئ بأي انتقادات بانتهاك القانون الدولي أو الأعراف الإنسانية أو الحرمات الدينية. وربما يؤكد ذلك أن الإدارة الأمريكية اكتفت بالثرثرة عن »ضبط النفس« بعد ديباجة وقحة عما تسميه واشنطن بـ "حق إسرائيل فى الدفاع عن النفس"! كل هذا.. يضع القمة العربية التي ستعقد في تونس بعد أيام معدودات في مفترق طرق. صحيح أن معظم القمم العربية السابقة تمخضت فولدت بيانات »نارية« حيناً و»مائية« أحياناً دون أن يؤدي »الثوري« منها أو »الواقعي« المهادن إلي سياسة جدية تجاه أي شيء في العالم العربي التعيس.. لكن الصحيح أيضاً ان القمة المقبلة ربما تكون الأخيرة إذا استمرت علي النهج السابق، فقد بلغ السيل الزبي واتسع الخرق علي الراقع، ولم يعد مقبولاً أو ممكناً أن يستمر هذا الوضع المتردي المهين. وقبل اغتيال الشيخ ياسين كانت إدارة الرئيس بوش قد وضعت العرب جميعاً تحت سيف مشروع »الشرق الأوسط الكبير« ودفع استحقاقات القبول بـ »الروشتة« الأمريكية، تحت تهديد »الاحتفالات« بيوم 20 مارس الجاري بمرور سنة علي الاحتلال العسكري للعراق وما ترتب عليه من تغيرات في موازين القوي، وجاءت جريمة شارون ـ التي تمثل الذراع السياسية لنفس المشروع الأمريكي ـ لتضع مشروعية النظام العربي الرسمي علي المحك.. فلم يعد التبرير ينفع ولا بيانات الشجب والإدانة تشفع. باختصار.. ما كان ممكناً قبوله ـ حتي علي مضض ـ قبل مشروع الشرق الأوسط الكبير وجريمة اغتيال الشيخ ياسين المكملة له، لم يعد ممكناً استمراره بعدهما. فالنكبات والنكسات التى توالت على رءوسنا بين مذبحة "دير ياسين" عام 1948 ومجزرة "الشيخ ياسين" منذ ساعات، تتطلب منا إعادة النظر بصورة جذرية فى مجمل السياسات الفاشلة التى تم انتهاجها إزاء الصراع العربى – الإسرائيلي، وضرورة بلورة سياسة جادة وجديدة تستطيع ان تضع حدا لهذا الذل.. وذاك الهوان.
#سعد_هجرس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رئيس الحكومة صاحب المزاج العكر .. أول ضحايا لعنة العراق
-
من لا يقـــدر على - بــوش- وزعــانفــــه فليقــــذف نــادر ف
...
-
من لا يقـــدر على - بــوش- وزعــانفــــه فليقــــذف نــادر ف
...
-
العربى مريض .. فمن يكون - بوش - : الطبيب أم الحانوتى ؟
-
صاحبـــة الجــلالة تنهـض من تحـت الأنقــاض
-
بمناسبة انعقاد المؤتمر العام الرابع للصحفيين مـصــــر تستـحـ
...
-
حــرب - الكــاتشــب - و - النفــط - للفــوز بالبيت الأبيــض
-
انتبهوا أيها السادة : تهويد التاريخ بالاحتيال بعد تهويد الجغ
...
-
أمريكا فى مواجهة العالم
-
صـحفـــى مصــــرى .. بــدرجــة شيـــخ قبيــلة فى العــــراق!
-
ســـــنـة ســــوداء للصـحـــافـــة
-
مضــاعفــات انتقــال المبـــادرة مـن - المـركـز - إلى -الهام
...
-
الحجاب- الفرنسى .. و-النقاب- الأمريكى!
-
رحلة طــائــر جميــل.. في غـابــة لا تعـتــرف إلا بالغــربان
-
ثقافة الاحتفاء بالصغائر والتفريط فى الكبائر
-
تراجيديا ثلاثية المثقف والسلطة والمال كاتب كبير .. مات ثلاث
...
-
لماذا تسلل رئيس الدولة الأعظم إلى عاصمة الخلافة العباسية مثل
...
-
لا تفكـــروا فى الـذهــاب الى لنـــدن .. يــوم الأربـعــاء !
-
الســحابـة الســــوداء .. والكتــاب الأبيــض
-
مفارقة - الابراهيمين - .. صنع - الله - وسعد - الدين -
المزيد.....
-
-أخبرتني والدتي أنها عاشت ما يكفي، والآن جاء دوري لأعيش-
-
لماذا اعتقلت السلطات الجزائرية بوعلام صنصال، وتلاحق كمال داو
...
-
كيم جونغ أون يعرض أقوى أسلحته ويهاجم واشنطن: -لا تزال مصرة ع
...
-
-دي جي سنيك- يرفض طلب ماكرون بحذف تغريدته عن غزة ويرد: -قضية
...
-
قضية توريد الأسلحة لإسرائيل أمام القضاء الهولندي: تطور قانون
...
-
حادث مروع في بولندا: تصادم 7 مركبات مع أول تساقط للثلوج
-
بعد ضربة -أوريشنيك-.. ردع صاروخي روسي يثير ذعر الغرب
-
ولي العهد المغربي يستقبل الرئيس الصيني لدى وصوله إلى الدار ا
...
-
مدفيديف: ترامب قادر على إنهاء الصراع الأوكراني
-
أوكرانيا: أي رد فعل غربي على رسائل بوتين؟
المزيد.....
-
فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال
...
/ المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
-
الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري
...
/ صالح ياسر
-
نشرة اخبارية العدد 27
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح
...
/ أحمد سليمان
-
السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية
...
/ أحمد سليمان
-
صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل
...
/ أحمد سليمان
-
الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م
...
/ امال الحسين
المزيد.....
|