أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - عماد علي - دور النقد البناء في بناء الاحترام المتبادل بين السلطة و المواطن















المزيد.....

دور النقد البناء في بناء الاحترام المتبادل بين السلطة و المواطن


عماد علي

الحوار المتمدن-العدد: 2552 - 2009 / 2 / 9 - 07:59
المحور: المجتمع المدني
    


النقد كعملية و الية و رايو موقف، ليس رفض كامل للاخر و الغائه او تسقيطه ، كما يفعل البعض اما بغرض او دون علم ، بقدر ما هو محاولة فعالة من اجل تقويم الامور من خلال بحوث و مواقف علمية صحيحة دقيقة و بناءة ، و هو الذي يدع كافة الجهات السياسية و الاجتماعية واعية في عملها و مهتمة بحدود سلطاتها و واجباتها و حقوقها ، و يمنعها من الخروج عن اطار عملها و يجبرها على العمل بشكل واضح و شفاف و دقيق و نزيه ، و هو الذي يوسع الطريق امامها و يرشدها على تحقيق اهدافها و مطالبها و تامين حقوقها ، ويربط المواطن بها باسترضاء و احترام متبادل .
طرق و اساليب النقد متعددة الاوجه و التاثيرات ،و منها الاعلام الحر و المؤسساتالسياسية والمدنية و عقد الندوات من اجل تحقيق الاهداف السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية ، و يمنع النقد الجهات و السلطات من الخروج عن اطر الدستور و القوانين الاساسية بكل الوسائل السلمية من خلال محاربة الفساد و تشخيص الثغرات و ايجاد الحلول و العلاجات اللازمة.
النقد البناء المؤثر هو الالية العملية الدقيقة التي تستند على الاسس و المباديء العلمية الاكاديمية ،و ليس على اساس مزاج الناقد و ارائه و مواقفه و هو في خضم الصراعات السياسية الاجتماعية ، و في اكثر الاحيان يكون النقد الشخصي المصلحي عندما يحس الناقد بالغبن و الظلم كشخص او مؤسسة من الجهات المهيمنة.
ان التركيبات و المكونات السياسية و الاجتماعية او منظمات المجتمع المدني التي تكون متينة و مبنية على اسس علمية ديموقراطية حقيقية تقدمية ، يمكنها تحمل انواع الانتقاد بل تستغله من اجل ازالة سلبيات السلطة و يساعدها على التقدم ، و النقد البناء يجسد السلطة الديموقراطية الصحيحة و يقويها . و هو العامل الهام لتنظيم البيت الداخلي ، و ترتيب العلاقات الاجتماعية و تهذيبها و ترسيخها على حالتها الطبيعية .
ان كانت السلطة هادفة ، و يهمها مستقبل البلد ، هي التي تصر و تعمل بجد من اجل ايجاد مؤسسات النقد العلمية الصحيحة المعتمدة على البحوث و الخبرات ، وكلما تاخرت السلطة في عملها و تراجعت و هي تعتمد على المحسوبية و المنسوبية كما هو الحال في العراق اليوم ، و ليس بمعتمد او مستند على الحقوق و الواجبات و الخبرة المهنية، فيتاخر النقد و لم تجد السلطة المقيٌم و المرشد المخلص لها .
عندما نلقي نظرة فاحصة على السلطة في العراق، اننا نجد سيطرة النرجسية و حب الذات و انعدام التنوير و الشفافية و الحداثة بشكل مرضي ، و النقص الكبير هو عدم نضوج العملية الديموقراطية فيه، فتعتمد السلطة على الافكار الذاتية و الشخصية او الحزبية الضيقة ، و الهدف هو التضحية باي شيء من اجل الذات، و تصل الحال الى انعدام احترام الوطن و خصوصيات الشعب الاجتماعية و السياسية و الحضارية ، و يسبب هذا في النتيجة على التراوح و الوقوف على مستوى واحد دون تقدم يذكر . و عند سيطرة المزاجية و الذاتية على عمل السلطات فلن تسنح الفرص لاعادة بناء الوطن علميا و تقدميا ، و لن يكون هناك النقد البناء الضروري لتشخيص السلبيات و الاخطاء ، و تسيطر العشوائية على العمل السياسي ، و العتمة على اسلوب الحكم، و لن تسمح للشفافية المطلوبة ان تظهر للعيان .
اما ما يخص الناقد سوى كان شخصا ذو مقدرات عالية او مؤسسة مختصة ، يجب ان يكون صاحب مواصفات غير قابلة للنقد او قليلة السلبيات على الاقل ، و يعتمد على تقييم الذات قبل الاخرين ، بحيث لا يمكن لاي كان ان ينتقد فعل ما وهو ياتي بمثله ، و كما يقول الشاعر عار عليه اذا فعل عظيم .
عندما يصر حزب ما على انتقاد السلطة على عدم توفر الشفافية و انعدام تداول السلطة و الديموقراطية الحقيقية ، و هو لم ينفذ ما يريده للاخرين ، لا يصدقه الشعب و السلطة ايضا . نرى من الاحزاب المنتقدة ان قياداتهم ازلية و ابدية و تنعدم شيء من الديموقراطية في سياساتهم الحزبية ، و الشفافية بعيدة عنهم باميال و كيفية صرف الميزانيات سرية الى حد كبير، و الهبات التي تهدى لهم من قبل السلطات تذهب الى جيوبهم الداخلية ، و لغة الانتقاد معدومة بشكل مطلق ، فكيف بهم ان ينتقدوا السلطة على تلك الافعال ، و كيف يصدقهم اعضائهم و المواطنون ، و بالعكس تماما يمكن ان تقع عليهم سلبيات انتقاداتهم من باب التضليل و الخداع ايضا ، و هذا ما يضر باهداف و واجبات النقاد و يقلل من مساحة الاحترام المتبادل بين السلطة و الاحزاب و الشعب .
الجدير بالذكر هنا ، ان بعض الانتقادات تدخل من باب تصدير الازمات الداخلية لبعض الاحزاب و المؤسسات و المنظمات السياسية ، انهم بدلا من ان يهتموا بانفسهم و مستقبلهم و يعملوا و يجدٌوا على تحقيق اهدافهم و يخططوا لتحقيق شعاراتهم و امنياتهم ، يتوجهون الى نقد الاخرين لتغطية فشلهم ، و هذا لا يدخل من نافذة النقد البناء بقدر ما يهم المصلحة الذاتية للجهة الناقدة فقط . مثلا ، ان الاحزاب الصغيرة البعيدة شيئا ما عن السلطة بسبب ما ، يطلبون الشفافية و الديموقراطية والعلمانية و المؤسساتية في العمل للسلطة و الجهات الاخرى ، و يتجهون الى نقد السلطة و هم غارقون في الانفرادية في عمل قياداتهم و سيطرة النرجسية على عملهم و تنعدم الشفافية المطلوبة في اسلوب عملهم، اضافة الى انعدام الديموقراطية الحقيقية في سلوكهم الحزبي و الشخصي ، و هم قادة ابديون و ازليون في احزابهم و ينتقدون عدم تداول السلطة في البلد في نفس الوقت ، و هذا ينطبق ايضا على اكثرية المنظمات المدنية المنتقدة ايضا لحد اليوم في العراق .
في الوقت الذي يمكننا ان ننتقد السلطة و ما فيها عندما نكون نحن متسمين بالديموقراطية الحقيقية ،وتكون العلاقات الاجتماعية مبنية على اسس و مباديء ديموقراطية سليمة، و التي لا يمكن تقسيم الديموقراطية الى اجزاء هنا و هناك . فالسلطة بحاجة الى تغيير مستمر لكي تتلائم مع المتغيرات و الواقع الجديد ، و عند وجود الانتقادات البناءة تظهر الحاجة الى التغيير، و عند الاحساس بالحاجة الى التغيير يمكن اعتبارها بداية للتغيير ذاتها ، و بعدها تبدا العمل الحقيقي للتغيير و الاصلاح ، و هذا ما يحتاج الى ارادة سياسية و اجتماعية صلبة من قبل الجميع، السلطة و المنتقدين و المراقبين .
اليوم، العلاقات الاجتماعية و السياسية معقدة في العراق الجديد ، ولم تتجه السلطة الى المراكز العلمية و البحوث الاستراتيجية ، و النقد لا يجد طرقه الى التاثير على السلطات ، و يمكن ان نعتبره غير موجود اصلا او متجمد و يتراوح في مكانه، و لم يتجه البلد لبناء اسلوب النقد البناء الصحيح بشكل علمي عصري من اجل التغيير الحقيقي في كافة المجالات .
اي نحن بحاجة الى مؤسسات ديموقراطية علمية نزيهة ، واجبها الانتقاد البناء من اجل السلطة و تشخيص ثغراتها بشكل علمي من دون مهاترات و قدح و قذف من اجل مصالح خاصة ، و الذي يدخل من باب حب الذات و النرجسية ، و ان الانتقاد مبني على الاسس العلمية و مصلحة البلد في النتيجة يؤدي الى تصحيح مسار الحكم و التقليل من الثغرات و السلبيات و توجيه السلطة بشكل صحيح ، و به يمكن تجسيد الاحترام المتبادل بين المواطن و السلطة و الوطن .



#عماد_علي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مكامن عمليات اعداد القرارات السياسية و امرارها في العراق
- تعتمد التحالفات السياسية على ظروف المرحلة و الوضع السياسي ال ...
- من هم المعارضة و ما هي واجباتهم ؟
- اوضاع العراق بعد تنفيذ اجندة الادارة الامريكية الجديدة
- الاليات المناسبة لمشاركة الشباب في اداء الواجبات العامة
- الفضائيات وسيلة عصرية لتمدن الشعوب
- المحافظة على سلامة عقلية الاجيال القادمة من واجبات المخلصين ...
- تقديس القائد من الخصائص السلبية التي يتصف بها الشرق الاوسط
- الديموقراطية الحقيقية لا تحتاج الى رموز لترسيخها
- صراع الاحزاب بحرية و سلام تنافس مقبول لقطف ثمار الديموقراطية ...
- صورية تركيب ومهام برلمان اقليم كوردستان
- الوعود الخيالية في خطابات وبرامج مرشحي مجالس المحافظات
- سبل استنهاض الشعب العراقي من الاحباط الذي اصابه
- الفساد فاض عن حده المعقول في اقيم كردستان (3)
- عدم تاثير مواقف الاحزاب الصغيرة على سياسة اقليم كوردستان
- الفساد فاض عن حده المعقول في اقليم كردستان (1)
- الفساد فاض عن حده المعقول في اقليم كردستان (2)
- ماذا يحدث للمواطنين العراقين في السعودية
- سيطرة عقلية الثورة وليست عقلية السلطة على القادة الكورد منذ ...
- اية نظرية فكرية تتوافق مع الواقع في الشرق الاوسط


المزيد.....




- للجزائر الاضطراب زائر
- الولايات المتحدة.. احتجاجات جامعية ضد استهداف ترامب للمنح وح ...
- خليل الحية: حماس مستعدة لإطلاق سراح جميع الأسرى مقابل وقف ال ...
- برنامج الأغذية العالمي يوقف شحنات المواد الغذائية إلى مناطق ...
- حماس تتحدث عن مفاوضات الرزمة الشاملة وإطلاق الأسرى.. ماذا تت ...
- -حماس-: مستعدون للإفراج عن جميع الأسرى مقابل وقف الحرب وإطلا ...
- الأونروا: لم تدخل أية مساعدات إلى قطاع غزة منذ 2 آذار الماضي ...
- المحكمة الجنائية الدولية تفتح تحقيقا مع هنغاريا لعدم توقيفها ...
- شاهد لحظة احتراق خيم النازحين في خان يونس بسبب غارة إسرائيلي ...
- شاهد آلاف الأسرى الفلسطينيين يواجهون الموت البطيء بسجون الإح ...


المزيد.....

- أسئلة خيارات متعددة في الاستراتيجية / محمد عبد الكريم يوسف
- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - عماد علي - دور النقد البناء في بناء الاحترام المتبادل بين السلطة و المواطن