أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - عدنان عاكف - القاعود يكتب واقفا فلا تصدقوه (3)















المزيد.....

القاعود يكتب واقفا فلا تصدقوه (3)


عدنان عاكف

الحوار المتمدن-العدد: 2545 - 2009 / 2 / 2 - 08:27
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


حول كتاب السياب " كنت شيوعيا " :
" إن جاءكم فاسق بنبأ " :
لنتذكر مقولة د. القاعود التي أشرنا اليها في الحلقة السابقة : " وقد جاءت إشارته إلى العروبة فى القصيدة لتكون قشة تقصم ظهر البعير الشيوعي ، وتجعل السيّاب يترك البعير وأصحابه ، وينتقل إلى عالم آخر عالم الجذور العربية الإسلامية...".
لنحاول الآن ولوج " عالم الجذور العربية الإسلامية " الذي انتقل اليه السياب بعد صحوته من الغيبوبة الشيوعية. ومن أجل ان ندخل هذا العالم علينا في البداية ان نفهم ما المقصود به، ان كان له معنى أصلا. في العادة يجري الحديث عن العلوم العربية الإسلامية، والحضارة العربية الإسلامية. العلوم العربية الإسلامية هي العلوم التي أبدعها العلماء العرب، مسلمين وغير مسلمين، والعلماء المسلمين من غير العرب في العصور الوسطى. وكانت اللغة العربية هي اللغة الأساسية لتلك العلوم. أما الحضارة العربية الإسلامية فيقصد بها " مجموع الإنجازات التي أبدعها الإنسان في مجال الثقافة والأدب والشعر والفكر والعلوم المختلفة، خلال العصر الإسلامي الوسيط، في تلك الدولة المترامية الأطراف، والتي امتدت من حدود الصين الى شواطئ الأندلس. وكان الهدف من هذا المصطلح التأكيد على السمة التعددية لتلك الحضارة حيث امتزجت فيها حضارات مختلف الشعوب والأقوام التي اعتنقت الإسلام. ولكن الأمر يصبح مختلفا تماما عندما ننتقل الى عالم الجذور؛ صحيح هناك توافق بين الكثير من الجذور العربية والجذور الإسلامية، ولكن هذا لا يسمح لنا بالحديث عن جذور واحدة. وان كان هناك توافق في بعض الجوانب، فهناك اختلاف، بل وتناقض في جذور أخرى.. ويمكن القول ان الإسلام، في بعض جوانبه، جاء من أجل تقويض الكثير من الموروثات والعادات والتقاليد والجذور القبلية والعشائرية التي كانت تتحكم بعرب الجاهلية، ولدى الأقوام الأخرى التي انضوت تحت راية الإسلام. ثم ماذا عن الجذور الإسلامية غير العربية: الفارسية والتركية، والاندونيسية، والباكستانية، والهندية والأفريقية...الخ. ثم كيف لنا ان نصف مقالات السياب بكونها عودة الى عالم الجذور العربية الإسلامية اذا كانت تنضح بروح عنصرية ؟ أليس الفرس الذين تحدثت عنهم المذكرات بنبرة عنصرية من المسلمين؟ مع كل هذا سنحاول ولوج هذا العالم الذي لا وجود له ونتمسك مع د. القاعود بتلك الجذور، في مجال البحث عن الحقيقة. فهل التزم القاعود بالمنهج الذي تفرضه التعاليم الدينية والمبادئ العلمية والأخلاقية، والتي يفترض ان تشكل الجذور الرئيسة وليس الفرعية ؟ سنبدأ بالآية الكريمة التي يعرفها الجميع :
" يا أيها الذين آمنوا ان جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا ان تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين ".
يراد من هذه الآية التأكد من صحة الخبر المنقول من عدمه قبل القطع بصدقه مادام ناقله مجهول الحال أو كان فاسقاً. قال ابن القيم بهذا الشأن : " ان الله لم يأمر برد خبر الفاسق فلا يجوز رده مطلقا بل يتثبت فيه حتى يتبين هل هو صادق أو كاذب، فإن كان صادقاً قبل قوله وعمل به وفسقه عليه، وإن كان كاذبا رد خبره ولم يلتفت إليه ".
انها تؤكد على مسألة في غاية الأهمية في حياة الناس ، وهو الاهتمام بدقة الخبر المنقول والتثبت من صحته ، قبل قبوله أو رفضه، أو اتخاذ أي حكم أو قرار، أو أي رد فعل بناء عليه..
كانت هذه الآية هي الأساس الذي اعتمده المسلمون الأوائل في صياغة منظومتهم الفكرية والأخلاقية والقضائية. لكن تاريخنا يبين، مع الأسف الشديد، ان الكثير من الذين لبسوا العمامة وأطلقوا اللحى، ومارسوا مهنة الكتابة، واشتغلوا في العلم ونقل الأخبار والروايات لم يكونوا أوفياء مع أنفسهم. ومن يطلع على مؤلفات العلماء الأوائل في التاريخ والجغرافيا وعلم الفلك والفقه سيجد ان معظم تلك المؤلفات تبدأ بمقدمة عامة يطرح فيها المؤلف المنهج الذي اعتمده في جمع معلوماته والطريقة التي اعتمدها في توثيق تلك المعطيات والتأكد من صحتها ودقتها. بعدها ينتقل الى تحذير القراء من مغبة قبول كل ما يقرءوه، حتى وان كان لمؤلفين مشهود لهم بالأمانة والنزاهة، والصدق، والمعرفة العلمية، لأن الكثير من الأخبار المتداولة قد تكون ملفقة ومزورة، أو منحولة أو مدسوسة. وحري بنا جميعا ونحن نقرأ كتب التراث ومقالات " الباحثين " المعاصرين ان نتذكر نصيحة ابن خلدون التالية:
" إن فحول المؤرخين في الإسلام قد استوعبوا أخبار الأيام وجمعوها، وسطروها في صفحات الدفاتر وأودعوها، وخلطها المتطفلون بدسائس من الباطل وهموا فيها وابتدعوها، وزخارف من الروايات المضعفة لفقوها ووضعوها، واقتفى تلك الآثار الكثير ممن بعدهم واتبعوها، وأدوها إلينا كما سمعوها، ولم يلاحظوا أسباب الوقائع والأحوال ولم يراعوها، ولا رفضوا ترهات الأحاديث ولا دفعوها، فالتحقيق قليل، وطرق التنقيح في الغالب قليلة ".
عندما كتب ابن خلدون مقدمته لم يكن الإنسان قد عرف شيئا اسمه الكومبيوتر والانترنيت والمواقع " الثقافية والفكرية " الالكترونية التي تضخ علينا كل يوم الكثير من الغث والزبد الذي لا ينفع الناس، كما حدث بعد نشر كتاب السياب في العام الماضي.
وهذا ما دفع بالعلماء المسلمين، العاملين في شتى مجالات العلوم الإنسانية والطبيعية الى إعارة اهتمامهم الكبير للوثائق ومصادر المعلومات التي بين أيديهم والتحري عن مصداقيتها، مهما كان صاحبها. وهم بهذه الخطوة قد وضعوا اللبنات الأولى لتأسيس المنهج النقدي في البحث العلمي. وكان من بين معوقات البحث آنذاك ما يعرف اليوم بـ "سلطة العلماء ". وما كان بوسع الرواد ان يخرجوا من جلباب العلوم اليونانية بسهولة ويسر، بل كان عليهم في البداية ان يقاوموا الوهج الساطع لعلماء اليونان الكبار. وهذا ما دفع بعالم كبير آخر هو الحسن ابن الهيثم الى التحذير من ان : " حسن الظن بالعلماء في طباع جميع الناس "... ولكن كما ان رد الخبر ورفضه لا يجوز لمجرد ان قائله رجل " فاسق " ، إلا بعد التثبت من صحته من عدمه، كذلك لا يجوز على الإطلاق الأخذ برأي العالم الفاضل، مهما بلغ منزلة في العلم والأخلاق، قبل التأكد من صحة ما يدعي... ومن هنا كان تمجيد علمائنا الكبار للحقيقة العلمية مهما كان لونها وجنسها، وطعمها، والقبول بها حتى لو كانت مرة المذاق، بغض النظر عن دين وملة وجنس قائلها. وهو موقف يتناقض تماما مع موقف د. القاعود ورفاقه من فرسان محاربة الأفكار والثقافة " المستوردة ".
لا أشك في ان د. القاعود يقف مع الواقفين في مقدمة " المؤمنين " الذين تتوجه اليهم الآية الكريمة. ولكن هل حقا انه تبيّن من صحة الخبر الذي نقله واعتمده مرجعا مؤتمنا وهو يقدم على تخوين الشيوعيين في العالم العربي والنيل من أخلاقهم وشرفهم ووصفهم بأقذع الكلمات التي يمكن أن تخطر على بال أحد ؟ أنا أشك بذلك، وهناك ما يدفعني الى هذا الشك. السياب ( بشعره وثقافته، ومواقفه السياسية والاجتماعية والفكرية ) ليس بالشخص الذي يمكن ان يركن اليه د.القاعود، وان ينال ثقته بسهولة. حتى بعد انفصاله عن الشيوعيين وموقفه العدائي منهم بقي بدر بفكره ومفاهيمه أقرب الى الشيوعيين منه الى د. القاعود ومواقفه وأفكاره. نعم لقد ابتعد عن الشيوعيين، لكنه لم يقترب من الإسلاميين، بل من القوميين، الذين يكن لهم د. القاعود العداء أيضا. كيف يمكن لشخص مثل السياب، الذي فتح الباب على مصراعيه أمام حركة الحداثة ان يكون موضع ثقة لدى مفكر يعتبر الحداثة هي الشيوعية وانها تعني " عدم التواصل أو الانقطاع عن الماضي تاريخيا وجماليا، أو رفض كل القيم المرتبطة بالماضي "؟
لكن القاعود أخذ بكل ما ورد في مذكرات الشاعر لمجرد انه يتحدث عن فضائح مثيرة وتهم خطيرة تمس الشيوعيين. وهذا ما يبحث عنه ويُشبع فضوله.
والشيء الآخر الذي يدعو المؤمن الى ان يتبيّن جيدا قبل ان يصدق مذكرات السياب هي ان تلك المذكرات، من حيث الأسلوب والمضمون تحتوي على الكثير من عناصر الشك والريبة. حتى الذين أشادوا بمذكرات السياب توقوا عند أكثر من نقطة سلبية تدعو الى الشك والريبة في صحة المعلومات والوقائع التي تحدث عنها بدر.
يقول الحسن ابن الهيثم : " الواجب على الناظر في كتب العلماء، إن كان غرضه معرفة الحقائق ان يجعل نفسه خصما لكل ما ينظر فيه ويحيل فكره في متنه وفي جميع حواشيه ويخصمه من جميع جهاته ونواحيه ويتهم أيضا نفسه عند خصامه فلا يتحامل عليه ولا يتسامح فيه ". صدقت أيها الشيخ العالم الجليل حين شددت بصوت عال على " أن كان غرضه معرفة الحق "! هل كان د.القاعود راغبا في معرفة الحق حقا ؟ أم انه كان يسعى من أجل غاية أخرى؟ ويؤكد ابن الهيثم على ان " خصامه من جميع جهاته ونواحيه" ينبغي ان يتم " بالحجة والبرهان، لا قول القائل الذي هو إنسان المخصوص في حياته بضروب الخلل والنقصان ".. وبكلمة أخرى ينبغي ان يقوم النقد على أسس موضوعية وأدلة موثوقة ويقينية تعتمد الحجة والبرهان، وليس مجرد قول فلانة وفلان..
أين " الحجة والبرهان " في كل ما قلته في مقالتك أيها الناقد الفاضل؟ وأين " الحجة والبرهان " في كتاب " كنت شيوعيا " الذي اعتمدته وثيقة مرجعية لا يجوز التشكيك بأي كلمة وردت فيها ؟ ما بالك اذا كانت مرجعيتك مخصوصة " بضروب الخلل والنقصان " بالرغم من كون مؤلفها صاحب شعر ما زال الكثير من كبار الشعراء العرب يلهثون للحاق به ؟
يختتم الدكتور القاعود مقالته بالعبارة البليغة التالية :
" لقد جاء كتاب السياب " كنت شيوعيا " في أوانه، ليفضح أكذوبة كبرى اسمها الشيوعية، أو الحداثة كما يتجمل البعض في تسميتها."...
كيف يمكن لكتاب مؤلفه شاعر يقر له الكثيرون من كبار الشعراء العرب والنقاد بريادة الحداثة في الشعر العربي، أن يفضح أكذوبة كبرى اسمها الحداثة؟؟
اذا كانت هناك " أكذوبة كبرى " ينبغي فضحها فهي هذه الجملة الخالية من أي شيء يمت الى الحقيقة بصلة. لقد أشار الكثيرون ( ومن بينهم الذين لم يخفوا تأييدهم لمواقف السياب العدائية تجاه الشيوعية ) الى ان هجومه على الشيوعيين قد أساء الي نفسه. ليسمح لي القارئ ان أعيد الى ذهنه ما نقلناه في حلقة سابقة عن أهم ناقدين كتبا عن السياب وهما غازي علوش ود, إحسان عباس. لنحتكم الى شهادة كلا الأديبين مرة أخرى .كتب علوش بشأن مقالات السياب:
" كانت هجوما حاقدا انفعاليا لم يبق ولا يذر. كان بدر في هذه الفترة يتهاوى. لقد هاجم الشيوعيين، وتملق قاسم مرارا، وان كان قد ظل ضده، ولكنه قد بدأ يحس بالعبث والتعب والانهيار "..
و قد وصف د. إحسان عباس تلك المقالات بانها عبارة عن هجوم عنيف على الشيوعيين " لا يبقي ولا يذر وكأنه حاطب ليل... ولذا فأصاب رشاش قلمه كثيرا من الناس فيهم القريب والبعيد، واضطر أخوه مصطفى أن يعلن تبرؤه من هذا الموقف..." ولم يتورع السياب من اللجوء الى الفضائح وتهم الجنس. " لقد حاول تهشيم شيء كبير بأسلحة كليلة. وسمح لنفسه ان يجتاح كل الحدود، فأدان نفسه قبل ان يدين الآخرين "...
وجدير بالذكر ان الأول كان بعثيا ، والثاني من القوميين العرب..
لم تكن مقالة د. القاعود سوى واحدة من عشرات المقالات التي نشرت، بعد صدور كتاب " كنت شيوعيا "، في وسائل الإعلام العربية المتناثرة من المحيط حتى الخليج. وقد عبرت الكثير من تلك المقالات عن ترحيبها بصدور الكتاب، التي وجدت فيه مادة إعلامية مهمة لفضح مواقف الحزب الشيوعي العراقي من القضية الفلسطينية، وكأنه المسؤول الأول عن جميع الكوارث التي حلت بالشعب الفلسطيني، بدء من وعد بلفور مرورا بمذبحة دير ياسين، وحتى مجزرة غزة الأخيرة. في مقالة، لم يخف صاحبها تعاطفه العميق مع السياب المنتقم لدينه وقوميته، اعتراف بان المذكرات اعتمدت طابعا تشهيريا ولم توفر لغته الفضائحية شاردة أو واردة إلا أتت عليها. وكانت لغة انتقامية أو ثأرية جراء ما تعرض له الشاعر الكبير على أيدي " رفاق الأمس "، بما فيه تعرضه للضرب على يد فنان تشكيلي معروف ".. ويواصل الكاتب : " واعتمد السياب لغة ابتعدت عن " لغة السياسة " أو " المساجلة " ، وبلغت حد القذف والتشهير. كاتب آخر يقول في جريدة " المستقبل " اللبنانية في 10/7/ 2007 : ان بدر " أرادها "فشه خلق" او "صرخة" او "ندامة" على زمن "أهدره" في حزب يفترض انه كان طليعياً. لكن السياب في نقده، هذا قلما ناقش الفكر الشيوعي بعمق، أطروحاته، فلسفاته، برامجه، أفكاره، وعلاقته بالواقع العراقي. فقد غلبت على كتابته هذه التفاصيل العينية لبعض الحزبيين، ولمواقفهم ولسلوكهم..".
لا أظن ان د. القاعود سيوجه تهمة " الشيوعية " الكاتب ناظم السيد ، فهو رجل مؤمن ومن المنافحين الأشداء عن قوميته ودينه، ولذلك وجد أيضا، مثل القاعود، ان بدر كان يثأر للعروبة والإسلام. يقول السيد :
" في كل حال غلبت على مقالات السياب هذه لغة فضائحية حينا وكيدية حينا آخر، ليس في الكتاب سجالات سياسية بالمعنى العميق للكلمة ولا نقاشات فكرية كتلك التي كانت رائجة في زمانه. وهذان مأخذان على شاعر حداثي وفرد انخرط في العمل الحزبي مدة ثمان سنوات... لقد كان السياب يقوم بفعل تطهيري إزاء قوميته ودينه في آن..."..
اذا كانت اللغة الفضائحية والكيدية الخالية من السجالات السياسية والنقاشات الفكرية هي اللغة التي يعتمدها شاعر كبير ليقوم بفعل تطهيري إزاء قوميته ودينه، فأية لغة يمكن أن يعتمدها الجاهل والأحمق؟؟؟
يبدو لي ان مفكرا إسلامي بوزن د. القاعود يعرف قبل غيره ان فضح الشيوعية كفكرة وعقيدة بحاجة الى ما هو أكثر من " فشة خلق " وأكثر من الشعور بالندم، وشيء أكثر تأثير وفاعلية من الشتائم ونشر الفضائح الجنسية. انه بحاجة الى لغة عقلانية ، على نقيض " اللغة الفضائحية والكيدية ". بحاجة الى " سجالات سياسية بالمعنى العميق للكلمة " وبحاجة الى " نقاشات فكرية " متعمقة !!! وهذا بالذات ما افتقرت اليه مذكرات السياب، باعتراف معظم من اطلع عليها. وهذا بالذات ما افتقرت اليه مقالة د. القاعود، والتي لا تعدو أن تكون " فشة خلق "، أو " صرخة " انتقام من فكر كان وما زال يؤرقه ويقض مضاجعه أسمه الفكر الماركسي!
في الختام لا بد من القول ان الموضوعية تحتم علينا الاعتراف بأن الدكتور حلمي القاعود ليس قاسي القلب على طول الخط، بل هو ذو قلب مسامح عطوف ويمكن أن يتسع لجميع الضالين، في حالة لو أعلنوا التوبة ، والرجوع من ظلالهم الى " نور " الإسلام ، و" عالم الجذور " العربية الإسلامية. وموقفه من الشاعر العراقي التائب لخير دليل على ما نقول.
واذا كانت رحمة القاعود تشمل شيوعيا عراقيا تائبا كالسياب فهي أولى بان تشمل ضالا مصريا مارقا ، مثل د. جابر عصفور، الذي خصه بدعاء ، أتمنى لو يشملني ببركاته أيضا : " اللهم اجعل جابر عصفور جندياً من جنود الإسلام، أو أقول: اللهم انصر الإسلام بجابر عصفور، فهو يملك القدرة والطاقة على الدفاع عن الدين، ومواجهة خصومه ". لكن سريان مفعول هذه الدعوة مشروط بكلمة " لو " الشرطية:
" لو أن الدكتور جابر التقط قضية واحدة من القضايا المطروحة، وعالجها بمفهوم إسلامي، ومرجعية إسلامية، لكنا معه على طول الخط، حتى لو أخطأ، لأن الخطأ حينئذ يمكن تصحيحه وتوضيحه وبيانه، ولكنه للأسف الشديد، ظل طوال خصومته ينطلق من مرجعية غربية لا تتفق مع الإسلام في معظم منطلقاتها "..
ان " لو " الشرطية هذه لا تليق بمناضل إسلامي يقارع الأنظمة الحاكمة المتسلطة في أكثر من بلد عربي ( كما يدعي )، لأنها من المفردات الشائعة عند السلاطين، وخاصة المستبدين منهم. كانت " لو " هذه من المفردات المحبذة عند صدام حسين ، وكان يكررها باستمرار، ليس أمام الغرباء من المواطنين العراقيين، بل ومع أعضاء حزبه أيضا. ومن بين الجمل المحبذة اليه: " لو آمنت بمادئ الحزب وتمسكت بتوجيهات القيادة فان خيمة الحزب والثورة ستكون مفتوحة أمامك أيضا ".
هل صدقتم ان الدكتور حلمي القاعود يكتب واقفا؟ المثقفون يعرفون قبل غيرهم ان الكتابة الجادة الرصينة، التي تتوخى الدقة ومعرفة الحقيقة، تتطلب ذهنا صافيا وأعصابا هادئة وضميرا حيا، وقدرة بالغة على التمسك بالموضوعية. وهذا ما لا يمكن للكاتب ان يوفره وهو يكتب واقفا، مهما حمل من شهادات عليا. لهذا لا تصدقوه!!!



#عدنان_عاكف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القاعود يكتب واقفا فلا تصدقوه (2 )
- لتتفتح ألف زهرة وزهرة في بستان الحوار المتمدن
- د. القاعود يكتب واقفا فلا تصدقوه 1
- البيروني والمنهج النقدي
- كلا! لن يفعلها مجلس النواب في بغداد! لنبحث عن من يفعلها بحق
- ماذا كان سيقوله آينشتاين عن مجزرة غزة ؟
- قصة الخضر بين القزويني وتشارلز لييل
- آينشتاين والقنبلة الذرية
- في ذكرى مأساة هيروشيما آينشتاين مناضل من أجل السلم -2
- في ذكرى مأساة هيروشيما آينشتاين مناضل من أجل السلم -1
- - طب وشعر كيف يلتقيان - ؟؟
- - الشرعية الثورية - و - الشرعية التاريخية -
- الصراع بين الشعر والعلم - 1
- المسلمون الأوائل وكروية الأرض - 3
- المسلمون الأوائل وكروية الأرض – 2
- المسلمون الأوائل وكروية الأرض - 1
- ثورة تموز و - الديمقراطية الملكية -
- 14 تموز بين الموقف العاطفي و الموقف الطبقي
- 14 تموز: تلبية لإرادة الشعب أم تحقيق لمطامح العسكر ؟؟
- نحن وثورة الرابع عشر من تموز 1


المزيد.....




- إيران تعلن البدء بتشغيل أجهزة الطرد المركزي
- مراسلنا في لبنان: سلسلة غارات عنيفة على ضاحية بيروت الجنوبية ...
- بعد التهديدات الإسرائيلية.. قرارت لجامعة الدول العربية دعما ...
- سيناتور أمريكي: كييف لا تنوي مهاجمة موسكو وسانت بطرسبرغ بصوا ...
- مايك والتز: إدارة ترامب ستنخرط في مفاوضات تسوية الأزمة الأوك ...
- خبير عسكري يوضح احتمال تزويد واشنطن لكييف بمنظومة -ثاد- المض ...
- -إطلاق الصواريخ وآثار الدمار-.. -حزب الله- يعرض مشاهد استهدا ...
- بيل كلينتون يكسر جدار الصمت بشأن تقارير شغلت الرأي العام الأ ...
- وجهة نظر: الرئيس ترامب والمخاوف التي يثيرها في بكين
- إسرائيل تشن غارتين في ضاحية بيروت وحزب الله يستهدفها بعشرات ...


المزيد.....

- -فجر الفلسفة اليونانية قبل سقراط- استعراض نقدي للمقدمة-2 / نايف سلوم
- فلسفة البراكسيس عند أنطونيو غرامشي في مواجهة الاختزالية والا ... / زهير الخويلدي
- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - عدنان عاكف - القاعود يكتب واقفا فلا تصدقوه (3)