أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - سعد هجرس - جرس انذار .. صحافة الميكروباص .. وميكروباص الصحافة!














المزيد.....

جرس انذار .. صحافة الميكروباص .. وميكروباص الصحافة!


سعد هجرس

الحوار المتمدن-العدد: 2539 - 2009 / 1 / 27 - 08:26
المحور: الصحافة والاعلام
    


توقف نزيف الدم الفلسطينى فى غزة، ولو مؤقتاً، وصمتت المدافع والطائرات والزوارق الحربية الإسرائيلية عن قصف القطاع المحاصر، ولو إلى حين، ليلتقط أهلنا فى غزة أنفاسهم خلال هذه التهدئة الهشة، ولنلتقط نحن أنفاسنا نحن أيضاً ونحول راداراتنا - أثناء هذه الهدنة القلقة – إلى شئون "الحياة" بعد أن تعبنا من متابعة شئون "الموت" والدمار والخراب والقسوة التى انطوى عليها هذا العدوان الإسرائيلى البربرى، والذى ليس سوى الجزء البارز من جبل الجليد، وليس سوى جزئية صغيرة من خطة كبيرة ومخيفة لإعادة الهيمنة على المنطقة بأسرها، من مياه البحر الأبيض المتوسط إلى المحيط الهندى، ووضعها تحت وصاية حلف شمال الأطلنطى، فى بعث جديد لحلف بغداد وحلف السنتو اللذان ناضلنا من أجل إحباطهما فى خمسينيات القرن الماضى!
ومن باب محاولة الترويح عن النفس بعد شد الأعصاب وحرق الدم خلال الأيام الكابوسية للحرب على غزة، وما اشتملت عليه من بربرية إسرائيلية وعجز عربى وعبثية فلسطينية، انتهزت فرصة صدور كتاب جديد للزميل الأستاذ حمدى عبدالرحيم يحمل عنواناً غريباً ملفتاً للنظر والفضول هو "فيصل .. تحرير - من أيام الديسك والميكروباص".
وكان أحد أسباب الفضول هو ماهية العلاقة بين الديسك والميكروباص. فالديسك – لمن لا يعلم – هو "المطبخ الصحفى" حيث يتم إعداد المواد الصحفية للنشر ومراجعتها وصقلها وتدقيقها وتهذيبها من الشوائب.
والميكروباص هو وسيلة المواصلات "الأهلية" التى تربط الأحياء والمدن العشوائية بقلب القاهرة، قبل أن تتوسع لتشمل وإنما تشمل أحياء كانت فيما مضى راقية وأصبحت الآن "عشوائيات دى لوكس" على حد تعبير الإعلامية اللامعة ليلى رستم.
فما هى العلاقة التى تجمع بين ديسك الصحافة وبين ميكروباص الغلابة؟
ما يجمع بينهما – والعهدة على حمدى عبدالرحيم – هو "العبث" ولاشئ غيره. العبث الذى جعل السلطة التنفيذية تهدر حديقة أثرية أنشئت فى عهد الخديوى توفيق لجعلها "موقف" للميكروباص، والذى يرغم "الديسك" على تحرير صفحات لا علاقة لكتابها بالكتابة.
والكتاب بوضع يده على هذه الرابطة العبثية يمثل الكتاب "وثيقة" بالغة الأهمية و"شهادة" على واقع الصحافة المصرية بعد أن دخلت الصحافة الخاصة والصحافة الحزبية الساحة إلى جانب الصحافة القومية وشهادة على الحياة الاجتماعية المعاصرة فى القاهرة الكبرى بعد "ترييف" عاصمتنا التى كانت حتى وقت قريب واحدة من أجمل مدن العالم لكن الزمان جار عليها وأصبحت أكثر الحواضر تلوثاً وقذارة وفوضى وعشوائية.
ولأهمية هذه الشهادة من حيث "المضمون" أقترح على نقابة الصحفيين دراسة هذه "الشهادة" على المستجدات المخيفة التى طرأت على المهنة وعلى عدد ليس قليل من المشتغلين بها.
وكما يقول حمدى عبدالرحيم فإن كارثة الديسك تتمثل فى أن عمل الديسك قديماً كان يتركز فى "تجميل" المادة التحريرية، ولم يكن يحتاج إلا إلى بعض "التلميع"، حذف كلمة هنا او إضافة كلمة هناك أو تدقيق معلومة أو تصحيح لغة. كان عمل الديسك قديماً يشبه إلى حد بعيد عمل "الكوافير": تجميل الجميلة لكى تظهر على الناس بكامل زينتها. ثم جرت فى النهر مياه كثيرة وأصبح "الغسيل" هو عمل الديسك أولاً وأخيراً، وهى وظيفة جديدة لأن المواد التى كان يعمل عليها محرر الديسك قديماً كانت "نظيفة"، ولم تعد كذلك الآن فى الأغلب الأعم، وهو ما يعكس جانباً من أزمة الصحافة المصرية الآن .
وكأن هذا العناء لا يكفى محرر الديسك، بل إن ظروف العمل فى كثير من الصحف تجعل ممارسة هذه الوظيفة ضرباً من العذاب حيث يضطر هذا المحرر أن يعمل فى أكثر من جريدة فى وقت واحد لاقامة أوده وإعالة أسرته بالكاد. وبطبيعة الحال فإنه يصعب أن نتصور أن صحفياً بهذه الظروف يمكن أن يمتلك سيارة، كما يصعب تصور أنه يمكن أن يستخدم التاكسى فى تنقلاته لأن ذلك يعنى أن ما يحصل عليه باليمين ستأخذه التاكسيات بالشمال –ليس أمامه سوى استخدام الميكروباص والقفز من أحدها إلى الآخر لأداء هذا العمل الصحفى الذى تحول إلى "سبوبة" و "نحتاية" و"حتة" و "مقاولة" حسب تعبيرات هذه الأيام التى تدل على أن مهنة الصحافة ورسالتها النبيلة تحولت لدى كثير من الصحفيين المعاصرين إلى مجرد "أكل عيش" فى "مهنة تنهار وجماعة يائسة تحاول إقامة السدود فى وجه طوفان قادم".
هذه الملابسات الموثقة والتى تمثل شهادة بكل ما تحمله الكلمة من معنى تستحق أن نتوقف أمامها الجماعة الصحفية ونقابة الصحفيين ولا تدعها تمر مرور الكرام.
والشهادة الأخرى التى تستحق أن يتوقف أمامها المعنيون بالأحوال الاجتماعية والمشغولون بالإجابة على سؤال: ماذا جرى للمصريين هى تلك المتعلقة بالميكروباص و"ثقافته".
والشهادتان تمثلان معاً وثيقة ثقافية وسوسيولوجية بالغة الأهمية حيث "الميكروباص" والديسك وجهان لعملة واحدة، يدلان على متغيرات سياسية واجتماعية وثقافية "حسب قول حمدى عبدالرحيم، ولذا كان لابد من الجمع بينها فى سياق واحد".
هذا من حيث المضمون، أما من حيث الشكل فأننا أمام كتابة متفردة تنبئ عن ميلاد كاتب كبير، يمتلك قلماً متمرساً ومسنونا كالسكين، ومرهفاً كزهرة الياسمين، ويكتب نوعاً جديداً بين الصحافة والأدب، ينطلق من خلفية فكرية ثرية وتجربة إنسانية عميقة، ويتسلح بأدوات وتقنيات راقية فى التعبير بأسلوب ساخر وعذب يكتنفه الحزن النبيل والانشغال الحقيقى بالهم العام للوطن ومهنة البحث عن المتاعب.
وبين عمق المضمون وعذوبة الشكل يقدم لنا حمدى عبدالرحيم فى ثنايا هذا الكتاب الفريد حواديت وقصص مثيرة عن عدد من هؤلاء الجنود المجهولين، فرسان الديسك، الذين تحول بعضهم إلى نجوم ساطعة فى سماء الصحافة والأدب والفن.
وهى كلها ليست حواديت للتسلية أو النميمة.. وإنما هى شهادة على زمان صعب ومهنة فى مفترق الطرق.
رحبوا معى بميلاد كاتب كبير.. لو أنه فى بلد آخر يحترم الكتابة لكان هذا الكتاب كافياً وحده لأن يجعله يعيش فى بحبوحة من العيش مدى الحياة دون حاجة إلى "خدمة البيوت".



#سعد_هجرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أخيراً .. بصيص من الأمل
- إسرائيل تريد إلقاء مسئولية أمن غزة على »الناتو«.. وعبء الاقت ...
- التحرر من الأوهام
- التوافق الوطنى المفقود.. فى مواجهة زلزال غزة
- مفارقات دبلوماسية!
- إزالة آثار عدوان غزة
- يا رجال الإعلام العرب.. اتحدوا
- إعادة النظر فى كعكة «السلطة» المسمومة
- نحن أفضل من أمريكا وأحسن من الغرب .. ولو كره الكافرون!
- فقه الأولويات: إسرائيل هى العدو الآن .. يا عرب
- فضيحة تغريم جابر عصفور
- دبرنا يا وزير الاستثمار .. السطو على -قلب- القاهرة!
- -عيد- الفساد!
- عالم ما بعد الولايات المتحدة
- حذاء -منتظر الفرج-!
- عشاء -علمانى- .. مع أمين عام منظمة المؤتمر -الإسلامى-
- من الذي يريد تعطيل القطار الهندى؟
- اليمين المصرى يرتدى قمصان الشيوعية الحمراء!
- نقيب النقباء .. كامل زهيرى
- هل يشكل طه حسين حكومة الأمل؟!


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي / كرم نعمة
- سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية / كرم نعمة
- مجلة سماء الأمير / أسماء محمد مصطفى
- إنتخابات الكنيست 25 / محمد السهلي
- المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع. / غادة محمود عبد الحميد
- داخل الكليبتوقراطية العراقية / يونس الخشاب
- تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية / حسني رفعت حسني
- فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل ... / عصام بن الشيخ
- ‏ / زياد بوزيان
- الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير / مريم الحسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - سعد هجرس - جرس انذار .. صحافة الميكروباص .. وميكروباص الصحافة!