|
مابعد القمة .. المصالحة؟؟
سماح رمضان
الحوار المتمدن-العدد: 2548 - 2009 / 2 / 5 - 10:07
المحور:
السياسة والعلاقات الدولية
بعدما استمعنا للبيان الختامي للقمة الاقتصادية التي عقدت في الكويت برعاية إقليمية خليجية، والتي ألقاها أمير دولة الكويت ، يمكن من خلال تفحصنا بمراحل الإعداد للقمة، وجدول أعماله ما زخر من خطابات، و تفاؤل عربي لم نسمع بها من قبل، وإجماع لرؤساء الدول تحت سقف واحد ،ومكان واحد، ويرجع ذلك الفضل كله في مجزرة غزة التي وحدت قوامهم، ومالهم، وأهدافهم، ونبذهم للعدو الصهيوني، وما تبنوه من إعادة إعمار غزة، وإقامة المشاريع الاقتصادية التنموية ،والاجتماعية التي لم تأتي إلا بد مصائب حلت بالشعب الغزّي . ولكن سياسيا ما يهمنا عدة نقاط، يجب أن نأخذها في عين الاعتبار الدقيق، والمآخذ التي تؤخذ في انعقاد هذه القمة في المكان والوقت بالتحديد وما تمخضت عنه من قرارات، قد تكون مخيبة للآمال، أو خطورة جديدة في التوعية السياسية، والاقتصادية والأخلاقية العربية، التي أصبحت من عجائب الدنيا السبع ،في حال حدوثها في تاريخ العالم العربي ، وقد تكون من اولي الملفات علي الطاولة الأمريكية بالعهد الجديد برئيسها باراك اوباما. ومن هذه المأخذ الملاحظة هنا .. هو تعمد البعد عن الخلافات العربية العربية، التي تكدست منذ سنوات طويلة، والتي من السذاجة ان تحل ويفك رموزها علي وليمة قطرية عربية،وتتبخر في سماؤها الاختلافات وكان شيئا لم يحدث ،ولكن يمكن ان تتحول هذه السذاجة الي اكثر قوة عند تنفيذ وعد للملك السعودي الذي دعا الي عقد هذه القمة ،ببناء سكك حديدية موصولة ببعضها بين الوطن العربي بمدنه المنفصلة أصلا. وذلك ما نسميه بالتشرذم العربي المضمحل، الذي كون إرسابات في غاية التعقيد داخل هذه الخلافات، ووصلت درجة حدتها الي ذهاب كل قطر الي اتحاد، ويحالف العدو الذي يناسبه ،وأخري من تحالف مع احد القطبين الدوليين ، ومن المؤسف ان نقول بان دول الوطن العربي أصبحت قوة ضغط بين شطري هاذان القطبان ، القطب الإيراني (سوريا _ قطر)، والقطب الأمريكي (الأردن_ السعودية _ مصر ) ، وفلسطين تقسم بينهما ،دون التطلع الي من سوف يحررها اولا قبل ان يتم اعتمادها وانتماؤها لأحد من القطبين، وان تذوب بين عقائدها ونظمها السياسية المستبدة . وجاء اليوم لكي نعطي رؤية بسيطة علي طبيعة أهداف هذه الأقطاب، التي تتسابق في عقد القمم الإستراتيجية، وما تؤل من تثبيت نفوذها إقليميا وتحديها دولياً، وذلك بفضل مجزرة غزة والتي أصبحت كالذي يبيع جلد الدب قبل صيده .
لكن هناك قوة أخري خارجة عن تلك القوي السابقة وتعتبر احدي ركائز وأركانها وهي الشعوب،...نعم الشعوب أصبحت تثور وتندد وتقول لا للظلم لحكامها قبل عدوها، لا للذي استباح الدم والوطن وأبناءه من أطفال وشيوخ ونساء وشباب ، وما دمروا من ارض وجماد دون هوادة ورحمة ، ولا للخائنين الذين صافحوا يد العدو التي قتلتنا وهي نفس اليد التي وقعت علي مخطط الدم والدمار في حجة تتستر بها وهي السلام العادل الشامل ، والقدس الشريف ، وعودة اللاجئين وغيرها من الآمال , وهذا الذي أرادت ان تثبته، انها لم تتحمل بعد كل ذلك قسوة الظلام الذي تلبدت كل سماء عربية دون رؤية للنور منذ سنوات طويلة. المأخذ التالي الذي لا يقل أهمية عن سابقه هو الفصل التام والسيئ بين البعد السياسي والبعد الاقتصادي للقمة العربية ، وظهر ذلك جليا في عنوان القمة ( القمة العربية الاقتصادية للتنمية الاجتماعية) او قمة غزة الاقتصادية ، ان تجاهل هذا البعد او عن أي خلافات عربية و اقتصادية كانت ، وعن أي قرارات اختتمت، لا يمكن ان تنجح ،الا ان تتقابل بالأهداف السياسية وخاصة في قضية فلسطين ، لانها قضية صراع أزلي وقضية العالم العربي بأسره، ونحن نعي جيدا بطبيعة الانقسامات السياسية المزمنة بين الدول العربية وانكسارها وهوانها وتشرذمها عبر السنين ولازالت في ازدياد حدتها وتعقيدها المتفتت وبالتالي من غير المعقول ان نقول ان القمة الاقتصادية قد كتب لها النجاح ، وليس أي نحاج وإنما فاق كل التصورات ، هذا ما يرددونه المشاركون بالقمة ، ولكن ما جري هو التفاؤل والارتفاع كثيرا بالتوقعات التي حلمنا بها ، وهنا وقفة او يمكننا ان نعتبرها نظرة أمل، ترجع القلوب والعيون القوية للشعوب الضعيفة وهذا ما شاهدناه في المظاهرات التي صعدت وطفت عبر الساحات السياسية والاجتماعية ، ولا نريد ان نقول كالمثل الشعبي (ما تجمعنا إلا بالمصايب) . والنظرة التفاؤلية التي تسكننا فترة المجزرة والحروب وتخرج من أفواه حكامنا وهي فكرة المصالحة التي دعا اليها الملك السعودي في ختام القمة العربية بالكويت ، كما اشرنا اليها سابقا او بمسمي آخر وليمة الغذاء الفاخرة ، ويمكننا ان نبرر هذه الفكرة لماذا طرحت اليوم : اما ان يريد السيطرة بنفوذه الإقليمي علي القضايا الساخنة بالشرق الأوسط من خلال ثروته النفطية وعلاقاته الأمريكية والدول العظمي ، او اما ان يريد ان يتعاطف مع شعبه ويتظاهر ببطولته في حل القضية الشرق أوسطية بوجبة غذاء وبذلك يسكن شعبه بأقراص الخمول والحياد وإبعاد ضميرهم عن ما يجري بغزة ، وبكل برود سياسي وإعلامي وما يصاحبه من هواء فارغ وبذخ شرقي سفيه . هذه الفكرة كانت من إعلام أمريكي وإخماد القوة التي أيدت المقاومة للعدو بغزة، وهذا ما تريده أمريكا حتى تأتي الحكم الجديد دون قضايا تثير جدل كبيرا حول القوة الجديدة الي سوف تحكم الكبير والصغير بالوطن العربي ، ويبقي العدو في طغيانه مع التأييد التام لسفك الدماء العربية وإهدار دم الشهيد بغزة. المحور الذي يليه هو ما هي حقيقة مبادرة السلام العربية؟؟، وما مستقبلها ما بعد حرب غزة وما بعد القمة ؟؟، ولهذا تم الفصل التام بين البعدين، والبعد عن أي خلافات يمكن ان تذكرنا بالماضي العربي ، والتنازلات السخية من طرفنا ، كنت آمل ان ينص البيان الختامي علي قرارات اكثر قوة، وحسم سياسي واقتصادي أيضا ووثيق مثل : · المقاطعة العربية والاقتصادية للكيان الصهيوني ، وذلك اقل ما يمكن فعله ....هناك دم مستباح وينزف لحتي هذه اللحظة، والعامل النفسي اقسي ما يمكن ان نتصوره ما بعد الحرب وليس أثناء الحرب ، وقتل لأسر بأكملها ودفنها تحت بيوتهم أحياء ، دون رحمة، والصور الي أصبحت تملا المدارس والمؤسسات العامة، والمتشردين ومع ذلك يقصفوا ويحرقوا بقنابل فسفورية ممنوعة دولياٌ؟؟؟ · كنت أتمني ان تتوالى الدول العربية بطرد السفير الإسرائيلي من هذه الدول، وتقطع العلاقات جميع إشكالها مع هذه العدو الحاقد ، ان قرارات فنزويلا وبوليفيا بطرد سفير العدو، وقطع العلاقات الاقتصادية كانت اشرف واعلي من قراراتكم ، لانها كانت سريعة وعاجلة و أشفت جرحنا الذي نزف . · كنت أتمني ان يخرج هذا البيان عن أسلوب الصمت، والتنديد والإحصاءات والأرقام التي لم تعد تهمنا في شئ، ولا ترجع الذي دمر وانكسر من داخلنا منكم . · كنت أتمني ان تعقد القمم التي اصطفت بطابور جامعة الدول العربية للموافقة عليها ، ان تقعد بغزة ، وان تأتوا جميعا لغزة لنصرتها، وان تقفوا بجانبها بوقت محنتها ووقت إعدامها، والقاء النظرة الأخيرة عليها قبل الدفن ، قبل دفن احياء كاملة بسكانها ،بأبنائها ..بدلا من شاشات جامدة بضميركم، ولكن كانت حية بقلوب غيركم وليست من ديانتكم ولا سلالتكم ، من دم اخر ولكنه اصدق وانقي وشفاف، رغم البعد عن الدين والقومية والهوية. · كنت أتمني ألا أجد الحجم الهائل من التناقضات المخجلة، وألا أخلاقية من مناشدتكم لنا، من خلال مواجهة العدوان، وإلقاء التحية علي المقاومين الأشاوس، وعدم الأمن والوثوق بهم !!!!
#سماح_رمضان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أقوال منشورة ....وأخري مبتورة
-
ثلاثية أبعاد السلطة الوطنية الفلسطينية (الناطقة باسم الشعب و
...
-
حزن يدمع الدمع
-
صرخات عبر قطرات الندي
-
سحر يهمس
-
اعرف برجك اليوم ....
-
الشهيد الحي
-
أجمل باقة ورد بكفن ابيض
-
ماذا ننتظر من هيلاري
المزيد.....
-
الحكومة الإسرائيلية تقر بالإجماع فرض عقوبات على صحيفة -هآرتس
...
-
الإمارات تكشف هوية المتورطين في مقتل الحاخام الإسرائيلي-المو
...
-
غوتيريش يدين استخدام الألغام المضادة للأفراد في نزاع أوكراني
...
-
انتظرته والدته لعام وشهرين ووصل إليها جثة هامدة
-
خمسة معتقدات خاطئة عن كسور العظام
-
عشرات الآلاف من أنصار عمران خان يقتربون من إسلام أباد التي أ
...
-
روسيا تضرب تجمعات أوكرانية وتدمر معدات عسكرية في 141 موقعًا
...
-
عاصفة -بيرت- تخلّف قتلى ودمارا في بريطانيا (فيديو)
-
مصر.. أرملة ملحن مشهور تتحدث بعد مشاجرة أثناء دفنه واتهامات
...
-
السجن لشاب كوري تعمّد زيادة وزنه ليتهرب من الخدمة العسكرية!
...
المزيد.....
-
افتتاحية مؤتمر المشترك الثقافي بين مصر والعراق: الذات الحضار
...
/ حاتم الجوهرى
-
الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن
/ مرزوق الحلالي
-
أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال
...
/ ياسر سعد السلوم
-
التّعاون وضبط النفس من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة
...
/ حامد فضل الله
-
إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية
/ حامد فضل الله
-
دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل
...
/ بشار سلوت
-
أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث
/ الاء ناصر باكير
-
اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم
/ علاء هادي الحطاب
-
اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد
...
/ علاء هادي الحطاب
المزيد.....
|