|
مراهنة خاسرة على الأخلاق
حميد كشكولي
(Hamid Kashkoli)
الحوار المتمدن-العدد: 783 - 2004 / 3 / 24 - 07:02
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
اعتاد الخطاب الاسلامي دوما على المراهنة على قضية الأخلاق و العفة ، بحيث يُصوّر الاسلاميون أنفسهم على أنهم سدنة الحشمة والاخلاق والغفة و الفضيلة ويسهبون في الحديث عن مساوئ العلمانية و الغرب ، و في سجالاتهم البيزنطية يصورون خصومهم من غربيين و علمانيين كأراذل القوم ودعاة الفجور والتحلل والإباحية الجنسية ، وعلى هذا الاساس يختزلون العلمانية و مخالفيهم الى فجور وعهر و انتفاء قيم إنسانية أو حضارية ، أي أن خلافهم – خلاف الإسلاميين- يعني لا أخلاقيات ودعارة وإ باحة جنسية . و لعل الكثير من اليساريين القوميين يشاركون الاسلاميين آراءهم في الغرب ، فلا يرون فيه سوى الاستعمار و الرأسمالية و العنصرية. و في سياق محاربتهم لدعوات العلمانية يتخذون من مظاهر الفساد المتفشي في المنظومة الرأسمالية كالدعارة و الرق الأبيض حججا ، متناسين أن ظواهر الفساد متفشية في المجتمع الإسلامي منذ ظهور الاسلام الى هذه اللحظة . و يتناسى المعادون للعلمانية أن التاريخ الإسلامي عرف كل أشكال الموبقات الجنسية و الشذوذ المرذول. و قبل سنوات عديدة كنت استمع إلى إذاعة سويدية تجري لقاء مع فتاة ايرانية . و حقا أدهشتني جرأة تلك الفتاة و شجاعتها في البوح عن اسرار النساء في ظل الجمهورية الاسلامية . فاعترفت انها كانت سحاقية و أن معلمتها في المدرسة قد وقعت في حبها ، فدعتها لزيارتها في بيتها وهناك شرعتا بممارسة الجنس معا. و كانت تلك بداية وقوعها في هذه الحالة من الشذوذ. و اردفت قائلة إنها تعتقد ان نسبة كبيرة من النساء في ايران لجأن إلى السحاق للتنفيس عن كبتهن الجنسي الظالم المفروض عليهن من المجتمع الاسلامي العفيف!!؟. و اضافت أن أسباب هذه الظاهرة واضحة و هي تكمن في صعوبة بل استحالة بناء علاقات مع الذكور ، و عدم امكانية الشباب على الزواج ، وأن اهل البنت لا يتوجسون من صداقات بنتهم مع بنت آخر، لكن الكارثة تقع حين يكتشفون انها في علاقة مع ذكر . ربما يرد أحد ما بأن هذه ظاهرة سادت في ايران بعد التخلي عن مبادئ الاسلام الحقيقية. لكني سمعت عنها و ايران في عز اسلامها. و ماذا يقولون عن زواج المتعة الشرعي المتفشي حتى في السويد بين نساء مسلمات ؟ . فالاسلاميون في الواقع يقعون في مغالطات خطيرة ، فهم يتهمون الغير بتهم خطيرة وينسون أنهم يمارسون تجاوزات اخلاقية تحت ستار شرعي غريب . فماذا تفعل عدة نساء في حريم رجل كبير من السن حين لا يمكنه ان يعدل ؟ كيف يجيب دعاة تعدد النساء؟ كما كتب أحدهم ضمن مقالاته ضد العلمانية أنها – اي العلمانية- تفسح حرية اللواط و زواج الرجال من جنسهم في المجتمع المسلم ، كما تساءل عن الكارثة التي تنزل على المجتمع العراقي حين تأتي العلمانية مثلا بوزير دفاع شاذ جنسيا .الخ؟ .... يتناسى الاسلاميون أن المجتمع الاسلامي من عصور قبل الاسلام و حتى اليوم عرف كل انواع الشذوذ الجنسي و في مقدمتها اللواط. و التاريخ يحكي لنا عن خلفاء ( مثلا امير المؤمنين الأمين ابن هارون الرشيد ) ، و السلطان بيبرس الذي قهر الصليبيين ، و آخرين من زعماء و قادة مسلمين. و لكي لا نذهب بعيدا ، تمعنوا في النكات المصنفة على المرحوم سعدي الحلي و التي نسمع يوميا واحدة جديدة و قوية . فهذه النكت لم تأت من فراغ ، فخالقها لا يستطيع ابداعها لولا يتماهى مع هذه الحالة الجنسية الشاذه ، و لو في الخيال. يشير االعلامة على الوردي الى هذه الظاهرة المرَضية في كتابه " طبيعة المجتمع العراقي" و يشير إلى أن الحالات الناجمة عن الكبت يمكن معالجتها بإزالة حالة الكبت و هناك حلات أخرى قليلة سايكولوجية أو بيولوجية تصعب معالجتها . وقد حكى لي بعض الأصدقاء أنهم شاهدوا في طريقهم أثناء الهروب من العراق للوصول الى بلدان للجوء ، شاهدوا أعراسا بمناسبة زفاف رجال مسلمين من غلمان مسلمين أيضا ، في قصبات في باكستان وافغانستان . و ان قراءة تراث المسلمين من شعر و نثر ومطالعة سيرة الكثير من الشخصيات و الاطلاع على التاريخ تكشف لنا الكثير الكثير من رموز ثقافية شاذة جنسيا . و لكن يبدو أن كل شئ على ما يرام طالما ( يسترون !) . و هذه الظاهرة من نتائج العلاقات غير الصحيحة و غير الصحية و اللاانسانية في مجتمعنا ( المسلم) . و إن معالجتها لمن اختصاص علماء النفس والمجتمع. و اني لست عالم نفس و لا عالم اجتماع ، لكني أرى الانفتاح في العلاقات الاجتماعية و كسر القيود التي تمنع الجنسين من بناء علاقات طبيعية وانسانية ، كفيل بعلاج هذا المرض الى حد كبير. فالقرى التي يعيش اهلها على رسلها و بساطتها لا تعرف الشذوذ . و اني هنا اريد أن أؤكد لمن يصور العلمانية مرادفة للانحلال و الشذوذ الجنسي انه على خطأ كبير ، بل يمارس اجحافا في حق الحق والحقيقة.
#حميد_كشكولي (هاشتاغ)
Hamid_Kashkoli#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
في الخيال الشعري
-
فوق شاهدة ضريحك اخضرّت أحلامي
-
ثياب الامبراطور بوش
-
لا تقولي في القرآن برأيك ، يا بلقيس !
-
مد وجزر
-
جياد من ريح
-
قصائد معمّدة في زرقة الليل
-
فصل الدين عن الدولة ضرورة لا بد منها لقيام مجتمع مدني حديث ف
...
-
أسباب الحرب الأهلية في العراق متوفرة – هل يمكن تذليلها؟
-
لن تمر جريمة الإعتداء الغاشم على الشيوعيين بدون عقاب
-
في ظلال جناحيك
-
الوطن مذبح وُلْد الخايبة
-
ثلاث قصائد
-
بعد غضبة نساء العراق : ومضى عهد الفحولة
-
ألا تشعرون بالعار بطرد الشاعر أحمد جان؟
-
موجة على شغاف القلب
-
10 يورو للإرهابيين القتلة
-
مساء فاطمة للشاعر الكردي دلاور قره داغي
-
قفر
-
أحضان الصقيع
المزيد.....
-
قائد الثورة الاسلامية يستقبل حشدا من التعبويين اليوم الاثنين
...
-
144 مستعمرا يقتحمون المسجد الأقصى
-
المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية: مذكرة اعتقال نتنياهو بارقة
...
-
ثبتها الآن.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 علي كافة الأقم
...
-
عبد الإله بنكيران: الحركة الإسلامية تطلب مُلْكَ أبيها!
-
المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الأراضي
...
-
المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي
...
-
المقاومة الاسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي
...
-
ماذا نعرف عن الحاخام اليهودي الذي عُثر على جثته في الإمارات
...
-
الاتحاد المسيحي الديمقراطي: لن نؤيد القرار حول تقديم صواريخ
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|