|
أية آفاق أمام إعلان حزب العدالة والتنمية عن الفصل بين الديني والسياسي (24) ؟
سعيد الكحل
الحوار المتمدن-العدد: 2532 - 2009 / 1 / 20 - 09:32
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
إن الفصل بين المجال الديني والمجال السياسي ولا حتى التمييز بينهما ، كما نصت على هذا أطروحة المؤتمر السادس لحزب العدالة والتنمية ، ليس مسألة بيان يصدر عن المؤتمر أو قرار يتخذه المجلس الوطني للحزب . بل الأمر يتعلق بعقائد تأسس عليها الحزب منذ النشأة الأولى وتآلفت عليها قلوب أعضائه . ومن أبرز هذه العقائد : الولاء والبراء ، الحاكمية ، الخلافة الإسلامية ، الشورى . . فحزب العدالة والتنمية يتخذ أبي الأعلى الموودي ، الذي صاغ مفهوم الحاكمة ، مرجعا أساسيا له . وفي هذا الإطار كانت مشاركة الأستاذ المقرئ الإدريسي أبو زيد في المؤتمر العالمي للذكرى المئوية لميلاد أبي الأعلى المودودي الذي نظمته الجماعة الإسلامية في باكستان يومي 6 و 7 دجنبر 2003 ، وهي الجماعة التي أسسها المودودي . ومما نقلته جريدة التجديد عن المقرئ الإدريسي في كلمته أمام المؤتمر ( دافع الأستاذ المقرئ أبو زيد الإدريسي عن التهمة الرسمية الموجهة للشيخ أبي الأعلى المودودي فيما يتصل بقضية الحاكمية والتكفير ، مبينا أن الحاكمية مصطلح إسلامي عميق في مجال العقيدة والشريعة ) . وباعتبار الحزب لم يجر مراجعات جذرية وعميقة على مستوى هذه العقائد ، كما أسس لها المودودي ، فإنه سيظل يفكر من داخلها ويسعى لأجرأتها بكل السبل بما فيها المناورة والتقية والتحالف مع التنظيمات المتطرفة التي تتخذ العنف الوسيلة الأولى لإقامة الحاكمية وتطبيق "شرع الله" . وهذه غاية الحزب التي يسعى إليها وتأسس من أجلها . وأيا ما كانت درجة الاختلاف بين تيارات العنف الديني وبين حزب العدالة والتنمية ، فإن مفهوم الحكامية يشكل قاعدتهما الأساس وهدفهما المركزي والنهائي . إذ كلاهما يشددان على جعل الشريعة هي المصدر الأسمى للتشريع حتى تحقق إسلامية الدولة كما حدد مرتكزاتها أبو الأعلى المودودي ، في كتابه "منهاج الانقلاب الإسلامي" ومنها : ( والمزية الثانية للدولة الإسلامية أن الأساس الذي يقوم عليه بناؤها تصور ( مفهوم) حاكمية الله الواحد الأحد ، وأن نظريتها الأساسية أن الأرض كلها لله وهو ربها والمتصرف في شؤونها ، فالأمر والحكم والتشريع كلها مختصة بالله وحده ،وليس لفرد أو أسرة أو طبقة أو شعب بل لا للنوع البشري كافة شيء من سلطة الأمر والتشريع ،فلا مجال في حظيرة الإسلام ودائرة نفوذه إلا لدولة يقوم فيها المرء بوظيفته خليفة لله تباركت أسماؤه ، ولا تتأتى هذه الخلافة بوجه صحيح إلا من جهتين : إما أن يكون ذلك الخليفة رسولا من الله ، أو رجلا يتبع الرسول فيما جاء به من الشرع والقانون من عند ربه ) . ونفس القناعة والعقيدة يؤكد عليهما ميثاق حركة التوحيد والإصلاح كالتالي « واهتمامنا بالمجال السياسي نابع من إيماننا الجازم بأن للإسلام حكمَه في كل شأن من شؤون الحياة علمه من علمه وجهله من جهله، ونابع من كون السياسة تتداخل مع حياة الناس اليومية وتوجه أفكارهم واهتماماتهم وتعبئهم وتشجعهم ضد أشياء أو لصالح أخرى، ولا يجوز إبعاد الإسلام عن الشأن العام وقد أنزله الله تعالى شاملا كاملا ليحكم الواقع الإنساني عامة وخاصة» . لهذا يشدد الحزب على التميز بين أعضائه وبين باقي التنظيمات السياسية ، من حيث كون أعضاء الحزب "رساليين" يواصلون مهام النبوة ولا يمكنهم التخلي عن صفتهم هذه أو التفريط فيها (وتفريط الحزب في التأكيد على تعزيز الارتباط بالمرجعية الإسلامية من شأنه أن يفقد إحدى المقومات الأساسية الضامنة لتميز أعضائه ) . وبالنتيجة ، فإن أعضاء الحزب يزكون أنفسهم وحزبهم . ففي زيارة لبرلمانيي الحزب إلى قرية أنفكو قدموا أنفسهم لسكان القرية بأنهم أعضاء في حزب " يتقي الله" . مما يعني أن باقي الأحزاب لا تتقي الله . والمراد من هذه الميزة والصفة "يتقي الله" هو الإيحاء للمواطنين بأن أعضاء هذا الحزب هو الأحق بإدارة الشأن العام وقيادة الدولة التي أهملت مواطني هذه القرية وتركتهم عرضة للجوع والفقر والتهميش والبرد والأوبئة . وهذا التصور الذي يروج له أعضاء الحزب ينسجم تماما مع الأسس التي وضعها الموودي ومواصفات الدولة الإسلامية وهي كالتالي ( والبنيان الذي يقوم على أساس هذه النظرية يختلف عن الدول اللادينية اختلافا كليا في بنيته وطبيعته وهيئته التركيبية ، والدولة التي تقوم على أساسها تحتاج في تأسيس بنيانها وإدارة شؤونها إلى عقلية مخصوصة وخُلُق مخصوص وسيرة مخصوصة ، فجنودها وشرطتها ومحاكمها وضرائبها وخطتها الإدارية وسياستها الخارجية وقوانينها للسلم والحرب كلها تختلف اختلافا كليا عن أمثالها في الدول اللادينية ، فقضاة هذه الدول ورؤساء محاكمها ليسوا بأهل لأن يناط بهم أي عمل ـ مهما كان حقيرا ـ في محاكم الدولة الإسلامية ، وكذلك رؤساء الشرطة في تلك الدول لا يستحقون أن يفوض إليهم في الدولة الإسلامية حتى ولا وظيفة شرطي من عامة الشرَط . وقواد العساكر وأمراء الجنود فيها لا يمكنهم أن يتجندوا في الجيش الإسلامي . وأما وزراء خارجية تلك الدول اللادينية فلا عجب إذا سيقوا في الدولة الإسلامية إلى السجن عقابا لهم على ما اقترفوه من الكذب وما ابتكروه من أساليب المكر والخديعة ، فضلا عن يتولوا منصبا من مناصب المسئولية فيها . وبالجملة ، فإن كل من أُعِدَّ لإدارة الدولة اللادينية ورُبِّيَ تربية خلقية وفكرية ملائمة لطبيعتها ، لا يصلح لشيء من أمر الدولة الإسلامية . فإنها ( أي الدولة الإسلامية ) تتطلب وتقتضي أن يكون كل أجزاء حياتها الاجتماعية ، وجميع مقومات بنيتها الإدارية من الرعية والمنتخبين والنواب والموظفين والقضاة والحكام وقواد العساكر والوزراء والسفراء ونظار مختلف الدوائر والمصالح ، من الطراز الخاص والمنهاج الفذ المبتكر ) . للحديث بقية .
#سعيد_الكحل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أية آفاق أمام إعلان حزب العدالة والتنمية عن الفصل بين الديني
...
-
الحكومة تستعجل الانفجار الاجتماعي .
-
ثقافة تبضيع المرأة ونخاستها .
-
أية آفاق أمام إعلان حزب العدالة والتنمية عن الفصل بين الديني
...
-
الثورة الهادئة وجرأة التغيير السلس .
-
أية آفاق أمام إعلان حزب العدالة والتنمية عن الفصل بين الديني
...
-
المرأة أولى ضحايا ثقافة الأزمة والبدونة(2) .
-
المرأة أولى ضحايا ثقافة الأزمة والبدونة (1).
-
أية آفاق أمام إعلان حزب العدالة والتنمية عن الفصل بين الديني
...
-
أية آفاق أمام إعلان حزب العدالة والتنمية عن الفصل بين الديني
...
-
أية آفاق أمام إعلان حزب العدالة والتنمية عن الفصل بين الديني
...
-
الحوار مع شيوخ السلفية الجهادية والرهانات الممكنة .
-
هل بتنا بحاجة إلى حكومة أجنبية لتدبير شأننا العام ؟
-
أية آفاق أمام إعلان حزب العدالة والتنمية عن الفصل بين الديني
...
-
أية آفاق أمام إعلان حزب العدالة والتنمية عن الفصل بين الديني
...
-
هل تتقاطع رهانات الأحزاب مع إستراتيجية الملك ؟
-
إستراتيجية الملك ورهانات الأحزاب .
-
أية آفاق أمام إعلان حزب العدالة والتنمية عن الفصل بين الديني
...
-
الأحزاب السياسية ورهان المرحلة .
-
ما أبعد الحركة عن الإصلاح والتوحيد (3)
المزيد.....
-
الجنة الدولية للصليب الاحمر في خانيونس تتسلم الاسير الثاني
-
الجنة الدولية للصليب الاحمر في خانيونس تتسلم الاسير الاسرائي
...
-
إطلاق نار على قوات إسرائيلية في سوريا وجبهة المقاومة الإسلام
...
-
تردد قناة طيور الجنة الجديد بجودة HD على جميع الأقمار الصناع
...
-
بدء احتفالات الذكرى الـ46 لانتصار الثورة الاسلامية في ايران
...
-
40 ألفا يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
-
40 ألفاً يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
-
تفاصيل قانون تمليك اليهود في الضفة
-
حرس الثورة الاسلامية: اسماء قادة القسام الشهداء تبث الرعب بق
...
-
أبرز المساجد والكنائس التي دمرها العدوان الإسرائيلي على غزة
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|