أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - عبد الإله بوحمالة - أمريكا أم الأربعة والأربعين.. رئيسا















المزيد.....


أمريكا أم الأربعة والأربعين.. رئيسا


عبد الإله بوحمالة

الحوار المتمدن-العدد: 2539 - 2009 / 1 / 27 - 07:48
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


رحل جورج بوش بعد أن عاث تخريبا ودمارا في منطقة الشرق الأوسط وكاد أن يحول العالم من قرية صغيرة إلى خربة كبيرة.. غادر البيت الأبيض ليعاني ربما بقية حياته من عقدة نفسية جديدة اسمها عقدة الأربعة والأربعين بعد أن رأى بأم عينيه نمرة حذاء الصحفي العراقي مرتضى الزيدي تعصف بالقرب من وجهه الفردة تلو الأخرى، وبعد أن رأى كيف أن الرئيس الرابع والأربعين للولايات المتحدة بنى شعبيته وحملته الانتخابية على جنون خلفه وفداحة أخطائه والأعباء الاقتصادية والعسكرية الثقيلة التي حملها للأمريكين طيلة فترة رئاسته مما أقنع حتى أولئك البيض المتعجرفين من التخلص من عنصريتهم والتصويت لرئيس أسود على حساب ماكين الذي كان واضحا أنه ليس إلا نسخة أخرى مماثلة لبوش.
في رحيل بوش ونهايته بهذه الطريقة المخزية فوائد عديدة للأمريكيين وللعالم، أول هذه الفوائد هي الاقتناع الذي حصل لدى القوى العسكرية داخليا وخارجيا بأن الحرب والآلة العسكرية وحدها يمكنها بسهولة أن تدمر دولا كاملة وبوسعها أن تسقط أنظمة متجذرة وأن تغير خرائط وتشرد ملايين الناس، لكنها لا تستطيع في نهاية المطاف أن تزور تاريخا ولا أن تمحي ذاكرة ولا أن تغتال قضية مهما كانت أدوات فتكها موغلة في التوحش والبطش.
الفائدة الثانية هي أن الشعارات البراقة التي يمكن أن تحملها دولة من الدول العظمى من قبيل الديموقراطية والليبرالية والحرية التي ظلت البروباجندة الأمريكية تروج لها، يمكن أن تُركن على الرف في رمشة عين وأن تنحرف إلى النقيض تماما من مقاصدها إذا وظفت ككناية على الغزو والاستعمار والاستعباد.. ويمكنها أن تصبح شعارات جوفاء مادامت بحاجة إلى عينة من الكذابين واللصوص والمجرمين ليحملوا لواءها ويدافعوا عنها بالكذب والتلفيق والمؤامرات المحبوكة في الوقت الذي لا يتحركون فيه إلا بدافع من أطماعهم الشخصية ونزعاتهم العدوانية كما هي الحالة بالنسبة لجورج بوش.
الفائدة الثالثة وهي الاقتناع بأن وجود ديموقراطية داخلية في بعض الدول المتقدمة كالولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، إذا كانت في هاتين الدولتين ديموقراطية فعلا، لا يعني أنها ستمارس بالضرورة ديموقراطية خارجية في علاقاتها السياسية والاقتصادية والثقافية مع باقي الدول سواء المتقدمة منها أو المتخلفة الضعيفة.
الفائدة الرابعة هي الاقتناع بأن القوة العسكرية الكبيرة التي وصلت إليها أمريكا والتي فتحت شهيتها لخوض حروبها الأخيرة قوة هشة ومهتزة تعتمد على العتاد والأجهزة المتطورة والأسلحة المحظورة والاستراتيجيات العسكرية الجبانة التي لا تحارب قبل أن تحاصر وتعزل وتجوع، وإذا حاربت لا تنزل إلى الأرض إلا بعد أن تمسح الأرض مسحا، شجرا وحجرا وإنسانا، وبعد أن تحشد جيوشا حليفة لا حصر لها، وهو ما استطاعت أن تفعله أمريكا في أفغانستان والعراق لكنها لا تستطيع تكراره مستقبلا لا مع كوريا الشمالية مثلا ولا مع إيران ولا مع أية دولة أخرى من حجمهما، لأن نتيجة الحرب على أفغانستان والعراق وخلالهما على تنظيم القاعدة في نهاية الأمر سواء نظرنا إلى هذه النتيجة بمقياس الهزائم أو بمقياس الانتصارات هي هزائم محققة بل هزائم فادحة لحروب عبثية غير مشروعة ولا ضرورية.
الفائدة الخامسة هي إغلاق السجون غير القانونية والسرية التي فتحتها أمريكا أثناء حربها على الإرهاب فوق وخارج أراضيها وإعادة محاكمة ضحايا هذه السجون بعد سنوات من التعذيب والتنكيل أمام أنظار العالم.
الفائدة السادسة هي الانتهاء الرسمي والسريع للدورة الزمنية التي هيمنت فيها الولايات المتحدة الأمريكية كقطب واحد، والتي يفترض أن تدخل بعدها في مرحلة كمون وانكفاء على الذات، وظهور أقطاب أخرى إلى السطح من بين تلك الدول التي ظلت تراقب صراع اليد الحديدية الذي خاضته أمريكا.
فبحكم أن هاته الدول أصبحت تعرف الآن حجم القوة العسكرية والاقتصادية للمنافس الأول ستحاول مستقبلا أن تملأ هذا الفراغ الذي يرجح أن يكون على شكل ريادة اقتصادية وليست عسكرية.
الفائدة السابعة أن الولايات المتحدة ستبدأ في التحول إلى دولة عادية رغم قوتها العسكرية والنووية بفعل تداعيات الحروب التي شنتها والأزمة الاقتصادية الحاصلة، من جهة، وبفعل المنعطف الذي قد يشكله انتخاب رئيس أسود على نمط الحكم الذي ظلت تهيمن عليه الإيديولوجيا المحافظة واللوبي اليهودي في السنوات الأخيرة من جهة ثانية.
ولا يستبعد أن يؤثر تحولها إلى دولة عادية إيجابا على كثير من بؤر التوثر في العالم وذلك بترجيح كفة الدبلوماسية والتفاوض والحوار بين أطراف النزاع، خصوصا تلك البؤر التي كانت الحكومة الأمريكية تغذي فتيل الاشتعال فيها أو تنصر فيها طرفا على طرف سواء ظاهريا أو من خلف ستار.
الفائدة الثامنة وتتعلق بالقضية الفلسطينية بحكم الحضور القوي للولايات المتحدة في كل التطورات السلبية التي عرفها مسار هذه القضية.
فرحيل جورج بوش بعد أن عرى الوجه القبيح لأمريكا أمام شعوب العالم والمحاولات التي من المحتمل أن يقوم بها خلفه أوباما كسياسة لترميم هذا الوجه ستحرم الكيان الصهيوني في إسرائيل من:
أولا، من الدعم السياسي والعسكري المباشر أو على الأقل تقلل منه نسبيا.
ثانيا، من الغطاء الذي شكله صوت الرصاص والقنابل والصواريخ الأمريكية هنا وهناك والذي استفادت منه لممارسة تقتيلها ومذابحها الشنيعة العلنية للشعب الفلسطيني الأعزل.
وفي الحالتين معا لو استطاعت الفصائل الفلسطينية أن تتجاوز خلافاتها الداخلية لصالح قضية الوطن العليا، ولو استطاع العرب أن يستعيدوا المعدل الأدنى من التوافق وعدم الاستسلام المجاني ستجد أسرائيل نفسها مكشوفة أمام المنتظم الدولي كدولة عدوان واستعمار ومروق، خصوصا بعد الصورة التي تكونت لديها في الغرب بفعل حربيها الأخيرتين ضد لبنان وضد غزة.
الفائدة التاسعة، وهي نهاية المشروع الأمريكي الذي يسمى بالحرب على الإرهاب والذي أخذ منذ انطلاقه بعد أحداث 11 سبتمبر شكلا واحدا هو الحرب على دول الشرق الأوسط والدول الإسلامية.
فبنهاية هذا المشروع يمكن أن تظهر مقاربات أخرى غير صدامية مع كل التيارات المعادية لأمريكا خصوصا إذا تغيرت سياساتها تجاه القضية الفلسطينية وسحبت مظلتها الحمائية عن بعض الأنظمة الدكتاتورية وهو ما أعلنه أوباما في خطابه بمناسبة حفل التنصيب.
الفائدة العاشرة عودة النظام العالمي تدريجيا إلى طبيعته قبل الحروب الأمريكية الأخيرة وتخلصه من الأحادية التي هيمنت عليه بعد أن احتكرته أمريكا لنفسها لأكثر من عقدين كاملين، مما قد يعيد شيئا من المصداقية والنجاعة للهيئات والمنظمات الدولية وعلى رأسها الأمم المتحدة، أو ربما يدفع العالم باتجاه إعادة النظر جذريا في هذه المنظمات وفي وظائفها وفي الحقوق غير المستحقة التي تتمتع بها بعض الدول دون البعض الآخر والتي توظفها للحرب وليس للسلام.



#عبد_الإله_بوحمالة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رسالة.. إلى من لا يهمهم الأمر
- لَوْلاَ التَّشهُّدُ لكَانَتْ لاؤُهُمْ نَعَمُ
- صبْراً آلَ غزَّةَ.. فأُمُّ الجُبْنِ فِينَا مَا وَلَدَتْ غيْر ...
- إلا الأمن..(!)
- الأحزاب المغربية.. تراجيديا السقوط نحو قمة الحكومة
- انتخابات 2009 للجواب على رسالة الناخب الغاضب
- الهيبهوب ظاهرة صوتية.. لا غير
- أبا الخيزران.. إنهم يطرقون الجدران فعلا (!)
- أبا الخيزران.. هاهم يطرقون الجدران فعلا (!)
- جرح العنوسة.. الطوق والأسئلة
- اللغة والمعنى.. القوالب التي تحكمنا
- القضية تهمنا أيضا
- الجار والمجرور والنكرة والمعرفة: درس في قواعد الاستوزار
- موسم الهجرة نحو الوسط
- في الحاجة إلى معارضة حزبية قوية
- ملاحظات على هامش انتخابات سبتمبر
- البذور المنتقاة لديمقراطية بوش
- الانتخابات والأمية بالمغرب: -إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب-( ...
- التعليم في المغرب: صانع السم لا يذوقه
- تعديل الدستور: نحو حكومات تحكم وتحاسَب


المزيد.....




- -ذي تلغراف-: الولايات المتحدة قد تنشر أسلحة نووية في بريطاني ...
- -200 ألف جثة خلال 5 سنوات-.. سائق جرافة يتحدث عن دفن الجثث ب ...
- وليد اللافي لـ RT: البرلمان الليبي انحاز للمصالح السياسية وا ...
- ميزنتسيف: نشر -أوريشنيك- في بيلاروس كان ردا قسريا على الضغوط ...
- خوفا من الامتحانات.. طالبة مصرية تقفز من الطابق الرابع بالمد ...
- ألمانيا وفرنسا وبريطانيا تدعو إيران إلى -التراجع عن تصعيدها ...
- طهران تجيب عن سؤال الـ 50 مليار دولار.. من سيدفع ديون سوريا ...
- محكمة مصرية تؤيد سجن المعارض السياسي أحمد طنطاوي لعام وحظر ت ...
- اشتباكات مسلحة بنابلس وإصابة فلسطيني برصاص الاحتلال قرب رام ...
- المقابر الجماعية في سوريا.. تأكيد أميركي على ضمان المساءلة


المزيد.....

- افتتاحية مؤتمر المشترك الثقافي بين مصر والعراق: الذات الحضار ... / حاتم الجوهرى
- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب
- اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد ... / علاء هادي الحطاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - عبد الإله بوحمالة - أمريكا أم الأربعة والأربعين.. رئيسا