أنيس محمد صالح
الحوار المتمدن-العدد: 2543 - 2009 / 1 / 31 - 08:37
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
بسم الله الرحمن الرحيم
القرآن الكريم نزل من عند الله جل جلاله مُصدقا للتوراة والإنجيل الكريمتين, من واقع إن القرآن الكريم كذلك جاء الخطاب فيه رحمة للعالمين ولكافة الناس بشيرا ونذيرا,
لقوله تعالى:
وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ (107) الأنبياء
وقوله تعالى:
وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (28) سبأ
بمعنى آخر إن الرسالات السماوية جميعها هي نزلت أساسا لتُخرِج الناس ( كلهم جميعهم – رجلا وأمرأة - ) من الظلمات إلى النور ومن الضلال إلى الهُدى بإذن ربهم, في صيغة ( شرعة ومنهاجا, كتاب وحكمة, توراة وفرقان, إنجيل وبينات, كتاب الله وسُنة الله, القرآن والفرقان, المحكم والمتشابه )...
لقوله تعالى:
وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ عَمَّا جَاءكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاء اللّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَآ آتَاكُم فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ إِلَى الله مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (48) المائدة
ولضرورة إتباع أوامر الله جل جلاله ونواهيه في علاقة فردية بين العبد وخالقه, ويجب إتباعها في هيئة دساتير وتشريعات وقوانين وضعية أرضية مُستمدة أساسا من الدستور والتشريع والقانون الإلهي, لإسلام الوجه لله جل جلاله وحده لا شريك له ( توحيد الله – عبادة وإستعانة - ), وهي ما تُعرف بالفقه القرآني بمصطلح ( الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ) بالعمل الصالح, بحيث أن أية إختلالات في عدم إتباع أوامر الله جل جلاله ونواهيه التي نزلت رحمة للعالمين ولكافة الناس بشيرا ونذيرا في الرسالات السماوية, بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, سينتج عنه بالضرورة إلى إختلالات حياتية ومعيشية للناس كافة!!! وأية إستعاضة بأديان أرضية وضعية ملكية مذهبية ( بجميع طوائفها ) بغير ما أنزل الله جل جلاله بها من سلطان, وتتعارض وتتناقض مع رسالات الله السماوية, ستؤدي بالضرورة إلى إسلام الوجه وتأليه غير الله جل جلاله وحده لا شريك له!! أو الإستعانة بإتباع تشريعات وأديان ملكية بشرية أرضية وضعية يكون التأليه فيها للحاكم!! في صيغة ملك/ سلطان/ أمير/ شيخ!! كما يحدث اليوم في واقعنا العربي والإسلاموي بإطلاق أدوات التعظيم والتأليه والتبجيل لما يُعرفوا ب( صاحب الجلالة الملك/ السلطان المُعظم!!! وصاحب السمو الأمير/ الشيخ المفدى المعبود )!!! وإشراكهم وتأليههم مع الله جل جلاله وحده لا شريك له.... وهذا بحد ذاته هو أول هدم وإنكار وكُفر لمفهوم ومنظومة الشورى في الإسلام ( الديمقراطية وحقوق الإنسان )!!
حينما يرفض الحاكم ( ملك/ سلطان/ أمير/ شيخ ) مبدأ الشورى في الإسلام والتبادُل السلمي للسلطة مستعينا بأديانه الأرضية الوضعية ومشرعيه غير الشرعيين ( مؤسسة وكهنوت الحاكم غير الشرعية )!!! يتحول الحاكم بعدها إلى إله يُعبد!!! ويستخدم ويستنفر جيشه وشرطته لهتك حقوق وقيَم وحريات وكرامات الناس!!! في هتك وهدم وإنكار وكُفر بيَن واضح جلي لأهم مبادئ حقوق الإنسان والتكريم والتفضيل لهذا الفرد الإنسان كما كرمه وفضله الله جل جلاله في الرسالات السماوية.
لقوله تعالى:
وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً (70) الإسراء
الرسالات السماوية والتي تقوم بمجملها على تعظيم وتأليه وتوحيد الله جل جلاله وحده لا شريك له, ولضرورة الإستعانة والتوكل وطلب المدد والحول والقوة من الله جل جلاله وحده لا شريك له, من خلال ما جاء برسالات الله السماوية, وينكر الله جل جلاله في الرسالات السماوية أية أديان أرضية وضعية ملكية مذهبية وطائفية, ويعدهم الله جل جلاله ويصفهم بالمشركين, وفي مكان آخر يصف من يخرج عن حدود ما أنزل الله جل جلاله للرسل والإنبياء في ( الرسالات السماوية ) يصفهم بأشد الكفر والنفاق.
لقوله تعالى:
وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ (52) فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُم بَيْنَهُمْ زُبُرًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (53) المؤمنون
وقوله تعالى:
وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (31) مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (32) الروم
وقوله تعالى:
الأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلاَّ يَعْلَمُواْ حُدُودَ مَا أَنزَلَ اللّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (97) التوبة
الديمقراطية أو الشورى بين الناس في الإسلام هي منظومة متكاملة, تقوم على التبادُل السلمي للسلطة ولتكريم وتفضيل الله جل جلاله للإنسان في كوكب الأرض ( رجلا كان أم إمرأة ) في منظومة التعامُل التكاملية كرحمة للعالمين ولكافة الناس بشيرا ونذيرا, تكفل الديمقراطية أو الشورى بين الناس في الإسلام, تكفل وتضمن التبادُل السلمي للسلطة, تبدأ في قمة هرم السلطات المرتبطة إرتباطا وثيقا بحياة وشؤون الناس كافة, يبدأ أولا بأن يكون الناس كافة هم أصحاب إختيارهم الحقيقي بمحض إرادتهم للحاكم المناسب النزيه الشريف من خلال التجربة والعلم والخبرة في شؤون الحياة اليومية, بالإنتخاب المباشر لأعلى هرم في السلطة ( إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ) , ويتدرج ذلك للوصول إلى ممثلي هذه الشعوب وبكل ما يرتبط بشكل مباشر أو غير مباشر بأمور وشؤون الناس كافة, بحيث يكون المسؤول المباشر بإستحقاقات الناس كافة ( مُكلفا وليس مُشرفا ) ويخضع للثواب والعقاب من الناس من خلال منظومة قانونية شوروية, في تكافل إجتماعي بين الحاكم والمحكوم في جميع المرافق والقطاعات المختلفة المرتبطة إرتباطا مباشرا وثيقا بشؤون وأمور الناس الحياتية, بحيث تحرص بمفهوم الشورى بين الناس, بأن تكفل للناس تكريمهم وتفضيلهم ( من حقوق وقيَم وحريات وكرامات ) كما كرمهم الله جل جلاله وفضلهم على كثير ممن خلق تفضيلا, بحيث نجد إن الخطاب في القرآن الكريم يتكلم بشكل مباشر وغير مباشر للقاطنين من الناس ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ ) في كوكب الأرض رحمة للعالمين ولكافة الناس بشيرا ونذيرا.
لقوله تعالى:
يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13) الحجرات
ويستمد هذا التكريم والتفضيل لهذا الإنسان إن جعله الله جل جلاله مُخيرا وليس مُسيرا في مسائل الإعتقادات الشخصية والإيمان والكُفر, وجعلها الله جل جلاله في علاقة ثنائية خاصة بين العبد وخالقه ولا يكون الإنسان طرفا فيها, في إشارة إلى إن الله جل جلاله جعل لكل منا شرعة ومنهاجا ( التوراة والفرقان, الإنجيل والبينات, الكتاب والحكمة, القرآن والفرقان, كتاب الله وسُنة الله, المُحكم والمتشابه ) في إشارة إلى إن الله جل جلاله جعل وجه التكريم والتفضيل لهذا الإنسان بقلوب يفقهون بها وأعين يبصرون بها وآذان يسمعون بها, وهو ما يُعرف بالمفهوم العام بالعقل ( السلطان ) ليميز الإنسان الخبيث من الطيب والحلال والحرام والإيمان والكُفر والنور والظلمات وبين أن يرضى بعقله ( السلطان ) ليعيش إنسانا بني آدميا بشرا مُعززا مُكرما, أو أن يغيب عقله وما وهبه الله جل جلاله من ملكات التأمُل والتفكُر والتصوُر والتبصُر وليغيب عقله, ليرضى لنفسه إتباعا لأوامر الطاغوت إبليس الشيطان الرجيم ليكون بهيمة خرساء جاهلة جاحدة!! بل أضل سبيلا.
لقوله تعالى:
وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ (29) الكهف
وقوله تعالى:
لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (256) البقرة
وقوله تعالى:
أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا (44) الفرقان
ويتحدد تعريف مفهوم الشورى بين الناس في الإسلام ( الديمقراطية وحقوق الإنسان ) بخطاب الله جل جلاله إلى الناس كافة ... بقوله تعالى:
وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ (38) الشورى
فسنجد إن الخطاب في الآية الكريمة أعلاه موجه لكل الناس الذين أستجابوا لربهم ويقيمون الصلاة ( وأمرهم شورى بينهم ) ومما رزقهم الله ينفقون, فالخطاب هنا موجه لكل الذين أستجابوا لربهم من خلال إتباع ما أنزل الله جل جلاله في الكتاب ( الرسالات السماوية ) في خطاب بيَن جلي واضح إلى الأمة جميعهم, بأن يكون مبدأ الشورى بين الناس ومن خلالها ما يكفل لهذه الأمة حقوقها وقيمها وحرياتها وكراماتها ( رجلا كان أم إمرأة ).
وقوله تعالى:
لِلَّذِينَ اسْتَجَابُواْ لِرَبِّهِمُ الْحُسْنَى وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُواْ لَهُ لَوْ أَنَّ لَهُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لاَفْتَدَوْاْ بِهِ أُوْلَئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسَابِ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (18) الرعد
ولننظر إلى الآية الكريمة أعلاه للذين أستجابوا لربهم الحُسنى, وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُواْ لَهُ لَوْ أَنَّ لَهُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لاَفْتَدَوْاْ بِهِ أُوْلَئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسَابِ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ, بمعنى آخر إنه من الناس من أتباع الطاغوت إبليس الشيطان الرجيم يرفضون الإستجابة لله جل جلاله ويرفضون أوامر الله ونواهيه المُنزلة من عند الله جل جلاله في رسالاته السماوية, بحيث يكونوا قرين للطاغوت إبليس الشيطان الرجيم ويحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا.
ودعونا نربط الآية الكريمة أعلاه (38) الشورى... بقوله تعالى:
وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ (38) الشورى
وبين الآية الأخرى أدناه من القرآن الكريم ( الحج 41 ), لنستوضح مفهوم الشورى بين الناس في الإسلام... بقوله تعالى:
الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ (41) الحج
سنلاحظ بوضوح, إن الآية الكريمة أعلاه ( الشورى 38) تشرح الآية الكريمة ( الحج 41 ) في تبيين إن ( الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ ) تتحدد بعدة مفاهيم للتمكين في الأرض, تبدأ بالحاكم الصالح المناسب التقي ( يخاف الله في العباد ) و ( أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ ) ومن صفاتهم التي تشرح مفهوم الشورى بين الناس ( وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ ), والشورى أساسا كما في الآيتين أعلاه تقوم أساسا على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لمن يمكنهم الله في الأرض, وهذا مبدأ محوري هام في إدارة شؤون وأمور الناس كافة, والمرتبط إرتباطا وثيقا بتكريم وتفضيل الإنسان وحفظ قيمته وحقوقه الطبيعية وحرياته وكراماته, ويشترط بالحاكم أن يكون نزيها أمينا تقيا صادقا ووفيا على حقوق الناس كافة, ويشترط أن لا يأكل أموال وحقوق الناس بالباطل كما يحدث في واقعنا العربي والإسلاموي اليوم, بحيث أصبح الحاكم يأكل بملاعق من ذهب وفضة!! والشعوب تعاني الجوع والفقر والعوز والفاقة والتسول!! وبحيث نجد إن الإله الأرضي الحاكم يعيش في قصور وعروش وسرايا وخدم وحشم!! والشعوب تعيش في بيوت من القش والطين والصفيح وفي المقابر!! وما تجده من أدوات القمع والبطش والإذلال والمهانات والملاحقات والسجون والتعذيب والمظالم والقهر وتكميم الأفواه!! وإستخدام وإستنفار الجيش والشرطة كأدواتا قمع وبطش ضد الشعوب!! بما يتنافى مع أوامر الله ونواهيه وبما لم يتنزل الله جل جلاله به من سلطان في رسالات الله السماوية ( للأسف الشديد ).
لقوله تعالى:
ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (41) الروم
- الديمقراطية هي الشورى بعينها
الكلمة ( الديمقراطية ) باللغة الإنجليزية democracy هي تعني ( حكم الشعب ), والديمقراطية دائما مربوطة بحقوق الإنسان... والشورى بين الناس المذكورة بوضوح في القرآن الكريم, ترتبط إرتباطا وثيقا بحقوق الإنسان من قيمة حقيقية لهذا الإنسان وتكريم وتفضيل لهذا الإنسان, وترتبط إرتباطا وثيقا ومباشرا بحريات وقيَم وحقوق وكرامات هذا الإنسان, وترتبط إرتباطا وثيقا بحكم الشعب تماما في إختياره للحاكم النزيه المناسب في تبادُل سلمي للسلطة, بحيث يكون التعظيم والتأليه هو لله جل جلاله وحده لا شريك له, في إتباع لأوامر الله ونواهيه في الرسالة السماوية.
إن غياب الشورى بين الناس والتبادُل السلمي للسلطة في عدوان وحرب على الله وكتبه ورسله وللسعي في الأرض فسادا, قد أدى بالنتيجة لما يتمخض عنه تأليه وتعظيم الحاكم الأرضي غير الشرعي الدكتاتور الطاغية!!! والذي يستحوذ على السلطة والمال معا في أكله لأموال الناس بالباطل!! وبما لم ينزل الله به من سلطان!!! فغياب الشورى بين الناس في الإسلام ( الإنتخاب الشعبي المباشر للحاكم ) منذ أكثر من 1300 عام وحتى يومنا هذا مع سبق الإصرار والترصُد, في عدوان وحرب على الله وكتبه ورسله!! ساهم بشكل واضح ومباشر لما آلت إليه أحوال الأمة العربية والإسلامية من جهل وتخلُف وتجهيل وتضليل مُتعمد في تحريف التاريخ وتحريف الكثير من تفسيرات القرآن الكريم وإختلاق الأديان الأرضية الوضعية المذهبية!!! وقمع وبطش وتنكيل ومهانة وإذلال وإسفاف وملاحقات وسجون وتعذيب وتكميم الأفواه ومظالم وقهر للشعوب المستضعفة في الأرض, وأصبح الفساد منتشرا كالسرطان في جسد الأمة!!! ما ساهم بشكل واضح ومباشر لإنحدارنا وتغييب عقولنا للتعرُف على ملكوت وعلوم الله جل جلاله في خلق السموات والأرض وفي الإعجاز الإلهي الرباني في خلق الإنسان نفسه, للحاق بركب الأمم والعلوم والحضارات, ساهم في وصولنا إلى الحضيض وأسفل السافلين بين الأمم!!
ولا نستغرب الغياب الكلي لمفهوم الشورى بين الناس في الإسلام في كتب التاريخ والموروث الإسلاموي الأصولي السلفي وكتب الصحاح المزعومة جميعهم لدى الأديان الأرضية الملكية الوضعية ( السُنية والشيعية بجميع طوائفهم )!! ولا نستغرب خلوها من الإشارة لتعريف مفهوم الشورى بين الناس في الإسلام!! وسُخرت أديان أرضية ملكية وضعية مذهبية لمصلحة آلهة ملوك/ سلاطين/ أمراء/ مشايخ!!! ومشرعيهم ومؤسساتهم الدينية الكهنوتية غير الشرعية لتحكم الناس بالحديد والسيف والنار!!! وذبح الشعوب قرابين لمصلحة إله حاكم أرضي دكتاتور طاغية, رفض الشورى بين الناس في الإسلام والتبادُل السلمي للسلطة!!! وإستعاض بها بالجيش والشرطة كأدواتا قمع وبطش وإذلال ومهانة موجهة ضد الناس في الأرض ولحرمانهم من قيمهم وحقوقهم الطبيعية وحريتهم وكرامتهم.
أستغرب كثيرا عندما تجد من يدعون العلوم الشرعية والفقهية اليوم, حينما يغيب عنهم تماما الحديث عن مصطلح ومفهوم الشورى بين الناس في الإسلام والتبادُل السلمي للسلطة!!! ويعتبرون إن الحديث عن الديمقراطية وحقوق الإنسان ( الشورى بين الناس والتبادُل السلمي للسلطة ) وكأنهم يتكلمون عن شيء غامض مُبهم مرفوض!!! وإن الديمقراطية وحقوق الإنسان ( الشورى في الإسلام ) وكأنها دخيلة على واقعنا العربي والإسلاموي!! من وحي جميع كتب تراثهم الأصولي السلفي وكتب التاريخ والتراث الإسلاموي المُحرف المُزور المكتوب حروفه بالدماء!! ويشرعون من خلال أديان ملوك/ سلاطين/ أمراء/ مشايخ وحكام غير شرعيين وغير محددين بسقف زمني لدوراتهم الإنتخابية!! بمعية مؤسساتهم الدينية الكهنوتية المذهبية غير الشرعية ( السُنية والشيعية ) المتناثرة والمتنافرة وتكفر بعضها بعضا!! لتشرع وجود الإله الحاكم المستبد الأرضي غير الشرعي الكهنوتي الدكتاتور الطاغية بنظام وراثة وأسر حاكمة!!! ولا يتحرجون من تأليههم وتعظيمهم للآلهة الحكام بنظام الوراثة والأسر الحاكمة والتي لم ينزل الله بها من سلطان في رسالات الله السماوية!! ويذبحون الشعوب قرابين للإله الحاكم غير الشرعي الطاغية!! بحيث أصبح إطلاق هذا المصطلح ( الشورى بين الناس في الإسلام – الديمقراطية وحقوق الإنسان ) وإطلاق هذا المفهوم ( الشورى في الإسلام ) يعد من المُحرمات والممنوع التطرُق إليه من خلال مؤسساتنا الدينية الكهنوتية المذهبية مجتمعه ( سُنية وشيعية ) بجميع طوائفهما, ما يبين بوضوح ما آلت إليه أحوالنا كأمة عربية وإسلامية!! من أحقاد وكراهيات وأديان أرضية وضعية ملكية ( سُنية وشيعية ) وإقصاء وتكفير وإنكار وإقتتالات بين الناس وأشد الكفر والنفاق!! والإنسان عندنا أصبح هزيلا مُهانا مُداسا لا قيمة ولا حقوق له, كالأنعام بل أضل سبيلا!! وتجد مؤسساتنا الدينية لا يذكرون الله جل جلاله إلا قليلا!! وتحرص هذه المؤسسات الدينية الكهنوتية الأرضية الوضعية المذهبية كثيرا, لتسبح بالناس لتخديرهم وتبليدهم وبرمجتهم على الفرقة والفساد في الأرض!!! في أوهام وطلاسم وخزعبلات وإفتراءات كتب التاريخ والتراث الإسلاموي والمذاهب والطوائف والشيَع والفِرق والأحزاب والجماعات الدينية ولتجهيل وتضليل الناس في الأرض!! بالإقتتالات الأهلية والتكفير والإقصاء والمظالم والقهر وزرع الفرقة والفتنة والفساد بين الناس!! في إشارة إلى تحويل الناس إلى بهائم جاهلة مُخدرة ومُبرمجة على العدوان والحرب على الله وكتبه ورسله, لمصلحة إله أرضي حاكم باطل غير شرعي دكتاتور طاغية!!! يأكل أموال الناس بالباطل!! ويحاربون الله ورسوله ( الرسالة السماوية ) ويسعون في الأرض فسادا!! رفضوا الشورى بين الناس في الإسلام والتبادُل السلمي للسلطة بدورات إنتخابية محددة بسقف زمني لدوراتهم الإنتخابية تكفل التكريم والتفضيل لهذا الإنسان في الأرض!!! ولا تحرص هذه المؤسسات الدينية الكهنوتية المذهبية ( مشرعوا الملوك/ السلاطين/ الأمراء/ المشايخ ) لا تحرص على حقوق وقيَم وحريات وكرامات الشعوب ( الناس ) في الأرض!!! في رياء وأشد الكفر والشقاق والإرهاب والنفاق في الأرض!!! إقصاءا وإنكارا وكُفرا بأوامر الله ونواهيه في الرسالة السماوية, القاضية بالشورى بين الناس والتبادُل السلمي للسلطة حفظا لحقوق وقيَم وحريات وكرامات الشعوب ( التكريم والتفضل للناس في الأرض ).
لقوله تعالى:
إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (33) المائدة
#أنيس_محمد_صالح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟