إدريس جنداري
كاتب و باحث أكاديمي
(Driss Jandari)
الحوار المتمدن-العدد: 2547 - 2009 / 2 / 4 - 02:43
المحور:
القضية الفلسطينية
ما بين الدعوة إلى إطار تنظيمي جديد؛ كبديل لمنظمة التحرير الفلسطينية؛ و التي أطلقها خالد مشعل؛ و ما بين رفض التحاور مع الذين لا يعترفون بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي للفلسطينيين ؛ كموقف عبر عنه الرئيس الفلسطيني محمود عباس ؛ تحقق إسرائيل الهدف الاستراتيجي الذي خاضت من أجله حرب غزة ؛ و تخسر القضية الفلسطينية رهانا آخر في مسارها الطويل و الشاق .
هل يمكن أن نؤكد أن حماس بأجندتها السياسية الخاطئة ؛ تعتبر عميلا موثوقا به من طرف الحكومة الإسرائيلية ؛ يحقق الأهداف الصعبة التي لم تستطع إسرائيل تحقيقها في أشد فترات النضال الفلسطيني صعوبة ؛ و من بين هذه الأهداف محاولة تصفية منظمة التحرير الفلسطينية ؛الممثل الوحيد للشعب الفلسطيني في المحافل الدولية ؟
و هكذا يمكن لإسرائيل أن تتذرع منذ الآن بغياب المفاوض الممثل للشعب الفلسطيني؛ الشيء الذي يعني تأجيل المفاوضات؛ التي أطلقتها الرباعية الدولية؛ و التي تشجعها المبادرة العربية؛ حول الوضع النهائي لقضية دامت أكثر من اللازم.
لقد تأسست حماس منذ البداية لعرقلة أي مشروع فلسطيني وطني ؛ و استبداله بمشروع إسلاموي ؛ يحول الصراع من طابعه السياسي ضد مغتصب لحقوق شعب ؛ إلى صراع ذو طابع ديني يرتبط بأجندة سياسية خارجية .
و لعل هذا ليس باتهام فارغ؛ ولكنه حقيقة تثبتها الأحداث الجارية على أرض الواقع ؛ منذ الانقلاب الأخير الذي سعى إلى تأسيس إمارة إسلامية على حدود إسرائيل ؛ مما يمنحها المبرر في قتل و تشريد الآلاف من المدنيين تحت يافطة محاربة الإرهاب ؛ و مرورا بالأحداث الأخيرة التي أصبحت تطرح نتائجها أكثر من سؤال حول مصير القضية الفلسطينية .
و كلها قرائن واقعية تدفع كل متتبع للشأن الفلسطيني ؛ إلى أن يشك في هوية هذه الحركة الأصولية ؛ التي لم يجن من ورائها الشعب الفلسطيني ؛ إلا ويلات الحرب و الصراعات الداخلية ؛ التي ستأتي على آخر ما تبقى من الحلم الفلسطيني .
إن بوادر الأزمة التي برزت بجلاء على الساحة السياسية الفلسطينية ؛ رغم أن الحرب على الشعب الفلسطيني الأعزل لم تضع أوزارها بعد ؛ لتنذر بعواقب وخيمة تتهدد النضال الفلسطيني ؛ لعل أقلها استمرارية الوضع القائم ؛ عبر تحويل حلم الدولة الفلسطينية المستقلة إلى دويلات طوائف متناحرة ؛ تتحارب فيما بينها نيابة عن الاحتلال . و لعل بوادر فشل الحوار بين الفر قاء الفلسطينيين ليؤكد بالملموس استمرارية عزل الضفة عن القطاع ؛ و استمرارية سلطتين ؛ لكل سلطة أجندتها الخاصة.
لقد آن الأوان لتتوحد جميع الأجندة المتصارعة حول خيار واحد؛ يقوم على خدمة قضية الشعب الفلسطيني قبل أي شيء آخر؛ و لكي يتحقق هذا الرهان؛ فلابد من تقوية منظمة التحرير الفلسطينية كإطار تنظيمي وحيد قادر على تمثيل الشعب الفلسطيني ؛ بدل الدعوة إلى إضعافها ؛ و لعل هذا هو ما سيؤدي بشكل مباشر إلى الدخول في حوار فلسطيني يجمع كل الفصائل ؛ قصد التفكير بشكل جدي في تقوية النضال الفلسطيني الموحد ضد الكيان الصهيوني الغاشم ؛ الذي احتل الأرض ؛ و يسعى الآن إلى قتل و تشريد الإنسان .
#إدريس_جنداري (هاشتاغ)
Driss_Jandari#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟