أثر الممارسة الديمقراطية في تكريس دور المدرسة العمومية؟.....24

محمد الحنفي

الحوار المتمدن-العدد: 2534 - 2009 / 1 / 22 - 09:47
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    

إهداء

إلى زوج الرفيق / الفقيد عرش بوبكر، المناضل الطليعي الذي كرس حياته في التفاني في تعليم أبناء الكادحين.

إلى تلاميذه في ربوع هذا الوطن.

إلى رفاقه الذين لا زالوا على قيد الحياة.

من أجل الوفاء إلى الرسالة التربوية التي وقفت وراء انفراز ثلة من المناضلين الأوفياء من الذين قضوا، ومن الذين لازالوا على قيد الحياة.

كيف نحافظ على دور الممارسة الديمقراطية الحقيقية، في تغذية قيام المدرسة العمومية بدورها في دمقرطة المجتمع؟

إننا عندما ناقشنا في فقرة:

كيف نحافظ على دور المدرسة العمومية في إنتاج وتغذية الممارسة الديمقراطية؟

إنما كنا نسعى إلى التماس استحضار أهمية المدرسة العمومية في هذا الاتجاه، حتى تقوم بدورها الريادي في تحويل المجتمع من مجتمع تسود فيه قيم الاستعباد، والاستبداد، والاستغلال، إلى مجتمع تسود فيه القيم الديمقراطية بمضامينها الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية.

وسيادة القيم الديمقراطية في المجتمع، يقتضي كذلك العمل على إنضاج الشروط الموضوعية لقيام ممارسة ديمقراطية حقيقية، مؤسسة على دستور ديمقراطي، وعلى قوانين متلائمة مع المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، وعلى وجود مؤسسات تمثيلية حقيقة، تعكس احترام إرادة الشعب المغربي، وعلى إفراز حكومة من الأغلبية البرلمانية، تكون في خدمة مصالح الشعب المغربي الكادح.

وفي حالة تحقق الديمقراطية الحقيقية في سياق تحقق الحرية، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، فإن المحافظة عليها يقتضي:

1) الحرص على أن يصير الدستور متلائما مع المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان.

2) الحرص على أن يصير هذا الدستور الديمقراطي متفاعلا مع الشروط الذاتية والموضوعية التي يعيشها الشعب المغربي.

3) الحرص على احترام المضمون الاقتصادي والاجتماعي، والثقافي، والسياسي للديمقراطية المتحققة.

4) الحرص على الفصل بين السلطة التشريعية، والسلطة التنفيذية، حتى تقوم كل سلطة بدورها كاملا، في مجالها الخاص بها، من أجل جعلها سلطة ديمقراطية.

5) الحرص على أن تكون البرامج الاقتصادية والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، برامج ديمقراطية، تستحضر احترام إرادة، وطموحات الشعب المغربي.

6) الحرص على حماية الممتلكات العامة، باعتبارها ممتلكات الشعب المغربي، والعمل على تنميتها بما يتناسب مع ما هو مطلوب في مختلف المجالات، وعلى جميع المستويات.

7) الحرص على أن تعرف المدرسة العمومية تطورا يتناسب مع تطور المجتمع المغربي أفقيا، وعموديا، حتى تستجيب للحاجيات الآنية، والمرحلية، والإستراتيجية.

8) الحرص على أن تصير البرامج الدراسية المعتمدة في مختلف المستويات ديمقراطية، وشعبية، حتى تساهم في إعداد أبناء الشعب المغربي إعدادا جيدا، ومن أجل أن تصير المدرسة العمومية مستجيبة للحاجيات الشعبية، وللمتطلبات الآنية، والمرحلية، والإستراتيجية.

إن الممارسة الديمقراطية لا يمكن أن تصير كذلك إلا إذا كانت ممارسة شعبية، والممارسة الشعبية لا يمكن أن تكون إلا إذا كانت متفاعلة مع القيم الديمقراطية. والقيم الديمقراطية لا يمكن أن تشيع في المجتمع المغربي إلا إذا لعبت المدرسة العمومية دورها في هذا الاتجاه. والمدرسة العمومية لا يمكن أن تكون كذلك إلا في إطار مجتمع محكوم بنظام ديمقراطي، وشعبي. والنظام الديمقراطي، والشعبي، لا يمكن أن يكون كذلك إلا إذا كان قائما عل أساس دستور ديمقراطي. والدستور الديمقراطي لا يمكن أن يكون كذلك إلا إذا كان ضامنا لسيادة الشعب على نفسه. وسيادة الشعب على نفسه هي التي تمكنه من تقرير مصيره بنفسه. وتقرير المصير شرط لقيام اختيارات شعبية، وديمقراطية، بعد وضع حد للاختيارات اللا ديمقراطية، واللا شعبية. ومعلوم أن البرامج الدراسية يجب أن تدخل في إطار الاختيارات الديمقراطية، والشعبية، حتى تكون وسيلة لإعداد أبناء الشعب المغربي لمواجهة المتطلبات الاقتصادية والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، التي يجب أن تكون في خدمة مجموع أفراد الشعب المغربي.

وندما تصير الممارسة الديمقراطية وسيلة لتطور وتطوير المجتمع المغربي، وفي مختلف المجالات الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، فان المدرسة العمومية سوف تعرف:

1) مناسبة المجال للقيام بدورها في إنتاج القيم الديمقراطية، التي يتغذى بها المجتمع الذي يصير ديمقراطيا، ومنتجا هو بدوره للقيم الديمقراطية.

2) قيام برامج دراسية معبرة عن طموحات الشعب المغربي، وبمساهمة المعنيين بالعملية التربوية / التعليمة / التعلمية، وباقي مكونات المدرسة العمومية.

3) تفاعل المدرسة العمومية مع الواقع الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والمدني، والسياسي، حتى يتأتى قيام علاقة جدلية بينها وبين الواقع المعني في شموليته، وفي أبعاده المختلفة.

4) استحضار أهمية التلميذ في العملية التربوية / التعليمية / التعلمية، في بناء الدرس، ومن خلال احترام العملية التربوية / التعليمية / التعلمية كمجال تبرز فيه هذه الأهمية.

5) ربط العملية التربوية / التعليمة / التعلمية في أبعادها المختلفة، وفي شمولية تلك الأبعاد، بالعملية التنموية في شموليتها كذلك، ومن أجل أن يندمج الخريجون في المجتمع، سعيا إلى القيام بدور معين لصالح مجموع أفراد الشعب.

6) قيام علاقة ديمقراطية بين الهيئة التربوية / التعليمية / التعلمية من جهة، وبين التلاميذ، والآباء،والأولياء من جهة ثانية، وبين مجمل مكونات المدرسة العمومية، والمجتمع المغربي من جهة ثالثة؛ لأن تلك العلاقة الديمقراطية، هي القناة التي تمر منها القيم الديمقراطية من المجتمع إلى المدرسة العمومية، ومن المدرسة العمومية إلى المجتمع ككل، وهي البوثقة التي تتفاعل فيها مختلف القيم المتبلورة في المجتمع، والمتبلورة في المدرسة العمومية، من اجل إنتاج قيم جديدة تساهم في تطور، وتطوير العملية الديمقراطية في مجمل مناحي الحياة، وفي كل المجالات الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية.

وما تؤول إليه المدرسة العمومية، بسبب سيادة الممارسة الديمقراطية في المجتمع المغربي، يجعل المدرسة العمومية وسيلة لضمان استمرار تلك السيادة، وترسيخها في المسلكية الفردية، والجماعية، ويعمل على حماية الممارسة الديمقراطية، حتى لا تتحول إلى مجرد ديمقراطية الواجهة.

فهل يستطيع المجتمع المغربي تحقيق سيادة الممارسة الديمقراطية الحقيقية؟

وهل يستطيع المحافظة عليها، حتى لا تتحول إلى مجرد ديمقراطية الواجهة؟

وهل تتحول الممارسة الديمقراطية، في حالة تحققها، إلى وسيلة لتطور، وتطوير المدرسة العمومية، في اتجاه دمقرطتها؟

وهل تقوم، بناء على ذلك، علاقات ديمقراطية بين مكونات المدرسة العمومية؟

وهل تعمل تلك العلاقات الديمقراطية، في حالة قيامها ،على دمقرطة العملية التربوية / التعليمية / التعلمية؟

وهل تتحول المدرسة العمومية الديمقراطية إلى وسيلة لتغذية وتطور، وتطوير، قيم المجتمع الديمقراطية؟

وهل يصير المجتمع الديمقراطي المتفاعل مع المدرسة العمومية الديمقراطية مجتمعا ضامنا لفرض سيادة الشعب على نفسه؟

وهل تقوم تلك السيادة الشعبية، في حالة تحققها، بجعل الشعب المغربي يحقق مصيره بنفسه؟

إن هذه الأسئلة، وغيرها، تفرض نفسها علينا، من أجل ان نسعى إلى أن تصير الديمقراطية الحقيقية في المجتمع المغربي ملاذا لا محيد عنه، وخاصة عندما يتعلق الأمر بالمجال الذي يعتبر تعبيرا حقيقيا عن دمقرطة المجتمع الذي يتمثل في المدرسة العمومية.

#محمد_الحنفي (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات