أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - هشام نفاع - عن اعادة ترتيب الدبابات














المزيد.....


عن اعادة ترتيب الدبابات


هشام نفاع

الحوار المتمدن-العدد: 781 - 2004 / 3 / 22 - 09:15
المحور: القضية الفلسطينية
    


يمكن الافتراض بأن مسألة الانسحاب الاسرائيلي من قطاع غزة باتت امرا محسومًا. وليس لأن اريئيل شارون وحكومته اليمينية قرروا: الى اليسار دُر! وبالطبع، فإن الدوافع (الاضطرارية) لدى شارون، لا تتوافق مع ما يقوله رافضو الخدمة العسكرية من الشبان اليهود، مثلا. الفرق شاسع. هؤلاء الاخيرون يتحدثون بمفاهيم التسوية، والعدالة (النسبية) والشراكة بين الشعبين والمستقبل، بينما شارون يفعل ما يفعل على مضض. ولكن هل سيعني اختلاف الدوافع لدى رئيس حكومة اليمين عنها في أجندة رافعي راية التسوية العادلة - بمختلف أطيافهم - أن يتم اتخاذ موقف سلبي من هذا الانسحاب؟ سؤال.

ففي سلة الدوافع التي تجعل الجنرال شارون يطرح علانية مشروعه الانسحابي، تجتمع الكثير من الثمار الفاسدة. هناك "الخطر الدمغرافي" (المنسول من وهم) النقاء العرقي لاسرائيل، ومحاولة شارون ايهام العالم وكأنه يقوم بخطوات سياسية فعلية، وكذلك دفع ثمنٍ ما في غزة بهدف تكريس سيطرة احتلالية استيطانية في مواقع واسعة من الضفة الغربية. واذا كانت هذه الاسباب تتشابه في كونها تعبر عن النقيض التام لمفاهيم التسوية السياسية، بل تعني استمرار التخبط في وحل التفكير العسكري الحربي، فإن الامر لا يجب ان يعني ان الانسحاب من غزة هو امر مرفوض. بل على العكس، ربما من الأفضل الترحيب بكل انسحاب لجيش الاحتلال ومستوطنيه من أي موقع فلسطيني، مع ان الامر يتم اضطراريا من طرف واحد وبدون ترسيم حل شامل. وهنا لا بد من ملاحظتين / استدراكين:

1. الموقف من أي انسحاب جزئي سيكون مختلفا تماما فيما لو تم من خلال اتفاق بين الطرفين، الاسرائيلي والفلسطيني. لأن الامر سيعني عندها ليس الموافقة على "هذا الانسحاب" فقط، بل أيضًا التنازل عن الانسحاب التام من الاراضي المحتلة عام (1967).
2. طالما أن أعلى سقف قد يصله شارون من حيث التحركات السياسية هو الانسحاب الاضطراري والجزئي والمنقوص، لأهداف (صراع) البقاء في السلطة - فمن الافضل ان يتم ذلك الآن من طرف واحد وبدون اتفاق. وهذا لا يعني بالطبع رفضا لاستراتيجية الاتفاقات بل يعني التشكيك بقدرة شارون على التوصل الى اتفاق سياسي حقيقي، بما يعنيه ويتضمنه من مفاهيم التسوية والنظر الى المستقبل واعتماد معادلة لا تقوم على الاستغلال والاستعلاء - بل على المساواة والتكافؤ.

وبما ان شارون علّم الجميع عبر مختلف الترجمات الدموية لطروحاته، انه غير مستعد وربما غير قادر على اعتماد تلك الرؤية، وانه لا يزال أسير التوغلات والاجتياحات والدبابات وفرض الامر الواقع بالبنادق - بما انه كذلك، فمن الافضل ان ينسحب بعض الشيء. وقبل ان يحل يومه القادم لا محالة، حين سينسحب من الحلبة السياسية. فمهما كانت فترة حكمه قاسية ودموية ومحبطة يجب التذكر دوما انه يملك اجلا (سياسيا أقصد) محتوما. لن يكون شارون للأبد، ولا الاحتلال بالتالي. وحتى لو كانت دوافع ورثته كدوافعه، فإنه سيظل من الصعب تكريس الاحتلال على شعب يرفض الانكسار. وما سيخليه الآن من مواقع فلسطينية سيكون وسيلة تذكير بان استمرار الاحتلال حتى بقيادة الجنرال الأعنف هو أمر غير وارد.

الانسحاب كلمة مضللة بالطبع. خاصة عندما تُصاغ كـ "انسحاب ما عدا.." (مستوطنات معينة، محاور عسكرية، "مواقع حيوية"..). مع ذلك، وبسبب ذلك، يجب اعادة التأكيد أن ما يجري الحديث عنه ليس انسحابًا، بقدر ما هو اعادة صياغة أو ترتيب أوراق الاحتلال. ليس أوراقه بل دباباته!

من هنا فربما ان الطريق الأحكم للتعامل مع مخطط شارون الجنرال هو نزع العبوة التي يزرعها. حسنًا، لا يمكن لعاقل أن يعارض أي انسحاب مهما كان محدودًا، ولكن ليكن واضحًا انه ليس انسحابًا بالضبط. قد يسمي شارون ما يسوّقه "حلاً"، كي يهرب من المستحقّات الواضحة تجاه الشعب الفلسطيني، ولكنه يكشف في الوقت نفسه واحدة من نقاط الضعف المثيرة للرضى! فها هو "آخر الطلقات في مسدس الاحتلال" يصل الى ما وصله سابقوه: تكريس الاحتلال مستحيل. صحيح أنه يواصل لعبة التجزئة وتقطيع أواصل الأرض الفلسطينية والقضية الفلسطينية، ولكن هذا لن يجلب هدوءًا.

قد يكون من الملائم النظر الى ما يفعله شارون "من مسافة ما". انه يفعل ما يفعله مكرهًا، لأن الوزن النوعي للقضية الفلسطينية، بوصفها قضية تحرر، في ارتفاع مستمر. بالنسبة الى معارضي شارون الحقيقيين هذه فرصة لتأكيد أمرين غير جديدين: الاحتلال ينتج نقيضه من داخله، وهناك حدود للقوة مهما استثمرت قنابل بوزن طن من المتفجرات التي تطلقها طائرات "اف - 16" على الاحياء السكانية المكتظة. فالمفارقة (المؤلمة) هي أنه حين جرى استعمال هذه الذخيرة الثقيلة بدا جهاز الاحتلال كمن أطلق النار على نفسه. وكأنه أشار الى حدود ما يمكنه المضيّ فيه.

ما العمل الآن اذن؟
ربما أن المسألة المركزية ستظل ضرورة فتح كافة العيون على نهج شارون، ولكن من خلال عدم التخلي بالمرة عن التفكير والنشاط والعمل لنشر الوعي البديل - حتمية العيش المشترك بين الشعبين، كمنظور وحيد لمستقبلنا..



#هشام_نفاع (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فقر وجوع لدى بلفور وهرتسل
- حتى تصبح الدبابات بكامل كاريكاتوريتها
- عمليات انتحارية، سياسيا أيضا
- قصة اعلان تعزية


المزيد.....




- بيان من مجلس سوريا الديمقراطية بعد الإعلان الدستوري
- لأول مرة.. السعودية تتفوق على مصر وإسرائيل في المقاتلات العس ...
- اجتماع بين إيران وروسيا والصين في بكين لمناقشة البرنامج النو ...
- بي بي سي تدخل قاعدة حميميم في سوريا التي تؤوي عائلات علوية ...
- متى يعتبر نقص الحديد في الجسم مشكلة؟ وما أفضل طرق العلاج؟
- الصين وروسيا تدعمان إيران مع ضغط ترامب لإجراء محادثات نووية ...
- البرتغال تشكك في شرائها مقاتلات -إف-35- خشية من موقف ترامب
- اكتشاف ينهي جدلا علميا واسعا حول المومياء المصرية -الحامل-
- أوربان يعارض القرض المشترك للاتحاد الأوروبي لدعم أوكرانيا وي ...
- لوكاشينكو: منظومة صواريخ -أوريشنيك- الروسية ستدخل في الخدمة ...


المزيد.....

- اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني / غازي الصوراني
- دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ ... / غازي الصوراني
- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان
- تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020- / غازي الصوراني
- (إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل ... / محمود الصباغ
- عن الحرب في الشرق الأوسط / الحزب الشيوعي اليوناني
- حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني / أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
- الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية / محمود الصباغ
- إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين ... / رمسيس كيلاني
- اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - هشام نفاع - عن اعادة ترتيب الدبابات