|
لم يعُد لينين بيننا !!
فواز فرحان
الحوار المتمدن-العدد: 2534 - 2009 / 1 / 22 - 09:48
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
في مثل هذا اليوم وقبل خمسة وثمانين عاماً بثت وسائل الإعلام السوفيتية نبأ رحيل فلاديمير إيليتش لينين مختتمة ذلك النبأ بعبارة لم يعد لينين بيننا ، كان لوقع ذلك الخبر أثراً كبيراً لدى المواطن السوفيتي تجاه الشخصية العظيمة التي أنارت طريق الاشتراكية والعدالة أمامه ، لم يكن شخصيةً عادية بالنسبة لأغلب سكان الاتحاد السوفيتي بل كانَ قدّيساً يحظى بحبهم وتركَ رحيلهِ الأثر الحزين في نفوسهم حتى دفع بالكثير من منهم الى الإعتقاد انه سيعود الى الحياة ثانيةً ! بل أنَّ الناس في بلدة غوركي ومنذ لحظة وصول لينين للعيش في بلدتهم بتاريخ 25 سبتمبر 1918 كانوا ينتظرون منه معجزة ما ويحيطونه بحب إسطوري لكنه كرّمهم بإنهاء حياتهِ في بلدتهم لتكون قبلة للكثيرين فيما بعد من الذين أرادوا زيارة المكان الذي قضى فيه لينين أيّامهِ الأخيرة ... لقد ألهم ذلك الرجل الملايين وراحوا يصارعون الزمن من أجل تحقيق الهدف الذي نذر حياته من أجله وهو تحقيق الاشتراكية وبناء صرح الدولة الصناعية العظيمة التي أراد ان تكون مثلاً لشغيلة العالم من أجل التخلص من نير الظلم والجور الطبقي الذي يلحق بهم على يد أعدائهم في كل بقعة من الأرض ، فإنطلقت الجموع لتحقيق كل كلمة جاء بها هذا العظيم فبدأوا بكهربة روسيا وإنشاء المصانع العملاقة وبناء مساكن جديدة للمواطن السوفيتي الذي أرادهُ لينين غنيّاً روحيّاً وفكرياً ... أرادهُ غنيّاً بضميره الحي الذي يساهم في تقدم المجتمع ويبني الأشتراكية بقوة وثبات .. أرادهُ ان يكون محرّراً من كل القيود التي كانت تكبّلهُ فيما مضى ... ومنذ ان كان لينين في منفاه في المانيا وسويسرا وفرنسا تمكن من التحكم في الحدث في روسيا وأسهم فكريّاً في تنوير الطبقة العاملة بالهدف الحقيقي الذي يضمن لها حريتها وهو القيام بالثورة وبناء الاشتراكية ، كان يسخر من القول انه في روسيا لا توجد بروليتارريا ثورية وأنه لا يمكن تحقيق الاشتراكية في هذا البلد ... لقد أشعلت الأفكار الثورية هذا البلد من الجذور ودفعتهُ للتحرّك للإنقضاض على جلاديه بعد الاحد الدامي الذي أثبت للعمال أنَّ نظام الحكم القيصري نظام قمعي مغرق في الجهل ... ومن هذهِ النقطة إنطلقت الجماهير لتعبر عن دورها المحوري في صناعة التاريخ وليس أن تكون قوّة هامشيّة في سطورهِ ، في كلِ مكان في روسيا يمكن ان تشاهد لينين .. في كل مصنع .. في كل مكتبة .. في كل روضة للأطفال .. في مساكن الشعب التي غدت أكثر راحة مما كانت عليه في العهد القيصري ... في كل بقعة من اراضي الدولة السوفيتية التي أسّسها لينين يمكن أن تشاهد إنجاز تسبّب به ،في أرمينيا وأذربيجان وليتوانيا وطاجكستان وغيرها وإنطلقت تلك الثورة حتى بعد وفاتهِ لترسم للأجيال طريقاً وتجعل من العمل الاشتراكي أساساً في النهوض من أجل مستقبلٍ أفضل ، وبدلاً من ان تنحصر أفكارهُ في تلك البقعة من العالم تحوّلت تدريجياً الى منار هادئ وأمل لملايين العمال التوّاقين لمجتع إشتراكي شبيه بالمجتمع السوفيتي ، وأسهم لينين عملياً في إغناء الماركسية من خلال مؤلفاتهِ التي راحت تنتشر في أغلب بلدان العالم وأصبح من الصعب النطق بكلمة الماركسية دون ان تكون اللينينية بجانبها ، لا يمكن حصر سيرة لينين ببعض السطور فهو من أثرى الفكر وتحدّى أعداءه بصلابة جعلته يصل بالحزب البلشفي الى السلطة وإعلان قيام الدولة السوفيتية ولولا تلك الصلابة التي أبداها في حينها لكانت حوادث التاريخ تأخذ منحى آخر أو ربما لم تكن تلك الدولة تصمد سوى لبضعة سنوات ... لم تكن سنوات الثورة الاولى سنوات إستقرار حقيقية فقد دعمت انكلترا وفرنسا واليابان المعارضة وإندلعت الحرب الاهلية في روسيا وتصدى الجيش الأحمر بتنظيم عالٍ لتلك الحرب وإنتصر على معارضي الدولة ونظامها الجديد ، وأصدر لينين أكثر من مرسوم في تلك الفترة بعد فضحهِ للحرب العالمية الاولى التي طالب بأن تكون حروب ثورية شعبية ضد حكومات الدول التي أشعلت الحرب من أجل إقتسام العالم وإعادة رسم خارطتهِ وفق الصيغة التي تضمن نهب مقدرّات الشعوب من قبل الدول المستعمِرة ... أصدر مرسوم السلم الذي دعى من خلالهِ الى إنهاء الحرب والشروع في حل المشاكل الدولية من خلال المفاوضات ، كما أصدر مرسوم الأرض الذي حوّل الأراضي بموجبه لسيطرة السوفيتات (المجالس العمالية) ومرسوماً آخراً حول القوميّات والأقليّات وعملَ على أن تكون الدولة السوفيتية راعية حقيقية لمصلحة الطبقة العاملة ... لعبَ لينين الدور المحوري في وقف آلة الحرب العالمية الأولى من خلال نشرهِ لوثائق سريّة وكذلك من خلال إبداءه الرغبة في وقف الحرب ، وقال بفمٍ مملوء انها حرب من أجل الاستعمار وليست من أجل الحرية وأوقف نزيف دماء مئات الآلاف من عمال العالم كانوا سيستخدموا وقوداً لتلك الحرب في حال لو إستمرّت أكثر من ذلك الزمن .... وبقي طوال سبعة عقود رمزاً تاريخيّاً في سماء كوكبنا الى أن تفككت الدولة السوفيتية التي أنشأها عام 1991 ليدخل ضريح لينين في دائرة الجدل بين أبناء الشعب الروسي وممثليهم في البرلمان من الذين لا يزالون مقتنعون أنه لم يظهر شخص أعطى للأمة الروسية وشعوب العالم مثلاً جديراً بالإحترام كما أعطى لينين ، ولحد يومنا هذا ترى أغلبية الشعب أنه شخصية عظيمة لا يمكن أن تتكرر ولا يمكن لروسيا التخلي عنها لان ذلك سيعني التخلي عن تاريخ مشرِق ... ربما كان الخطأ الأكبر في تصوّري هو الطريقة التي تعاملت بها الحكومات بعد وفاته في الاتحاد السوفيتي لتصوير لينين ووضع تماثيل له في كل ارجاء الاتحاد بينما كان يرفض هو حتى وضع صورتهِ في الدوائر والمؤسسات الحكومية ، لذلك راحت الحكومات المعادية للشيوعية تصف هدم تماثيل إنهياراً للإشتراكية بينما الواقع اليوم وبعد مرور سنوات على تفكك الدولة السوفيتية يوحي بأنَّ أفكار لينين عادت من جديد تنير الطريق أمام الشعوب لتبنّي الاشتراكية وإعادة بريقها من جديد وإن كانت بطريقة مختلفة فرضتها عوامل التطوّر التي تشهدها البشرية .... فلن يمضي عقداً من الزمن حتى نرى الرايات الحمراء ترفرف من جديد في عموم القارة الامريكية الجنوبية وكذلك في بعض البلدان الاسيوية والافريقية وتعود صورة لينين ومعه ماركس الى الواجهة من جديد ... رحل جسد هُ لكن أفكارهُ مكثت خالدة في عقول العمال وقلوبهم وستذكر الأجيال المقبلة ربما أكثر من جيلنا هذا المعلم العظيم ولأنَّ تلك الأجيال ستشهد عودة تطبيق أفكاره وتصوّراته عن الدولة والمجتمع ... يبقى لينين بعد ماركس واحداً من أبدع منظري الاشتراكية والثورة الإجتماعية التي تهدف الى إحلال العدالة والقيم الإنسانية النبيلة ، ويمكن لنا رؤية مؤلفات لينين في جهات الارض الأربعة وفي بلدان عالمنا المعاصر تتوق جموع غفيرة لإستلهام العِبَرْ من تلك الكنوز التي خلفها لنا ...
#فواز_فرحان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
سقوط الارادة الدولية ...
-
حادثة المؤتمر الصحفي لبوش بشكل معاكس ...
-
مكافحة العنصرية والأيدلوجية الدموية ...
-
ما الذي ننتظرهُ من الإنتخابات المقبلة ...
-
الفرصة الكبرى لليسار السياسي الأمريكي ..
-
ثورة اكتوبر ...ودولة المجالس العمالية
-
سفراء الولايات المتحدة وأشواك اليسار المتمرّد
-
الموضوعية ...في وسائل الاعلام الغربية
-
حول عودة المهجّرين قسرياً ...
-
الثوابت الفكرية للاتحاد الاوربي ...
-
الهدف من الإتفاقية الأمريكية مع العراق ...
-
دراسة في واقع ألسياسة ألأمريكية .
-
ألمكان ألأكثر بؤساً في ألعالم ...
-
ألمشروع ألروسي ألجديد للشرق ألأوسط ...
-
ألعولمة ... وألمصدر ألفعلي للإنتاج
-
ألحركات أليسارية ..وألقواسم ألمشتركة مع معارضي ألعولمة
-
جوانب مُظلمة في الحرب الأمريكية على الإرهاب
-
ألمرأة ... وألسيّاسة وفقدان ألأنوثة
-
ألأحزاب ألماركسيّة ... ووسائل ألإعلام
-
قبرص ...تثق بالشيوعيين
المزيد.....
-
التخطيط لمظاهرات في ألمانيا لمناهضة التعاون مع اليمين المتطر
...
-
Al-Sudani and Keir Starmer’s meeting – and male hypocrisy!
-
هيئة الدفاع في ملف الشهيدين شكرى بلعيد ومحمد البراهمي تعلق ح
...
-
مقترح ترامب للتطهير العرقي
-
برلماني روسي يستنكر تصريحات سيناتورة تشيكية حول حصار لينينغر
...
-
غزة: لماذا تختار الفصائل الفلسطينية أماكن مختلفة لتسليم الره
...
-
نبيل بنعبد الله يعزي في وفاة شقيق الرفيق السعودي لعمالكي عضو
...
-
الحزب الشيوعي العراقي: تضامنا مع الشيوعيين السوريين ضد القر
...
-
موسكو: ألمانيا تحاول التملّص من الاعتراف بحصار لينينغراد إبا
...
-
مظاهرات بألمانيا السبت وغدا ضد اليمين المتطرف
المزيد.....
-
الذكرى 106 لاغتيال روزا لوكسمبورغ روزا لوكسمبورغ: مناضلة ثور
...
/ فرانسوا فيركامن
-
التحولات التكتونية في العلاقات العالمية تثير انفجارات بركاني
...
/ خورخي مارتن
-
آلان وودز: الفن والمجتمع والثورة
/ آلان وودز
-
اللاعقلانية الجديدة - بقلم المفكر الماركسي: جون بلامي فوستر.
...
/ بندر نوري
-
نهاية الهيمنة الغربية؟ في الطريق نحو نظام عالمي جديد
/ حامد فضل الله
-
الاقتصاد السوفياتي: كيف عمل، ولماذا فشل
/ آدم بوث
-
الإسهام الرئيسي للمادية التاريخية في علم الاجتماع باعتبارها
...
/ غازي الصوراني
-
الرؤية الشيوعية الثورية لحل القضية الفلسطينية: أي طريق للحل؟
/ محمد حسام
-
طرد المرتدّ غوباد غاندي من الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) و
...
/ شادي الشماوي
-
النمو الاقتصادي السوفيتي التاريخي وكيف استفاد الشعب من ذلك ا
...
/ حسام عامر
المزيد.....
|