أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - أحمد الخميسي - القاهرة تهتف للعراق














المزيد.....

القاهرة تهتف للعراق


أحمد الخميسي

الحوار المتمدن-العدد: 781 - 2004 / 3 / 22 - 03:10
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


" يابغداد شدي الحيل ..
وري جيوش أمريكا الويل "
عاشت القاهرة في العشرين من مارس يوما خاصا وهبته منذ صباحه الباكر لتأييد المقاومة العراقية بمناسبة مرور عام على الغزو الأمريكي للعراق . ومنذ الساعات الأولى كانت قوات الأمن المركزي المصرية محتشدة في حالة غير مسبوقة مسلحة بالدروع ، والخوذات ، والزي الأسود الكئيب ، تسد بنحو ثلاثين ألف جندي وسط القاهرة بأكملها : ميدان التحرير صرة البلد حيث يفترض أن يلتقي المتظاهرون ، وما بعد الميدان نحو منطقة الدقي ، والجامعة ، وكوبري قصر النيل ، والشوارع الجانبية المتفرعة من الميدان : طلعت حرب ، وقصر النيل ، ومحمد فريد ، وشارع التحرير ، وشارع قصر العيني على امتداده . أما في الميدان فقد تمركزت القوات مطوقة الميدان صفوفا خلف صفوف ، وبنادق خلف بنادق ، وعربات أمن مركزي فاغرة أفواهها لابتلاع المشاغبين ، وكاميرات تسجيل فوق أسطح المباني المطلة على الميدان ، وكبار ضباط أمن يتلوهم كبار ضباط أمن ، وضباط صغار يتلوهم مخبرون وبأيدي الجميع سلاح الاتصال الحديث " المحمول" ، والآذان مرهفة ، والعيون مبحلقة ، وثمة توتر في الجو ، كأن شيئا ينبغي أن ينفجر وتتطاير شظاياه في الجو . وصمت كئيب يحط على القاهرة التي شقتها خطوط أفقية ورأسية بلون أسود غامق من زي الجنود . كأن صفوفا من الغربان احتلت الشوارع ، وطردت منها اللون الأبيض . تمركزت القوات مطبقة ، حلقة بعد حلقة ، على مائة متر هي المساحة الممتدة أمام مبني مجمع المصالح الحكومية ، وهي المساحة المسموح للمظاهرة بالحركة والنشاط داخلها .

وبالرغم من كل ذلك ، أخذت جماعات متفرقة من البنات ، والشبان ، والشيوخ تشق طريقها إلي المائة متر ، بعضهم يطوى لافتات تحت إبطه ، وبعضهم ملأ جيوبه بالمنشورات ، وبعضهم راح يجلو حنجرته استعداداً لكي يلعن الاستعمار الأمريكي ، ولكي يصيح على بغداد : نحن معك . وسرعان ما امتلأت المائة متر وما حولها بنحو ثلاثة آلاف متظاهر من كافة الأجيال . واندلعت الهتافات التي اختصت المقاومة العراقية بالتأييد والتحية ، دون أن تنسى فلسطين ، واعتلى شاب وضع حول رقبته الشال الفلسطيني صارخا :

- يا بغداد شدي الحيل .. وري جيوش أمريكا الويل

وعلى صوت الآربيجيه .. هدي بلاد السي آي إيه ..

- آه يا بلادنا بأقولها بحسرة .. باعوا القدس وباعوا البصرة

وراحت البنات تصفقن ، وتهتفن ، بينما جلس البعض على حواف السور المحيط بنافورة ماء ، وارتفعت لافتات هنا وهناك : " فلتتوحد المقاومة ضد الاحتلال – الشيوعيون المصريون " ، " مقاومة الاحتلال حق مشروع – الأخوان المسلمون" ، " وحدة الشعب العراقي طريق النصر – نقابة المحامين " ، " المقاومة هي السبيل الوحيد للنصر – الناصريون " ، " عاشت المقاومة العراقية – حركة عشرين مارس للتغيير " . وجلس بعض الشباب بمسجل تنبعث منه أغنية " إلي المعركة .. إلي المعركة .. سنمضي سويا إلي المعركة " . وكان واضحا أن ذلك الحشد لم يستطع أن ينظم قواه أو يتفق على هتافات محددة ، فتفرق الأخوان المسلمون ، والشيوعيون ، والناصريون ، جماعات تهتف بأنصارها شعاراتها هي . وسرعان ما برزت قضايا الوضع المصري الداخلي ، فتعالت هتافات

" يا حرية فينك .. فينك .. أمن الدولة بيني وبينك ! " ، " عاوزين حكومة حرة .. العيشة بقت مرة " ، " هم بياكلوا حمام وفراخ .. واحنا الجوع دوخنا وداخ " ، " على في سور السجن وعلى .. بكره الثورة تقوم ما تخلي " ، وتموجت في الهواء لافتات من قماش مكتوب عليها : " لا للتدخل الأجنبي في شئون مصر – نقابة الصحفيين " ، " لا لصمت الحكام العرب المريب – نقابة المحامين " ، " نطالب بمحاكمة بوش – حزب العمل " ، " نعم للمقاومة – حزب التجمع " ، ولم تكن هناك من صور في قلب ذلك الاحتشاد سوى صور عبد الناصر ، وحناجر تدوي من حول صورته : " عبد الناصر اصحي وشوف .. الخيانة على المكشوف".

تلك كانت المائة متر من الحرية في بحر من الزي الأسود لجنود الأمن . مائة متر كانت أشبه " بهايد بارك " وحشي ، لا يلتزم فيه المتحدثون والمتظاهرون بعدد الأمتار المتفق عليها ، بينما لم تتدرب الحكومة على تمثيلية غض النظر عن مساحة الحرية المحددة . خارج دائرة اللهب المشتعل ، كانت الحياة تمضي غريبة هادئة ، كأن يوما استثنائيا يمر : ضوء الشمس مختلف ، والهواء هواء آخر ، وخطوات البشر تتلمس الطريق إلي قطرة حرية يطبق عليها محيط أسود . قطرة هي جهد الناس الآن ، وحماسهم للمقاومة في العراق ، وفلسطين ، وأشواقهم إلي عالم آخر ، قطرة استجمعت ذاتها هاتفة :

" يا بغداد شدي الحيل .. وري جيوش أمريكا الويل " .

" قولوا معانا يا شباب .. أمريكا أصل الإرهاب "

" بالروح بالدم .. نفديك يا عراق "

" وعلى صوت الآربيجيه .. "

تفرق الناس في الشوارع ، واحتلوا كراسي المقاهي . وعاد للقاهرة وجهها المألوف ، المهموم بالشئون الصغيرة ، والكبيرة . إنه وجه عجيب ، ضخم ، ومتأمل ، يفكر ، وتختمر في عقله أحلام عليه أن يفسرها لنفسه وللعالم .

***

أحمد الخميسي . كاتب مصري



#أحمد_الخميسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- راشـيـل كـوري ضـميـر الـزهرة
- الدكتور أبو الغار وكتابه إهدار استقلال الجامعات
- الصحافة المصرية لحظـات مضيـئـــة
- الرد على العملية الأخيرة في العراق
- محمد صدقي .. وداعا
- البيان الختامي للملتقى الأول للجان الشعبية المصرية لدعم الان ...
- ليس من جدار واحد ينشع دم الفلسطيني
- مضارب الأهواء عمل جديد لإدوار الخراط
- صورة الإسرائيلي في مصر
- ديوان - وطنيتي - قصة الروح الثائرة
- زراعة الكارثة في مصر
- الزهرة السوداء لحضارة الروائي العالمي - كوتزي
- بطاقة لطفل فلسطيني عام جديد .. يا حبيبي
- زهور قليلة في حقل الهزيمة
- عام ثالث .. على - حوار متمدن
- جائزة الثقافة الأمريكية في مصر
- نجوم كثيرة .. وقمر واحد في وداع حمزاتوف
- صــنــع الله إبــراهــيــم رسالة من على المنصة
- الكتاب والمثقفون المصريون : لا .. للعدوان على سوريا ..
- المثقفون والأستاذ


المزيد.....




- فيديو يكشف ما عُثر عليه بداخل صاروخ روسي جديد استهدف أوكراني ...
- إلى ما يُشير اشتداد الصراع بين حزب الله وإسرائيل؟ شاهد ما كش ...
- تركيا.. عاصفة قوية تضرب ولايات هاطاي وكهرمان مرعش ومرسين وأن ...
- الجيش الاسرائيلي: الفرقة 36 داهمت أكثر من 150 هدفا في جنوب ل ...
- تحطم طائرة شحن تابعة لشركة DHL في ليتوانيا (فيديو+صورة)
- بـ99 دولارا.. ترامب يطرح للبيع رؤيته لإنقاذ أمريكا
- تفاصيل اقتحام شاب سوري معسكرا اسرائيليا في -ليلة الطائرات ال ...
- -التايمز-: مرسوم مرتقب من ترامب يتعلق بمصير الجنود المتحولين ...
- مباشر - لبنان: تعليق الدراسة الحضورية في بيروت وضواحيها بسبب ...
- كاتس.. -بوق- نتنياهو وأداته الحادة


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - أحمد الخميسي - القاهرة تهتف للعراق