|
أثر الممارسة الديمقراطية في تكريس دور المدرسة العمومية؟.....19
محمد الحنفي
الحوار المتمدن-العدد: 2528 - 2009 / 1 / 16 - 09:34
المحور:
التربية والتعليم والبحث العلمي
إهداء
إلى زوج الرفيق / الفقيد عرش بوبكر، المناضل الطليعي الذي كرس حياته في التفاني في تعليم أبناء الكادحين.
إلى تلاميذه في ربوع هذا الوطن.
إلى رفاقه الذين لا زالوا على قيد الحياة.
من أجل الوفاء إلى الرسالة التربوية التي وقفت وراء انفراز ثلة من المناضلين الأوفياء من الذين قضوا، ومن الذين لازالوا على قيد الحياة.
محمد الحنفي
هل يمكن الحديث عن الديمقراطية بدون الحديث عن المدرسة العمومية؟
وانطلاقا مما رأيناه في الفقرة السابقة، فإنه يمكن القول بأن الحديث عن الديمقراطية، بمضامينها الحقوقية، غير ممكن، بدون الحديث عن التوزيع العادل للثروة، وبدون تمتيع الناس بجميع الحقوق الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، يصير غير وارد إلا إذا تعلق الأمر بديمقراطية الواجهة، التي تتحول إلى وسيلة لشرعنة الاستبداد المادي، والمعنوي بالثروة الاقتصادية، وبالمجتمع في نفس الوقت.
فالديمقراطية إما أن تكون، أو لا تكون. وديمقراطية الواجهة، لا يمكن أن تعتبر ديمقراطية أبدا، لأنها لا تعمل إلا على شرعنة الاستبداد.
والمدرسة العمومية تعتبر مظهرا من مظاهر الممارسة الديمقراطية / الاجتماعية، لكونها تعمل على شرعنة التمتع بالحقوق الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية. ومظهريتها تلك، هي التي تعمل على اعتبار العملية التربوية / التعليمية / التعلمية، ممارسة منتجة للتربية على الديمقراطية، في العلاقة مع الإدارة التربوية، ومع المدرسات، والمدرسين، ومع الآباء، ومع التلاميذ، ومع البرامج الدراسية، ومع محيط المدرسة العمومية في نفس الوقت. وإلا، فإنها تفقد صفة المدرسة العمومية.
وهذا التلازم القائم بين الديمقراطية، وبين المدرسة العمومية، يقتضي السعي إلى:
1) أن الديمقراطية تنظيم للتمتع بالحقوق الإنسانية، عن طريق تمكين الشعب من تقرير مصيره بنفسه في مختلف المجالات الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية.
2) أن المدرسة العمومية تنظيم للتربية على الحق في التعليم، والتعلم، انطلاقا من برامج تم إعدادها بطريقة ديمقراطية، حتى تستجيب للحاجيات الآنية، والمرحلية، والإستراتيجية للشعب المغربي، ومن أجل إرساء قوة شخصية المجتمع المغربي.
3) أن الديمقراطية تهتم بتنظيم العلاقات القائمة في المجتمع العيني، وفي مختلف المجالات، وانطلاقات من الاختيارات الديمقراطية، والشعبية، ومن دستور ديمقراطي يضعه الشعب بنفسه، حتى يكرس سيادته على نفسه، ويضمن حماية تلك السيادة.
4) أن المدرسة العمومية تهتم بتنظيم العلاقات المتصورة في المجتمع المتصور، وانطلاقا من اختيارات المعنيين للبرامج الدراسية، وللأهداف، وللطرق التربوية المناسبة، والمتناسبة مع الشروط الموضوعية القائمة، وسعيا إلى لمس الالتزام بالتوجيه العام للاختيارات الديمقراطية، والشعبية.
5) أن الهدف الأساسي من الممارسة الديمقراطية الحقيقية، هو العمل على تحقيق الحرية، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية في المجتمع المغربي، الذي يطمئن على مستقبله المتطور، باستمرار، في الاتجاه الأرقى اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا.
6) أن الهدف الأساسي من الممارسة التربوية / التعليمية / التعلمية في المدرسة العمومية، هو إعداد الأجيال المتعاقبة إعدادا جيدا، يمكنها من لعب دور معين، في إطار المجتمع، في اتجاه الحرص على تحقيق الحرية، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية.
7) أن الديمقراطية تشمل مجمل الممارسة اليومية، لمجموع أفراد المجتمع المغربي، وفي مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية. وفي إطار تلك الشمولية تعمل على تفعيل العلاقات المنتجة للممارسة الديمقراطية، حتى يصير المجتمع المغربي ديمقراطيا قولا، وعملا، مما يكن معه الحرص على إيجاد مؤسسات تمثيلية حقيقية، وحكومة وطنية شعبية، تقوم بخدمة مصالح المجتمع المغربي الآنية، والمرحلية، والإستراتيجية.
8) أن الممارسة التربوية / التعليمية / التعلمية، في المدرسة العمومية، جزء لا يتجزأ من الممارسة الديمقراطية في المجتمع، مما يجعلها تتفاعل معها ، كما يتفاعل الجزء مع الكل، في أفق إيجاد مجتمع متقدم، ومتطور، ونوعي، من خلال نوعية العملية التربوية / التعليمية / التعلمية.
9) العلاقة بين الديمقراطية، والممارسة التربوية، تفرض استحضار إرادة مكونات المرتبطين بالمدرسة العمومية، بطريقة مباشرة، وغير مباشرة، حتى يساهم الجميع في بلورة التصور التربوي / التعليمي / التعلمي، الذي يجب أن يعتمد في إعداد الأجيال التي تتحمل المسئولية في المستقبل، وعلى جميع المستويات الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية.
10) أن التصور التربوي/ التعليمي / التعلمي، المعتمد في المدرسة العمومية، يجب أن يساهم، وبشكل فعال، في إيجاد تصور عام، مناسب، ومتناسب مع الواقع، للممارسة الديمقراطية، بمضامينها الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، حتى تكون الديمقراطية المعتمدة وسيلة للبناء الإيجابي، وإفرازا طبيعيا للواقع العيني، وليست شيئا مفروضا على الواقع من خارجه.
وبذلك نصل إلى أن الحديث عن الديمقراطية، لا يمكن فصله، لا من قريب، ولا من بعيد، عن الحديث عن المدرسة العمومية، لأن الديمقراطية، هي الوسيلة اللازمة، والضرورية، لقيام المدرسة العمومي،ة وتطويرها، وتطورها، وجعلها في خدمة أبناء الشعب المغربي، ولأن المدرسة العمومية بديمقراطيتها، تعتبر وسيلة لازمة، وضرورية، لتفعيل الممارسة الديمقراطية في الواقع العيني، وتطويرها، وتطورها، والعمل على المحافظة عليها، حتى تقوم بدورها في تطور، وتطوير الواقع العيني، على جميع المستويات الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، من أجل قيام مجتمع متقدم، ومتطور، وفاعل، ومتفاعل مع ما يجرى على المستوى العالمي.
فهل تتحقق الديمقراطية في المجتمع المغربي؟
وهل تصير المدرسة العمومية تجسيدا لتحقق الديمقراطية؟
وهل تلعب الديمقراطية دورا معينا في تطور وتطوير الأداء التربوي/ التعليمي / التعلمي في المدرسة العمومية؟
وهل تصير المدرسة العمومية، بأدائها المطور، والمتطور، وسيلة لترسيخ قيم الديمقراطية في المجتمع المغربي؟
وهل تقوم علاقة بين الديمقراطية المتحققة في المجتمع، وبين واقع المدرسة العمومية؟
وهل يؤدي ذلك إلى تطور، وتطوير أداء المكونات المباشرة، وغير المباشرة، للمدرسة العمومية؟
هل تؤدي ديمقراطية المدرسة العمومية إلى إعادة النظر في البرامج الدراسية، حتى تصير ديمقراطية، وشعبية؟
هل يؤدي تغيير البرامج إلى تغيير عقلية الإنسان في الواقع الاجتماعي المغربي؟
هل تلعب المدرسة العمومية الديمقراطية المحتملة دورا معينا في القضاء على الأمراض الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية المرتبطة بطبيعة الاستبداد القائم، أو التي يمكن أن يقف وراءها قيام استبداد بديل؟
وهل يتحمل المسئولون عن الأداء التربوي / التعليمي / التعلمي مسئوليتهم في إعادة الاعتبار لدور المدرسة العمومية؟
وهل يؤدي تحمل المسئولية التربوية إلى تراجع دور المدرسة الخصوصية؟
فالديمقراطية، والمدرسة العمومية متلازمتان، ولذلك فالديمقراطية بدون دمقرطة المجالات الاجتماعية، ومنها مجال التعليم، تعتبر ديمقراطية عرجاء، والمدرسة العمومية بدون ديمقراطية هي مجرد سجن للإطفاء في سن الدراسة. فإما أن يكون المجتمع ديمقراطيا دمقرطة المدرسة العمومية، وإما أن لا تكون هنا إلا ديمقراطية الواجهة، المشرعنة للاستبداد، كما هو حاصل الآن. والنضال من اجل الديمقراطية يقتضي كذلك النضال من أجل قيام مدرسة عمومية رائدة، وحماية تلك المدرسة. والنضال من أجل المدرسة العمومية، وحمايتها، يعتبر جزء لا يتجزأ من النضال من أجل الديمقراطية.
#محمد_الحنفي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أثر الممارسة الديمقراطية في تكريس دور المدرسة العمومية؟.....
...
-
أثر الممارسة الديمقراطية في تكريس دور المدرسة العمومية؟.....
...
-
أثر الممارسة الديمقراطية في تكريس دور المدرسة العمومية؟.....
...
-
أثر الممارسة الديمقراطية في تكريس دور المدرسة العمومية؟.....
...
-
أثر الممارسة الديمقراطية في تكريس دور المدرسة العمومية؟.....
...
-
أثر الممارسة الديمقراطية في تكريس دور المدرسة العمومية؟.....
...
-
أثر الممارسة الديمقراطية في تكريس دور المدرسة العمومية؟.....
...
-
أثر الممارسة الديمقراطية في تكريس دور المدرسة العمومية؟.....
...
-
أثر الممارسة الديمقراطية في تكريس دور المدرسة العمومية؟.....
...
-
أثر الممارسة الديمقراطية في تكريس دور المدرسة العمومية؟.....
...
-
أثر الممارسة الديمقراطية في تكريس دور المدرسة العمومية؟.....
...
-
أثر الممارسة الديمقراطية في تكريس دور المدرسة العمومية؟.....
...
-
أثر الممارسة الديمقراطية في تكريس دور المدرسة العمومية؟.....
...
-
أثر الممارسة الديمقراطية في تكريس دور المدرسة العمومية؟.....
...
-
أثر الممارسة الديمقراطية في تكريس دور المدرسة العمومية؟.....
...
-
أثر الممارسة الديمقراطية في تكريس دور المدرسة العمومية؟.....
...
-
أثر الممارسة الديمقراطية في تكريس دور المدرسة العمومية؟.....
...
-
أثر الممارسة الديمقراطية في تكريس دور المدرسة العمومية؟.....
...
-
هل الأزمة الرأسمالية العالمية الراهنة مؤشر على حتمية انهيار
...
-
هل الأزمة الرأسمالية العالمية الراهنة مؤشر على حتمية انهيار
...
المزيد.....
-
لثاني مرة خلال 4 سنوات.. مصر تغلظ العقوبات على سرقة الكهرباء
...
-
خلافات تعصف بمحادثات -كوب 29-.. مسودة غامضة وفجوات تمويلية ت
...
-
# اسأل - اطرحوا أسئلتكم على -المستقبل الان-
-
بيستوريوس يمهد الطريق أمام شولتس للترشح لفترة ثانية
-
لندن.. صمت إزاء صواريخ ستورم شادو
-
واشنطن تعرب عن قلقها إزاء إطلاق روسيا صاروخا فرط صوتي ضد أوك
...
-
البنتاغون: واشنطن لم تغير نهجها إزاء نشر الأسلحة النووية بعد
...
-
ماذا نعرف عن الصاروخ الروسي الجديد -أوريشنيك-؟
-
الجزائر: توقيف الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال
-
المغرب: الحكومة تعلن تفعيل قانون العقوبات البديلة في غضون 5
...
المزيد.....
-
اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با
...
/ علي أسعد وطفة
-
خطوات البحث العلمى
/ د/ سامح سعيد عبد العزيز
-
إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا
...
/ سوسن شاكر مجيد
-
بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل
/ مالك ابوعليا
-
التوثيق فى البحث العلمى
/ د/ سامح سعيد عبد العزيز
-
الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو
...
/ مالك ابوعليا
-
وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب
/ مالك ابوعليا
-
مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس
/ مالك ابوعليا
-
خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد
/ مالك ابوعليا
-
مدخل إلى الديدكتيك
/ محمد الفهري
المزيد.....
|