|
الزلزال قادم.. الأنظمة العربية إلى زوال (1)
سالم أيوب
الحوار المتمدن-العدد: 2540 - 2009 / 1 / 28 - 00:43
المحور:
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
صمت هدير الطائرات، وزن الزنانات، وهدأت نيران فوهات المدافع، وتراجعت الدبابات "الميركافات" وأعاد جنود الكيان الصهيوني انتشاره في القطاع في مرحلة للانسحاب منه، وبالرغم من كل ذلك تصاعد الألم اللامتناهي الممزوج بالفرح على ما خلفه ذلك العدو الهمجي من شهداء ودمار لم يستثني الشجر ولا الحجر. منذ بدء العدوان النازي على غزة ويقيني أن هناك كثرٌ يتشارك معي في هذا السؤال... لماذا أصر الكيان الصهيوني على هذا العدوان وهو يدرك أن غزة لن تكون نزهة لجيشه؟ يبرز من تلك الزاوية المظلمة سؤال عرضي... وما أدراك أنه كان يدرك ذلك؟!
طيور الظلام ما زالت تعمل بالخفاء كي تجهض كل انتصار تنجزه أيادي مقاومة، أيادي رفعت نبض الشارع ومجتمعه إلى العلن لترسل رسالة تعبر عن حجم المأساة والمعاناة التي يكابدها أهل غزة من شدة ووطأة الحصار الجائر على القطاع من قبل إسرائيل ومصر. نقول لطيور الظلام أن ما قامت به إسرائيل في يومها الأول من العدوان على غزة من خلال ما اسمته "الصدمة والرعب" جراء قصفها الجوي المتزامن لمئة طائرة حربية على أهداف متنوعة في القطاع هو أبلغ دليل على ذلك، وأن استمرار ذلك القصف الجوي لسبعة أيام هو تأكيد على أن الصدمة والرعب الذي حاولوا أن يرسموه على وجوه ومعالم الشعب الفلسطيني في غزة فشل أيضاً فشلاً ذريعاً على كافة الصعد. إضافة إلى أن التوغل البري الذي تسمر على مدى أسبوعين أيضاً على تخوم غزة وفشل محاولاتهم في دخول مدينة أو بلدة غزاوية هو تأكيد آخر على أن ما أقدموا عليه في غزة لم يكن في وارد الحسابات الصهيونية من أن غزة والعدوان عليها ليست نزهة لجنوده.
نعم، فقد استطاع جيش الدفاع الصهيوني أن يكسب سياسياً بمساعدة المتواطئين من الأنظمة العربية معه، ولكنه لم ينجح عسكرياً من أن يحسم المعركة في غزة فأعلن وقفاً لاطلاق النار أحادي الجانب وأيضاً كان للتواطئ العربي من أنظمة الاعتلال والانهزام دور فعال في ذلك، كي ينقذوا ما تبقى من بياض الوجه لجيش العدو الصهيوني أمام الرأي العام الاسرائيلي الداخلي أولاً، ولكي يبقوا قليل من ماء الوجه أمام جيوشهم العربية الجرارة في قمع الشعب العربي في الأوطان التي تحررت من عسكر الاستعمار ولكنها لم تتحرر بعد من الأنظمة الحاكمة التي نصبت من خلال الاستعمار والامبريالية العالمية.
الدمار الذي وقع في غزة والمجازر التي ارتكبت هناك ليست بشيئ جديد على الشعوب التي رفعت لواء المقاومة والتصدي لقوى البغي والعدوان، واسرائيل رائدتهم، فالذاكرة العربية الحرة الشريفة تمتلئ أرشيفاتها بتلك المآسي ولا زالت تقاوم وتتصدى للكيان الصهيوني الذي يمثل النازية الجديدة في الألفية الحديثة. تلك الشعوب بدأت تصديها لقوى الشر من خلال القوى اليسارية وامتدت المسيرة استكمالاً إلى ما نراه اليوم من خلال قوى المقاومة الاسلامية بكافة مذاهبها. ما حصل في غزة ليس شريط لفيلم ستؤرشفه ذاكرة النضال والتصدى لنيل الحقوق الانسانية والدفاع عن حياض الأمة العربية والاسلامية بل هو بداية لتأسيس مرحلة جديدة من الصراع ضد قوى الاستعمار المتمثل بالكيان الصهيوني والأنظمة الاقليمية السائرة في ركب الامبريالية العالمية. العدوان على غزة وحد مذهبية المقاومة وصهر معتنقيها في بوتقة واحدة، فلا هي شيعية ولا يسارية ولا سنية ولا طائفية أو ايديولوجية مجيرة لطرف فريق مقاوم دون آخر. نعم، إن فصائل المقاومة في غزة أزالت جميع تلك الشبهات فيما يخص هوية المقاومة والايديولوجيات التي تتبعها، والخبر السار هنا أننا أمام حركة أممية جديدة تتبنى مفهوم المقاومة العسكرية، ولا عزاء للجيوش النظامية.
ما بعد العدوان على غزة هناك وقفة وقراءات متأنية لقطاف النتائج الايجابية المترتبة على النصر الآتي من التصدي والصمود أمام أعتى جيوش الامبريالية، جيش الدفاع الصهيوني، وهناك وقفات تحتم علينا تجفيف منابع بقاء ووجود هذا الكيان الصهيوني في قلب الأمة العربية. فبعد حربان شنهما ذلك الكيان الصهيوني تيقنت الأمة الشريفة العفيفة من دنس التواطؤ مع الاستعمار الغربي أن بقاء ذلك الكيان ليس بسبب قوته العسكرية، التي ما فتأت الأنظمة العربية المتواطئة معه في تسويق ذلك على شعوبها، بل ان استمرار وجوده هو بسبب تلك الأنظمة العربية المتخاذلة والمتعاملة مع مشروع تطويع الشعوب لمصالح الغرب وأطماعه في ثروات ومقدرات الأمة. يجب أن يكون هناك وقفة ومسيرة متقدمة لمناقشة السبل والطرائق الكفيلة في اسقاط تلك الأنظمة العربية المعتلة فكرياً والصدئة تسويقياً من قبل الغرب الامبريالي.
بعد العدوان على غزة، يجب إعادة تعريف معنى الحياة في ظل الخوف من الاعتقال والتعذيب كلما أراد الشعب التعبير عن ما يفيض في جنبات عقله وقلبه. وهل يجب أن ننبطح ونلتحف بالخوف أمام الأجهزة الأمنية التي نصبتها الأنظمة الحاكمة لقمع الشعوب؟ ويجب علينا إعادة تعريف الكرامة الانسانية وأن نتعلم كيف نعيش في كنف الحرية التي تعطينا الحق في اختيار ولاة أمورنا. الحكام الجدد الذين ينصبوا على كرسي الأمة كي يحققوا رغبات وأماني شعوبهم لا أن يكرسوا جل جهدهم في خدمة الاستعمار والامبريالية العالمية وبقاء الكيان الصهيوني المسمى اسرائيل.
وللحديث بقية.......... "سنموت يوماً ما .. فلنموت بعزة"
#سالم_أيوب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ماذا بعد ؟ الاتجاه المعاكس.. لكل الآراء !!
-
-الفاتيكاشوعية- في زمن العلمانية
المزيد.....
-
تعود إلى عام 1532.. نسخة نادرة من كتاب لمكيافيلّي إلى المزاد
...
-
قهوة مجانية للزبائن رائجة على -تيك توك- لكن بشرط.. ما هو؟
-
وزيرة سويدية تعاني من -رهاب الموز-.. فوبيا غير مألوفة تشعل ا
...
-
مراسلنا: تجدد الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيرو
...
-
الرئيس الأمريكي: -أنا زوج جو بايدن.. وهذا المنصب الذي أفتخر
...
-
مسيرة إسرائيلية تستهدف صيادين على شاطئ صور اللبنانية
-
شاهد.. صاروخ -إسكندر- الروسي يدمر مقاتلة أوكرانية في مطارها
...
-
-نوفوستي-: سفير إيطاليا لدى دمشق يباشر أعماله بعد انقطاع دام
...
-
ميركل: زيلينسكي جعلني -كبش فداء-
-
الجيش السوداني يسيطر على مدينة سنجة الاستراتيجية في سنار
المزيد.....
-
الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية
/ نجم الدين فارس
-
ايزيدية شنكال-سنجار
/ ممتاز حسين سليمان خلو
-
في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية
/ عبد الحسين شعبان
-
موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية
/ سعيد العليمى
-
كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق
/ كاظم حبيب
-
التطبيع يسري في دمك
/ د. عادل سمارة
-
كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟
/ تاج السر عثمان
-
كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان
/ تاج السر عثمان
-
تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و
...
/ المنصور جعفر
-
محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي
...
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|