|
عدم تاثير مواقف الاحزاب الصغيرة على سياسة اقليم كوردستان
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 2536 - 2009 / 1 / 24 - 09:04
المحور:
القضية الكردية
التركيبة السياسية للسلطة في اقليم كوردستان تمخضت عن ما انتجته الحركات التحررية بمساندة الشعب الذي كان في حينه اكبر سند و دعم و مرتكز لهم جميعا ، و استقرت الاوضاع السياسية على سيطرة الحزبين المتنفذين و الاحزاب الصغيرة التابعة لهما حتى الامس القريب ، و كل من هذه الاحزاب اشتركت حسب ثقلها و تحالفاتها و تنسيقاتها العلنية و السرية معهما لاشراكهم في السلطة و التلذذ بما تحتويها مما اثر سلبيا على الوضع العام و افرغت الساحة من اي معارض يذكر الا بعض التيارات و الشخصيات الثقافية، و استغلت السلطة هذا الوضع لغلق الساحة و قمع ما يبرز من المعارضات او اعتصامات و مظاهرات دون اي رادع لهذه التصرفات ، و هذا يدل على ان الحزبين المتنفذين ليسا بمسبب لتضييق مساحة الديموقراطية و الخطو نحو التقدم فقط و انما الاحزاب الصغير المتلهفة للم الفتات ما تبقت من السلطة لاجل قياداتهم فقط هم المشاركين ايضا لما الت اليه هذه الاوضاع و كما نرى اليوم، و الدليل ان من المشاركين في السلطة كممثلي لهذه الاحزاب الصغيرة في البرلمان الكوردستاني و العراقي و الوزراء في الحكومتين العراقية و الكوردستانية يعيشون برغد و ابهة و اصبحوا طبقة مختلفة عن اقرانهم في احزابهم ،و كذلك مَن تقاعد منهم . و مشاركة هذه الاحزاب كانت من اجل مصالح حزبية شخصية ضيقة ليست لها اية علاقة يُذكر بالشعب، و في مقدمة اسباب تلك المشاركة هو ضمان الميزانية و الهدايا السخية في المناسبات و غيرها لادارة نفسهم ،لكون العمل السياسي اليوم تغير الى حال اصبح الحزب هو الضامن لواردات العضو المنتمي و برواتب مجزية مختلفة المقدار و حسب مراتب عضويتهم او قربهم للشخص الاول و القيادة و التسلسلات المسيطرة كحلقات حتى في الاحزاب الصغيرة و كل حسب حجمه،و لم يكن الاخلاص الى المباديء و القيم و التاريخ و النضال معيارا لمكافئة و تقدير اي عضو بقدر ما ينبري اي عضوالى ما يريده و يجب ان يمتلك صفات خاصة و منها التملق و التزلف و الرياء و كيفية اتقانه لارضاء نزوات القيادة و الشخص الاول، هذا في جميع الاحزاب دون استثناء بصغارهم و كبارهم ،و هذه السلوكيات الطارئة على المضمون العمل الحزبي في اقليم كوردستان و التي جسدها هذه الاحزاب بانت اثاره السلبية و انتشرت افرازاتها و تداعياتها على حياة المجتمع بشكل عام ، و كانت الاسباب والعوامل ثنائية الجانب موضوعية و ذاتية ، كمستوى الثقافة العامة للاعضاء و القيادات و تاريخ الاحزاب و العمل بعقليات ثورية جبلية و انعدام المصداقية و الثقة بين مكونات الاحزاب و عدم الخبرة و نسيان المباديء التي كانت من المفروض الاستناد عليها مع الفوضى في الحكم و اهمال القانون و انعدام الدستور من اصله،و من ثم الظروف الاقتصادية العامة و الوضع الاجتماعي و المستجدات التي برزت بعد انتفاضة 1991 في اقليم كوردستان ،اما الجانب الذاتي هو خصوصية الاحزاب و اعضائهم و قياداتهم و خوفهم المستمر و عدم ثقتهم باستمرار الوضع و انتهازهم للفرص و كانها تضيع من ايديهم ان لم يستفيدوا منها و ان كانت بطرق غير شرعية ، و عقلية مدبري امورهم و كيفية تحويل مهام احزابهم و كانها شركات من اجل الربح ، و هو من مصلحة المستفيدين و الذين يلجؤن الى المزايدات في حال يكونون في اوضاع محرجة و هم يتراوحون في امكنتهم ، و كل تلك الاصوات من اجل الامتيازات الحزبية الشخصية على حساب دماء الشهداء و مستقبل اجيال هذا الاقليم المتضرر من هذا الواقع الذي فرضتها هذه الاحزاب جميعا . نسمع بين حين و اخر من الاحزاب و التيارات الصغيرة المشتركة شكليا في السلطة من اجل مايهم القيادات و بعد ضغوط و مواقف داخلية من اعضائهم ،ومن جانب لاجل تصدير مشاكلهم و صراعاتهم الداخلية و للفت الانظار الاعضاء الى خارج احزابهم بتجهون الى هذه المواقف المعينة استنادا على تفكير قياداتهم و مدى تاثر مصالحهم من الاوضاع المستجدة، و من تغيير مستوى علاقاتهم مع الحزبين المتنفذين لاسباب شخصية ، و هذا لا يعني و لا يدل على ان كافة اعضاء هذه الاحزاب و كوادرهم على مثل هذه المواقف السطحية ، بل الاكثرية العظمى من الكوادر يعلمون يقينا ان هذه المواقف لاسباب ذاتية و شخصية و المتضرر في هذا الوسط هو الاعضاء و المنتمين البسطاء، و يعلمون بانها مزايدات ليست الا ، وهي من الاساس ليست لما يعلن ظاهريا و كما يقال و يدعى انها لطلب حقوق المواطنين و محاربة الفساد و السلبيات المنتشرة في الاقليم، بينما جوهر القضية هو احدى لعب القيادات في الاحزاب الصغيرة لاغراض و اهداف لا يمت بصلة باية مصلحة للشعب من بعيد او قريب ، و هي مواقف نظرية بحتة لا تؤثر على استمرارية الوضع السياسي الحالي والفساد الذي هم جزء منه و انما هي خطوة للتنفيس السياسي الداخلي لهم و ارضاء الشارع ، و ستزول كل الاعتراضات بتامين المطالب الشخصية و الحزبية لهذه الاحزاب الصغيرة . و ربما بعض منهم يسير وفق اجندة خارجية سوى اقليمية او دولية و يطبقون مخطط ماعن معرفة او جهل يعض منهم ، و وراءه مصالح القوى الاخرى. ان تكلمنا بكل صراحة و صدق ، فان الاحزاب الصغيرة و كما هو حال الحزبين الكبيرين تحتوي تركيباتهم على مجموعة من النخبة المخلصة و من المثقفين و هم مبتلون بسياسات قادتهم و ما يرتكبون من الاخطاء و ما يبدر منهم من المواقف و الاراء دون اخذ رايهم او استشارتهم ، و هذا يدل على مستوى الديموقراطية التي يؤمنون بها !! . الجدير بالذكر ان المباديء و القيم هي اخر ما يعتمدون و يستندون عليها في ارائهم و تحالفاتهم ، و الدليل وجود تحالفات بين الاحزاب متناقضة المباديء و القيم و الشعارات و الاهداف ، و الهدف هو الامتيازات فقط بعيدا عن مصالح الشعب التي يدعون. و هذه الاطراف لا تتفق من اية ناحية فكرية او عقيدية او سياسية او اقتصادية و لا اية مباديء او نقاط مشتركة عدا المصالح الذاتية و التي ينتهزون الوقت لتحقيقها فقط. و بصريح العبارة ان اغلبية ابناء الشعب الكوردي ينظرون الى هذه الاحزاب على انهم طفيليين يعتاشون على اجسادهم ، و يدركون بان هذه المواقف نابعة من نظرتهم الى ما يهمهم لوحدهم فقط و هو من اجل صراعاتهم من اجل الكراسي ، و في هذا الوقت الذي ننتظر الانتخابات البرلمانية ، و لا يمت طلباتهم من الجوهر باية صلة بمتطلبات الطبقة الكادحة و الفقراء المعدمين . و المحزن هنا ان جميع الاحزاب تتكلم باسم الشعب و تعتبر نفسها ممثلي الشعب و الجماهير، واكثرية الطبقات و الشرائح و الفئات منهم براء، و هم اعرف و افهم و اعمق من ان يُخدعوا بكلمات رنانة ، و في ازمنة مختارة ليحصدوا ثمارها على الصعيد الشخصي و الحزبي فقط. المشكلة الاساسية للاحزاب الصغيرة هي انها تشترك في السلطة من جهة و تنتقدها و كانها احزاب معارضة من جهة اخرى ، و هي تخاف على امتيازاتها من بيان مواقف عملية صريحة من اجل امتيازات شخصية فقط و همها الوحيد الميزانية و العيش الرغيد و التلذذ لقياداتهم على ما يحصلون من السلطة و كما هم عليه الان ، و لايضحون بادنى ما يهمهم من الناحية الشخصية ، و هذه المواقف للاسباب التي ذكرت فقط، و لا يريدون اداء هذه اللعبة السياسية بشكل حقيقي و جوهري لانها تتطلب التضحيات و هم ليسوا اهلا لها . نستخلص هنا بان الاحزاب الكوردستانية الصغيرة مستمرة على الساحة و تُظهر من المواقف المختارة من قبل قياداتها و بازدواجية واضحة و في وقت الذي ينشدون الديموقراطية و ما يطلبونها من جميع الاحزاب و هم بعيدون عن تنفيذها في احزابهم ، و كما يقول المثل فاقد الشيء لا يعطيه ، اي الشعب لا يثق بهم لانهم ليسوا بمثل حسن ليتسلموا السلطة ، و من لم يكن ديموقراطيا في بيته و لم يستمع الى الراي المعارض في حزبه و يلغي الاخر و يمنع من بيان موقفه و يحاول بكل الوسائل السيطرة على حزبه و كانه ملك له ،وهو شركته التي اسسها للربح الشخصي لن يكون ديموقراطيا في السلطة و لن يلبي دعوات الشعب و لن يحقق اهدافهم.
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الفساد فاض عن حده المعقول في اقليم كردستان (1)
-
الفساد فاض عن حده المعقول في اقليم كردستان (2)
-
ماذا يحدث للمواطنين العراقين في السعودية
-
سيطرة عقلية الثورة وليست عقلية السلطة على القادة الكورد منذ
...
-
اية نظرية فكرية تتوافق مع الواقع في الشرق الاوسط
-
ازدواجية قادة الشرق الاوسط في التعامل مع الاحداث
-
المخاطر التي تواجه علاقة الحكومة العراقية المركزية مع اقليم
...
-
توفير عوامل قوة شخصية المراة في المجتمع
-
ضرورة الحوارات السياسية من عدة ابواب في العراق اليوم
-
وضوح عناصر تعبئة المواطنين مفتاح لاختيار الاصلح في الانتخابا
...
-
كيف و متى تترسخ الثقافات التي يحتاجها العراق الجديد
-
عدم ادانة ايران رغم قصفها المستمر لقرى اقليم كوردستان !!
-
المرحلة التاريخية الراهنة تتطلب منا الافكار و الحوار
-
حرب غزة بين الايديولوجيا و التكنولوجيا و افراز قوى اقليمية ج
...
-
العراق بحاجة الى بلورة خارطة طريق معتمدة لحل المسائل العالقة
...
-
العراق بحاجة الى بلورة خارطة طريق معتمدة لحل المسائل العالقة
-
ترحيل اللاجئين قسرا خرق لحقوقهم الانسانية
-
كيف و لمن نصوت في الانتخابات العراقية المقبلة
-
القيم الجديدة و مدى تقاطعها مع العقائد السائدة
-
المشاريع الاصلاحية في اقليم كوردستان تعبر عن عقلية اصحابها و
...
المزيد.....
-
اتهام نتنياهو بمحاولة إفساد صفقة تبادل الأسرى.. والبيت الأبي
...
-
القسام تبث مشاهد تسليم الدفعة الرابعة من الأسرى الإسرائيليين
...
-
الأسرى المحررون يكشفون التعذيب الوحشي في سجون الاحتلال
-
ترامب: فنزويلا وافقت على قبول المهاجرين غير الشرعيين وأفراد
...
-
قضاء إيطاليا يعرقل للمرة الثالثة خطة ترحيل المهاجرين إلى ألب
...
-
كتائب القسام تبث مشاهد لتسليم الدفعة الرابعة من الأسرى الإسر
...
-
مكتب إعلام الأسرى التابع لحماس: الأسرى المحررون تعرضوا للضرب
...
-
أهالي قطاع غزة يستقبلون الأسرى
-
-الأونروا- .. سؤال المصير عن خدمات الصحة والإغاثة والتعليم
...
-
مكتب إعلام الأسرى: إفادات الأسرى المحررين تكشف جرائم التعذيب
...
المزيد.....
-
سعید بارودو. حیاتي الحزبیة
/ ابو داستان
-
العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس
...
/ كاظم حبيب
-
*الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 *
/ حواس محمود
-
افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_
/ د. خليل عبدالرحمن
-
عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول
/ بير رستم
-
كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟
/ بير رستم
-
الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية
/ بير رستم
-
الأحزاب الكردية والصراعات القبلية
/ بير رستم
-
المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية
/ بير رستم
-
الكرد في المعادلات السياسية
/ بير رستم
المزيد.....
|