|
الفساد فاض عن حده المعقول في اقيم كردستان (3)
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 2545 - 2009 / 2 / 2 - 08:25
المحور:
الادارة و الاقتصاد
لكون الاقتصاد هو العمود الفقري و الشريان الاكبر لتسيير السلطات السياسية ، فان الاحزاب السياسية باتت تعمل و كانها شركات كبرى و عابرة للقارات سوى كان عن قصد او غير ذلك ، و هم يسيطرون على الوضع السياسي العام باستغلال ظروف معيشة المواطن و يستغلون نقاط ضعف افراد الشعب و يحدون من حركتهم و حتى تفكيرهم الحر من نافذة احتياجاتهم الاقتصادية ، لا يعلم احد كم هي ميزانية الحزبين و ما هي وارداتهما من احتكار السوق و استغلال كافة التجارات و منها غير القانونية ، و هذا هو ما اضعف الانتماء الفكري العقيدي في عقول المنتمين اليهما اللهم الا عوائل الشهداء وفاءا لدماء ابنائهم التي سالوها في هذه الطريق و هم يستحقون اكثر من الوفاء فقط. نقاط الضعف الكبيرة في السياسة و الفلسفة الاقتصادية المؤدية الى الفساد و سببها تدخل الاحزاب المتنفذة واحتكاراتهم جميع المجالات و استغلالهم لنظام الاقتصاد السوق الحر كورقة لتنفيذ مرامهم بكافة الوسائل. و هذا ما يحتاج الى حلول جذرية و لا يمكن تحقيقها الا باعادة النظر في السوق الحر الذي خلق الفوضى في الاقليم و لم يتضرر منه الا الفقراء المعدمين. و هذا الجانب المهم الذي يحتاج الى اعمال جدية و اصرار على تصحيح مسار النظام الاقتصادي المتبع الذي يخضع كليا الى شروط المؤسسات الاقتصادية و الافكار الراسمالية العالمية التي لا يهمها الا الربح و المصالح الشخصية . و يمكن اعادة تخطيط ما ينفذ بمشاركة السلطة المستقلة لجوانب ما هو لصالح المواطن و ليس تركه في افواه المحتكرين الكبار كلقمة سائغة ، و الاهتمام بالبنى التحتية و توفير الفرص المتساوية لكافة المواطنين في العمل و الحفاظ على حقوق الكادحين بشكل عام ، و ضمان حقوق المستهلك الذي اصبح تحت رحمة مطرقة النظام الراسمالي الجشع ، ويمكن توسيع و التركيز على القاطع الزراعي و المنتوجات الحيوانية و الصناعة الزراعية و الصناعة بشكل عام ، و الاستفادة من واردات النفط و الثروات الطبيعية في كوردستان و العراق من اجل مستقبل الاجيال . من اجل السيطرة على الوضع الاقتصادي و قطع الطريق امام الفساد لابد من تامين نزاهة المؤسسات و المسيطرين عليها و المتنفذين في السلطة الذين يتدخلون في كل صغيرة و كبيرة ، و يتم ذلك بوجود قوانين صارمة و مؤسسة الرقابة و التفتيش فعالة و الشفافية و اختيار النزهاء و ذوي السمعة و الاخلاق الطيبة و المخلصون للشعب و قضيته في ادارة تلك المؤسسات ، و هذه هي البداية الصحيحة لردع المفسدين و الحفاظ على الامن القومي و الاقتصاد لشعب و كسد منيع امام الفساد بكل اشكاله . و بداية كل عمل هي النيات النظيفة الصافية و المخلصة و من ثم بدء عملية الاصلاح بمشاريع حقيقية من اجل تصحيح مسار الحكم و الادارة و تامين الخدمات ، و يتم كل ذلك ايضا بعدة مراحل وخطط و برامج واقعية نابعة من الفكر التقدمي العلمي . و يمكن ان يبدا بخطوات صغيرة كتعديل نظام الخدمة المدنية و قوانين تنظيم العمال و الكادحين و الموظفين و تصدير ارشادات و وضع خارطة طريق تلائم مع الوضع و المرحلة الجديدة بعد اسقاط الدكتاتورية و اقرار النظام الفدرالي ، و من ثم تقوية الوزارات و اتباع اللامركزية للمحافظات و تنشيط مجلس الخدمة و برمجة التعينات و تنظيم الصرفيات و محاولة علاج التضخم المسيطر ، مما يوفر فرص توفير الخدمات العامة . لكون الاقتصاد في هذا العصر من الوسائل الهامة لتنفيذ العولمة او كطريق الاوحد لتثبيت و تجسيد اعمدة النظام المعولم في العالم فان العراق و اقليم كوردستان اللذان تربطهما العلاقات المصيرية لابد من اجبارهما علىحل المشاكل و القضايا العالقة بينهما باتخاذ الخطوات المشتركة و التعاون البناء و بروح التسامح و قبول الاخر بعيدا عن التعصب و العنصرية ، و محاولة سلخ ترسبات الافكار و العقائد البالية بكافة السبل عن جسد الشعب و السلطة . و عند ايجاد الحلول الجذرية النهائية للقضايا المصيرية الكبرى تستقر الاوضاع في العراق و اقليم كوردستان ، و الاهم هو سد الطريق امام عودة المشاكل التي تختفي لفترة و من ثم تعود و من خلال استقرار علاقات المركز مع اقليم كوردستان بالتراضي و الاعتماد على القوانين و ما في مصلحة الطرفين بعيدا عن تراكمات الماضي، و الاهم من كل ذلك هو الابتعاد عن العقلية الضيقة و الاكراه و الغاء الاخر و الاتفاق النهائي على كافة بنود الدستور و القوانين المنبثقة منه ،و تامين ضروريات المعيشة اليومية. و لكن ما يرى الان في العراق والاقليم من العقائد و القيم التي مضت عليها الزمن و نافذة الصلاحية فلابد من ايجاد الحلول الجذرية و بخطوات واثقة لانبثاق افكار وخطط رصينة و خارطة عمل واضحة و واقعية ، و يتم بجهود الجميع و بعقول متنورة و ببرامج و افكار علمانية حداثوية متلائمة مع ما يتطلبه الوضع الراهن. من الملاحظ ان الوضع في اقليم كوردستان يتجه باستمرار نحو الاسوء مما كان عليه في جميع المجالات ،و الاخطر في الامر هو انعدام الثقة بين المكونات و الاحزاب بعد يأسهم من الاصلاح ، وهذا هو جوهر المشكلة بعد تفاقمها بشكل غير قابل للعودة الا اذا انتقلنا في الشكل و التركيب من مرحلة الى اخرى ، بحيث يمكن اتباع هذه الطرق بعد التقييم الصريح ، ولكن بصريح العبارة ان الحلول في غاية الصعوبة من دون ضغط شعبي او انتظار للتغيير الجذري في موازنات القوى الداخلية . بتغيير العوامل التي يقف عليها اتكاء السلطة ، وكلما كان العامل الذاتي الداخلي ضعيفا سينعكس ذلك بشكل سلبي على طريق ايجاد الحلول للقضايا الخارجية ايضا ، اي عدم ثبات الوضع الداخلي سيدع العلاقات العامة السياسية و الاقتصادية و حتى الاجتماعية والثقافية بين الاقليم و المركز مهزوزة و غير متينة ، و هذا ما يدع الباحث يتشائم فيما يؤول اليه الوضع ان استمر بهذه الحال و كام هو المعلوم يعود بالضرر الى الطرفين . اما استحصال الاطراف على الحقوق الصحيحة يتوقف على عقلية ادارة المركز و الاقليم ، و ما يطرح الى الشارع من الاراء لا يبشر بالخير و هو ما كان المنتظر و الجميع على علم بان المشكلة في السلطات ومن يديرها و ليس افراد الشعب ، و هو ما كان من الاسباب التي ادت الى النتائج المخيبة للامال و تضرر منها الشعب العراقي بجميع فئاته في مراحله المختلفة منذ تاسيس الدولة العراقية. و هذا ما يدعنا ان نربط الفساد وعدم الاستقرار و خروج المشاكل من اطره و حده المقبول القابل للحل و سيؤدي الى عواقب غير حسنة و يتضرر منه الشعب الكوردستاني والشعب العراقي بشكل عام طالما كان اقليم كوردستان جزءا منه . و هذا ما يفرض على الجميع التفكير بعقلية منفتحة لايجاد المخرج من المشاكل الموجودة في العراق واقليم كوردستان و بتعاون الجميع و هو الطريق الوحيد لايجاد حلول للقضايا الهامة المستعصية .
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عدم تاثير مواقف الاحزاب الصغيرة على سياسة اقليم كوردستان
-
الفساد فاض عن حده المعقول في اقليم كردستان (1)
-
الفساد فاض عن حده المعقول في اقليم كردستان (2)
-
ماذا يحدث للمواطنين العراقين في السعودية
-
سيطرة عقلية الثورة وليست عقلية السلطة على القادة الكورد منذ
...
-
اية نظرية فكرية تتوافق مع الواقع في الشرق الاوسط
-
ازدواجية قادة الشرق الاوسط في التعامل مع الاحداث
-
المخاطر التي تواجه علاقة الحكومة العراقية المركزية مع اقليم
...
-
توفير عوامل قوة شخصية المراة في المجتمع
-
ضرورة الحوارات السياسية من عدة ابواب في العراق اليوم
-
وضوح عناصر تعبئة المواطنين مفتاح لاختيار الاصلح في الانتخابا
...
-
كيف و متى تترسخ الثقافات التي يحتاجها العراق الجديد
-
عدم ادانة ايران رغم قصفها المستمر لقرى اقليم كوردستان !!
-
المرحلة التاريخية الراهنة تتطلب منا الافكار و الحوار
-
حرب غزة بين الايديولوجيا و التكنولوجيا و افراز قوى اقليمية ج
...
-
العراق بحاجة الى بلورة خارطة طريق معتمدة لحل المسائل العالقة
...
-
العراق بحاجة الى بلورة خارطة طريق معتمدة لحل المسائل العالقة
-
ترحيل اللاجئين قسرا خرق لحقوقهم الانسانية
-
كيف و لمن نصوت في الانتخابات العراقية المقبلة
-
القيم الجديدة و مدى تقاطعها مع العقائد السائدة
المزيد.....
-
مسؤول إسرائيلي: وضع اقتصادي -صعب- في حيفا جراء صواريخ حزب ال
...
-
مونشنغلادباخ وماينز يتألقان في البوندسليغا ويشعلان المنافسة
...
-
وزير الخارجية: التصعيد بالبحر الأحمر سبب ضررا بالغا للاقتصاد
...
-
الشعب السويسري يرفض توسيع الطرق السريعة وزيادة حقوق أصحاب ال
...
-
العراق: توقف إمدادات الغاز الإيراني وفقدان 5.5 غيغاوات من ال
...
-
تبون يصدّق على أكبر موازنة في تاريخ الجزائر
-
لماذا تحقق التجارة بين تركيا والدول العربية أرقاما قياسية؟
-
أردوغان: نرغب في زيادة حجم التبادل التجاري مع روسيا
-
قطر للطاقة تستحوذ على حصتي استكشاف جديدتين قبالة سواحل ناميب
...
-
انتعاش صناعة الفخار في غزة لتعويض نقص الأواني جراء حرب إسرائ
...
المزيد.....
-
الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق
/ مجدى عبد الهادى
-
الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت
...
/ مجدى عبد الهادى
-
ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري
/ مجدى عبد الهادى
-
تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر
...
/ محمد امين حسن عثمان
-
إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية
...
/ مجدى عبد الهادى
-
التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي
/ مجدى عبد الهادى
-
نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م
...
/ مجدى عبد الهادى
-
دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في
...
/ سمية سعيد صديق جبارة
-
الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا
/ مجدى عبد الهادى
المزيد.....
|