|
انتصار حماس المحير
رأفت الغانم
الحوار المتمدن-العدد: 2535 - 2009 / 1 / 23 - 09:08
المحور:
القضية الفلسطينية
إن انتصاراتنا المتعاقبة في العراق ولبنان وغزة أخيراً بالرغم من حجم الدمار والقتل الذي يحصل في صفوفنا ، يجعلنا نعيد النظر في غزوة " أحد " ، والتي علمونا في مادة التاريخ بأن الرسول وأصحابه هزموا في تلك الغزوة . ولا بد للمطلع أن يلاحظ أن تضليلا اعلامياً في المسألة ، وإلا كيف يهزم نبي حاربت معه الملائكة ، فمن غير المعقول أن تكون ملائكة حماس أكثر من ملائكة الرسول . الآن وبعد أن خفتت أصوات المدافع وبدأت الآليات والجرافات تنسحب ، وخرج رجال حماس من جحورهم ، حيث لم يقتل منهم سوى 48 على حد تصريح أحد قادتها ، من مجموع 1300 قتيل ، لا يمكن لنا أن نحلل هذه الظاهرة الغريبة التي حدثت سوى أن نقول بأن رجال حماس ضد الرصاص والمدافع كاحتمال أول . والإحتمال الثاني " طبقاً لعرف الحروب " وهو أن المقاتلين الأكثر فتكاً ببعضهم من الطرفين ، وأن المقاتلين يحولون بين العدو والمدنيين من خلفهم ، لذا لا يمكن أن نقول في هذا الإحتمال سوى أن المدنيين في غزة كانوا يحاربون الجيش الإسرائيلي للدفاع عن رجال المقاومة في حماس . أما الإحتمال الثالث ، هو أن حماس أنتصرت نصر آيدلوجي ، حيث أن حماس ذات فكرة حملت اسرائيل على محاربتها بالذات دون فتح مثلاً وبتالي ما تحمله من أفكار تخصها هي سبب هذه الهجمة ضدها ، وبما أن اسرائيل لم تستطع أن تقتلع هذه الأفكار فهي الخاسرة لأنها لم تحقق غايتها من الحرب ، أو لنقول بما أن اسرائيل لم تستطع أن تقتل الرجال الذين يحملون هذه الأفكار أو تبعثر تنظيمهم وتفتته وتقضي عليه ، فإن حركة حماس لا شك منتصرة ، وإن انتصارها لم يكلفها أكثر من الإختباء ليس في مدينة أخرى تحت غزة إنما بين المدنيين . فأية أفكار تمتلكها حماس تستحق تضحيات المدنيين ؟ هل محاربة فساد الحكومة السابقة في غزة تستلزم تدمير غزة بالكامل ؟ وأيهم كان أفضل ؟ أم أن بند حماس الأساسي والذي يميزها عن منظمة التحرير بالإضافة لإتساع شعبيتها مقارنة مع الجهاد الاسلامي في عدم الإعتراف بإسرائيل ، ومقاومتها كحل أوحد في التعامل معها ، هو الفكرة التي حاربتها اسرائيل وفشلت في إقتلاعها من جماجم عناصر أعضاء حركة حماس العنيدة والصامدة !! واذا ماتسائلنا حول شعار حماس " عدم الإعتراف بإسرائيل ، والمقاومة كحل أوحد في التعامل معها " كموضوع " مدى مصداقيتة أو امكانية تطبيقه على أرض الواقع وفاعليته " بعد الأحداث الأخيرة والحرب التي تسببت حماس بها ، سنتعجب حيث أن خيار حماس بالمقاومة والذي تجسد بصواريخها تسبب بمقتل ثلاثة اسرائيليين سقط مقابلهم 1300 فلسطيني وسيزداد عجبنا دون شك إذا علمنا أنه من بين الألف وثلاثمائة قتيل فلسطيني ثمانية وأربعون فقط من حركة حماس !! وهذا أيضاً يجعلنا نتسائل ونحن فاغري الأفواه فيما إذا كانت حماس تدافع عن المدنيين أو أنها تخبئ خلفهم ؟ أو أن رجال المقاومة من حركة حماس كانوا نائمين في كهف ما ، أو أنهم كانوا خارج قطاع غزة أثناء الإجتياح الأخير . خصوصاً إذا أعدنا الذاكرة لتصريحات قادتها وتوعدهم بالموت للجيش الإسرائيلي ، وبأن غزة ستكون مقبرتهم التي تنتظرهم وبأنهم أقدر على تكبيد العدو الخسائر عبر حرب العصابات حيث أن العدو كان يحاربهم من السماء والبحر ، فشعرنا لوهلة أن توغل الجيش هو فرصة حماس الذهبية . لكن وللأسف إذا علمنا أن توغل إثنا عشر ألف جندي اسرائيلي في القطاع وانتشار دباباته في كل زاوية وتقسيمه للقطاع لثلاثة أقسام وسيطرته على معبر رفح الذي كانت تسيطر عليه حماس حسب تصريحات قادتها في الرد على الرئيس المصري ، وكل ذلك حدث في غضون أيام لم تخسر حماس مقابلها سوى 48 قتيل ، سيجعلنا نعيد نفس الأسئلة حول شعار حركة حماس " عدم الإعتراف بإسرائيل ، والمقاومة كخيار أوحد " ونلتمس التبريرات لها فلعل حماس حملت الشعار وهي غير مستعدة لدفع ثمنه ؟ مثلاً فكانت تعتقد أن حمل الشعارات مسؤوليتها والحرب مسؤولية المدنيين ، أو مصر ، وربما فنزويلا ، لأن الأمر في الحقيقة شديد الحيرة . وهل حماس بالفعل تدخر كل أسلحتها ومقاتليها من أجل شعارها " مقاومة اسرائيل ، وعدم الإعتراف بها " ؟ أم أن فوزها في الإنتخابات قلب المسألة فأصبح الشعار " بروبوغندا بدقن ومنبر ونفحة اسلامية " تثير عواطف المسلمين وتذكرهم بزمن الحصار الذي تعرض له الصحابة يدفع ثمنه الشعب الذي واجه الحصار والجوع والخوف ونقص الأدوية والأغذية وإنقطاع الرواتب والكهرباء والوقود وواجه القتل والطائرات والدبابات والتشريد ووإلخ من أجل " خيار حماس " الذي يعبر عن الأمة كما صرح قادتها من عواصم الممانعة ، فالذي يهتف في اندونيسيا مرحب به أكثر من متذمر في غزة فقد أبوه أو أمه ، وأصبح الشعب ضحية الخيار " المعلق في الأذهان " ، في حين كان الخيار للدفاع عن الشعب ونصرتهم لا لإقحامهم في كل ما سبق .
ولنفسر هذا التناقض العجيب ليس لدينا احتمال سوى أن نفترض بأن أعضاء حركة حماس بعد فوزها بالإنتخابات وسيطرتها على مفاصل الحياة في القطاع وتحويله إلى امارة اسلامية ، أقول بأن أعضاءها أصبحوا أحق في العيش من الآخرين ضمن إمارتهم والتي جعلتهم مواطنين من الدرجة الأولى !! كما هو الحال في اسرائيل وكون الإسرائيلين اليهود مواطنين من الدرجة الأولى كذلك !! فهي معركة حماس دون شك ، ولكن من خلف المدنيين فمقتل عنصر منها أو أحد قياداتها هو الخسارة الأكبر ، ونجاة مقاتليها الحدث الأهم ، والباقي شأن الدول العربية التي يجب عليها أن تفتح المعابر وتصلح الضرر الذي حدث . أو لنقول لعلنا لم نفهم الشعار الذي حملته حماس ولعل المقصود فيه غير ذلك أو أنه يحمل معنى آخر نستشفه من خلال تحركات حماس على أرض الواقع ، فحماس التي تمتلك عشرات الآلاف من العناصر في غزة ولم تخسر أمام عدوها الأول والأوحد " إسرائيل " سوى 48 مقاتل لا بد أنها كانت ولازالت تعني بإسرائيل شيء آخر غير الذي نعرفه .
#رأفت_الغانم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
المزيد.....
-
آخر ضحايا فيضانات فالنسيا.. عاملٌ يلقى حتفه في انهيار سقف مد
...
-
الإمارات تعلن توقيف 3 مشتبه بهم بقتل حاخام إسرائيلي مولدافي
...
-
فضيحة التسريبات.. هل تطيح بنتنياهو؟
-
آثار الدمار في بتاح تكفا إثر هجمات صاروخية لـ-حزب الله-
-
حكومة مولدوفا تؤكد أنها ستناقش مع -غازبروم- مسألة إمداد بردن
...
-
مصر.. انهيار جبل صخري والبحث جار عن مفقودين
-
رئيس الوزراء الأردني يزور رجال الأمن المصابين في إطلاق النار
...
-
وسيلة جديدة لمكافحة الدرونات.. روسيا تقوم بتحديث منظومة مدفع
...
-
-أونروا-: إمدادات الغذاء التي تدخل غزة لا تلبي 6% من حاجة ال
...
-
رومانيا: رئيس الوزراء المؤيد لأوروبا يتصدر الدورة الأولى من
...
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|