|
ثياب الامبراطور بوش
حميد كشكولي
(Hamid Kashkoli)
الحوار المتمدن-العدد: 777 - 2004 / 3 / 18 - 10:17
المحور:
ملف - اذار/ نيسان 2004 - مرور عام على الغزو/ الاحتلال الأمريكي للعراق وانهيار النظام البعثي الدكتاتوري
بعد عملية 11 سبتمبر الإرهابية لمس المراقبون و المتابعون للأحداث بأن الرئيس الأمريكي بوش ليس على بينة كرئيس امبراطورية العالم بما يحدث في العالم الخارجي ، ولا على اطلاع بما يلزم امبراطور العالم أن يحوز عليه من علم على ثقافات الشعوب الأخرى ودراية عالية في شؤونها ، و خاصة الاسلامية. فاستخدامه لمصطلح الحرب الصليبية كرد فعل على العملية الارهابية كان اول فضائحه حين علم المتابعون السياسيون هذا الخطل في استخدام مصطلح على حساسية كبيرة عند العرب و المسلمين. و حين علم بوش أن ثمة قادة اسلاميين معتدلين لا يثقون بالنوايا الأمريكية انتابه الذهول، فقائد الحرب على الارهاب ليست لديه اية فكرة عن مدى سوء ادارته لهذه الحرب، و أن تجاهله لهذه الأمور يعكس فقر معلوماته المخابراتية. و قد قال مرة إن أفضل طريقة لاستقاء المعلومات هي الاعتماد على مصادر موضوعية و أن هذه المصادر الموضوعية لديه هي السياسيون في أطرافه ، ويبدو أنهم يعملون وفق مبدأ ثياب الإمبراطور . وقد ادلى بعض السياسيين العراقيين بدلوهم باعطاء معلومات خاطئة لإدارة بوش ، و خداع الامبراطور بان زيه من اجمل أزياء الكون رغم عريه.
وثمة أمور أخرى جديرة بالدراسة والتمحيص ، منها مسألة التجاهل الإرادي المفترض أنه ناجم عن هموم أخلاقية و التي تحرك السياسة الداخلية و بالتالي تؤثر في السياسة الخارجية . و من المهم للأمريكيين أن يكونوا على بينة من كيف يفهمهم الأخرون و ينظرون لهم ، و لكن الظروف التي استجدت بعد الحادي عشر من سبتمبر قد عقدت هذه المسألة كثيرا و شوشت الرؤية ، و أفرزت مقولة " أمريكا خيرة ، و الإرهابيون أشرار" كبديهة عند الكثير من الأمريكيين ، و أن من يحاول البحث في أسباب روحية العداء المتصاعدة ضد الأمريكان ، يواحه بهجوم غاضب بلهجة أخلاقية عالية. المدافعون عن سياسة إدارة بوش يدّعون الأخلاقية العالية ، و يعتقد بعضهم انها صائبة للتطبيق خارجيا بعدما رأوا أنها مفيدة للسياسيين في السياسة الداخلية للولايات المتحدة. إن سياسة إدارة بوش تفقد مصداقيتها يوما بعد يوم بعد أن يرى أبناء وبنات الشعوب مدى التناقض فيما تدعي من أخلاقية عالية و ما يلمسوه في الواقع من لا اخلاقية. السكوت عن جرائم انتهاك حقوق الانسان في الصين مقابل الأرباح الهائلة للشركات الامريكية هناك ، والصمت بل دعم قوى رجعية ارهابية في افغانستان نماذج من النفاق للادارة الامريكية. و قد قدمت إدارة بوش دعما بقيمة & 500مليون لحكومة طاجيكستان التي حسب رأي الحكومة الأمريكية تتبع سياسة تعذيب منظمة بحق معارضيها و يقتل رئيسها معارضيه في الاسيد و الماء الساخن. فأين الأخلاق من السياسة إذن؟؟
السؤال هنا هو لماذا يكون دعم دكتاتور قاتل عملا لا يتنافى مع الأخلاق ، بينما البحث في أسباب انعدام الثقة من لدن الآخرين في السياسة الأمريكية و العمل على كسب هذه الثقة عملا لاأخلاقيا؟ لماذا لا تدعم الإدارات الأمريكية المعتدلين المسلمين ؟ لماذا تدعم ادارة بوش سياسة شارون يلا هوادة؟ هل دعم اسرائيل يعني دعم كل ما يقدم عليه شارون من سياسة عنصرية و ارهاب لتوليد الإرهاب المضاد؟ ومن جانب آخر أنه لخطأ كبير أن يتصور مسلمون أن أمريكا شنت وتشن الحرب على الإسلام ، فحتى لو كانت الحرب الاقتصادبة الصليبية قائمة ، و ثمت صدام ثقاقي على أوجه ، فأن المساعي لاسباغ الصيغة الدينية على هذه الحرب لن يكون في صالح الشعوب. وإن الولات المتحدة ستخسر الحرب ضد الارهاب لو لو يفهم الأمريكان أفكار و تصورات الأخرين . لكن السياسة الداخلية ذات الصبغة الدينية تعرقل المساعي المبذولة اصلاح السياسة الخارجية. السياسة الداخلية الأمريكية اكتسبت في الفترة الأخيرة المزيد من الطابع الديني و خاصة حين تستجد قضايا المثليين و المثلييات ، و مسائل معاداة السامية و غيرها. وقد كتب الباحث الأمريكي جوزف ناي في كتابه " لماذا لا تقدر القوة العظمى المنفردة أن تكون لوحدها" بأنه ينبغي الفرق بين نوعين من القوة للولايات المتحدة هما القوة القاسية و القوة الناعمة. فالأولى عبارة عن القوة العسكرية و الاقتصادية و التي هي هائلة عند الولايات المتحدة ، والثانية هي عبارة عن الانفتاح و الافاق و قوة المثل العالية الثقافية و يؤكد الباحث أن الامبراطورية الكونية فقيرة في هذا الجانب. لهذا السبب نرةى أمريكا عاجزة عن استبباب الأمن في العراق رغم أن قوتها العسكرية كافية لتدمير العالم العديد من المرات.
هذا المصدر مهم جدا : Paradox of American Power: Why the World”s Only Superpower Can”t Go It Alone By Joseph S. Nye
#حميد_كشكولي (هاشتاغ)
Hamid_Kashkoli#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لا تقولي في القرآن برأيك ، يا بلقيس !
-
مد وجزر
-
جياد من ريح
-
قصائد معمّدة في زرقة الليل
-
فصل الدين عن الدولة ضرورة لا بد منها لقيام مجتمع مدني حديث ف
...
-
أسباب الحرب الأهلية في العراق متوفرة – هل يمكن تذليلها؟
-
لن تمر جريمة الإعتداء الغاشم على الشيوعيين بدون عقاب
-
في ظلال جناحيك
-
الوطن مذبح وُلْد الخايبة
-
ثلاث قصائد
-
بعد غضبة نساء العراق : ومضى عهد الفحولة
-
ألا تشعرون بالعار بطرد الشاعر أحمد جان؟
-
موجة على شغاف القلب
-
10 يورو للإرهابيين القتلة
-
مساء فاطمة للشاعر الكردي دلاور قره داغي
-
قفر
-
أحضان الصقيع
-
قطع الأذنين! ربّما عقاب عادل لجرذ العروبة
-
هل حقا كنّا نستحق هذا زعيما؟
-
لا حياة بدون حوار و تفاعل
المزيد.....
-
بعد استخدامه في أوكرانيا لأول مرة.. لماذا أثار صاروخ -أوريشن
...
-
مراسلتنا في لبنان: غارات إسرائيلية تستهدف مناطق عدة في ضاحية
...
-
انتشال جثة شاب سعودي من البحر في إيطاليا
-
أوربان يدعو نتنياهو لزيارة هنغاريا وسط انقسام أوروبي بشأن مذ
...
-
الرئيس المصري يبحث مع رئيس وزراء إسبانيا الوضع في الشرق الأو
...
-
-يينها موقعان عسكريان على قمة جبل الشيخ-.. -حزب الله- ينفذ 2
...
-
الرئيس الصيني يزور المغرب ويلتقي ولي العهد
-
عدوى الإشريكية القولونية تتفاقم.. سحب 75 ألف كغ من اللحم الم
...
-
فولودين: سماح الولايات المتحدة وحلفائها لأوكرانيا باستخدام أ
...
-
لافروف: رسالة استخدام أوريشنيك وصلت
المزيد.....
|