أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نمر سعدي - مرثيَّة متأخرَّة لمحمد الماغوط














المزيد.....

مرثيَّة متأخرَّة لمحمد الماغوط


نمر سعدي

الحوار المتمدن-العدد: 2549 - 2009 / 2 / 6 - 07:25
المحور: الادب والفن
    




لا يوجد في الدنيا شاعرٌ واحدٌ أحقُّ بالرثاءِ منكَ
يا صديقَ الغيومِ والقمرِ والظلامِ والسجونِ والندى
والأرصفةِ والتسكُّعِ والأزهارِ والجنونْ
يا ابنَ سلَميةَ الضلِّيلْ
يا صديقي الروحيَّ الذي لم أرهُ عن كثبٍ
إلاَّ من وراءِ الضبابِ
والمرايا الكافرةِ والأسوارِ المنيعةِ والغبارِ
ولم ألتقيهِ ولو مرَّةً واحدةً
أتُرى تغلَّبَتْ ملائكتُكَ على شياطينكَ ؟
أتُرى نلتَ ثأركَ من يهوذاكَ الشخصيِّ
أيُّها العصفورُ الأحدبُ الذي يحملُ وطنَهُ القتيلَ
على ظهرهِ المكسورِ منذَ ألفِ عامٍ
ويطوفُ بهِ أرجاءَ الأرضِ الشرِّيرة
في الأمسِ مصادفةً قرأتُ ديوانكَ الأوَّلَ
المختلجَ كروحِ الطفل "حزنٌ في ضوءِ القمرْ "
كانَ مرميَّاً بالقربِ منِّي فتحرَّشَ بي من دونِ قصدٍ
فأصابني مرضٌ غريبٌ
وبللَّني حزنٌ خاصٌّ جميلٌ
وأيقنتُ أنَّ لغتكَ المُتوَّحشةَ المُندفعةَ إلينا
من هالاتِ الصدق ِوالنجومِ كألفِ شمسٍ أنثويَّةٍ
أجملُ ما لدى العربِ من كنوزٍ
وتخيَّلتُ كُلَّ قصائدَ الشعرِ العربيِّ حينها
جيَفاً جوفاءَ لجمالٍ هزيلةٍ محشوَّةٍ بالريشِ الإصطناعيِّ
وغيوماً عقيمةً تتكسَّرُ على طُرقِ الصحراءِ وطرفها المتلاشي
بالأمسِ حينَ أعدتُ قراءتكَ تمخَّضتُ بالزهرِ الملعونْ
والزوابعِ الصديقةِ والمطرِ الصيفيِّ
يا أصدقَ شاعرٍ عرفتهُ الضادُّ الثاكلُ
يا آخرَ الصعاليكِ الشرفاءِ النبلاءِ
يا عُروة والشنفرى والسُلَّيكْ مجتمعينَ في واحدٍ
يا روبن هود الشعرِ العربيِّ
وجلجامشَ المأساةِ والكتابةْ
بعدكَ لن يروقَ لي المُتنبِّي
دواوينكُ كُلُّها أعمالٌ سرياليةٌ
يعجزُ عنها دالي وميرو وفريدا كالو
أعمالٌ سرياليةٌ بالغةُ الثراءِ والقيمةِ والحزنِ
هيَ ليستْ شعراً أبداً
وهذا الذي نثرتهُ على آذانِ الحضورِ في مساءِ
مجلةِ شعرٍ في بيروتَ فانبهرَ بهِ الجميعُ
خيمياءٌ صرفةٌ غريبةٌ وسحرٌ غرائبيٌ
لكائنٍ من كوكبٍ آخرَ غيرَ هذا الكوكبِ
خيمياءٌ معجونةٌ بماءٍ صلبٍ
وألوانٍ سرياليةٍ غيرَ مرئيَّةٍ
كُلُّ كلمةٍ قلتها تسري في هشيمِ القلبِ كالنارِ
وأنت تخاطبُ القدمَ الحجريَّةَ
كيْ تطأ قلبكَ المُخمليَّ البريءْ
قاموسُكَ يرتكزُ على نقطةِ ضوءٍ عملاقةٍ
وروحكُ تستندُ على موروثٍ جبَّارٍ من الرؤى
الملائكيَّةِ التي تلبسُ النارَ الحنونةْ
لا تصِّدقُ من يكرهوكَ فهم رغم أنوفهم يُحبُّونكَ
حتى جنونِ الجنونْ
فأنتَ وحدكَ من ألبسَ الشعراءَ العربَ عباءاتِ الدراويشِ
وأطلقهُم في العراءِ الخاوي كالسهامِ السائبةْ
أنتَ وحدكَ من جعلهم مهرجِّينَ على حبالِ السلطانْ
بينما أنتَ تنظرُ إليهم من علٍ وهم يتساقطونَ
الواحدَ تلوَ الآخرَ إلى الجحيمْ
وتطلقُ ضحكاتكَ كالذئابِ الجائعةِ لتنهشهُم
أنتَ وحدكَ من امتطى صهوةَ القصيدةِ الجامحةِ
من غيرِ أيِّ خوفٍ وتردُّدٍ
ولكنَّ الفرسَ المُطَّهمةَ بالعنفوانِ
ألقَت بكَ في نارِ الحزنِ والحقيقةْ
نحنُ يا صاحبَ الحضورِ والغيابِ
ويا سيِّدَ الكلمةِ المغموسةِ بالدماءِ والدموعِ والعويلْ
نلامسُ أعتابكَ الخفيَّةَ بقُدسيَّةٍ وحرِّيةٍ وخضوعٍ وذلٍّ وكبرياءْ
ولا ننبسُ بكلمةٍ واحدةٍ
لا نشرَقُ بحرفِ كذبٍ ورياءٍ واحدٍ
فقط نُخفضُ الرؤوسَ والقلوبَ أمامكَ
ونمشي كأننا في حضرةِ السماء السابعةِ
ونبكي بصمتٍ....
بصمتٍ صارخٍ عليكْ

فبراير 2008


[email protected]



#نمر_سعدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شيء عن الأيديولوجيا الضالَّة والحُبِّ والحربْ
- لماذا تسكبينَ دمي على الشطآنْ ؟
- حنانكِ غزَّة
- ثلاث قصائد
- قصيدتان
- أقمارٌ مائيَّةٌ لشرفةِ السيَّابْ
- هي شهقةٌ أخرى
- قصائد مبتلة بالضوء / قصائد مختارة
- شمسُ يوشع
- كلمات في وداع أجمل الفرسان محمود درويش
- كلُّ هذا البهاءِ المراوغِ حريَّتي ليسَ لي
- عذابات وضَّاح آخر
- خطىً لظباءِ القوافي على القلبِ
- قصائد مختارة من ديوان أوتوبيا أنثى الملاك
- كأني سوايْ
- إنفلاتُ هوميروس العرب إلى الأزرقِ الورديّْ
- محمود درويش.... أقربُ من زهرِ اللوز
- ماركيز ويوسا : رحمةً بنا
- مهزلة - أمير الشعراء - المُبكية
- كأنَّ الوردَ يهذي


المزيد.....




- -متحف البراءة-.. بوح باموق من الصفحات إلى أعين الزائرين
- ترددات قنوات الكرتون .. تردد قناة توم وجيري الجديد 2024 على ...
- اطلع على موعد عرض مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 165 مترجمة عبر ق ...
- أغنية مصرية للأطفال تحقق مليار مشاهدة (فيديو)
- أثارت جدلا.. ليلى عبد اللطيف تتوقع مصرع فنان وتورط ممثل عربي ...
- إنزو باتشي: حرب إسرائيل هي تطهير عرقي، ونعيش مرحلة تاريخية م ...
- الليبي سعد الفلاح يهزم البلجيكي ساجورا بالضربة الفنية القاضي ...
- غارديان: هل كانت محاولة الانقلاب في بوليفيا مسرحية نظمها الر ...
- مصر.. تفاعل ومطالبات بمحاسبة المسؤولين عن إقامة حفل ابنة مذي ...
- شاومينج بيغشش.. تسريب امتحان اللغة الأجنبية الأولى ثانوية عا ...


المزيد.....

- نظرية التداخلات الأجناسية في رواية كل من عليها خان للسيد ح ... / روباش عليمة
- خواطر الشيطان / عدنان رضوان
- إتقان الذات / عدنان رضوان
- الكتابة المسرحية للأطفال بين الواقع والتجريب أعمال السيد ... / الويزة جبابلية
- تمثلات التجريب في المسرح العربي : السيد حافظ أنموذجاً / عبدالستار عبد ثابت البيضاني
- الصراع الدرامى فى مسرح السيد حافظ التجريبى مسرحية بوابة الم ... / محمد السيد عبدالعاطي دحريجة
- سأُحاولُكِ مرَّة أُخرى/ ديوان / ريتا عودة
- أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة / ريتا عودة
- صحيفة -روسيا الأدبية- تنشر بحث: -بوشكين العربي- باللغة الروس ... / شاهر أحمد نصر
- حكايات أحفادي- قصص قصيرة جدا / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نمر سعدي - مرثيَّة متأخرَّة لمحمد الماغوط