أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الاطفال والشبيبة - فاطمة ناعوت - لا يتكلمُ عن الأدبِ مَنْ عَدِمَه!














المزيد.....

لا يتكلمُ عن الأدبِ مَنْ عَدِمَه!


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 2533 - 2009 / 1 / 21 - 09:05
المحور: حقوق الاطفال والشبيبة
    


ها هي النخبةُ التي نعوّلُ عليها أيها السادة! ها هي الطليعةُ التي نراهنُ أنْ ستأخذَ بيدِ هذا البلد الحزين الكابي المنكوب التعس، وتنهضَ به من كبوته المستطيلة منذ غادرَنا مصطفى مشرفة وأحمد لطفي السيد وطه حسين. ها هو أحدُ أرباب البيت. أحدُ المشرفين في جامعة مصرية. الجامعة! يا لَهَوْل الكلمة، وفداحة خَطَرها! ذلك الصَّرح المهيب الذي به يعلو بلدٌ في العُلا، أو به ينحطُّ في الدَرك الأسفل. وأيةُ كلية؟ الآداب! جمعُ لفظة: "أدب". تلك الكلمةُ التي اختارتْ لغتُنا العربية "الذكية" أن تجعلها ملتبسةً أبدا. إذْ تجمعُ، في جِذرها اللغويّ، ما بين كلمتيْ: الأدب: بمعنى التأدّب والتهذّب والخُلُق الرفيع، Politeness- Courtesy- Morals ، وبين الأدب: بمعنى الإبداع، وفنون الكتابة، من نثر وشعرLiterature- letters- Prose- Poetry,. شاءتِ العربيةُ، اللغةُ الفذّة بين الألسن، أن تجعلَ الكلمةَ شاملة جامعةً، وملتبسةً غائمةً متأرجحة أبدا بين المعنييْن، لأنها، اللغةُ، آمنتْ أنهما: الأدبَ والتأدبَ، كلٌّ واحدٌ لا ينفصم. فمستحيلٌ أن تصدّق أدبَ أديبٍ إذا كان الأديبُ فقيرَ الأدب والخُلق والروح. ذاك أنَّ: "لا يتكلمُ عن الأدب من عَدِمَه!" وهذه الجملةُ الفاتنة الذكية، التي اخترتُها عنوانا للمقال، قد استعرتُها من لسان الشيماء بنت الحارث، من الفيلم الذي حمل اسمها وكتب قصتَه على أحمد باكثير، حينما خاطبتْ الشيماءُ، أختُ الرسول، عكرمةَ بن أبي جهل لمّا حاولَ أن يُحرّضَ زوجَها بجاد على "تأديبها". فرمته بالجَهول، ثم قالت جملتَها: "لا يتكلمُ عن الأدبِ مَن عَدِمَه!"
أطلتِ والله في مقدمتكِ الغَضبى! نعم، فأنا غضبى! والغضبُ يُفقرُ غالبا المقالَ والمآلَ والقصدَ، لذا لَزِمَتْ تلك المقدمةُ كي تمتصَّ حِدّة الحُنْق من قلمي، فيصفو للكتابةِ والقول.
تصوروا معي أن يقومَ أحدُ المشرفين بكلية "الآداب" جامعة الزقازيق بتعليق قائمةٍ بأسماء الطُلاب الذين يحصلون علي "إعانات" مالية من الجامعة!!! علقوا تلك القائمة السوداءَ "الصفراءَ" الرديئة جوار المدخل الرئيسيّ، مُعلنين فيها عن الدارسين ذوي الظروف المعيشية المتعسّرة ممن يتسلمون من الجامعة مبالغَ نقديةً "تافهة"، لتعينهم على نفقات الدراسة! ولم تكتفِ الجامعةُ "الأديبة المؤدبة" بذلك، بل مهرت كلَّ اسمٍ بإشارةٍ تفسيرية تشرحُ فيها، لبقية الطلاب الموسرين، سببَ استحقاقه المساعدة. فجوار اسم هذا كتبت: "كفيف"، وجوار اسم ذاك: "مُعوّق"، وجوار اسم تلك كتبت: "وفاة"، لا بمعنى أن الطالبةَ متوفاةٌ، طبعا، بل يقصدُ، الجاهلُ الذي كتبَ القائمةَ الجَهولَ، أن عائلَ تلك الطالبة متوفى، ومن ثم استحقتِ المساعدة!
ولا تبرحنُني الدهشةُ أنْ يقومَ على الحركةِ التعليمية و"التأديبية" بمصرَ مثل هؤلاء بشر فقدوا المقدرةَ على التمييز بين ما يليقُ وما لا يليق! فأيَّ جيلٍ من الأصحاء روحا وفكرا ننتظرُ أن يُنتجوا؟ تلك القائمةُ إنما تكرّس لدى الطالب أن الطبقيةَ صنوُ هذا المجتمع. وأن معاركَ طه حسين من أجل مجانية التعليم لم تقمْ من أجل تذويب الفوارق بين موسر وفقير فوق مقعد الدرس، بل أن المالَ سيظلُّ أبدا سيدَّ الموقف وعمادَه، رغم أنف المجانية المزعومة.
قائمةٌ كتلك من شأنها أن تكسرَ أنفَ الطالب المُعوز، وتَحُطَّ من هامته أمام رفقائه الموسرين، وأما رفقاؤه الموسرون، فسوف تصيبهم تلك القائمةُ ذاتُها بالارتباك. فلا يعرفون أيشفقون على زملائهم المعوزين، أم يتعالون عليهم؟ أيصيبهم تأنيبُ ضميرٍ لثراء ذويهم، أم يشكرون "الحظَّ" الذي جعلهم أبناءَ أثرياء، فنجوا من القائمة البغيضة؟
والشاهدُ، كما قالت الصحفُ، أن تلك القائمةَ المُرّةَ لم تُغضبْ الطلابَ الفقراء وحسب، بل أغضبتْ بالأساس زملاءهم الموسرين أيضا. وفي هذا دلالةٌ طيبة أن تلك النبتاتِ الشابةَ الغَضّةَ تمتلكُ وعيا أكثر تطورًا ورُقِيًّا، ولديها ثقافةٌ أكثرُ أصالةٍ وتحضرًا من القائمين على توعيتهم وتثقيفهم! لمثل أمرٍ كهذا، في دول متحضرة، تُقالُ وزاراتٌ وتُصحّحُ مساراتُ حكومة. لمثل هذا يخرجُ الحاكمُ، في بلد متحضّر، على شعبه ببيان استنكاريّ مُعتذِر! لكنني موقنةٌ أن الأمرَ سيمرُّ، مثل آلاف المهازل التي تُرتَكبُ يوميا في حقِّ مِصريتنا، وفي حقِّ آدميتنا، دون أن ينتفضَ مسؤولٌ، أو يتحركَ ساكنٌ لدى أولئك الكسالى المترهلين الذين، بليْلٍ، اعتلوا كراسي حُكمنا وأحكموا فيها قبضتهم فأراقوا كرامتَنا وآدميتَنا على مرأى ومسمع من العالمين. ثم، من عجبٍ، نطالبُ البلدان الأخرى أن تحترمَنا، وتحفظَ كرامتنا! أنّى لنا علوّ هامةٍ بين الغرباء، وهاماتُنا مُداسةٌ تحت أقدام بني جِلدتنا؟ المُهانُ في بيته، مُهانٌ خارجَه، والمُصانُ من ذويه، يصونُه الآخرون."



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سارة
- المرأةُ، كبشُ الفداءِ اليسِرُ
- لِمِثْلِ هذا يذوبُ القلبُ من كَمَدٍ
- أغنيةٌ إلى فينسينت
- هذه ليستْ تفاحة!
- هذه هي الكواليس، سيدي الرئيس
- أنا مؤمن والمؤمن مُصاب، بس انتم لأ!
- ليلةُ غفران
- ليلةٌ تضيئُها النجوم
- الرغيفُ أمْ القيثارة؟
- أنتِ جميعُ أسبابي!
- خلسة المختلس
- العصافيرُ ستدخلُ الجنة
- يا مولانا رفقا بالصبيّ!
- انظرْ أمامَك بغضب
- الجميلة بحق!
- تلصّصٌ على بيتِ شاعر
- فنجان نسكافيه لكل متهم
- تعالوا نركب عَجَل!
- شيءٌ من -الحبِّ- و-العدل- يا -حبيب العادلي-!


المزيد.....




- أزمة الجوع والتجويع الإسرائيلي الممنهج تتفاقم في غزة وبرنامج ...
- بين لهيب الحرب وصقيع الشتاء.. الجزيرة نت ترصد مآسي خيام النا ...
- في يومهم العالمي.. أشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة ألهموا الع ...
- سويسرا تفكر في فرض قيود على وضع -أس- الذي يتمتع به اللاجئون ...
- كاميرا العالم ترصد خلوّ مخازن وكالة الأونروا من الإمدادات!
- اعتقال عضو مشتبه به في حزب الله في ألمانيا
- السودان.. قوات الدعم السريع تقصف مخيما يأوي نازحين وتتفشى في ...
- ألمانيا: اعتقال لبناني للاشتباه في انتمائه إلى حزب الله
- السوداني لأردوغان: العراق لن يقف متفرجا على التداعيات الخطير ...
- غوتيريش: سوء التغذية تفشى والمجاعة وشيكة وفي الاثناء إنهار ا ...


المزيد.....

- نحو استراتيجية للاستثمار في حقل تعليم الطفولة المبكرة / اسراء حميد عبد الشهيد
- حقوق الطفل في التشريع الدستوري العربي - تحليل قانوني مقارن ب ... / قائد محمد طربوش ردمان
- أطفال الشوارع في اليمن / محمد النعماني
- الطفل والتسلط التربوي في الاسرة والمدرسة / شمخي جبر
- أوضاع الأطفال الفلسطينيين في المعتقلات والسجون الإسرائيلية / دنيا الأمل إسماعيل
- دور منظمات المجتمع المدني في الحد من أسوأ أشكال عمل الاطفال / محمد الفاتح عبد الوهاب العتيبي
- ماذا يجب أن نقول للأطفال؟ أطفالنا بين الحاخامات والقساوسة وا ... / غازي مسعود
- بحث في بعض إشكاليات الشباب / معتز حيسو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الاطفال والشبيبة - فاطمة ناعوت - لا يتكلمُ عن الأدبِ مَنْ عَدِمَه!