|
هكذا تطفأ الفتنة ............! عماد فوزي الشعيبي نموذجاً
إبراهيم اليوسف
الحوار المتمدن-العدد: 777 - 2004 / 3 / 18 - 09:33
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
على عادته بدأ الاعلام التضليلي يقلب أحداث فتنة القامشلي – رأسا على عقب – لاسيما بعد أن امتدت أصداؤها في اربع جهات الأرض ،ناهيك عن تصادي أعمال العنف في الكثير من المدن في سوريا، خارج المناطق ذات الأكثرية الكردية ، بغرض لجم سائر أشكال الاحتجاج على سلسلة الأحداث التي أتبعت مجزرة قامشلي .......!
لقد تناول هذا الاعلام هذه المجزرة المروعة – والتي كنت أحد الشهود عليها – على نحو يجعل كل من راى هذه الوقائع الأليمة، يفقد ثقته المطلقة بإعلام وإعلاميين، واصحاب تصريحات أتبعت هاتيك الاحداث ، ...وإلى الأبد ..!.
ثمة نماذج معينة من هؤلاء، حاولوا القفز فوق جملة الوقائع العيانية ، وذلك ، في تلك اللحظة التي كان ينتظر فيها تضافر سائر الجهود من أجل تهدئة الأوضاع ، لا تسعيرها ، وتصعيدها ، من خلال تزوير ماتم ، وادارة الظهر لجوهر المشكلة .
ويقع ضمن هذه الرؤية – تحديداً- حديث هؤلاء الاعلاميين؛ الذين بدؤوا بصب جام حقدهم على الكردي منذ انتفاضة 1991 – وغلى هذه اللحظة ، حيث ان الخط البياني لهذا الحقد، سجل ارتفاعاً هائلاً منذ سقوط الدكتاتور صدام حسين ، حيث انضمت ، وتنضم يومياًَ اسماء جديدة على هذه القائمة؛ لا تفتأ تعبر عن تسويدها لصفحة هذا الانسان، والوقوف على الضد مما يطرحه دون محاولة الاصغاء إليه ، وكأن لعنة الادانة المسبقة هي قدره الأزلي ..!.
ولشد مالفت انتباهي هو ذلك الانحياز الواضح إلى درجة التزوير الذي قامت به الاعلامية " ثناء الامام " مع وفد فضائية العربية من خلال الريبورتاج الذي أعدته- على خلاف الدور الايجابي العربية – حتى الآن دون سائر الفضائيات ، حيث أنهاالتقت أُناساً معينين أدلو بشهادة أحادية الجانب ، بل أنها خلطت بين أحداث قامشلي والحسكة ، فإذا كانت هناك صور مروعة لحرق بعض المؤسسات ، وهو ما يرفضه كل كردي ، ويبدو ان هناك أيادياً مغرضة قامت بذلك ، إما لتشويه صورة الكردي ، أو للتغطية على سرقات هائلة في بعض مؤسسات الدولة ، وهو أمر ليس بغريب ، بل أنه يندرج تحت استشراء حالة الفساد المقيت، عامودياً ، وأفقياً .
إن بعض ما عرضته فضائية " العربية " في ريبورتاجها الملفق ، على أنه عبارة عن نتاج تخريب ( كردي!) للمنشآت العامة ، او للأملاك الخاصة ، إن ما كان عبارة عن صور لمشاهد مأساوية بحق الأكراد في مدينة الحسكة لا القامشلي ، وذلك في اطار النهب العام الذي تعرضت له ممتلكات المواطنين الأكراد ، حيث ثمة شهود ثقاة رووا لي ، ولربما أُلتقطت صور هؤلاء أيضاً ، أن هؤلاء الغوغاء الذين اندفعوا ، أو دُفعوا لمواجهة الأكراد بأقصى درجات الحقد والانتقام كانوا يرتدون ملابس سوداء ، على غرار ملابس- فدائيي صدام - ، ويسيرون تحت ظلال أسلحة عساكر مسلحين ، كانوا يرشقون أقفال المحال ، كي يغزوها هؤلاء الرعاع الجبناء الذين أسفروا عن درجة همجيتهم ، ورعونتهم ، واستعدادهم للارهاب ...!.
وحقاً ، لقد ذُهلت وأنا أتابع – في المقابل – آراء بعضهم " عماد فوزي الشعيبي " وسواه ، حيث أشار إلى أن استجابة الدولة لمطالب الأكراد لن تتم إلا بعد أن يكفوا عن مثل هذه المطالبة ، لتتكرم عليهم الدولة ، بمنحهم الحقوق ، لأن أي اجراء خلاف ذلك لصالح حقوق الأكراد ، سوف ينقص من هيبة الدولة! .
دون أن يعلم أن استمرار بعض المطالب أكثر من أربعين عاماً ، في ظل سياسات التمييز بحق الكرد السوريين ، هو ما يخدش مثل هذه الهيبة ، ويجعل النخر في الوحدة الوطنية متواصلاً ، كي تنحدر إلى مثل هذا الدرك الحضيضي..!..
ان تنظيراً كهذا للموقف السوري لا يخدم الموقف ، بل يشكل حالة وبائية عليه ، وهو تجديف لأدوات لا تعود إلى المرحلة ،وتفكر بالحالة الاستعراضية للموقف بأكثر ما تؤسس لحالة مدنية راقية ،نبقى جميعاً أحوج غليها في ظل التهديدات الجدية للبلاد .
ولعل الاستغراق في لحظة - تخريب المنشآت – هو حرف واضح لمسببات المجزرة ، ومحاولة الالتفاف عليها بغرض التعتيم على استحقاقات الكردي – كمايراها ويريدها – قومياً، وسياسياً ،وثقافياً ،كي يعزز ذلك البنيان الوطني لمواجهة تلك الأخطار المحدقة لا القفز البهلواني عليها ، وتبقى التهمة التضليلية دائماً : الارتباط بالخارج!،إدانة معدة سلفاً سرعان ما تلوح في وجه الكردي أوسواه ، فيما لو استعرض معاناته المزمنة ، وتناول بعض تلك الاستحقاقات التي يُراد لها طمس الملامح ، وادراجها ضمن خانة عامة ، ومن هنا فان إشارات أحمد الحاج علي – مستشار وزارة الاعلام في سوريا بان الأكراد عرب !، هو تجن على طبيعة التمايز البشرية قبل شئ ، وهو طعن في مصداقية هكذا موقف .
يستغرب كثيرون كيف أن أصداء فتنة القامشلي انتقلت بهذا الشكل حتى خارج مدن سورية لتتردد حتى في عواصم أوربية ، وهي في منظورهم نتاج اعداد مسبق كردياً ، ومدبر أمريكياًـ وإن هناك من رفع العلم الأمريكي في القامشلي عقب هذه الأحداث ـ إنّ ما يدحض هذا الادعاء هو جملة أمور منها :
1- لو أن غوغائيي جمهور الفتوة لم يتحرشوا بأبناء مدينة القامشلي منذ ساعة وصولهم ، حيث لم ينج من اساءاتهم حتى مسجد المدينة الذي دخلوه !ّ– مسجد زين العابدين – إذ بدؤوا هناك بالشغب أثناء خطبة الجمعة للدرجة التي أُضطر فيها إمام المسجد قطع خطبته ، والاشارة إليهم بقطع هرجهم !! ، ولو أنهم ـأعني فريق الفتوة _ خاضوا تلك المباراة بروح أخوية عالية، هل كان سيجري ضمن الملعب ما جرى من أحداث مؤسفة ..؟.
2- كذلك لو ان محافظ الحسكة – سليم كبول – استعان بمكبر صوت ، وطمأن المتجمهرين ، وهدأ من روعهم وتوترهم ، أو حتى لو أنه أمر برش هؤلاء المذعورين على مصائر أبنائهم بالماء ، وسوى ذلك من الأساليب الحضارية كما يتم في العالم - لا الرصاص الحي والمتفجر ... لما حدث ماذلك ، لا سيما وأن ذلك الجمهور برمته كان أعزل ، ولم يُشهد بأن أحدهم صوب النار على من بدأ بممارسة العنف – اولاً على مرأى الجميع .
3- اولم تجد في- سائر مدن سورية – تظاهرات واعتصامات من أجل – استشهاد أي فلسطيني أو حتى عراقي ، ثم أولم نجد كيف أن دائرة التضامن في مثل هذا الحال- عربياً تصل عواصم الأرض قاطبة .. أجل، لماذا لا يرى هؤلاء ان من حق- الكردي أيضاً – التضامن مع أخيه الكردي .. على غرار ما يسمح لسواه .
4- لقد تضمنت لهجة- الشعيبي- وعيداً قاسياً للكرد السوريين ، في أول لقاء معه-في أول أيام الحد ث - بدلاً من وعد هم بانصافها ،إن الآية كانت ستنقلب تماماً ، لو أن بياناً متزناً صدر رسمياً فيه مواساة لأمهات الشهداء الأكراد ، ووعد بمعاقبة رؤوس الفتنة أجمعين ..
5- ان رشق موكب الجنازة بطريقة مروعة سافرة في ظهيرة 13 آذار من هذه السنة ، وهو ما لم أجد مثيلاً له من مناظر العنف في حياتي – حتى في أفلام هيتشكوك ، وسقوط عدد من الشهداء ، وإصابة الكثيرين من الجرحى بجراح بالغة ، وفي اللحظة التي كان ينتظر فيها اكراد سوريا – وأكراد العالم وأصدقاؤهم إعادة المياه إلى مجاريها ،إن هذه الفعلة تتحمل كل تبعات ماتم ، وهي نتاج عقلية دموية ، وتؤكد مصداقية سياسات التمييز بحق الكرد في أقصى بربريتها
6- إن محاولة استمالة- بعض-رموز الأطراف العربية- العشائر - واستغلال عدد من غوغائييهم واطلاق أيديهم – في العديد من المدن ، وتسليحهم ، أو غض النظر عما في حوزتهم من أسلحة، انتهاك للقانون ولحرمة المواطنة ، بل وتحد سافر لكل الاخلاقيات والقيم .
7- إن أول رد على تخرصات بعضهم ، بأن الأكراد مدفوعون من الخارج ، ومنفذو مخطط ..مشبوه !! انهم لم يكونوا مهيئين لكل لما تم ولم تشهد – حتى السلطة – وجود أسلحة ما في حوزتهم ، وهذا مادلت عليه مجريات منذ اللحظة الأولى، وحتى الآن .
8- اطلاق سراح هؤلاء الشباب الكرد الذين تم اعتقالهم عشوائياً فيما بعد إذا خرج البعض منهم ، إما لتأمين الأدوية لجرحاهم ، أو تأمين مستلزمات أسرهم ، أو من كان واقفاً أمام باب منزله ، لمجرد اجابته نعم عن سؤالهم : هل أنت كردي ؟.
9- محاكمة رموز الفتنة ونقل كل من أوعز باطلاق النار على التجمهر السلمي، أو تشييع جنازات الشهداء في 12-13 آذار وما تبع ذلك في سائر المدن السورية .
10- إن ردود الفعل في الشارع الكردي بعد أحداث – مجزرة قامشلي – لم تتعد الرد على ممارسات قتلتهم ، ولا علاقة له بالاحتجاج على حرمانهم من حق المواطنة المسلوبة من بعضهم ، رغم سائر حقوق الإنسان الكردي المغتصبة في سوريا ، لا يمكن السكوت عنها وارجاؤها تحت أية ذريعة .
11- إذا كانت هناك ممارسة عملية لانحدار الوحدة الوطنية إلى صورة واهية – في العقود الأخيرة تدريجياً – إلا أن محاولة تحويل المشكلة من قبل بعض الرموز في السلطة إلى مشكلة عربية / كردية ...هي محاولة الاجهاز على ما تبقى من اطار، يفكر غيارى الوطن جميعاًبتطويره ، ليتجاوز الحالة الصورية إلى شكلٍ راق ؛ يكفل لكل أطراف المعادلة حقوقهم على حد سواء ، بما في ذلك تعزيز وحصانة للوطن نفسه .
المثقف العربي وأجراس 12 آذار :
إذا كان المثقف العربي وباستثناء حالات قليلة لم يؤد – بعد – واجبه تجاه صنوه – الكردي ، بعكس ما دأب القيام به مقابله الكردي نفسه في سائر المراحل بيد أن أحداث 12 آذار تعد محكاً وامتحاناً جديدين ، أمام هذا المثقف،وتدعوه للعب دوره ، لا سيما أن بعض ممثليه من وجهاء العرب تجاوزوه في تأكيده العلاقة مع الكردي – كشريك – لا كضيف كما يرى بعضهم ..!.
ومن هنا ، فلقد وجدنا منذ اللحظة الأولى أننا أمام ثلاثة أنماط من هؤلاء :
1- قلة قليلة تصدوا لمؤازرة صنوهم الكردي – وتنطعوا لفضح ذلك الغبار الذي حاول بعضهم من خلاله العودة - بالاساءة -إلى صورة الكردي عبر تخوينه ..!.
2- ذهب عدد من المثقفين – سرعان ما شمرّوا عن زنودهم ، وراحوا يبدؤون بتخوين الكردي ويؤلبون عليه الجهات العليا ،على أنه مجرد أداة لتنفيذ مخطط امبريالي قافزين فوق أوجه معاناتهم التي لم يعد السكوت عنها ممكناً البتة .
3- كما نجد نمطاً آخر من هؤلاء المثقفين يكتفي بالتعليق الهامس : ضد – أو مع – ربما - ، وهم في المحصلة أكثر من يكرِّس ازالة دوره العضوي كمثقف فاعل ، وهو بتصوري أكثر سلبية ممن يميط اللثام عن أنيابه ، وينهش في جسد شريك يسعى ليس لانفاء دوره ...بل لإلغائه ..وهو لعمري أخطر تآمر على الوطن والوحدة الوطنية .
#إبراهيم_اليوسف (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
السيد الدكتور بشار الأسد !
-
من المقال المفخخ إلى الحزام الناسف ميشيل كيلو نموذجاً
-
الكردي ((يكتب إسمه ..!))
-
أخطاء عبثية ام أضغان عمياء؟
-
دليل العاثر إلي برج الناشر
-
حذار من النفخ في القرب المثقوبة....!!
-
لا للمعاناة /2/
-
لا للمعاناة - 1
-
مهدي خوشناو - سهرة أخيرة لهبُ سرمدي..!..
-
بكائيات شباط ومفهوم المقاومة بين التزوير والتشويه ...
-
الأكراد ضيوف الله على الأرض
-
الباب
-
الكرد والآخر: دعوة لإعادة قراءة العلاقة بغرض التفاعل الإيجاب
...
-
ماهية الإبداع
-
فلسفة الخطأ
-
نوستالجيا إسلامية بسبب الموقف من القضية الكردية
-
نصوص - قصص طويلة جداً
-
المثقف والسلطة ثنائية الوئام والتناحر - الاستعلاء علي المثقف
...
-
أزمة العقل العربي -دلالة الموقف من الدكتاتور أنموذجا
-
خاطرة بين المسافات - دليل العاثر إلي برج الناشر
المزيد.....
-
إخلاء ركاب طائرة على جناحها بعد اشتعال النيران بمحركها في مط
...
-
أحمد الشرع يستقبل -اتحاد علماء المسلمين- المدرج على قوائم ال
...
-
النيابة السعودية تصدر قرارا حول مخدر -الشبو-.. إليكم ما يحصل
...
-
سوريا.. جدل على مواد الإعلان الدستوري الجديد بعد توقيعه
-
الزواج وتأثيره على الوزن.. دراسة تكشف مفاجآت جديدة
-
بأدلة علمية وتاريخية.. عالم من ناسا يدحض نظرية -الأرض المسطح
...
-
روسيا.. وضع برنامج حاسوبي لتحليل تخطيط القلب الكهربائي
-
قضى 43 سنة في سجن صيدنايا.. أردوغان يكرم الطيار السوري رغيد
...
-
الولايات المتحدة.. اندلاع حريق بطائرة ركاب بعد هبوطها (فيديو
...
-
كيف يستغل ترامب الأوقات العصيبة؟
المزيد.....
-
المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية
/ ياسين الحاج صالح
-
قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي
/ رائد قاسم
-
اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية
/ ياسين الحاج صالح
-
جدل ألوطنية والشيوعية في العراق
/ لبيب سلطان
-
حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة
/ لبيب سلطان
-
موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي
/ لبيب سلطان
-
الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق
...
/ علي أسعد وطفة
-
في نقد العقلية العربية
/ علي أسعد وطفة
-
نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار
/ ياسين الحاج صالح
-
في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد
/ ياسين الحاج صالح
المزيد.....
|