هايل نصر
الحوار المتمدن-العدد: 2544 - 2009 / 2 / 1 - 10:17
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لا يمكن للمقيمين العرب في الغرب, وهم يرون آلاف المتظاهرين ينزلون للشوارع في كل المدن الكبرى, منذ العدوان الوحشي الصهيوني على الشعب الفلسطيني في غزة , ويسمعون الهتافات, التي لم يكتبها عرب أو يوحي بها إرهابيون, أو معادون للسامية, الناعتة إسرائيل بالعنصرية وبالإجرام والوحشية . ويرون ويسمعون, مقابل ذلك, المواقف المتغطرسة, والانتهازية, والمتواطئة, للحكومات المنتخبة من قبل هذه الآلاف, والتي من المفترض , حسب أصول الديمقراطية, إنها تمثلهم وتعكس آراءهم وإرادتهم وتقف عندها, لابد لهؤلاء المقيمين, مهما كانت صفاتهم, الطارئة على هذه المجتمعات, ومهما كانت درجة الاندماج فيها معاشيا وثقافيا وعلميا.. بهذا القدر أو ذاك من "الاندماج", أن يندهشوا, وأن يختل عندهم مفهوم الديمقراطية, و تهتز أمام أعينهم قيمها. فهم يرون ويحسون ما لا يراه, واضحا, ولا يحسه, عميقا, غيرهم من المواطنين الغربيين الضاربة جذورهم في أعماق تاريخ قارتهم, منذ قرون وقرون, القضايا العادلة التي يراد لها عمدا أن تستعصي على الفهم, وان تصبح أدوات لتبادل المصالح غير المشروعة, وكأنّ مكوناتها ليست أرواحا أرواح بشرية, وحقوقا, وقيما إنسانية.
تيارات كاسحة من المواطنين الأوربيين تعبر عن أرائها بالتظاهر في الشوارع, وأخرى ترى ما يراه المتظاهرون, وان لم تخرج للتعبير عنه في الشوارع, وأخرى غيرها تتظاهر, وان كانت اقل بما لا يقاس, وربما لهول الحدث وبشاعة الجريمة, لتأييد إسرائيل في عدوانها.
يقابل كل هذا, وأمام دهشة المقيمين في الغرب من غير الأصول الغربية, إعلام في غالبيته المطلقة, يذهب عكس ما يرى ويحس به الجميع, يضلل وينتقص من قيمة وجدوى ما يحدث, بإعادة إخراج سينمائي تقني للعدوان, ومداه, وأسبابه, وحصيلته ونتائجه, وإعادة تركيب الأحداث مدعمة بالتعليق والصورة. تعليق منحاز انحيازا مقززا, وصورة مجتزأة ومشوهة في جانبها المأخوذ من الجانب العربي, وصافية صفاء مزورا وخادعا من جانبها الإسرائيلي. وكانّ الأمر لا قيمة مؤثرة له, لأنه لا يمس مباشرة هؤلاء المستنكرين, فهو متعلق بحياة آخرين. آخرون يتسببون عمدا في قتل أنفسهم وبتشردهم. ويسعون بإقدامهم إلى شقائهم . ويجبرون الآخرين من الصهاينة "المسالمين" على ارتكاب جرائم بحقهم. إعلام ينقل ما يروجه الإعلام الإسرائيلي نقلا حرفيا ــ وبمفردات كبير دجاليهم حامل جائزة نوبل للسلام, الصهيوني المخضرم شمعون بيريس ــ ويضفي عليه ما يسمى مهنية. ويريد أن تصدق الشعوب بان الضحية قتلت القاتل, أو أنها سعت لقتله فقتلت نفسها.
فأصبح الدفاع عن إسرائيل واجب كل الديمقراطيات الغربية, أليست هي "واحة للديمقراطية" على النموذج الغربي, في شرق أوسط أنظمته السياسية شمولية, ودكتاتورية, وإرهابية, ومتخلفة, تضطهد شعوبها وتحتقر الإنسان, مواطنها, وتجرده من حقوقه. وأنظمة عربية تفوق في هذا غيرها من تلك الأنظمة. قتل بعضها وشرد واضطهد الفلسطينيين, في أماكن عديدة وبوسائل مختلفة, بما يفوق ما فعلته إسرائيل, المدافعة عن نفسها, وعن ديمقراطيتها, وعن العالم الحر والمتحضر. ومنظمات وفصائل فلسطينية, بالعشرات, متناحرة, تصفي أحيانا حساباتها فيما بينها بقوة السلاح, تنحاز إلى هذا النظام العربي أو ذاك من الأنظمة المذكورة, فتهب لنصرته وتغضب لغضبه, ولو على حساب قضيتها الأساسية, ولو على حساب الشعوب العربية التي تعاني بدورها من جور هذه الأنظمة.
هذه هي الصورة المنقولة بعيرها ونفيرها إلى شعوب الغرب ــ وليس لحكامه, لأن هؤلاء يعرفون جيدا الولد وأمه وأبيه ــ بأقلام وصور ودعايات إسرائيلية , يساعدها في ذلك غباء وغوغائية أعلام عربي عنتري النبرة, هجائي, يفوق لسان الفرزدق وجرير قذاعة وقذفا وتشهيرا. خطاب عربي غير قابل للتغير لأنه خارج العصر كليا, ومن عقلية وثقافة وتركيبة الأنظمة المذكورة, ومن طبيعتها وإفرازاتها. فبماذا يفيد القضية التي نحن , مثلا, إن يعلن المتفرجون من مواقعهم الوثيرة طيلة 22 يوما, وقبل أن تجف الدماء وتُجمع الأشلاء, النصر المبين, مكفرين ومخونين كل من لا يشارك في الاحتفالية, أو يشارك فيه بتحفظ, داعين لمزيد ومزيد من الانتصارات المشابهة , مع عدم نسيان إهدائها للمستحقين, أمام دهشة كل المؤيدين من المتظاهرين المتعاطفين معنا, لا لشيء وإنما لهول المجزرة.
ولكن أيها الغرب المؤيد لديمقراطية إسرائيل, هل هذه الأنظمة العربية الدكتاتورية والشمولية, هي خيار شعوبها, ومنتخبة من قبلها ولا ترضى عنها بديلا ؟. وهل تعكس طبيعة الشعوب العربية وثقافتها وأمنياتها وأحلامها؟. وهل أنشأت الأنظمة المذكورة نفسها بنفسها, معتمدة كليا على الذات؟, وهل كان الغرب, الذي يبشر بالديمقراطية, بريء من هذا الإنشاء, و بعيد عن تقديم الدعم لها ووسائل الإبقاء؟, ولم يساهم, عامدا متعمدا, بوأد كل أمال شعوبنا بديمقراطية وحرية ومساواة دفعت من اجلها دما ودموعا, وعانت في السجون اقسي أنواع التعذيب, وفي المهاجر تشردا وملاحقة؟.
في عيون الجماهير الغربية الغاضبة والمستنكرة المجازر في غزة, القضية الفلسطينية غائبة كقضية, ومنسية, والقليل منهم يعلم كيفية نشأة إسرائيل "الديمقراطية" على النموذج الغربي, وحقيقة ادعائها بأنها الامتداد الطبيعي لحضارة الغرب, وادعاءاتها بأنها جاءت تقيم واحة جميلة في صحراء العرب القاحلة في كل شيء, وان التصحر سيزداد تصحرا على تصحر إن لم تتوسع فيها هذه الواحة, وتقام واحات أخرى, امتدادا لها, وبترتيبات شرق أوسطية.
نشأة إسرائيل أصبحت واقعا لا يجادل فيها, حسب الإعلام الإسرائيلي المدعوم غربا وشرقا, أصبحت من التاريخ, من الماضي الذي يجب أن لا نعود للنظر فيه ( هذا الماضي وتاريخه صنعه الأقوياء كما أرادوا وبالإرادة المنفردة, أما نحن العرب فلم نعد صناع تاريخ ولا من كتبته, ولا نقرأه ولا نفهمه, لأننا لم نعد قادرين على صنع أي شيء مفيد, واستعصى علينا الفهم الصحيح للأشياء), ومطلوب من العرب عموما, والفلسطينيين خصوصا, التسليم بما رأته وتراه إسرائيل "الديمقراطية" النموذج الحضاري في منطقتنا غير الحضارية.
وقفت بعض الجماهير الغربية, معنا وقفة إشفاق وتضامن إنساني مع ضعيف يُقتل, ومهزوم لم تُترك له فرص للنجاة من قاتله. وقفة فيها إدانة لاستعمال العنف المفرط, والسلاح المحرم دوليا. ولو كان العنف اقل إفراطا, والسلاح أقل حدة لتغيرت مواقف كثيرة, ولخفت حدة التنديد. وكأنّ المجازر يجب أن تكون شاملة وكبيرة لتحشد تظاهرات وطاقات الجماهير الغفيرة. أما أصل المشكلة وفروعها فهي خارج الموضوع. و الكثير من منظمات حقوق الإنسان تكتفي بتوثيق "الانتهاكات" والتصريحات, المتحفظة جدا, وتدعو إسرائيل لضبط النفس وعدم الإفراط في استخدام القوة, وتعجز عن الإصرار على ملاحقة المجرمين قضائيا ومحاكمتهم وإدانتهم. تفور مع احتدام العدوان, وتهدأ مع وقف إطلاق النار.
لسنا هنا, من موقعنا الحالي في الغرب, في مجال طرح القضية الفلسطينية, ولا التذكير بقيام الكيان الصهيوني على ارض فلسطين منذ عام 1948 والى اليوم, فهذه مسألة كُتبت فيها آلاف الكتب, المنصف فيها يعد على الأصابع, وإنما أردنا الإشارة إلى أن ما يراه المتظاهرون اليوم ليس إلا نتائج متولدة عن هذه القضية المسكوت عنها منذ عقود كثيرة ومظلمة, وبان عدم العودة لجذورها لحلها سيجبر هؤلاء المتظاهرين على الخروج للتظاهر مرات ومرات, اثر كل عدوان قادم, إلى أن يملوا الخروج, وتنتهي كل فائدة منه. ويتحول القتل إلى أمور اعتيادية, ويتحول التظاهر إلى مناشدات من قبل بعض أصحاب الضمائر الحية بوقف العدوان والقتل, بضبط النفس, وذلك بمقالة, أو بيان, أو كتاب, أو ندوة لعشرات من المستمعين. أليس هذا ما جرى عليه الحال منذ أكثر من 60 عاما؟.
ومن المؤسف أن الغالبية المطلقة من الغربيين, حتى ممن يخرجون للتظاهر ضد إسرائيل, لا تجادل بديمقراطيتها, و لا بكونها جزء من "النادي الديمقراطي" الغربي. فيكفي أنها تقيم نظامها السياسي على التعددية الحزبية, وعلى الانتخابات, والتداول على السلطة, وفيها برلمان "كنيست" يقوم بدوره بفاعلية. وفيها قضاء مستقل, ومحاسبة لا يفلت منها حتى الرؤساء ورؤساء الوزارات والوزراء. ولكن هل هذه هي الديمقراطية من ألفها إلى يائها؟. الم تصل النازية للحكم بالانتخابات وبالطرق الديمقراطية؟ و بماذا تختلف النظرية النازية القائلة بتفوق العنصر الآري, عن الإيمان المطلق الصهيوني بشعب الله المختار وبتفوق العنصر اليهودي؟.
وهل أيها الغرب المدافع عن "ديمقراطية إسرائيل" تُعتبر دولة ديمقراطية مدافع عنها دون تحفظ تلك التي قامت وتقوم
على:
ـ اغتصاب ارض مملوكة لشعب أخر, واقتلاع هذا الشعب من جذوره بارتكاب المجازر ضده وطرده وتهجيره في موجات لاجئين يعيشون اللجوء منذ ما يزيد على 60 عاما؟. وهل بناؤها لاحقا نظاما "ديمقراطيا" يمحو جرائمها ويجعلها دولة تتوفر فيها مشروعية قيام الدولة؟ وتملأ الشروط القانونية التي تفرضها قواعد القانون الدولي لنشوء الدولة؟. وهل هناك في العالم دولة واحدة نشأت مثل هذا النشأة ؟.
ـ التمييز العنصري بين مواطنيها, فهل يمكن لدولة مزعومة "ديمقراطية" أن تضطهد العنصر العربي الأساسي فيها الذي يملك, أو كان يملك قبل الاغتصاب, الأرض وما عليها, وتعتبر هذا العنصر من درجات دنيا أصولا ودينا وثقافة, وتحرمه من الحقوق المعترف بها لليهود القادمين من شتى أصقاع الدنيا. ويصل التمييز العنصري ليصنف اليهود أنفسهم في فئات, حسب الدول القادمين منها لأرض الميعاد هذه.
ـ الامتناع عن تحديد حدودا نهائية للدولة " الديمقراطية" المزعومة, واعتبار كل أراضي المنطقة الممتدة من الفرات للنيل ارض إسرائيل الكبرى, ارض الميعاد التوراتي, فأرض إسرائيل لم يحددها وعد بلفور وكفى, وإنما حددها وعد اله اليهود في توراته لجميع اليهود في إسرائيل وفي الشتات.
ـ العمل المتواصل على التنكر للعلمانية التي هي من المستلزمات الأساسية لإقامة الديمقراطية, وعلى تهويد الدولة كاملة لتصبح دولة يهودية دينية صرفة.
ـ بناء مجتمع عسكري مكون برجاله ونسائه من جنود نظاميين وجنود احتياط, يجيشون بساعات قليلة. مجتمع بهذا التكوين ينتخب "بديمقراطية" جنرالاته لقيادته وإدارة شؤون الدولة. وأكثر الجنرالات وحشية ودموية هم الأكثر حظا لقيادة هذا المجتمع, العسكري التكوين والتركيب والثقافة.
ـ تنافس الأحزاب في الحملات الانتخابية الديمقراطية على إقناع الناخبين بمقدرة مرشحيها, ليس فقط على حماية إسرائيل, وذلك بشن حروب استباقية, ووقائية, وردعية, وإنما كذلك على تحقيق أهداف إسرائيل الكبرى التوراتية.
ـ اضطهاد النواب العرب في الكنيست وحرمانهم من حقهم في تمثيل ناخبيهم, وعدم تمكينهم من المطالبة بحقوقهم الاجتماعية والاقتصادية والدينية, والمساواة أمام القانون, المساواة التي هي في أساس الديمقراطية.
ـ خوض حروب عدوانية متلاحقة على الدول المجاورة, بما فيه دولة ديمقراطية, لبنان, أعرق وأرقى بما لا يقاس من "الديمقراطية " الإسرائيلية القاتلة.
ـ ضم الأراضي العربية المحتلة في الحروب, وعدم اعتبارها محتلة, وإنما محررة, إلى "ارض إسرائيل التوراتية" بعد تغيير معالم الطبيعة, ومحاولتها بالقهر والإرهاب تغيير هوية سكانها, بقوانين يصدرها الكنيست مخالفا كل القوانين والأعراف الدولية, ومثال ذلك الجولان السوري. وبناء المستوطنات الإسرائيلية فيه.
ـ بناء المستوطنات في الضفة الغربية وإطلاق يد قطعان المستوطنين في الاستيلاء على الأملاك العربية في المنطقة, وترحيل الفلسطينيين بالقوة والإرهاب من أراضيهم, وتدنيس مقدساتهم, بما فيها الاعتداءات المتكررة على بيت المقدس.
ـ تجريف أراضي المزارعين الفلسطينيين واقتلاع أشجارهم وزرعهم, ومحاصيلهم التي يعيشون من إيرادها, ومصادرة ملكيتها المتوارثة منذ قرون.
ـ إقامة حائط للفصل العنصري رغم الاستنكار العالمي لإقامته.
ـ فرض حصار مدمر وقاتل على شعب كامل بأطفاله ونسائه وشيوخه, بمنع الماء والغذاء والدواء, والتنقل, وذلك أمام أنظار العالم بأجمعه, غير مكترثة لنداءات ومناشدات وتدخلات دولية, أو جمعيات إنسانية.
ـ التنكر للقوانين الدولية. ولمئات القرارات الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة بالإجماع, عدا الولايات المتحدة وبريطانيا, وامتناع أصدقاء لها, عن التصويت, أمام استهجان العالم واستنكاره. عدم الاعتراف بقرارات مجلس الأمن الدولي الناجية من الفيتو الأمريكي أو بعض الدول الديمقراطية الصديقة لها.
ـ الاستهتار بالرأي العام العالمي, وعدم الاهتمام بإداناته لها , لعدوانها المتكرر منذ 60 عاما, على الشعب الفلسطيني, والدول العربية المجاورة, وحتى البعيدة عنها.
ـ ممارسة إرهاب الدولة بأبشع صوره والعقاب الجماعي , بحجة الرد على الإرهاب العربي القادم إليها والمهدد لأمنها. والقيام بالاغتيالات في داخل أراضي ال 48, والأراضي المحتلة, والدول العربية القريبة والبعيدة, وفي العديد من دول العالم, لفلسطينيين يطالبون بحقوقهم , وعرب يساندون تلك الحقوق.
ـ الادعاء الدائم بأنها في حالة دفاع عن النفس من الإرهاب الفلسطيني والعربي والإسلامي. وان حروبها المتواصلة ما هي إلا دفاع عن النفس (دولة تدافع عن نفسها منذ 60 عاما !!!, ولم تستطع, ولن تستطيع, أن تفرض هذه النفس, هل هي دولة عادية كباقي دول العالم؟). ولكن هل يقتنع المنصفون في الغرب بهذه الادعاءات الواهية والكاذبة, وهم يعرفون أن القوانين الداخلية والدولية تضع شروطا للمرافعة بالدفاع عن النفس, ومنها أن يكون الدفاع متناسبا مع الفعل العدواني, فهل, حتى لا نأخذ مثالا غير مجازر غزة الأخيرة , هناك تناسب بين إطلاق صواريخ محددوه الفاعلية, والتي حسب تصريحات القادة الإسرائيليين أنفسهم قتلت 3 أشخاص, وجرحت ما يقرب من 13 شخصا, وبين رد, للدفاع عن النفس!!! استمر 22 يوما, بكل الوسائل من طائرات بأنواعها, ودبابات. وصواريخ, وقذائف من البر والبحر واستخدام أسلحة محرمة دولية؟. دفاع عن النفس نتج عنه قتل أكثر من 1500 فلسطيني, بينهم نسبة كبيرة جدا من الأطفال والنساء والشيوخ, وجرح أكثر من 7000 مواطن من هذه الفئات العمرية, وتدمير للمنازل والمدارس والمؤسسات والجوامع ومقار ا نوروا على من فيها من لاجئين من القصف. "تدمير ممنهج لا يصدقه عقل" حسب تصريح نواب سويسريون بعد معاينتهم للتدمير الأخير في غزة.
ـ استخدام متكرر للأسلحة المحرمة دوليا خلال كل حروبها واعتداءاتها, من النابلم والفسفور الأبيض .. وتجريب كل أنواع الأسلحة القادمة من الحلفاء الديمقراطيين, وبشكل أساسي من الولايات المتحدة الأمريكية.
ـ الاعتقال التعسفي لعشرات الآلاف من الفلسطيني, من شتى الأعمار, ومن الجنسين, ولمدد يصل بعضها لعشرات السنين, وللمؤبد, و رفض إطلاق سراح من انهوا مدد عقوباتهم الظالمة.
ـ الإرهاب الفكري والابتزاز المادي لدول الديمقراطيات الغربية نفسها المساندة لها. بفرض حقوق لها على أموال دافعي الضرائب الألمان, منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية والى أبد الآبدين, تعويضا عن جرائم ارتكبتها النازية بحق اليهود, وضخمت إلى حد الأساطير. علما بان ما لحق باليهود وبعد كل تضخيم, لا يقاس بما تعرضت لها الملايين من الشعوب التي خضعت لاستعمار الديمقراطيات الغربية, والتي لا يمكن أن تعوض عنها الخزائن المالية لهذه الأخيرة, ولا مخزوناتها المعنوية والقيمية والأخلاقية. وان كان لابد من مثال: ماذا قدمت فرنسا للجزائريين من تعويضات بعد استعمار دام أكثر من 130 عاما ؟. أليس عليها دفع تعويضات, لا يمكن تقديرها بثمن, للجزائريين عما اُرتكب بحقهم, طيلة هذه المدة, من جرائم مروعة ومجازر يعترف بها الفرنسيون أنفسهم؟. ومع ذلك تمتنع فرنسا, والى الآن, عن تقديم مجرد اعتذار شفهي. هل يعود ذلك إلى أن الجزائر ليست ديمقراطية على النمط الإسرائيلي, وان شعبها ليس مختارا, وان الدم اليهودي أثمن بما لا يقاس من دماء الشعوب العربية مجتمعة؟.
"ديمقراطية" إسرائيل هذه التي تدافع عنها الديمقراطيات الغربية لا تشرف هذه الديمقراطيات وإنما تجلب لها العار. والدفاع عنها هو مشاركة, كاملة ومتعمدة, بكل جرائم إسرائيل.
فهذه "الديمقراطية الإسرائيلية" العدوانية لا علاقة لها بالديمقراطية وقيمها, التي كافحت الإنسانية عبر تاريخها الطويل, من الإغريق والى يومنا هذا, من اجل جعلها النظام الإنساني الأفضل.
أليس من المخزي أن تعارض الدول الأوروبية الديمقراطية !!! دول حقوق الإنسان !!! ــ رغم مطالب العديد مهن الشرفاء من النواب فيها, ورجال القانون والمفكرين والمثقفين ــ إصدار قرارات من برلماناتها, ومن البرلمان الأوروبي, تستنكر وتدين الجرائم التي رآها بعضهم بالعين المجردة؟.
أم أن إسرائيل, بديمقراطية أو بدون ديمقراطية, هي عهدة الغرب في منطقتنا , يجب الدفاع عنها وإطالة يدها لتصل إلى كل شيء, وتعبث بكل شيء, بما فيه ضمائر وقيم وأخلاق مسانديها؟.
#هايل_نصر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟