أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - إدريس جنداري - العراق الجديد : الفينيق ينبعث من رماده














المزيد.....

العراق الجديد : الفينيق ينبعث من رماده


إدريس جنداري
كاتب و باحث أكاديمي

(Driss Jandari)


الحوار المتمدن-العدد: 2550 - 2009 / 2 / 7 - 08:58
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لا يمكن لأي متابع للانتخابات الأخيرة التي عرفها العراق ؛ إلا أن يبارك للعراقيين مسيرتهم نحو صناعة دولة حديثة تقوم على الديمقراطية و المؤسسات ؛ و هي الدولة التي حلمت بها ملايين الشعوب العربية ؛ منذ مئات السنين دون أن يتحقق حلمها ؛ لأن حمل التاريخ أكبر من قدرتها على التغيير .
لقد قيل و كتب الكثير حول التجربة العراقية الجديدة ؛ ما بين متهم يعتبرها تجربة أمريكية فاشلة ؛ مفضلا التغيير من الداخل ؛ و بين مؤيد يعتبر أن قدرة الشعوب العربية على التغيير من الداخل ضعيفة جدا ؛ لأنها لا يمكنها باعتماد قواها الذاتية ؛ أن تقاوم قرونا من الاستبداد الذي ترسخ ؛ و لذلك لابد من قوة دفع خارجية ؛ تساعد على التغيير .
عاش العراق التجربة الثانية من بين التجربتين؛ حيث تضافرت مجموعة من العوامل الإستراتيجية على المستوى الدولي؛ ليكون العراق الدولة العربية الأولى التي تدخل مختبر التشريح؛ لإجراء عملية جراحية غير محسوبة العواقب.
لقد أدى العراقيون ثمنا باهظا من أرواحهم و أمنهم الداخلي ؛ لكن ذلك كان أهون على الكثيرين منهم من استمرارية تاريخ من الاستبداد الشرقي ؛ الذي عانوا من ويلاته قرون طويلة ؛ كغيرهم من الشعوب العربية الأخرى .
نحن هنا لا نبرر الاستعمار الأمريكي؛ الذي أتى على الأخضر و اليابس ؛ و دمر حضارة عمرت آلاف السنين ؛ و هي جريمة سيسجلها التاريخ ضد البربرية الأمريكية ؛ رغم كل عمليات التجميل التي يمكن أن نخضعها لها ؛ كما لا يمكننا أن ننفي الأهداف الاستراتيجية الكبرى التي قادت الحرب ضد العراق ؛ و التي يوجهها العامل الاقتصادي و العسكري .
لكن دعنا ننظر إلى النصف المملوء من الكأس؛ حتى نكون أكثر موضوعية و نتساءل:
من كان يفكر يوما في استئصال نظام استبدادي؛ يقوده دكتاتور؛ لا يمكنه أن يعبر بتاتا عن الوجه الحضاري للعراق ؟
هل كانت الجرائم التي اقترفها النظام الصدامي في حق العراقيين أقل بشاعة من الجرائم التي اقترفها الاستعمار الأمريكي ؟
هل كان من الممكن عبر استراتيجية التغيير من الداخل ؛ نقل العراق إلى مرحلة الديمقراطية و المؤسسات ؛ التي يبشر بها المستقبل العراقي القريب بله البعيد ؟
لقد علمتنا تجارب الشعوب عبر التاريخ؛ أن الاستبداد مرض سرطاني؛ لا يمكن أن تنفع معه العلاجات الخفيفة؛ بل يجب التوجه إلى الورم مباشرة و استئصاله كي لا يتوسع؛ لكن هذا الاستئصال ليس بالعملية السهلة و المضمونة النتائج ؛ بل ينطوي على مخاطر ؛ تتطلب حنكة طبية حتى يتم تجاوزها .
لقد أدى فرنسيو الثورة الفرنسية آلاف الأرواح ؛ قبل أن يحققوا دولة القانون و المؤسسات ؛ المبنية على الحرية و المساواة و الأخوة ؛ و واجه الألمان بكل شراسة الدكتاتورية الهتلرية ؛ كما واجه السوفييت الديكتاتورية الستالينية بنفس القوة ؛ و أنهى ميلوزوفيتش حياته السياسية مجرم حرب ؛ و مات في سجنه ...
و كلها تجارب تعلمنا أن ضريبة التخلص من الاستبداد باهظة الثمن و لا تؤديها إلا الشعوب التي تمتلك إرادة التغيير؛ لكن النتيجة على المدى المتوسط و البعيد تكون أفضل بكثير من حالة التعايش مع الورم السرطاني الخبيث الذي هو الاستبداد .
إن حالة العراقي اليوم؛ و هو يصنع مستقبله السياسي بإرادته؛ أفضل بكثير من أحوال الملايين من الشعوب العربية الأخرى؛ التي ما تزال تقاد مثل القطيع؛ في انتخابات مزورة – إذا حدثت - تكرس نفس الوجوه و نفس السياسات و نفس الأنظمة ؛ و لذلك فإنه ينظر بأمل إلى المستقبل ؛ الذي لن يكون شبيها للماضي تماما .
لقد استعار شعراء الحداثة العرب – أدو نيس مثلا – أسطورة طائر الفينيق ليؤكدوا على قدرة الأمة العربية على تحقيق الانبعاث ؛ و الخروج من الرماد قوية ؛ و نموذج العراق اليوم يؤكد بالملموس القوة الكامنة في الأمة العربية ؛ و التي يمكنها أن تنتفض في أية لحظة ؛ لتصنع تاريخا جديدا .
نهنئ الشعب العراقي العظيم على إنجازاته و نرجو أن يكون كعادته على مر التاريخ العربي منارة تضيء الليل العربي الحالك .




#إدريس_جنداري (هاشتاغ)       Driss_Jandari#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طابور الهزائم : تاريخ من الشعوذة و السحر
- ما بين خالد مشعل و محمود عباس : صراع التصريحات في وضع فلسطين ...
- بعدما فشلت في الخارج صواريخ القسام تسعى إلى قلب المعادلة في ...
- الدرس الذي يجب أن يستوعبه العرب :العثمانيون الجدد أصحاب مصال ...
- بداية انكشاف أسطورة النصر الإلهي الحمساوي
- الأصولية الدينية: الإعجاز في خدمة الأجندة السياسية
- القضايا العربية و الرهان الخاطئ على إدارة أوباما
- حزب الله لم يكن يتوقع قوة الهجوم و حماس لم تكن تتوقع استمرار ...
- نخبة محور الممانعة : العمى الإيديولوجي في خدمة تاريخ من الهز ...
- أحداث غزة و معجزة النصر الإلهي : الأصولية الدينية و التسويق ...
- ما بعد أحداث غزة: في الحاجة إلى استلهام روح فكر التحرر الوطن ...
- من نتائج أحداث غزة : حماس قوية داخليا ضعيفة خارجيا
- الانفتاح الروائي كخطة لمساءلة الراهن السياسي المغربي : رواية ...
- الأدب وسؤال المؤسسة في الممارسة الأدبية العربية المعاصرة
- شركة ماكنزي للتنافسية ترسم مستقبلا سوداويا للمصارف (الإسلامي ...
- إيديولوجيا الاقتصاد الإسلامي : محاربة الفكر الاقتصادي الحديث ...
- إيديولوجيا الإعجاز العلمي في القرآن و السنة : نشر الخرافات ل ...
- من دروس أحداث غزة : العلاقات الدولية تقوم على المصالح لا على ...
- أحداث غزة : صراع الأصوليات الدينية لنشر الدمار و الموت .
- في حاجة النشر الإلكتروني إلى الأقلام العربية المتنورة


المزيد.....




- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
- إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
- “ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - إدريس جنداري - العراق الجديد : الفينيق ينبعث من رماده