|
طريق اليسار العدد 10: شباط
تجمع اليسار الماركسي في سورية
الحوار المتمدن-العدد: 2548 - 2009 / 2 / 5 - 10:07
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
جريدة سياسية يصدرها تجمع اليسار الماركسي في سوريا /تيم/ العدد 10: شباط 2009 E-M: [email protected] بيان نعم للمقاومة، لا للاستسلام بعد إطباق الحصار على غزة، فترةً زمنيةً طويلة، وحرمانها من كل أسباب العيش والحياة من غذاء ودواء وكهرباء و وقود، في عقاب جماعي ، لإجبار الفلسطينيين على الخضوع والقبول بالذل والعبودية، صعّد الكيان العنصري الصهيوني عدوانه على القطاع ، مستخدماً أحدث آلة الحرب والدمار الأمريكية والصهيونية في استهداف المدنيين الذين سقطوا بالمئات بين شهداء وجرحى، في مجزرة دموية تفوق بشاعتها كل تصور. إنها جريمة حرب بامتياز، وعملية إبادة جماعية يمارسها الكيان العنصري الصهيوني بدعم أمريكي وصمت أوروبي وتواطؤ مريب من " عرب أمريكا " لتغيير الوضع القائم في غزة بالقوة، في محاولة لضرب نهج المقاومة وتصفية القضية الفلسطينية وفرض الاستسلام والتسوية المذلة المهينة، التي تخدم مصالح المشروع الأمريكي-الصهيوني في المنطقة وأهدافه في الهيمنة عليها والسيطرة على ثرواتها ومواردها وأسواقها. فالقضية الفلسطينية، التي لا يلوح لها حلّ عادل في الأفق،هي جرح مفتوح ما زال يلتهب وعقدة في التاريخ العربي الحديث، وهي تتعرّض الآن للأذى من جانب أغلب القيادات الرسمية للدول العربية، التي باتت تنسجم مع مسلّمات التحالفات الأمريكية، معتبرةً التقرّب من إسرائيل هو المفتاح إلى قلب أمريكا، وأصبح خطب ودّ إسرائيل، الوسيلة المثلى للتحالفمع أمريكا. وتحولت القضية الفلسطينية، نتيجة الالتحاق بركب الاستسلام والتسوية المهينة، إلى صناعة عالمية من المؤتمرات والندوات والأبحاث، التي تجري كلها، بهذه الطريقة أو تلك، داخل إطار العلاقة الصهيونية-الغربية، ويلعب فيها الطرف الفلسطيني المشارك، دور المرافق. وباتت هذه الصناعة تستوعب بعض النخب" الليبرالية " الفلسطينية والعربية، التي تعتاش على القضية، أو على "الحوار" وعلى "عملية السلام". ولابدّ من التأكيد في هذا السياق على أنّ البدء للتأريخ للقضية الفلسطينية باحتلال الضفة الغربية وقطاع غزة عام 1967 هو إنكار لوجود قضية فلسطين وإنكار للنكبة وللظلم التاريخي الذي لحق بالشعب الفلسطيني عام 1948 والمتجسد في احتلال أرضه وتشريده منها. تأسيساً على ذلك، فإنّ الردّ الحقيقي والعملي من جانب القوى والأحزاب والفصائل والمنظمات والشخصيات الوطنية الديمقراطية الفلسطينية على المجازر والمخططات الأمريكية- الصهيونية، الرامية لتصفية القضية الفلسطينية، إنما يتمّ من خلال تحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية بين كافة القوى والأحزاب والفصائل والمنظمات والشخصيات الوطنية الفلسطينية على قاعدة التمسك بنهج المقاومة و بالقضايا الجوهرية للنضال التحرري الوطني الفلسطيني، المتمثلة بتحرير الأرض كاملة غير منقوصة السيادة وحق تقرير المصير وعودة اللاجئين وتفكيك المستوطنات وإزالة جدار الفصل العنصري واستعادة الأسرى وإقامة الدولة الوطنية الفلسطينية وعاصمتها القدس. ويعمل المشروع الأمريكي- الصهيوني، بلا كلل، على زرع بذور الفتنة والشقاق بين القوى والفصائل الفلسطينية من أجل تصفية القضية الفلسطينية وفرض الحلول الأمريكية- الصهيونية للسيطرة على ثروات وأسواق وشعوب وطننا العربي. لذا، فإنّ المنظمات والفصائل والقوى والأحزاب والشخصيات الوطنية الفلسطينية كافة، مدعوة لاعتماد الحوار سبيلاً وحيداً لحل قضايا الاختلاف وتعزيز القواسم المشتركة الفلسطينية وتحقيق الوحدة الوطنية. كما ينبغي إحداث نقلة نوعية في النظام السياسي الفلسطيني، لجهة إعادة بناء مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية على أسس ديمقراطية وإشراك حماس والجهاد الإسلامي فيها، بما يضمن المشاركة الجماعية في صنع القرار الوطني والإجتماعي، وينهي سياسات التفرد والاستئثار وتجنيب الشعب العربي الفلسطيني ما تجرّه عليه هذه السياسات من كوارث و ويلات. وتبذل الولايات المتحدة الأمريكية قصارى جهودها، لدفع الفلسطينيين إلى الاقتتال فيما بينهم، من أجل القضاء على المقاومة، التي أثبتت الوقائع أنها الضمانة الوحيدة والأكيدة لاستعادة الأرض والحقوق المغتصبة والقوة القادرة على إفشال المخططات الرامية لتصفية القضية الفلسطينية. إنّ المشروع الامبريالي- الصهيوني لا يستهدف فلسطين فقط، وإنما يستهدف إخضاع الوطن العربي برمته واستتباعه والهيمنة عليه والاستئثار بثرواته. لذا، فإنّ مسؤولية مواجهته والتصدّي له، ملقاة على عاتق كافة القوى والأحزاب والفعاليات والمنظمات والشخصيات الوطنية الديمقراطية العربية، من خلال العمل الجاد داخل كل قطر عربي على إطلاق الحريات، وتفعيل دور المجتمع، وتوفير مناخات العمل الديمقراطي لمشاركة كل القوى والأحزاب والشخصيات الوطنية والاتحادات والنقابات المستقلة في بناء نهج وطني ديمقراطي مقاوم يدافع عن مصالح الشعب ويتصدّى للهجمة الامبريالية- الصهيونية على وطننا العربي. المجد والخلود لشهدائنا الأبرار عاشت فلسطين حرة مستقلة حزب الاتحاد الاشتراكي العربي الديمقراطي في سوريا تجمع اليسار الماركسي في سوريا(تيم) الديمقراطيون الاجتماعيون أحمد فائز الفواز-هيثم المالح-معقل زهور عدي-هيثم مناع-محمد علي حسن- شحادة جنيد- ناصر الغزالي دمشق في 29 كانون الأول من عام 2008
بيان فلتتوحد كل الصفوف خلف راية المقاومة! يتعرض قطاع غزة منذ أكثر من أسبوعين لعدوان إسرائيلي واسع، تستخدم فيه أعتى الأسلحة وأحدثها، قتلاً وتدميراً وتمزيقاً للبيوت والبشر وكل ما هو حي، بوحشية باتت قطاعات متسعة من البشرية تقارنها بما كان يرتكبه النازيون من فظائع، وتصفها أوساط حقوقية متسعة بأنها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. وفي وجه هذه الحرب الوحشية المنفلتة من كل عقال، يقف شعب شبه أعزل إلا من بعض الأسلحة البسيطة، وبعد أن أنهكه حصار همجي استمر أشهراً طويلاً، صامداً، شامخاً، متمسكاً بحقه بالحياة في وطنه، بكرامة وحرية، مهما كان الثمن الذي يضطر إلى دفعه، فادحاً ودامياً. تأتي هذه الحرب في سياق يتقاطع فيه المشروع الصهيوني مع المشروع الأمريكي لتكوين شرق أوسط جديد. فالأول، مازال يعمل بإصرار تاريخي على الإخضاع المطلق للشعب الفلسطيني المكافح، لإكراهه على التخلي عن كل حقوقه كشعب، ولاسيما: التخلي عن حقه في أرض وطنه، وهويته وكيانه. بل وحتى عن حقوق أبنائه كبشر. فإما التهجير إلى المنافي والعيش كلاجئين، أو الخضوع الذليل والعيش في بانتوستانات مغلقة يجري العمل لتكوينها في الضفة والقطاع، إلى جانب السعي المستمر لتهويد القدس، وإسقاط حق العودة كلياً، وسحق روح المقاومة الوطنية نهائياً، وهنا في هذه النقطة الأخيرة يكمن الدافع المباشر والعميق لهذا العدوان الأخير، دون إغفال حرصه على الإفادة منه لاستعادة قدرة الردع العسكري التي اهتزت بشدة إثر فشل الجيش الصهيوني في فرض إرادته وتحقيق أهدافه في حرب تموز/ 2006 ضد المقاومة اللبنانية. أما المشروع الأمريكي، فإن هذه الحرب تمثل بالنسبة له آخر محاولة ممكنة لفرض مشروع الإدارة الأمريكية بالقوة والعنف لتكوين (شرق أوسط جديد)، بعد فشل يزيد أو ينقص في أفغانستان والعراق ولبنان. وهي تأمل منه أن يوطد الوجود الأمريكي في المنطقة ويعزز قوة وفعالية حلفائه وأدواته فيها. تستدعي شراسة العدوان ووحشيته توحيد كل فصائل وقوى الشعب الفلسطيني في غزة وعلى امتداد الأرض الفلسطينية وفي الشتات، ونحن ندعو إلى تعزيز وترسيخ هذه الوحدة سياسياً وفي كل مجال، تحت عنوان المقاومة والصمود بوجه المشروع الصهيوني العدواني، والمزيد من تعزيز المقاومة والصمود. وكان ما كشفه العدوان على المستوى العربي هو الأهم، فلقد بدا واضحاً كل الوضوح عمق الهوة التي تفصل بين الشعوب والأنظمة إذ انحازت الشعوب بحراك واسع وشديد الحسم وتباشير وعيي جديد إلى جانب الشعب في غزة، ومواجهته للعدوان والوحشية الصهيونية. في حين افتضح بوضوح لا يقل عما سبق تخاذل الأنظمة وتواطؤ بعضها مع العدوان ومع المشروع الأمريكي، وعجزها جميعاً عن اتخاذ المواقف والإجراءات اللازمة لنصرة فعلية للمقاومة في غزة، في مشهد يذكر بمشهد النكبة عام 1948 ، ويكاد يشي بما أعقبها من زلازل سياسية طالت معظم الأنظمة العربية التي كانت قائمة حينها، وما ولدته تلك النكبة من حراك وطني شعبي واسع، امتد على أكثر من عقد كامل من السنين. كذلك أعادت هذه الحرب التي لم تنته، بعد، التأكيد، بل وأبرزت بوضوح أشد مما سبق، حقيقة مواقف القوى الدولية وحقيقة مزاعمها عن احترام القانون الدولي واتفاقات جنيف وشرعة حقوق الإنسان، حيث أكدت عدوانية وعمق عداء الولايات المتحدة الأمريكية للشعوب وطموحاتها وحقوقها المكرسة في تلك المواثيق، ومدى نفاق وزيف مزاعمها عن تبنيها للدفاع عن حقوق الإنسان. ومثل ذلك وإن يكن بدرجة أقل صفاقة ووحشية، لدى النظم الغربية الامبريالية. هذا في حين وقفت الشعوب في كل مكان مع الشعب المضطهد الذي يتعرض للذبح الوحشي أمام أعين الجميع. بالمحصلة، فإن هذا العدوان الهمجي الذي لا يعرف للوحشية حدوداً ضد غزة وشعبها، سيشكل كما هو واضح منعطفاً كبيراً في منطقتنا العربية، وفي الاصطفافات السياسية فيها، وفي وضوح التخندقات السياسية حول القضية الوطنية المركزية للشعوب العربية، قضية فلسطين، كما من المشروع الأمريكي للمنطقة وامتداداته وتحالفاته فيها. واستطراداً إلى سائر قضايا الشعوب، وفي القلب منها قضية حرية هذه الشعوب وحقها في التعبير عن نفسها والقبض على زمام مصائرها بأيديها. ولابد من التنبه بيقظة عالية لكل ما يرتبه ذلك من مسؤوليات كبرى على الاتجاهات الوطنية – الديمقراطية. شعبنا البطل في غزة لا يدافع بسلاحه البسيط ،ولحمه العاري، عن حقه وحق كل الشعب الفلسطيني في الحياة والكرامة والحرية والوطن فحسب، وإنما أيضاً يدافع عنا جميعاً، عن كرامتنا التي طالما مرّغها العدو والأنظمة بالتراب، وعن حريتنا التي تحجزها الأنظمة عنا، وعن مستقبلنا الذي سنصنعه كلنا .. يداً بيد. فلنرفع راية بطولة وصمود وعظمة شعبنا في غزة عالياًَ، فلتتوحد كل الصفوف خلف راية المقاومة، كل الدعم وبلا حدود للشعب الباسل ومقاومته البطلة. 1012009 تواقيع حزب الإتحاد الاشتراكي العربي الديمقراطي في سوريا . تجمع اليسار الماركسي في سوريا (تيم). الديمقراطيون الاجتماعيون. الحزب الديمقراطي الكردي في سوريا (البارتي). 5- أحمد فائز الفواز.6- بهاء الدين الركاض. 7- سليم خير بك 8- ناصر غزالي. 9- هيثم مناع 10- إبراهيم ولي عيسى. 11- شحادة جنيد 12- محمد علي حسن 13- خالد نعمان 14- محمد خضر بركات. 15- أحمد الأحمر 16- صالح الحاج عارف 17- رسمية المعلم .
المشهد السياسي في ك2/ يناير 2009 بقلم: نذير جزماتي
كل عام والبشرية جمعاء بخير، أما أعداؤها الأنانيون فالعلم والوعي كافيان لتعريتهم .. مرة أخرى: كل عام وانتم بخير بـ 1- تحقيق النصر في غزة البطلة 2- الحرية لأحمد سعادات الأمين العام للجبهة الشعبية 3- هارولد بنتر... وداعاً يبلغ عدد القوات الأميركية 524562 ألفاً، المارينز595188 البحرية033333 الجوية 209329 المجموع 397375ر1 تنتشر في 39 دولة حول العالم في أكثر من 700 قاعدة عسكرية معلنة(السفير 8 / 12) والولايات المتحدة هي الأولى في تجارة الأسلحة 42% من كل تجارة الأسلحة في العالم. وقد ارتفعت مبيعاتها من 23 مليار دولار عام 2007 إلى 32 ملياراً عام 2008 وأكدت مصادر أميركية أن الاتفاقية مع العراق لم تنشر باللغة الانكليزية ولم توزع حتى على أعضاء الكونغرس. ومن جهة ثانية، يبلغ حجم السرقات في المتاجر الأميركية 35 مليون دولار يومياً، وأن شخصاً من بين كل 11 شخصاً قام بالسرقة من متجر في الولايات المتحدة. ويعد موسم الأعياد الفترة التي تنشط فيها السرقات بأعلى معدل خلال العام. وقد سرقت شبكة تومب جو تيدل" مليون دولار في أوهايو, وتشير دراسة حديثة أصدرتها الكلية الحربية التابعة للجيش الأميركي أن احتمال استخدام وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) القوات المسلحة الأميركية في فرض الأمن في المدن إذا أسفرت الأزمة الاقتصادية الخانقة عن اضطرابات وفوضى مثل احتجاجات وتظاهرات ضد الشركات والمؤسسات الحكومية أو اقتحام المصارف. وقد ارتفعت نسبة السرقات مابين 10% و20% هذا العام. وتتخوف السلطات من فوضى أهلية أو احتجاجات من العيار الثقيل ضد الوضع الاقتصادي وأزمة المعيشة. وقد ارتفعت الأثمان بسبب ارتفاع نسبة السرقات. ومن جهة ثانية، حذر صندوق النقد الدولي من كساد عظيم ثانٍ. وخسر ست أثرياء من روسيا حوالي 111 مليار دولار منذ بدء الأزمة المالية. وكتب لينين في كتاب"الامبريالية أعلى مراحل الرأسمالية، أن "الاحتكارات و الطغمة المالية والنزوع إلى السيطرة بدلاً من النزوع إلى الحرية، واستثمار عدد متزايد من الأمم الصغيرة أو الضعيفة من قبل قبضة من الأمم الغنية أو القوية- كل ذلك قد خلق السمات المميزة للامبريالية التي تحمل على وصفها بأنها الرأسمالية المتعفنة. ويظهر ببروز مشتد ميل الامبريالية إلى إنشاء "الدولة صاحبة المداخيل" الدولة المرابية التي تعيش برجوازيتها أكثر فأكثر بتصدير الرساميل..ومن الخطأ الظن أن هذا الميل للتعفن ينفي نمو الرأسمالية بسرعة.. "الامبريالية هي عهد الرأسمال المالي والاحتكارات التي يحمل في كل مكان النزعة إلى السيطرة، لا إلى الحرية. ونتائج هذه النزعة هي الرجعية على طول الخط" (دار التقدم، موسكو،(بدون تاريخ) ص169) وتستمر في الصين عمليات إلغاء الوظائف وتؤدي إلى عودة العمال إلى الريف من المدن.، حيث أوقفت طموحاتهم بالخروج من الفقر والعزلة والأزمة المالية العالمية. وتكبدت مصانع الفولاذ في تشرين الثاني الفائت خسائر بلغت 78ر1 مليار دولار وأعلن 48 مصنعاً من 71 مصنعاً إفلاسه، وأصبح آلاف العمال عاطلين عن العمل. وامتدح فيدل كاسترو رئيس جمهورية الصين هو جينتاو الذي زار كوبا وقدم لها قروضاً مناسبة، وحضر اجتماع الـ20 في البرازيل في 18، 19 / 11 / 2008 وجرى قبل فترة اجتماع للأحزاب الشيوعية في ريو دي جانيرو واختلف الحزبان السوريان بشأن اقتراح عقد الاجتماع القادم للأحزاب المذكورة في سورية، حسب ما اقترح أنصار يوسف فيصل، أو في الهند حسب ما ردّ أنصار أم عمار .. وفي تركيا أعلن أربعة من المفكرين عن أسفهم لسكوتهم وتحملهم عذاب الضمير بسبب" إبادة الأرمن" عام 1915. وأقبل عشرات الألوف من الأتراك على الاعتذار أيضاً.. و“عربياً“ كتبت صحيفة "ها آرتس" الإسرائيلية: نحن من كسر التهدئة لا حماس. ففي يوم 4 / 11 دخلت قوة إسرائيلية إلى قطاع غزة وقتلت وجرحت وهدمت ،الخ.. وكان الجواب على مثل هذه العملية عدم تجديد التهدئة. ولم يكن هذا العمل هو العمل الوحيد الذي قامت به إسرائيل في ظل التهدئة، بل قامت بالكثير ومن ضمنها جرائم الاستيطان في الخليل التي أدت إلى جرح40 فلسطينياً وحرق منازل (السفير 5 / 12) وكما لاحظ مصطفى البرغوثي فان إسرائيل ضاعفت الاستيطان 38 مرة بعد "أنابوليس". وطمأن الجنرال الأميركي دايتون بأن القوات الفلسطينية لا تهدد إسرائيل. وقال وزير المخابرات المصرية عمر سليمان في 4/ 11 أنهم في "حماس" عصابة يتصرفون كأنهم كل الدنيا، لقد أصابهم الغرور ومشعل يتصرف وكأنه اكبر من مصر، واكبر من العالم العربي، وهو يسعى إلى إقحام كل حماس في خطوات هدفها تجاوز المصالح الخاصة بالجميع. هذه عصابة تحتاج إلى تأديب، وعلى هؤلاء أن يدفعوا ثمن ما يقومون به ،والأمر لا يقتصر على الموجودين في غزة، بل الموجودين في دمشق أيضاً (الأخبار 29 / 12) ودعا السيد حسن نصر الله إلى انتفاضة في مصر على أثر العدوان على غزة ، ذلك أن إغلاق معبر رفح شراكة في الجريمة . ورأى القذّافي أن المبادرة العربية "مؤامرة عربية" وقال فتحي يكن من لبنان: أن العدوان الوحشي على غزة أشبه بعمليات لمدى جهوزية المؤسسة العسكرية الإسرائيلية للقيام بعملية انتقامية من المقاومة الإسلامية في لبنان.
رحيل المفكر والسياسي الماركسي المصري عبد العظيم أنيس
شيعت الأوساط السياسية والعلمية المصرية ظهر الجمعة16كانون ثاني2009 السياسي اليساري البارز الدكتور عبد العظيم أنيس عالم الرياضيات بجامعة عين شمس، الذي وافته المنية مساء الخميس عن عمر يناهز 86 عاما بعد أكثر من نصف قرن قضاها بين العمل السياسي والعلمي كأستاذ للإحصاء الرياضي، فضلاً عن عمله بالنقد الأدبي. ويعد الدكتور عبد العظيم أنيس واحداً من جيل المناضلين اليساريين النبلاء الذين قاوموا الاحتلال الإنجليزي لمصر حتى تم الاستقلال، ثم واصلوا نضالهم من أجل الحريات العامة والديمقراطية بعد ثورة يوليو عام 1952. وشارك في المظاهرات ضد الاحتلال عام 1935، وألقي القبض عليه لكن تم الإفراج عنه لصغر سنه، كما شارك في المظاهرات ضد الملك فاروق الذي خلعته ثورة يوليو عام 1952 وواجه أنيس محنة الاعتقال في عهد الملك فاروق، وفي عهد عبد الناصر الذي اعتقله ضمن اعتقالات الشيوعيين الذين ناهضوا الوحدة بين مصر وسورية، طوال خمس سنوات (1959 ـ 1964)، كما اعتقله الرئيس أنور السادات بعد توقيع اتفاقية السلام مع إسرائيل. ورأس الكاتب الراحل اللجنة القومية لتطوير تعليم الرياضيات في مصر بين عامي 1970 و1975. ألف عبد العظيم أنيس عددا من الكتب على رأسها (مقدمة في علم الرياضيات) و(بنوك وباشوات) و(العلم والحضارة) و(التعليم في زمن الانفتاح)، كما ساهم في النقد الثقافي بقوة منذ فترة مبكرة مع رفيقه الكاتب الراحل محمود أمين العالم الذي سبقه في الرحيل يوم السبت الماضي
اجتياح غزة خطوة متقدمة في المشروع الإسرائيلي معتز حيسو
بداية وقبل الدخول في أي من التحديدات السياسية والنظرية لموقفنا مما يجري على الساحة الفلسطينية. نؤكد على رفضنا الكامل لكافة أشكال السياسية الإسرائيلية القائمة على استخدام العنف والقوة العارية لإخضاع غزة وشعبها المقاوم . ونرى أن من الضروري أولاً توضيح تناقض السياسات الإسرائيلية القمعية القائمة على مفهوم الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني مع كافة المواثيق الدولية وشرعة حقوق الإنسان وكافة الأديان السماوية التي تعتبر بأن حق الحياة حق مقدس يجب عدم المساس به أو التطاول عليه ، أي إن حق الحياة فوق كل المصالح والاعتبارات . ومن هذه النقطة نؤكد وقوفنا ضد الاجتياح الإسرائيلي لغزة، و ضد ما يرتكبه الصهاينة من جرائم إبادة وقتل وتهجير.. والتي لا يمكن توصيفها إلا بكونها جرائم ضد الإنسانية. وفي هذا السياق نؤكد على التناقض البنيوي بين الشكل الديمقراطي الظاهري للدولة الإسرائيلية الذي يُروّج لها عالمياً ،وبين كونها كياناً امبريالياً استيطانياً عسكرياً توسعياً ديني يقوم على التمييز والفصل العنصري وتنظيم حملات الإبادة الجماعية للمواطنين الفلسطينيين. أما في المستوى الأخر فإننا لم نستغرب أو نفاجأ بما قامت وتقوم به القوات العسكرية الإسرائيلية لجملة من الأسباب أولها:كون المرحلة الراهنة تشكل لحظة انتقالية في القيادة الأمريكية،ومن البديهي أن تغتنمها الحكومة الإسرائيلية وقيادتها العسكرية لتثبت بشكل ملموس تقدماً على أرض الواقع قبل الدخول في أية مفاوضات محتملة مع الفلسطينيين،أو مع أيّ من الأطراف الإقليمية التي يمكن أن تشكل لها حركة حماس قوة ضغط . ثانياً : اختلال كفة التوازن العالمي لصالح السياسة الإسرائيلية المدعومة أمريكياً بحكم الترابط العضوي بينهما ثالثاً : يشكل النظام العربي الرسمي الغطاء الفعلي للعدوان الإسرائيلي بأشكال ومستويات مختلفة ومتباينة تبعاً لعلاقة هذه الدول مع الكيان الإسرائيلي . رابعاً : يمثل تراجع أداء غالبية الأنظمة العربية (والذي يصل في بعض اللحظات كما هو سائد الآن إلى درجة التواطؤ مع المشروع الإسرائيلي الأمريكي والخضوع له) إشارة واضحة للبدء باستكمال المخطط الإسرائيلي الذي يأتي فيه اجتياح غزة والقضاء على حركة حماس الخطوة الأولى . خامساً : يشكل التناقض والصراع الفلسطيني الداخلي أحد أهم الأسباب المحفزة للهجوم الإسرائيلي على غزة لما للتناقض والصراع الفلسطيني البيني من قدرة على إضعاف المقاومة الفلسطينية وفصائلها السياسية . سادساً : يأتي الاجتياح الإسرائيلي في سياق(( ضم 7% من الضفة الغربية، ومساحات واسعة من "القدس الكبرى"، لتصل نسبتهما معاً إلى حوالي 10% من مساحة الأراضي المحتلة عام 1967.إضافة إلى ضم المستوطنات الكبرى إليه "كمعاليه أدوميم" و "بسغات زئيف" و "غوش عتصيون"، وبداخل الضفة الغربية بعمق 22 كم من حدود 4 حزيران/ يونيو "مستوطنة أرئيل".)) (نايف حواتمة ) سابعاً : نؤكد في هذا السياق على أن الاجتياح الإسرائيلي لغزة يأتي كخطوة أولى في سياق مشروع إسرائيلي يهدف إلى تنفيذ ترانسفير جماعي لترحيل سكان /الـ 1948 / ، وليس مستبعداً في اللحظة الراهنة أن يشكّل العدوان الإسرائيلي خطوة أولى وتمهيدية من اجل حل قضية الدولة الفلسطينية خارج الأرض الفلسطينية،ومن الممكن أن تكون الأردن الحل البديل.لكن يبقى الهدف الأساس للعدوان الإسرائيلي على غزة وفي إمكانية تحقيق ترحيل سكان أراضي الـ 1948،هو إقامة دولة يهودية على أرض فلسطين، ويأتي المشروع الإسرائيلي في سياق مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي يقوم على تكريس أشكال من الدول والكانتونات الدينية والعرقية ثامناً : يشكل العدوان الإسرائيلي خطوة متقدمة في سياق القضاء على كافة أشكال المقاومة بعد حرب /تموز 2006 /التي قامت بها القوات الإسرائيلية ضد حزب الله في لبنان . وفي هذا الإطار يمكن أن نؤكد بأن العدوان الإسرائيلي على غزة يهدف بشكل أساسي إلى القضاء على حركة حماس كخطوة أولى للمشاركة في التسويات السياسية المحتمل قيامها مستقبلاً ،و يتقاطع هذا الهدف مع العمل على ضبط مقاومة حزب الله في إطار الجيش و الدولة اللبنانيين ،هذا في حال لم يستطع الإسرائيليون القضاء عليها لتقطيع أوصال التحالف الإيراني الذي تعمل من أجل إنجازه الحكومة الإسرائيلية عِبر مسالك متعددة ومتنوعة . إن اعترافنا بحقوق كافة الأطراف السياسية في التعبير عن ذاتها وعن برامجها السياسية لا يعني عدم التعبير عن موقفنا السياسي الرافض لمشروع حركة حماس الانقلابي غير الديمقراطي و الهادف إلى إقامة إمارة دينية إسلامية تعمّدت بالدم الفلسطيني . ونشدّد على ضرورة رفض وإدانة الاقتتال الفلسطيني الداخلي الذي لا يخدم إلا استمرار هيمنة الكيان الصهيوني على الشعب الفلسطيني ، والذي يمتد تأثيره إقليمياً.ونشدد بالمقابل على أهمية الحوار الديمقراطي الفلسطيني بين كافة الأإن اللحظة الراهنة تفترض التأكيد على أهمية وضرورة التضامن الدولي والنهوض الشعبي الذي يجب أن يشكل جبهات ضغط فعلية وحقيقية من أجل اتخاذ موقف موحد لإيقاف الاجتياح الإسرائيلي والكف عن استباحة الدم الفلسطيني . أما في المستوى الآخر فإننا نرى ضرورة التأكيد على أن المخرج من التناقضات الفلسطينية ، ومن الواقع الفلسطيني المتأزم والمأزوم يمكن أن يساهم في إنجازه تغيّر الخارطة الجيو سياسية العالمية ، والانتقال من الهيمنة القطبية الأحادية التي يقودها الطرف الأمريكي (يرتبط في سياقها عضوياً وبنيوياً مشروع الكيان الصهيوني الساعي لإقامة دولة يهودية على أرض فلسطين) إلى نظام عالمي يقوم في أشكاله الأولية على التعددية الديمقراطية ، ويمكننا أن نرى بوادر هذا التحول على قاعدة الأزمة الاقتصادية الأمريكية التي من المرجح بأنها سوف تعجّل في الانتقال إلى توازنات عالمية جديدة . لكن هذه التحولات يفترض تعزيزها بداهة وجود البديل الطبقي على المستوى العالمي . وفي سياق طرحنا وعلى أساسه نرى ضرورة تفعيل دور قوى اليسار العالمي وكافة التشكيلات المدنية والحقوقية ذات المصلحة في الانتقال إلى نظام عالمي ديمقراطي بديل . وهنا يجب أن نركز على أهمية دور القوى العلمانية واليسارية والمدنية الديمقراطية العربية المرتكزة على قاعها الاجتماعي ، و التي يشكل نهوضها المدخل الفعلي لحل التناقضات الفلسطينية عبر تشكيل دولة علمانية ديمقراطية يتعايش في كنفها كافة مكونات الشعبين الفلسطيني واليهودي على قاعدة التنوع القومي والسياسي والمذهبي . ويجب أن ننوه بأنه حتى لو تجلى راهنياً بأن المخرج من التناقضات الفلسطينية وتأزم القوى السياسية بأشكالها الراهنة يمكن أن يكون بقيام دولتين ، لكن يبقى هذا الحل منقوصاً ومرحلياً بحكم اختلال ميزان القوى لصالح الكيان الصهيوني من جهة تطوره العسكري والعلمي والصناعي وسيطرته على معظم الأراضي الفلسطينية ، إضافة إلى الدعم العالمي وتحديداً الأمريكي .. . ليبقى من وجهة نظرنا المخرج الموضوعي والاستراتيجي لحل الأزمة الفلسطينية في الانتقال إلى الدولة العلمانية الديمقراطية الواحدة . ونخلص في النهاية إلى أن المهمة الأساسية في اللحظة الراهنة تكمن في التضامن الشعبي والرسمي عربياً وإقليماً وعالمياً مع الشعب الفلسطيني ضد الهجوم الإسرائيلي الذي يستبيح حرمة الدم الفلسطيني في غزة . ودعم الشعب الفلسطيني في التحرير والعودة لإقامة دولته على أرض فلسطين .
ما وراء صورة غزة نايف سلّوم
لقد فرضت سخونة الأحداث في غزة صورة لهذا الوضع المأساوي إنسانيا والمعقد سياسياً وتاريخياً. ولقد أظهرت التجربة المتعددة الأوجه مأزق إسرائيل التاريخي ، وأول علامات هذا المأزق أن الحل العسكري لا يجدي نفعاً ولا يحل مشكلة إسرائيل سواء الأمنية منها أم الوجودية . ما تزال إسرائيل حتى قبل تأسيسها سنة 1948 ولسنوات تشن حروباً عدوانية ضد العرب عامة والفلسطينيين خاصة ، ولم يجد كل ذلك نفعاً . والحل "السلمي" من الجهة المقابلة لا تستطيع إسرائيل القبول به ، فطابور المفاوضات طويل وشهير بين العرب وإسرائيل اعتباراً من حرب حزيران 1967 مروراً بحرب تشرين وحروب لبنان وصولاً إلى قصف مقرات منظمة التحرير في تونس والمفاعل النووي في العراق . إسرائيل هذه ليس لديها حلول عسكرية ولا "سلمية " إذاً ، هذا بحد ذاته مأزق تاريخي حقيقي. صورة الوضع في غزة على حرارته ومأساويته وقسوته يخفي التعقيد السياسي والتاريخي، حيث تخرج علينا الفضائيات بالمحللين العسكريين "الاستراتيجيين " المتقاعدين عديمي النفع، دون أن ترى أن المسألة تاريخية وسياسية ووجودية بالنسبة لدولة إسرائيل مثلما هي بالنسبة لمشروع نهوض العرب القومي الديمقراطي . إن تجذّر موقف حماس والمقاومة الفلسطينية وصمودها يشير إلى أمرين: الأول؛ التحاق البورجوازيات العربية الطرفية الرثة التحاقاً كلياً بالنظام الإمبريالي ، فقد غدت هذه النظم في سيطرتها القطرية صورة فعلية للعلاقة الإمبريالية ، بالتالي لم تعد كلمات من مثل تخاذل وتواطؤ كافية لتوصيف الوضع ، بل باتت هذه النظم جزءاً عضوياً من آلة النظام الإمبريالي وعلى الوطنيين- الديمقراطيين مواجهة هذه النظم بكافة الوسائل الممكنة. لم تعد هذه النظم بقادرة على تأمين متطلبات الحد الأدنى من مطالب الشعب الفلسطيني . وإذا ما تشبهت حماس بالسلطة الفلسطينية والتحقت بالنظام الإمبريالي /الصهيوني فالسلطة أكثر عراقة بالالتحاق وأكثر طمأنة للنظام الإمبريالي ودولة إسرائيل لوجود مصالح اقتصادية/ سياسية فعلية بينها وبين إسرائيل لقد تجذر موقف حماس الوطني بسبب هذا الالتحاق الكامل للنظم العربية "الفاعلة" في قضية فلسطين (مصر، الأردن، السعودية) ، وهو ما يفسر أيضاً الميل المتزايد من حماس نحو سوريا وإيران وحزب الله اللبناني لأن هذا "المحور" وفّر لحماس متطلبات الوقوف على قدمين في مواجهة إسرائيل. المسألة الآن ليست في عدد صواريخ المقاومة الفلسطينية ، لأن المقاومة الفلسطينية المسلحة وغير المسلحة (الانتفاضة الأولى؛ انتفاضة الحجارة ) فرضت نفسها في معادلة الصراع وبقوة تارة عبر الحجارة والانتفاضات "السلمية" وتارة أخرى عبر الاستشهاديين . ويعرف الجميع أن الوضع الذي وصلنا إليه فرضته جميع المعارك السابقة المسلحة والعزلاء. والدرس المهم الذي علينا الخروج به عند النظر ما وراء صورة غزة الحاضرة الدامية هو أن المسألة ليست في المستوى العسكري من الصراع التاريخي على فلسطين، بل الأمر في الوضع التاريخي الذي وصلت إليه دولة إسرائيل، ووصل إليه الشعب الفلسطيني في الخارج والداخل. فشعب الداخل ليس لديه خيار. وضعه لا يسمح له بالخروج من أرضه ومن بيته، و“معركة جنين“ خير شاهد على انعدام خيارات شعب الداخل وعلى إصراره على البقاء في أرضه حتى لو هدمت البيوت فوق رأسه. لقد هزمت ستالين- غراد من قبل جيوش هتلر النازية في الحرب العالمية الثانية ، ويمكن لغزة أن تهزم الجيش الإسرائيلي المعتدي والغاشم بنفس منطق المتشبث بأرضه وليس لديه خيار آخر. علامة أخرى؛ أن الانقسام السياسي في فلسطين والاستقطاب الحاد هو مؤشر آخر على التحاق السلطة الفلسطينية نهائياً بالنظام الإمبريالي /الصهيوني ، وعدم قدرة حماس على الهيمنة نتيجة فقر برنامجها التاريخي/ الاجتماعي الطبقي وشكلها الديني . لكن ذلك الالتحاق للسلطة دفع حماس نحو التجذر الوطني ، وهو ما جعل الوضع بين المقاومة وحماس من جهة وبين سلطة الحكم الذاتي في فلسطين انفجارياً وغير قابل للترميم. من هنا تغدو الدعوات للمصالحة والوحدة ضرباً من الخرافة . وقد حصل ما يشبه ذلك إلى حد ما مع المقاومة الوطنية في لبنان . يقودنا هذا إلى أمر آخر غاية في الأهمية وهو مقتل ضابط مصري في مواجهات بين حرس الحدود المصري وجرحى ومقاومين فلسطينيين عبروا الحدود تحت وقع القصف الإسرائيلي العنيف .
إن هذا الحدث المأساوي ليؤشر على أن المقاومة في غزة لم تعد شأناً خارجياً بالنسبة للنظام المصري ، بل باتت كأنها شأن داخلي يهدد كيان النظام ، كما يؤشر إلى خطورة الجانب الاجتماعي والديمقراطي والتاريخي والعلماني في برامج المقاومة العربية سواء في فلسطين أو لبنان أو العراق أو الصومال . لم تعد "الوطنية" الخالصة كافية في الصراع ضد النظام الإمبريالي والمشروع الصهيوني والنظام البورجوازي الكولونيالي العربي الرث الملحق، بل بات ضرورياً تطوير برنامج للمقاومة اجتماعي ديمقراطي تاريخي وعلماني حتى يستطيع إقناع أغلبية الجماهير العربية بالسير تحت رايته، وحتى يستطيع اقتراح البديل التاريخي والاجتماعي لمجمل النظم والمشاريع السالفة الذكر .
رحيل المفكر الماركسي المصري محمود أمين العالم
القاهرة 10 يناير 2009 (شينخوا) رحل اليوم (السبت) المفكر اليساري المصري البارز محمود أمين العالم عن عمر يناهز 87 عاما بعد حياة حافلة ، تقلد فيها العديد من المناصب ذات الصلة بالشأن الثقافي. ويعد المفكر المصري من مواليد العاصمة المصرية عام 1922، ودرس الفلسفة في جامعة فؤاد الأول (جامعة القاهرة اليوم)، وعمل في مجالات شتى من بينها أمينا لمكتبة إحدى الكليات في الجامعة ، وبعد حصوله على الماجستير والدكتوراه أصبح من طاقم التدريس في الجامعة. وعمل العالم اثر حصوله على شهادتي الماجستير والدكتوراه أستاذا في الجامعة إلى أن تم فصله في عام 1954 لأسباب سياسية . ولمحمود أمين العالم تأثير ملموس في الحركة الثقافية المصرية والعربية من خلال كتاباته ومساهماته في المؤتمرات الفكرية المختلفة التي تعقد في مصر والعالم العربي. ومن أهم مؤلفاته "الإنسان موقف" و"معارك فكرية" و"هربرت ماكوزي وفلسفة الطريق المسدود" و"الوعي والوعي الزائف في الفكر العربي" و"تأملات في عالم نجيب محفوظ" و"الوجه والقناع في المسرح العربي المعاصر" و"الإبداع والدلالة" و "ثلاثية الرفض والهزيمة دارسة في أدب صنع الله إبراهيم" . نحو موقف يساري تحرري من الحرب على غزة مازن كم الماز
يرفض اليساريون التحرريون أية مزاعم لضرورة تسلط أقلية أو نخبة ما بحياة الناس و يصرون أن الشكل الأمثل , الوحيد , لتسيير المجتمعات البشرية هو أن يقوم الناس أنفسهم بتنظيم حياتهم و اتخاذ القرارات التي تواجههم مباشرة عبر مؤسسات ديمقراطية قاعدية تقوم على التضامن و المشاركة العامة المباشرة و المساعدة المتبادلة على قدم المساواة بين الجميع بعد استئصال فعل الوقائع الاجتماعية و الاقتصادية المصطنعة التي تعطي الأفضلية لأقلية ما على بقية البشر , و أن يجري توزيع السلطة , أي سلطة اتخاذ القرارات التي تؤثر و تتحكم في حياة الناس , و الثروة الاجتماعية , و التي ازدادت صفتها الاجتماعية أي إنتاجها من معظم المجموعة البشرية العاملة بيدها أو بفكرها , باستثناء الأقلية الكسولة التي تعتمد على عمل و فكر الآخرين , مع تقدم و هيمنة نموذج الإنتاج الرأسمالي , أن يجري توزيعها بين البشر..إن هذا ليس ترفا , و ليس بغرض البحث عن إصلاح واقع سيطرة هذه الأقلية أو النخبة على حياة الناس و تحكمهم بها و توجيههم لهذا النشاط لصالحها , إنه ثورة على هذا الواقع و لصالح ضحاياه تحديدا..هكذا لا يمكن لأصحاب هذه المقاربة اليسارية التحررية للواقع مثلا أن يخدعوا لا بإدعاءات الممانعة التي تتصدرها أنظمة رأسمالية الدولة البيروقراطية و لا بإدعاءات مواجهة الأصولية التي تزعمها أنظمة استبدادية , إننا نرفض هذا الضجيج مرتفع النبرة عن أفضل السادة الذين يحق لهم دون الآخرين التحكم بحياة الناس و الاستيلاء على نتاج عملهم و فرض نموذج نهائي للأخلاق و للسلوك عليهم..بالعودة إلى الحرب ضد غزة التي تخوضها إسرائيل اليوم فهي ليست حربا بين معسكرين إقليميين , إنها بالتحديد جزء من الحرب التاريخية التي تخوضها لإلغاء الشعب الفلسطيني معنويا و ماديا منذ أكثر من ستين سنة , بحماية دائمة من الإمبريالية العالمية و بمشاركة متزايدة و مباشرة من النظام العربي الرسمي الذي يريد استئصال الشوكة الفلسطينية التي طالما كانت تكشف العجز التاريخي لهذه الطغم الحاكمة و تشكل عاملا دائما للتحريض ضدها , إننا نرفض أيضا أن يكون البشر , كما يريدهم "المقاومون" مجرد شهداء "بالملايين" ضحايا لا حساب لأعدادها أمام أولوية دوغما أو عقيدة أو حتى فكرة الصمود نفسها , إننا نرفض هذه "المقاومة" التي ترى الناس فقط وسيلة لانتصار العقيدة أو الدوغما تهون لأجلها حياة و تضحيات كل هؤلاء البشر , بل إن هؤلاء البشر , حياتهم و حريتهم و سعادتهم , هي جوهر القضية , و القضية هي في تحويل العالم ليكون أكثر جمالا , أقل قبحا , أكثر حرية , لهؤلاء الناس تحديدا , عالم يكفل أفضل تحقق ذاتي لكل إنسان بأقصى ما يمكن من حرية , الناس ليسوا وقودا لحروب الأصوليات أو الدوغما , إنهم جوهر القضية , إن حريتهم هي جوهر القضية , لا داعي للسؤال عن الطرف الذي يقف اليسار التحرري إلى جانبه في هذه الحرب : الناس , الناس العاديين , لا أي ممن يدعون أنهم سادة أفضل أو ينسب إليهم هذا الفضل من قبل النخب المثقفة..و إننا كما نرفض محاولة تقديم سلطة رام الله على أنها أفضل السادة الممكنين للشعب الفلسطيني نرفض أيضا الزعم بأن سلطة حماس هي أفضل هؤلاء السادة , إننا نرفض أن يكون من حق سلطة رام الله أن تعتقل خصومها و تعتبر من حقها أن تكمم أفواه الناس و أن تحمي الفساد الذي يمارسه كبار موظفيها , و نرفض أن يكون من حق سلطة غزة أن تعتقل خصومها و تكمم أفواه الناس و تعتبر أن من حقها أن تجلد الناس لما تراه "جرائم تستحق إقامة الحد أو الجلد" , من المؤكد أن سلطة رام الله و غزة لا تقفان على نفس الدرجة , من المؤكد أن الفساد المستفحل في حكومة رام الله و "الدلال" المادي و المعنوي الذي تحظى به أمريكيا و إسرائيليا و من النظام العربي الرسمي لإخلاصها "غير المحدود" لخيار "السلام" لا تشكو منه سلطة بنفس الدرجة رغم أنها تحولت بسرعة إلى بيروقراطية حاكمة ورغم أن الفساد نفسه أخذ التغلغل في جسد سلطتها بالسرعة ذاتها , لكن سلطة حماس في غزة فرضت نفسها على الشارع الفلسطيني , و ليس فقط على سلطة رام الله التي اختفت من القطاع بمجرد انهيار أجهزتها الأمنية , بقوة السلاح و مارست سلطتها عليه بقوة السلاح و أقامت معتقلاتها الخاصة و ردت بالسلاح على أي تحدي لسلطتها من أية أقلية قادرة ذات نفوذ هام ( عائلة حلّس و دغمش ) , هناك بالتأكيد وجوه للمفاضلة بين هذين السيدين , لكننا نرفض أن تكون السلطة الأمثل للشعب الفلسطيني تفترض وجود سادة سواء في رام الله أو في غزة , الوحيد الجدير بأن يكون سيد نفسه هو الشعب الفلسطيني نفسه , الفلسطينيون أنفسهم , السلطة الوحيدة التي تستحق مثل هذا اللقب , غزة هي السلطة التي يتولى فيها الفلسطينيون أنفسهم زمام أمورهم عبر مؤسسات قاعدية ديمقراطية من الأسفل إلى الأعلى يمارس فيها كل فلسطيني الإشراف و المشاركة المباشرين في اتخاذ كل القرارات التي تتحكم بحياته..أما فيما يتعلق بالدين ( و في النهاية أية دوغما أخرى على قدم المساواة ) , فإن الديمقراطية المباشرة التي تتمحور حول الإنسان , كما يقول بها اليسار التحرري , ترفض أية تقييدات اصطناعية على حرية كل إنسان في التفكير و التعبير , و بالتالي فإن الحرية الدينية للجميع حق يستمد من واقع إنسانية كل إنسان و من واقع المساواة بين البشر , الشيء الوحيد الذي لن يتمكن الدين من أن يمارسه هو أن يكون أساسا لسلطة أية أقلية على الآخرين أو لأية امتيازات على حساب المجموع....
"الصهيونية العربية" غازي خير بيك
لا يختلف الفكر الجدي بالرغم من تنوع مرجعياته، حول إسرائيل كقاعدة متقدمة، وقوة تدخل سريع تستخدمها الإمبريالية العالمية، من أجل حماية مصالحها على المدى الطويل، ومن أجل الزج بها في مهمات إنقاذية إسعافية عندما تستدعي الحاجة ذلك، في الحالة التي تتعرض فيها هذه المصالح لأي خطر مفاجئ!. ولم يكن اختيار اليهود للعب هذا الدور وتأدية هذه الوظيفة بمحض المصادفة، ولكن بسبب ميزات خاصة تتعلق بالتركيبة الثقافية التوراتية التلمودية لليهود، التي هي أقرب إلى التوحش والغريزية منها إلى الحضارة الإنسانية، حيث تتفق مع الإمبريالية الثقافية، بما هي مجموعة قيم وأفكار منحطّة، بحكم وظيفتها في تسويغ النهب الوحشي لمقدرات الإنسانية، وهكذا بإمكان /إسرائيل/ أن تتباهى، بأنها المخلوق الأبشع بما تمثله: من تكوين أخلاقي ذاتي وإمبريالي، لا بل إن الكيان الإسرائيلي هو عبارة عن جريمة مستمرة، ولدت من رحم النظام الأكثر تهديداً للبشرية خلال تاريخها. هذا النظام بما يمثله من آلية نهب كونية، لا يقتصر من أجل المحافظة على هذه الخاصية البنيوية على مشروع وحيد كالمشروع الصهيوني في فلسطين، ولكنه يسعى إلى إقامة مرتكزات في كل مكان تمكنه من الإطباق على البشرية وطحنها!. من هذا المنطلق يمكننا أن نفهم طبيعة النظام الرسمي العربي، ودوره، ووظيفته، وهل هنالك من إمكانية لتطويره إيجابياً والاستفادة منه؟! أم أنه فاقد تكوينياً لأي دور نهضوي مهما يكن متواضعاً، وبالتالي فهو الضفة الثانية للصهيونية، التي تشكل /إسرائيل/ ضفتها الأولى! لماذا؟! أليس لأنه نتاج لنمط إنتاج هو الشرط التاريخي لتطور متفاوت أوكل إليه دور القوادة على كافة المستويات: الاقتصادية، والاجتماعية، والسياسية، والثقافية، والنفسية، والأخلاقية؟! وهل دوره في تعميم الفساد ونسف أية محاولة للتطور الاقتصادي، وإقامة وخلق تناقضات اجتماعية على أسس طائفية، وقومية، وعرقية، وتعميم ثقافة الاستهلاك، وقمع الحريات وصولاً إلى خلق شخصية فصامية منعزلة، أو كائنات لا اجتماعية يائسة، وفاقدة طعم الانتماء...آخر همها مسالة التحرر الوطني والقومي، أقول: هل هذا الدور لمؤسسة النظام العربي الرسمي أقل خطورة من دورها الخياني فيما يتعلق بالمسالة التحررية على المستويين الوطني والقومي؟!. إن مراجعة تاريخية لتاريخ تشكل هذا النظام، تلقي الضوء على الأهمية الاستثنائية التي علقتها الإمبريالية-بالرغم من اختلاف مراكز قيادتها وتبدلها بتغير المراحل الزمنية- على هذا النظام الرديف، والممهد، والمساعد لفعل الصهيونية، فالدقة اللامتناهية في اختيار أدوات هذا النظام ورموزه، يشهد عليها تاريخ هذه الأدوات، حيث لم يحدث أن خرج ولو رمز واحد من رموز النظام العربي على بيت الطاعة الإمبريالي، وبالرغم من أن هذا الأمر هو في جوهره مسألة موضوعية، إلا أن للمنبت الاجتماعي، أو لطبيعة الشرائح الاجتماعية، التي تنتمي إليها هذه الرموز: الأهمية الكبيرة فيما أبدته من إخلاص لسيدها الإمبريالي، حيث خرج هؤلاء في معظمهم من بين حثالات المجتمع، أو ما يطلق عليه في بعض التصنيفات الطبقية "الأوباش" وفي تصنيفات أخرى "البروليتاريا الرثة": هؤلاء ليس لديهم قيم تمنعهم من التمادي في إيذاء شعوبهم، كما أنه ليس لديهم ما يخشون خسارته من سمعة أو تاريخ شخصي أو عائلي!. إن أبرز الأمثلة وأوضحها في هذا المجال هم آل سعود في شبه الجزيرة العربية، و/حسني مبارك/ حاكم مصر. آل سعود هم جزء من حالة قبلية غاية في التخلف يصح معها تصنيفهم أنهم المرحلة الأولى بعد الفراغ الكوني: أي مرحلة ما بعد السديمية: حيث يتجسد العيش خارج التاريخ بكل ما للكلمة من معنى، وهذا ما أغرى طلائع الفتح الرأسمالي من مستشرقين ورجال مخابرات وتحديداً رجال المخابرات الإنكليزية على تجنيد هؤلاء وتأهيلهم، ليكونوا وكلاء حصريين في قيادة جوقة الساقطين التي تبذر السموم على مساحة الأرض العربية، وتشوه التاريخ وتنسف كل مرتكزات الكرامة. ألم يكن الثمن الذي دفعه عبد العزيز آل سعود ليتربع على عرش ما سمي فيما بعد بـ"المملكة العربية السعودية" هو الإقرار لـ"السير برسي كوكس مندوب بريطانيا العظمى بإعطاء فلسطين للمساكين اليهود..."!. إن هذه الموافقة ذاتها هي التي رفضها السلطان عبد الحميد الثاني، وخسر بسببها عرشه!. جميع الوقائع التاريخية والراهنة تثبت بصورة قاطعة أن لدى هؤلاء الحكام من الدناءة ما أهلهم ليكونوا ذيلاً للمشروع الاستتباعي للإمبريالية في منطقتنا، فهم جميعاً يتصفون بالجبن وتاريخهم مكلل بالهزائم، وإلا ما معنى أن يمضي حاكم مثل (حسني مبارك) حياته بين العمل العسكري والسياسي دون أن يعيش ولو نصراً واحداً لا على المستوى العسكري، ولا على المستوى السياسي، وكذا بالنسبة لأستاذه عبد الله، الذي لم يعرف السيف إلا لقطع رؤوس الأبرياء، أو للرقص في حفلات السيرك التي جمعته و/جورج بوش/ معاً. قبل شن الهجوم البربري على غزة بساعات كانت ليفني في القاهرة، ولم تكن تناقش في موضوع إمكانية الهجوم من عدمه، فهذا تحصيل حاصل! لأن حاكم مصر كغيره من حكام العرب أصبح حاكماً لأنه وقع مسبقاً على بياض، ولكنها كانت تنسق تكتيكاً حول الكيفية التي تمكنها من مباغتة هؤلاء العزل، وقتل أكبر عدد ممكن منهم، وقد كان لها ما أرادت، حيث طمأن هذا المهزوم قيادة المقاومةـ التي لم تكن لتتصور أنه يمكن لحاكم عربي أن يصل به الأمر إلى هذا الدرك من الدونية والانحطاط ـ أقول: طمأن هذه القيادة بأن لا هجوم على غزة فكان ما كان! ماذا يعني هذا؟! ألا يعني أن ليفني ألقت آخر الأشياء للستر على استقلال مصر؟! إن السؤال الكبير لا يدور حول قبول هذا الحاكم أن يضع نفسه وبلده في موقع المتسول على أعتاب الدول الكبرى: ينتظر بقايا عظمة ترمى له من خلف الباب، فهذا القبول مفهوم من حيث تعلقه بقابلية الحاكم! ولكن ما هي الآلية الجهنمية التي جعلت شعباً بعظمة الشعب العربي في مصر يقبل بهكذا حاكم؟! هل يكمن السر في تاريخ العلاقة بين السلطة المطلقة التي يعطيها الشرقيون لحكامهم لأسباب تتعلق بأنماط عيشهم وإنتاجهم؟!. إنه رأي بعيد عن الصواب: وإلا كيف يمكن للشعب الياباني الشرقي الآسيوي أن يكسر عنق سلطته المطلقة، ويؤسس لديمقراطية عظيمة وضعت حجر الأساس لأكبر ثورة علمية تقنية عرفها العصر الحديث؟! كيف يتحرك الشعب الصيني الشرقي الآسيوي من أقصى الصين إلى أقصاها للمطالبة بالرد على الأمريكيين، لمجرد سقوط صاروخ خطأً من طائرة أمريكية على السفارة الصينية أثناء حرب صربيا؟! أليس أمير فييتنام الذي ترك عرشه عند احتلال الفرنسيين لبلاده، وخرج إلى الجبال يقود القتال ضدهم حتى قتل! أليس هذا الأمير أميراً شرقياً أليس /هو شيء منه/ وشعب فييتنام العظيم آسيويين؟! أم كيف نفهم التجربة الإيرانية الماثلة أمام أعيننا التي استطاعت خلال فترة زمنية قياسية بكل المعايير أن تكسر الطوق الإمبريالي وتحقق نهضة اقتصادية، واجتماعية، وسياسية، وتقنية، وعلمية، أصبحت معها محط إعجاب شعوب العالم وقوة مثل لكل من يريد الخروج من الحصار الإمبريالي، وكسر نير الظلم والعبودية لا شك أن النظام العربي لعب دوراً خطيراً ومدمراً ضد الذات العربية، وزرع عقدة الخوف في داخلها إلى الحد الذي أصبح معه كل عربي يعيش هاجس الملاحقة حتى من المجهول! لقد أصبح داخل كل فرد شرطي! لأن عقوداً من السنين خلت وهذا النظام يلعب خلالها دور المرياع الذي يقود القطيع إلى المسلخ، لقد استمرأ الدواسة والذل فأصبحتا مهنته الوحيدة! ولم يعد هنالك ما ينشيه ويسكره سوى رؤية شذاذ الآفاق يخوضون في دماء أبنائه ويدوسون كرامة أمته. إنه نظام خنازير ومن لا يصدق فليعاين بتامل مشهد غزة من جهة وتآمر رمزي هذا النظام الأساسيين في مصر و"السعودية"!. بعدها سيرى أن لا هامش للرمادي، وأن الانقسام بين لونين إما أبيض وإما أسود، وأن بؤر الحرية الممتدة من جنوب لبنان إلى غزة يجب أن تكون قبلة المسحوقين على امتداد الوطن!، هذه البؤر التي يتوجب علينا أن نتلقح بمصولها لنطرد جرثومة الخوف، ونبدع طرق ووسائل خلاصنا، ونحمل راية قيامتنا قبل أن نخرج من التاريخ إلى غير رجعة.
عقد في الكويت الاثنين 20، 21 /1/ 2009 مؤتمر القمة الـ /21/ وكان جدول أعماله معدا مسبقا حيث سمّي القمة الاقتصادية إلا أن عدوان إسرائيل على غزة فرض نفسه على المؤتمر. جاء المؤتمر في أعقاب رفض مصر والسعودية حضور مؤتمر الدوحة الهادف إلى بحث العدوان على غزة وما تبع هذا الرفض من نشاطات عربية مختلفة أثبتت جميعها الانقسام الحاد في النظام العربي وفشله في الوصول لنتائج مقبولة. فقد عقد اجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة وسافر وفد من الوزراء إلى مجلس الأمن ولم يحصل هذا الوفد على أية نتائج أدى ذلك إلى دعوة أمير قطر لعقد مؤتمر الدوحة وما نتج عنه من قرارات ومن انقسام حاد في الصف العربي أدى إلى زيادة عزلة كل من مصر والسعودية. ثم مؤتمر شرم الشيخ في مصر الذي حضرته مجموعة دول أوروبية ( حلف الأطلسي) بالإضافة إلى رئيس السلطة الفلسطينية أبو مازن والذي حاول أن يشرعن حصار غزة ويمنع وصول الأسلحة إليها وما تبع الاجتماع من زيارة الوفد الأوروبي لإسرائيل لإعطائها حسن السلوك... وأيضا زيارة وزيرة خارجية الكيان الصهيوني لأمريكا وتوقيعها مع وزيرة الخارجية الأمريكية وثيقة تتعهد أمريكا بمنع وصول الأسلحة لقطاع غزة.مما يعتبر تدخلا مباشرا واستهتارا بالقرار الوطني لمصر.. يضاف إليها فشل اجتماع وزراء الخارجية العرب ويقابل ذلك صمود المقاومة. ونهوض الحركة الشعبية العربية الواسعة المنددة بالعدوان وفي ضوء نتائج مؤتمر الدوحة. وتوقف العدوان الإسرائيلي من طرف واحد0 في هذه الأجواء التي تعكس الانقسام العربي الحاد عقد مؤتمر الكويت. وبدأ المؤتمر بكلمات أوضحت عمق الخلاف العربي العربي وخصوصا كلمتي كل من الرئيس السوري ونقيضها كلمة الرئيس المصري التي اتسمت بالتوتر والإرباك ثم كلمة ملك السعودية الذي حاول فجأة إيقاف الخلاف وامتصاص النقمة وما تبعها من دعوته مجموعة المتخاصمين على الغداء والإعلان عن الوصول إلى مصالحات بين مصر والسعودية من جهة وسورية وقطر من جهة أخرى. لماذا حصل كل ذلك وما هو رأينا؟: * لقد حاولت السعودية تخفيف التوتر لعدة أهداف منها: *استيعاب النقمة الجماهيرية التي عمت الوطن العربي والتي توجهت خصوصا ضد مصر والسعودية ونعتقد أن المحاولة لاستيعاب النقمة نجحت نسبيا. بسبب حاجة العرب لوحدة الصف ، والقرف من حالة الانقسام وبسبب عدم الثقة بمجمل النظام العربي. *عودة المبادرة لدول التخاذل "الاعتدال" وخصوصا بعد العزلة الشديدة التي وضعهم بها مؤتمر الدوحة. ورفضهم حضور المؤتمر *تجاوز التعارض الحاد في المواقف ودفع سورية وبعض الدول العربية الأخرى التخفيف من مواقفها *ويعود موقف السعودية أيضا لدور السعودية التاريخي الذي يحاول دائما أن يكون عامل جمع. *الإيهام برفض التجاهل الأمريكي الإسرائيلي في قرار منع تهريب السلاح الذي يعتبر مسا بالسيادة الوطنية المصرية وتجاهل السلطة المصرية تماما واعتبارها تابعة لما يقرره الطرف الأقوى *الإعلان أمام الإدارة الأمريكية الجديدة- المعلم الجديد لقوى التخاذل- أن هذه القوى قادرة على استيعاب الوضع العربي الناشئ وقادرة على تكييفه بالشكل المطلوب وموقفنا: نحن لسنا ضد المصالحات في الوطن العربي وفي كل بلد على حدة بشرط أن تساعد هذه المصالحات على زيادة قوة المقاومة وتمكينها في تحقيق أهدافها
وتأمين حرية الشعوب وإيقاف نهب الثروات العربية. وتأمين تطور آمن للطبقات الشعبية في بلادنا. فهل حققت هذه المصالحة كل ذلك؟ النتائج: لم تنعكس المصالحة أو المبادرة للمصالحة في البيان الختامي وظهر بيان عام أضعف بكثير من الحد الأدنى المتوقع بسبب إصرار وزير خارجية السعودية عدم لحظ أية فقرة من مقررات اجتماع الدوحة وهذا يؤكد أن المقاومة التي انطلقت من الوسط الشعبي والتي استلمت زمام المبادرة دون العودة للنظام العربي البائس هي فقط القادرة على الفعل وكل ذلك زاد من الهوة بين التيار المقاوم و النظام العربي الرسمي ما بعد القمة: تحاول الحكومة المصرية الاستفراد بالمصالحة الفلسطينية الفلسطينية وبالحوار بين الفلسطينيين والإسرائيليين انطلاقا من المبادرة التي قدمتها للفلسطينيين والتي تحاول فيها الوصول لنتائج سياسية. لم يستطع العدوان الوصول إليها.. في مواجهة هذه المحاولة اقترحت اليمن إشراك عربي وإقليمي في المصالحة أي إضافة سورية- وتركيا وهناك محاولة لعودة الصراع الفلسطيني وبدأت الاتهامات بين الفصائل المختلفة وخصوصا حول كيفية الإشراف على صرف المساعدات المقدمة لإعادة إعمار غزة - السلطة الفلسطينية تصر على أنها الجهة الوحيدة المخولة بالصرف وقوى المقاومة الأخرى اقترحت أن ترسل كل دولة قدمت مساعدات لجنة من طرفها تقوم اللجنة نفسها بأعمال الصرف على أن تجمع اللجان المرسلة من الدول المانحة لتوزيع الأعمال فيما بينها دون تدخل أحد خشية من سرقة الأموال وخصوصا وأن الجهاز الإداري التابع للسلطة الفلسطينية فاسد. وخشية من توظيف الأموال بشراء الضمائر. - وبالمقابل بدأت المنظمات الدولية المهتمة بحقوق الإنسان بإقامة دعاوى على قادة الكيان الصهيوني لارتكابهم جرائم حرب. -وإصرار المقاومة على مواقفها يمكنها من بدء الحصاد الفعلي للصمود العسكري والوصول إلى نتائج سياسية وهذا هام جدا وخصوصا ونحن نشاهد مدى الضعف الإسرائيلي الذي وصل إلى حد طلب بوارج أوربية لمساعدتها لوقف تهريب الأسلحة إلى غزة, بغض النظر عن المطلوب من وراء الحضور الأوربي. إن مجمل الأعمال التي قامت بها الحكومة الإسرائيلية من الاتفاقية التي وقعتها مع حكومة بوش والتي تحظر تهريب الأسلحة إلى غزة, واستدعاء البوارج الأوربية للمشاركة بأعمال الحصار. وكان يمكن لإسرائيل أن تنفذ هذين العملين دون حرب مما يؤكد هزيمة إسرائيل السياسية والعسكرية.
تنامي قوة دول الجوار العربي محمد سيد رصاص
أزاحت الولايات المتحدة، عبر غزوي أفغانستان/2001/ والعراق/2003/، نظامين ، كانا خصمين رئيسيين لإيران، دخلا في حروب ومشاكل ومواجهات كثيرة معها، وقد خرجت طهران من خلال ذلك إلى حالة من القوة غير مسبوقة في تاريخها الحديث، حيث قاد يوم 9 نيسان2003، الذي شهد سقوط بغداد بيد الأمريكان، إلى عهد من القوة الإيرانية الإقليمية التي امتدت من كابول إلى بيروت، وإلى نهاية لعهد من الضعف الإيراني بدأ في يوم 8 آب 1988 لما خرجت إيران مهزومة من حربها مع العراق، ومن يراقب حركة التاريخ الفارسي يلاحظ أن عيون حاكمي بلاد فارس كانت دائماً تصوب نظرها غرباً، ابتداءً من قورش، مروراً بالساسانيين، وصولاً إلى الصفويين. كان حضور الولايات المتحدة العسكري المباشر لقلب المنطقة مؤدياً إلى ذلك إيرانياً، لدرجة وصلت فيها الأمور إلى حدود دفعت طهران لمحاولة تثمير قوتها الجديدة عبر انتقالها لحالة المجابهة مع واشنطن من خلال استئناف برنامج التخصيب النووي (منذ آب2005)، الذي تريد مقايضته بقدراتها" على حل كثير من المشاكل، مثل العراق ولبنان، أو أسعار النفط"، كما صرح نائب الرئيس الإيراني رضا آغا زادة في شهر تموز الماضي إثر اجتماعه بالدكتور البرادعي بفيينا، للوصول إلى اعتراف الولايات المتحدة بها كـ "قوة إقليمية عظمى " وفقاً لتصريح الجنرال رحيم صفوي القائد السابق للحرس الثوري الإيراني في عام2007. بالمقابل، فإن محاولة واشنطن مجابهة واحتواء القوة الإيرانية المتصاعدة، على كامل إقليم منطقة الشرق الأوسط، قد أدت منذ خريف عام2007 إلى تعويم إقليمي للدور التركي برضا أميركي لمجابهة وموازنة الامتدادات الإيرانية، وهو ما انعكس، كآثار له، في إضعاف قوة الحضور الكردي في العملية السياسية العراقية عبر الطي العملي لصفحتي (الفيدرالية) و(كركوك)،وأيضاً في أدوار إقليمية بارزة بدأت أنقرة بإدارة ملفاتها. هنا،إذا كانت مشاكل واضطرابات منطقة (الهلال الخصيب)العربي قد أدت إلى قوة متنامية لكل من فارس وآسيا الصغرى، تماماً كما حصل في الأعوام القليلة السابقة لمعركة (جالديران)/ 1514/التي حصلت بين الصفويين والعثمانيين ليبدأ بالسقوط على إثرها هذا(الهلال) بيد السلطان العثماني سليم الأول بعد عامين من انتصاره بتلك المعركة، فإن مشاكل السودان والقرن الإفريقي،والاتجاه الأميركي إلى تهميش دور مصر الإقليمي منذ المعاهدة المصرية الإسرائيلية/آذار1979/ ، قد أديا إلى تقوية دول الجوار العربي هناك: حصل هذا: أولاً ، منذ أوائل التسعينيات لما تولت دول (منظمة الإيغاد)/ = أوغندا- كينيا- إثيوبيا- إريتريا/ ملف أزمة جنوب السودان بغطاء أميركي مع استبعاد مصر، إلى أن تم وضع إطار لحلها عبر اتفاقيتي (مشاكوس) /2002/و(نيفاشا)/2005/، حيث مالت فيهما التوازنات لصالح الجنوبيين، بالتزامن مع بروز قوي لدور أوغندي في أزمتي رواندا وبوروندي/1993-1994/ ، ليتم عبرهما إضعاف الدور الفرنسي التقليدي في هذين البلدين من خلال إزاحة قبيلة الهوتو ذات الأكثرية السكانية فيهما عن الحكم وهي الموالية تاريخياً لباريس. ثانياً، فإن هناك إبرازاً لدور تشاد في أزمة دارفور، حيث أخذت نجامينا مع المنظمات الدارفورية المسلحة دور هانوي مع الفيتكونغ، وأيضاً برعاية أميركية، مستغلة الروابط القبلية التي تربط الرئيس التشادي بالدارفوريين من خلال قبيلة الزغاوة، فيما تم إفشال أميركي لدور عربي في أزمة دارفور لما حاولت ليبيا، بالتعاون مع نيجريا، ونجحت في عقد (اتفاقية أبوجا)/ أيار2006/ بين الخرطوم و فصيل رئيسي من المتمردين/ = حركة تحرير السودان/ ، لتقوم واشنطن ونجامينا بتحريض المنشقين على ذلك الفصيل/ =عبد الواحد نور/ و(حركة العدل والمساواة)المنافسة بعدم التوقيع على تلك الاتفاقية، ما جعلها عملياً حبراً على ورق. ثالثاُ، فإن مشكلة الصومال، بعد تولي (المحاكم الإسلامية)السيطرة على مقاديشو في حزيران2006، قد دفعت الولايات المتحدة لإعطاء الضوء الأخضر لإثيوبيا لتقوم بغزو الصومال في الأسبوع الأخير من ذلك العام، فيما كانت أزمة القرن الإفريقي، الناشبة في عامي1977-1978 بما تضمنته من حرب صومالية إثيوبية بسبب إقليم أوغادين والحرب في إريتريا التي استعمرتها إثيوبيا وما تداخل في تلك المنطقة آنذاك من صراعات بين موسكو وواشنطن بعد انقلاب شباط1977 الذي جاء بحكم عسكري إثيوبي اتجه للتحالف مع السوفييت، مؤدية إلى دور عربي كبير بتلك الأزمة برعاية غربية، أخذته القاهرة والخرطوم والرياض، فيما لا يوجد شيء من ذلك الآن. في بداية الألفية الثالثة، يقف العرب أمام مشاكل المشرق العربي عاجزين عن القيام بأي دور مؤثر وفاعل، تاركين ذلك للجوار الإقليمي في الشرق والشمال، وأيضاً للغرب الأميركي الذي أتى بجنوده إلى قلب عاصمة بلاد الرافدين، التي كانت في زمن العباسيين بدور نيويورك الآن، فيما تقف مصر بدون دور أو قوة في قضايا وأزمات السودان والقرن الإفريقي،وما يمكن أن يولده تقرير مسارات محددة فيهما من التأثير الشديد على أمن مصر المستقبلي، إضافة إلى أن الرعاية الأميركية لتقوية دول الجوار العربي التي تأتي منها ينابيع النيل، مثل أوغندا وكينيا وإثيوبيا، سيؤدي إلى أوضاع كان يخشى منها كل حاكم مصري عبر تاريخ أرض الكنانة الطويل. في زمن الأحادية القطبية، نظرت الولايات بعين القلق إلى قومية، هي الروسية، كانت هي زعيمة الطرف المنافس في زمن ثنائية يالطا، وكذلك فعلت حيال أخرى كانت صاعدة القوة والفورة وأرادت الهيمنة على البلقان، هي القومية الصربية: في "منطقة الأزمات"، الممتدة بين بيشاور والصحراء الغربية، لم تنظر واشنطن بقلق إلى قومية وحاولت ضربها وتهميشها، سوى القومية العربية، خلال مرحلة ما بعد انتهاء الثنائية القطبية في عام1989: لماذا؟...
قصيدة ”عمران“ بعنوان: ”غزّة المقاتلة“
مدينةَ الصبر لا مستك أرزاء فللبطولات منك اليوم أصـــداء حكاية للعصور الحق يكتبها: قـتل وفـتك وإحـراق وأشــــلاء لقد أباحوك أياما مروعة فالعين تدمع والأكوان ظـلمـــاء وحاصروك بلا عون ولا مدد فلا دواء ولا خبز ولا مــــــــاء من لم يمت جائعا قد مات من ألم ومن تجنب نارا غالـه الــــــداء برا وبحرا وجوا أمطرت حمما على المدينة والشـماء عـــــزلاء صارت قبورا وفي أحشائها جثث وأعين العرب العرباء عــميـــاء! من بين أنقاضها قامت تقاتلهم يا للضحية رغم الموت بســـلاء! هي الأبية لا خوف يزحزحها تظل صامدة والـكل أعــــــــــداء مرحى لغزة عنوانا لمرحلة تجـلى الحقائق فيها فهي غــــراء آه لمفجوعة والطفل في يدها شلف تمزق والأشلاء ســــــوداء! حزن تجمد دمعا في محاجرها والقلب محترق والعزم مضـــــاء تبا لطاغوتهم يشتد مظلمة والطواغيت ألقاب وأسمـــــــــاء والبندقية صوت الحق بغرفة فلن يكون لغير الحق إصغــــــاء فيا قطاع غزة قطعت العهد في شمم ألا يعود من الباغين أحيــــــــــاء حق تفجر صاروخا وقنبلة دون التكافؤ في حرب كما شاؤوا هذا الصمود أساطير يسطرها فوارس ألفوا الهيجاء أشــــــــداء من أين سيدة البلدان جئت بما سطرت من معجز والحرب إفناء دم تكلم بالفصحى فيا عربا لو تقرؤون سطورا فهي حمــراء لو كان فيكم نظيف هبّ مندفعا لنصرة لأخ مسته ضــــــــــــرّاء بالسيف يؤخذ حق لا بمسح لحى والخائبون لهم ذل وإخســـــــــاء غدا سنسمع صوت النصر منطلقا تطبق الأرض من فحواه أنبــــاء هانوي أنت بهذا العزم باقية والبغي منهزم والحق وضاء
الفكر العربي الحديث وتجلياته السياسية فهد خالد العلي قبل(عصر النهضة) كان الفكر الديني هو السائد في المنطقة العربية وكان لا يخرج سياسياً عن مصالح مؤسسة (الخلافة الإسلامية) إلا عبر محطات قليلة كانت نتيجتها العملية الإجهاض. بعد (النهضة) بدأت الأفكار الليبرالية، عبر مجموعة من المفكرين، تنتشر لتعكس مصالح سياسية واقتصادية لطبقات وفئات اجتماعية ناشئة، وقد قدمت الأحزاب الليبرالية ، التي تكونت في تلك الحقبة وحتى أواخر خمسينيات القرن العشرين، أمثلة، مازالت في خواطر البشر، تجلى خلالها الأسلوب الديمقراطي الذي أوصل بعض تلك الأحزاب إلى سدة القرار السياسي كما حدث في مصر وسوريا. ولكن سرعان ما انتهى ذلك عبر أحداث وحركات، كان أهمها قيام إسرائيل الذي أدى إلى انتعاش الفكر القومي العربي المتأثر بالفكر القومي الشوفيني = الفاشية والنازية وأيضاً بالفكر الاشتراكي، لتبدأ إرهاصات ضعفه بعد هزيمة حزيران1967 دون أن يترك أي بصيص أمل لأية ملامح اشتراكية كانت قد ظهرت عند بعض مفكري عقد الخمسينيات ولم تلق النور. نتج عن ذلك تمترس الأحزاب التي وصلت إلى سدة الحكم بمقاليد الأمور،مما أنتج الاستبداد الذي تم حقنه عبر مركزين عالميين، الأول الاستبداد المتربع في منظومة(الكتلة الشرقية)، والثاني الاستبداد الآتي من الغرب لصنع الأنظمة لعربية الحاضنة لنمو وقوة إسرائيل، بينما كانت الأحزاب الأخرى تدور بمعظم الأحوال حول هذين المركزين ، إلى أن استيقظ الفكر الليبرالي الجديد عند بعض الأحزاب العربية، إثر سقوط المعسكر الشرقي وعلى رأسه الإتحاد السوفيتي، سواء من كان منها يتبنى الماركسية أو الفكر القومي، لتبدأ تلك الأحزاب رحلتها بالغزل بالغرب المنتصر وكأنها تقول: ها نحن هنا "البديل العتيد" لمن كان يلوِح من الأنظمة بكلتا يديه تارة إلى اليمين الغربي وتارة أخرى إلى اليسار الشرقي.هذا الفكر الليبرالي الجديد أتى بدون أرضية موضوعية (لا يمثل حاملاً اجتماعياً) ليبقى قدره مرهوناً بمدى تطابق مصالح الغرب المتصهين معه أو ضده، بعد أن خلعت التعبيرات السياسية لهذه الليبرالية الجديدة كل لبوسات اليسار وشعاراته لدرجة وصل البعض منها /للتحالف أو الاستعداد للتحالف/ مع كل القوى بما فيها الرجعية العربية واليمين الغربي، مستبشراً ولو بفتات قليل يأتيه من المركز العالمي الأحادي القطب حتى أتت برامج تلك الأحزاب خالية من أي اتجاه ماركسي أو قومي لتصبح جرائده ومجلاته منبراً لكُتَاب رهنوا أقلامهم لمصلحة الأنظمة المرتبطة بالقطب الإمبريالي الأوحد كـ "أنظمة الاعتدال" العربية، إذ نرى هذه الأقلام تصف تلك الأنظمة بأنها صاحبة المساعي الطيبة وصانعة الأشياء والمواقف المحمودة وداعمة التنظيمات الفلسطينية المهادنة لإسرائيل، وكأن هذه المطبوعات قد وجدت من أجل تلميع صورة تلك الأنظمة والتنظيمات في نشاط ملحوظ منها لا يوجد تفسير له إلا بأحد المنحيين:الأول الانتماء والموالاة و الانحياز لهذه الأنظمة والتنظيمات، والثاني ردة فعل ضد الأنظمة العربية الموصوفة أمريكياً بالمتطرفة . إن الليبراليين العرب الجدد، هؤلاء، مثلهم بالانحياز إلى الأنظمة العربية المتأمركة كمثل الستالينيين العرب القدامى الذين كان لا همَ لهم سوى تلميع صورة أنظمة الاستبداد العربية، مستذكرين- عند العديد منهم- بذلك ستالينيتهم التي أودت سياستها الاستبدادية بأول تجربة اشتراكية في التاريخ، فهما في الحالتين لحساب أحد النظامين سواء أكانوا يدركون ذلك أم لا يدركون ، وهم في الحالتين يتجاهلون أن كوادرهم ما كانت لتتوحد في صفوفهم لولا نزوعها الأساسي لبلورة مشروع وطني يساري عربي يعمل لحسابه الخاص وليس لحساب أي نظام عربي أو إقليمي أو دولي. إن الأنظمة الحاكمة ،عربياً أو إقليميا أو دولياً،لا تسعى إلا من أجل مصالحها ولرفع شأنها ولأجل استمرارها بالحكم سواء ارتدت لبوسات دينية مذهبية أو لبوسات قومية، فهي بنشاطها لا تسعى لخدمة شعوب هذا الدين أو هذا المذهب أو هذه القومية. وبهذا المعنى علينا أن ندرك أن "المشروع الأمريكي- الصهيوني" للشرق الأوسط ، و الطموح الإيراني، لا يسعيان لانتصار أي نظام عربي سواء أكان "متطرفاً" أم"معتدلاً"، طاغية أم مستبداً، وإنما يرمي كل منهما بالنتيجة لخدمة أهدافه الخاصة به والذي قد يتلاقى بإحدى مراحله مع مصلحة هذا النظام أو ذاك أو هذا الحزب أو غيره، وذلك ليس سلباً على هذا النظام أو ذاك الحزب أن يحدث هذا التلاقي - باستثناء التلاقي مع (المشروع الأمريكي- الصهيوني)- وإنما السلب هو أن لا يكون لهذا النظام العربي أو لذاك الحزب أو التنظيم العربي مشروعه الخاص به ليكون له أن يحقق مكاسب لمشروعه من ذلك التلاقي مع الغير وسبل استمراره ونجاحه هو لا سبل استمرار ونجاح هذا أو ذلك المشروع. بهذا الإطار،علينا ،كقوى أو كشخصيات شعبية ملتزمة بفكر يساري ديمقراطي أو بفكر يساري ماركسي- ديمقراطي واشتراكي، أن نؤسس لفكر وطني ديمقراطي عادل لنصبح أصحاب مشروع عربي مستقل ولنصبح بوضوح منحازين للمقاومة وللمقاومين للمشروع الأمريكي- الصهيوني الذي مازال يراهن على النجاح في منطقتنا العربية رغم فشله في حرب تموز2006، وما يحدث الآن في قطاع غزة الصامد لأكبر مثال على استماتة أصحاب هذا المشروع، ومن يحالفهم من العرب، لتحقيق انتصار لهذا المشروع الذي اكتملت ألوانه الحمراء بدماء المقاومين الصامدين الذين سيصنعون أسطورة الصمود لغرس إسفين آخر في قارب هذا المشروع الذي ستسقطه إرادة المقاومة لتصنع لنا نحن العرب مشروعاً خاصاً بنا أساسه وعماده ومدخله مقاومة المحتلين ومشاريعهم وعملائهم المعلنين والمتخفين من حكام يوجدون ويتربعون على عروش الأنظمة العربية.
البطالة أمّ الشرور صبحي العرفي
من بديهيات الماركسية أن"الرأسمالية تحمل بذور فنائها في أحشائها"، ويقصد بذلك جيش العاطلين عن العمل الذين سيلقى بهم النظام الرأسمالي في مهاوي البؤس والحرمان. هذه النبوءة تتكشف حالياً أمام أعيننا في أزمة النظام الرأسمالي التي تصيب صميم بنيته وفي رأسه الولايات المتحدة الأميركية التي تعاني من ضعف في القلب وفساد في الرأس، هذه البنية التي دعامتها" الاعتماد على القيمة التبادلية للدولار بأخرى استعماليه" أي أخذ سلع إنتاجية مقابل تقديم دولار ورقي لا قيمة له في حقيقة الأمر. ولو استبدله المودعون لأموالهم في البنوك بقيمته من الذهب (حسب تعهد الولايات المتحدة في نظام "بريتون وودز")(1) لانهار الاقتصاد الأميركي. في هذه الأيام يترنح هذا الدولار تحت ضربات المضاربة في البورصة، وما أزمة أيلول 2008 التي فضحت النظام الرأسمالي وبداية انهياره الكبير إلا دليل على الأزمة التي هي من مظاهر هذا النظام الدائمة، وما إعلان بنك ليمان برازرز عن إفلاسه، وهو قلعة رأسمالية وصهيونية، إلا دليل على هذا، وكذلك اقتراب شركة جنرال موتورز من الإفلاس. لكي يلتف النظام الرأسمالي على ذلك أصدر الرئيس الأميركي بوش خطة وافق عليها الكونغرس بضخ مبلغ 700 مليار دولار، وكذلك يدرسون الآن ضخ مبلغ 200 مليار إضافي، وقد تم تسريح 159 ألف أميركي من وظائفهم نتيجة الأزمة المصرفية وحدها، وعندما لجأت الإدارة الأميركية لضخ هذه المبالغ بما يشبه تأميمها سرت فكاهة هناك تقول بأنه توجد في الولايات المتحدة ثورة أكتوبر جديدة، لأن الرأسمالية عندما تصاب بأزمة تلجأ للعلاج بالطرق الاشتراكية. وقد توقعت صحف أميركية أن عام 2009 سيكون الأسوأ إذ سيصل عدد العاطلين عن العمل فيه لحوالي210 مليون عاطل في العالم، فيما صرح مدير صندوق النقد الدولي أن عام 2009 سيعكس هذه الأزمة على كل شعوب الأرض. من خلال ما تقدم نخلص إلى تعريف البطالة، لنقول: هي كل طاقة تهدر بسبب سوء ضبط وسائل الإنتاج فهي خسارة للمجتمع وهي بطالة، والتوقف عن العمل لوقت طويل هو بطالة، وتعطيل الطاقة المهدورة في إنتاج ضئيل هي كذلك، والأمر نفسه في التصرف الكيفي بالإنتاج لأنه هدر للطاقة،كما أن العدد الكبير من الطفيليين في المجتمع هو بطالة التي هي أم الشرور. فما هي مظاهر البطالة في مجتمعنا السوري؟... إذا عدنا إلى نصف القرن المنصرم وما قبله نجد أن غالبية المجتمع السوري كانت من الفقراء ومن متوسطي الدخل، ومع ذلك كانوا يجدون السكن الرخيص والتعليم المجاني والعلاج المجاني في المستشفيات العامة. لقد ضرب التضخم المجتمع وأصاب بمقتل تلك الطبقات العريضة (والتضخم لا تفسير له إلا إفقار الفقير) . وانحسرت الفئات الوسطى التي وقع على عاتقها تقدم البلد وتحرره فلحقت بالطبقات الفقيرة وقاربت خط فقرها إن لم تنزل تحته، وانشغلت بتدبير أمورها الحياتية مبتعدة عن السياسة. يضاف لهذا أنه سنوياً يتم زج 200 ألف شاب جديد في سوق الباحثين عن العمل ليزداد همنا هماً بما له من انعكاسات أخلاقية واجتماعية . قامت الحكومة للتصدي لهذه المشكلة بتشكيل (المجلس الأعلى لمكافحة البطالة)، بعد أن أصبحت البطالة من أدبيات الحكومات في كل مكان من العالم، ولكن للآن تسير خطوات مكافحة البطالة بشكل بطيء، حيث ذكر اتحاد عمال دير الزور في تقريره المقدم إلى المجلس العام لإتحاد النقابات عام2006 أن"عدد العاطلين عن العمل في دير الزور وحدها يبلغ82،417 ألف" ناهيك عن الذين كفوا عن تسجيل أسمائهم لدى مديرية العمل بسبب الإحباط الذي أصابهم لأنهم وجدوا ذلك بلا جدوى هذا وقد كان من نتيجة هذا الفقر والإفقار لجوء بعض الأسر إلى تشغيل الأطفال دون سن العاشرة ليقدموا بعض العون لعائلاتهم، وقد نشر(معهد خافو النرويجي للعلوم التطبيقية والاجتماعية)، بالاشتراك مع مكتب اليونيسيف بدمشق، أن "هناك ما يقارب 621 ألف طفل دون سن العاشرة يعملون في سوريا لإعانة عائلاتهم"، أما الدكتور عصام الزعيم فقد صرح في أيار2007" أن ما يقال عن النجاح في مكافحة البطالة في سوريا غير صحيح، والفقر يزداد حدة بعد أن أعلنت الحكومة سياسة تحرير الأسواق، والفريق الاقتصادي يعاني من التقلب و الارتباك". من خلال ما تم عرضه نجد أن لا حل لمشاكلنا إلا بالإنتاج وزيادته وتخطيطه، لأنه مفتاح الحل للقضية الاقتصادية برمتها . إن حل مشكلة العاطلين عن العمل لا تكون بإصدار قانون ضمان اجتماعي نضمن به بعض الحلول القليلة ولا نضمن به حق العمل والاستمتاع بمواردنا الطبيعية (وقديماً قيل: إذا قدمت لي سمكة أشبعتني يوماً وإذا علمتني صيد السمك أشبعتني دوماً). فلابد من توفير العمل للعمال ليأخذوا دورهم في تقدم البلاد، فيما اعتمادنا على القطاع الخاص ثبت فشله لأنه لا يسعى إلا للربح السريع والمضاربة بالأراضي والعقارات وللسياحة التي يبنى لها القصور في نوع من أنواع العبث ، فيما السياحة لها أهميتها وإن كانت لاتصل لمرتبة الاقتصاد المنتج. يجب انتشال القطاع العام من كبوته والتخلص من إفشاله المتعمد وتجديد آلاته المتآكلة بفعل الإهمال المتعمد ومرور الزمن الطويل عليها والتخلص من الفساد البيروقراطي والمحسوبية والشللية فيه، ليأخذ دوره الرائد في قيادة الإنتاج ليوفر للبلد الصمود والممانعة لأن أول مظاهر ذلك الصمود وجود اقتصاد متين يقف حائلاً بوجه الأعداء المتربصين بنا وببلادنا شراً. "1"- تم إنشاء نظام (بريتون وودز) في عام1944، حيث تعهدت الولايات المتحدة، التي أصبحت عملتها عماداً نقدياً للنظام المالي العالمي، بأن يكون للدولار معادل مكافئ من الذهب. ألغى الرئيس الأميركي نيكسون ارتباط الدولار بالذهب في عام1971. المحرر
=================================================================
#تجمع_اليسار_الماركسي_في_سورية (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
طريق اليسار - العدد / 9 /: كانون الأول/ 2008
-
طريق اليسار - العدد الثامن: تشرين الثاني 2008
-
طريق اليسار - العدد السابع- سبتمبر/ أيلول2008
-
جدل - مجلة فكرية سياسية ثقافية العدد 3 : آب 2008
-
طريق اليسار - العدد السادس:أغسطس/آب/2008
-
طريق اليسار - العدد الخامس: حزيران 2008
-
طريق اليسار - العدد الرابع: أيار 2008
-
جدل مجلة فكرية- سياسية – ثقافية العدد 2 : نيسان 2008
-
طريق اليسار - العدد الثالث: نيسان 2008
-
طريق اليسار العدد 2 : شباط 2008
-
طريق اليسار جريدة سياسية - العدد الأول : أواسط كانون الأول 2
...
-
جدل - مجلة فكرية- ثقافية- سياسية : العدد الأول: أواسط كانون
...
-
بيان عن أعمال اجتماع القيادة المركزية لتجمع اليسار الماركسي
...
-
بيان
-
الوثيقة التأسيسية
-
بيان اعلان تجمع اليسار الماركسي في سوريا - تيم
المزيد.....
-
المافيا الإيطالية تثير رعبا برسالة رأس حصان مقطوع وبقرة حامل
...
-
مفاوضات -كوب 29- للمناخ في باكو تتواصل وسط احتجاجات لزيادة ت
...
-
إيران ـ -عيادة تجميل اجتماعية- لترهيب الرافضات لقواعد اللباس
...
-
-فص ملح وذاب-.. ازدياد ضحايا الاختفاء المفاجئ في العلاقات
-
موسكو تستنكر تجاهل -اليونيسكو- مقتل الصحفيين الروس والتضييق
...
-
وسائل إعلام أوكرانية: انفجارات في كييف ومقاطعة سومي
-
مباشر: قوات الأمن الأردنية تعلن قتل شخص بعد إطلاقه النار في
...
-
كوب 29: اتفاق على تقديم 300 مليار دولار سنويا لتمويل العمل ا
...
-
مئات آلاف الإسرائيليين بالملاجئ والاحتلال ينذر بلدات لبنانية
...
-
انفجارات في كييف وفرنسا تتخذ قرارا يستفز روسيا
المزيد.....
-
المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية
/ ياسين الحاج صالح
-
قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي
/ رائد قاسم
-
اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية
/ ياسين الحاج صالح
-
جدل ألوطنية والشيوعية في العراق
/ لبيب سلطان
-
حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة
/ لبيب سلطان
-
موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي
/ لبيب سلطان
-
الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق
...
/ علي أسعد وطفة
-
في نقد العقلية العربية
/ علي أسعد وطفة
-
نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار
/ ياسين الحاج صالح
-
في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد
/ ياسين الحاج صالح
المزيد.....
|