أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - احمد ضحية - تحول السلطة : بين العنف والثروة والمعرفة















المزيد.....


تحول السلطة : بين العنف والثروة والمعرفة


احمد ضحية

الحوار المتمدن-العدد: 776 - 2004 / 3 / 17 - 09:43
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


تحول السلطة : ( بين العنف والثروة والمعرفة )
المؤلف : الفن توفلر
تعريب ومراجعة : دكتور . فتحى بن شتوان
_______________نبيل عثمان
عرض : احمد ضحية
............لكن اذا كانت الشيوعية التقليدية مهياه لما اسماه لينين ( مزبلة التاريخ )فهذا لا يعنى ان الاحلام الرائعة التى انجبتها قد ماتت ايضا
ان الرغبة فى ايجاد عالم تسوده الوفرة والعدالة الاجتماعية والسلام , لم تزل رغبة نبيلة مشتركة على نطاق واسع , كما كانت دوما .. بيد ان
عالما كهذا لا يمكن ان ينشا على اسس قديمة ..................................................................................................
الطبعة الاولى لهذا الكتاب صدرت فى العام 1992عن الدار الجماهيرية للنشر والتوزيع والاعلان فى 720 صفحة من القطع الكبير .وهذا الكتاب هو الاخير فى ثلاثية المؤلف الفن توفلر , التى بدات بكتاب ( صدمة المستقبل ), ثم( الموجة الثالثة ).. يبحث هذا الكتاب ( تحول السلطة ) , مساله بالغة الاهمية : هى التحكم فى التغييرات القادمة ... يشتمل الكتاب على 34 فصلا جاءت فى 6 ابواب . ابتداء من الدور الذى تلعبه السلطة فى حياتنا الخاصة وانتهاء بحياتنا العملية , مع ملاحظة ان تحول السلطة لا يعنى مجرد نقل السلطة , بل ايضا تغيير طبيعتها .. حيث يتناول المؤلف التحولات التى اعترت السلطة فى مختلف انحاء العالم , وفيما يعاد توزيع المعرفة , يحدث الشىء ذاته للسلطة القائمة عليها بيد ان ثمة معنى اوسع لما تسببه ( او تسهم فيه )التغييرات فى المعرفة .فى تحولات السلطة والنفوذ( تاثير الناس فى المعلومات وتاثرهم بها )وهو ما يقف بصورة اساسية خلف ما يعترى السلطة من تحولات ويمضى المؤلف الى القول بان ظهور نظام جديد لخلق الثروة قوض كل عمود من اعمدة نظام السلطة القديم , وادى فى نهاية المطاف الى تبدل شكل الحياة الاسرية والعمل والسياسة ونظام الدولة وتركيبة السلطة الدولية نفسها .. لقد لجا اولئك الذين قاتلوا من اجل السيطرة على المستقبل , الى استخدام العنف والثروة والمعرفة , واليوم بدات ثورة مماثلة لتلك , وان كانت اشد تسارعا وعنفوانا . وما التغييرات التى رايناها مؤخرا فى مجال الاعمال التجارية والاقتصاد والسياسة سوى المناوشات الاولى لما هو مقبل من صراعات اعظم واشمل على السلطة والنفوذ .. اننا الان نقف على مشارف اعمق تحول للسلطة والتاريخ ...
ويمضى المؤلف لتناول مستويات السلطة بين الكاوبوى وصاحب المصرف ( النموذج الامريكى )والمصلح , كما جسدت هذه العلاقة افلام رعاة البقر . ان المعرفة سلطة كما قال فرانسيس بيكون , لكن لكى تنتصر المعرفة فى فيلم لرعاة البقر عليها عادة ان تتحالف مع العنف او المال , وتشمل السلطة فى اكثر معانيها سفورا .. استخدام العنف والثروة والمعرفة 0 (باشمل معانيها )لجعل الناس تتصرف بطريقة معينه , والمعرفة هى الاكثر تنوعا من حيث الفعالية من بين المصادر الثلاث للسلطة الاجتماعية وتتوافر اكبر قدر من السلطة لاولئك الذين بامكانهم استخدام كل هذه الادوات الثلاث ..
ثم يمضى المؤلف الى تناول التحول الذى طرا على مجال الاعمال قائلا : اذا كان للاعمال نجومها فيما مضى الا ان مضمون النجومية نفسه يختلف هذه الايام . فالسحر الجديد المبهرج الذى تكسبه الاعمال التجارية اليوم ليس سوى واجهة سطحية للاقتصاد الجديد الذى تلعب فيه المعلومات بدء من الابحاث العلمية وانتهاء بالجعجعة الدعائية دورا متزايدا , وما يحدث اليوم هو نشؤ نظام جديد كليا لخلق الثروة , يجلب معه تغيرات جذرية فى توزيع السلطة والنفوذ , هذا النظام الجديد لانتاج الثروة يعتمد كليا على التوصيل والنشر الفوريين للبيانات والافكار والموز وهو نظام ينتقل بالبروليتاريا الى مرحلة متقدمة ( كوجنتاريا ) جديدة .. بمعنى طبقة عاملة مدركة , تتعامل مع المعرفة وتقنية المعلومات .. حيث يمضى المؤلف الى شرح العلاقات الاقتصادية : .. ويتطلب الانتاج حتى فى الازمنة العادية القيام من حين لاخر بعقد وحل علاقات السلطة او اعادة تنظيمها بصفة مستمرة وفيما نتوغل داخل اقتصاد عالمى , يتسم بالتنافس ويعتمد بشدة على المعرفة , تزداد الصراعات والمواجهات حدة وضراوة والنتيجة هى ان عامل السلطة فى مجال الاعمال تتنامى اهميته اكثر فاكثر , الامر الذى يؤدى الى تحولات فى السلطة كثيرا ما يكون لها وقع اكبر على مستوى الربح اكثر مما للعمالة الرخيصة او التقنيات الجديدة او الحسابات الاقتصادية المنطقية . ويمضى المؤلف الى التاكيد ان تحولات السلطة بالمعنى الشامل هو اكثر من مجرد نقل للسلطة او انتقالها انه تغيير فجائى حاد فى طبيعة السلطة ..تغيير فى مزيج المعرفة والثروة والقوة ..
كما يتناول المؤلف ظاهرة ( يا كوزا )او استعمال العنف فى مجال الاعمال مؤكدا ان كل مجتمع فيه ما يمكن ان يسمى بالنظام الثانوى لتنفيذ القانون وهو نظام يعمل خارج نطاق النظام المنهجى الرسمى لتنفيذ القانون .. ثمة اشياء تحدث فى السطح الاملس لعالم الاعمال وقليلون هم من يرغبون فى التحدث عنها .. اننا نادرا ما نتوقف نفكر فى القوة كعامل من العوامل المستخدمة فى مجال الاعمال , فغالبية الاعمال التجارية اللا نهائية التى تتم كل يوم خالية من اى شىء يوحى بالعنف ومسالمة على السطح الى درجة نكاد لا نحفل معها برفع الغطاء لنرى ما يتاجج تحته .. لقد كان العنف دائما جزء من الاقتصاد وبالرغم من اننا نفضل الاعتقاد بعكس ذلك . منذ ذلك اليوم الذى قذف فيه الانسان القديم حيوانا صغيرا بحجر بدا استخدام العنف لصنع الثروة .. ان عنف الدولة يحل الان محل العنف الخاص .. اول شىء تحاول الحكومة . اى حكومة ان تفعله . منذ لحظة تشكيلها هو احتكار العنف . فجنودها وشرطتها هم فقط المسموح لهم قانونا باستخدام العنف . وفى بعض الحالات تسيطر الشركات سياسيا على الدولة الى الحد الذى يصبح فيه الخط الفاصل بين ممارسة السلطة الخاصة والعامة فى دقة الشعرة ..ويمكن اعتبار تبرعات الشركات فى الحملات الانتخابية للمرشحين وسيلة اخرى لجعل حكومة ما تخرج مسدسها من جرابها لصالح الشركة او الصناعة القائمة بالتبرع ..
ومن خلال تناول المؤلف لرجال صناعة اميركان فى عصر المصانع ذات المداخن والمراحل الصناعية التالية يرصد المؤلف لنا الكيفية الكيفية التى تتغير بها سيطرة راس المال وبالتالى سلطة المال فى المجتمع مؤكدا على افول مبدا الانتاج بالجملة بسبب التقنيات المسيرة بالحاسب الالى جعلت من الممكن بدرجة متزايدة انتاج دفعات صغيرة من السلع المصنعة حسب متطلبات العميل والموجهة الى شرائح سوقية مخصوصة اى الانتقال من مرحلة انتاج دفعات كبيرة الى مرحلة الدفعات الصغيرة من النتجات ذات القيمة المضافه المرتفعه . بالتالى تقصير دورة حياة المنتج .. لقد بات من الممكن فى دورة اقتصاد الموجة الثالثة الجديد بناء سيارة او حاسب الى فى اربعة اقطار وتجميع الاجزاء لمصنعه فى قطر خامس كما ان الاسواق تتوسع مجتازة الحدود الوطنية والشركات والمؤسسات التجارية , اخذت تتحول باطراد نحو التدويل .. يواكب نمو الاقتصاد العالمى توسع السوق المالى نفسه الى درجة يتضائل معها حجم اى مؤسسة او شركة او فرد . وثمة تيارات هائلة تهدر عبر النظام محدثة انفجارات واضطرابات على نطاق دولى .. سوف تشهد العقود المقبلة اذن صراعا سلطويا هائلا بين انصار التدويل والوطنية حول طبيعة المؤسسات التنظيمية الجديدة فى اسواق العالم المالية . هذا الصراع يعكس الصدام بين نظام صناعى متحضر والنظام الدولى الجديد لخلق الثروة الذى اخذ يحل محله ويخلص المؤلف حول هذه النقطة الى ان نتيجة الصراع التاريخى على السلطة قد تكون غير مرضية لا للوطنيين ولا لاصحاب النزعة الدولية .. ان التاريخ مفعم بالمفاجاءت , قد يدفعنا الى اعادة تاطير القضايا بطرق جديدة واختراع مؤسسات جديدة تماما بيد ان شيئا واحدا يبدو جليا وهو انه عندما تصل معركة اعادة تشكيل المالية الدولية الى ذروتها فى العقود المقبلة ستتم الاطاحة بالعديد من القوى القائمة الكبرى كما يناقش المؤلف هنا مسالة تحول راس المال الى شىء فائق الرمزية وفى شرحه للتهديد الذى تواجهه المصارف باحلال النقود الالكترونية محل الورقية يؤكد ان نقود الموجة الثالثة تتالف بدرجة متزايدة من نبضات الكترونية سريعة التلاشى ... انها ليست سوى معلومات , التى هى اساس المعرفة كما يتناول المؤلف عملية الانتقال من العمل العضلى اليدوى الى العمل الذهنى او العمل الذى يتطلب مهارات سايكولوجية وبشرية بمعنى ان الانشطة الفائقة الرمزية اخذت تنتشر انتشارا واسعا ودراميا غير قابل للردة فصادرات العالم من الخدمات والممتلكات الذهنية تعادل الان صادراته من الالكترونيات والسيارات مجتمعه او من الاغذية والوقود معا ويمضى الكاتب الى شرح المعنى الجديد للبطالة نتيجة لهذه التحولات قائلا انه حتى لو كانت هناك عشرة اعلانات وظائف جديدة متاحه لكل عاطل او اذا كانت ثمة مليون وظيفة شاغرة مقابل واحد مليون فقط من العاطلين فان هؤلاء لن يتمكنوا من اداء هذه الوظائف المتاحة ما لم تكن لديهم مهارات معرفة بما تتطلبه الوظائف الجديدة ..
هذه المهارات متنوهه الان وسريعة التغيير بحيث لا يمكن استبدال العاملين بنفس السهولة او الرخص الذى كان يتم استبدالهم به فى الماضى ان الاموال والاعداد لم تعد تحل المشكلة ومن هنا يمضى المؤلف لمناقشة البديل النهائى فيما يتمثل فى المعرفة قائلا لقد اضحت المعرفة هى المورد النهائى للعمل التجارى لانها هى البديل النهائى باعتبار ان الانتاج والارباح يعتمدان فى اى اقتصاد على المصادر الثلاثه للسلطة : العنف والثروة والمعرفة _(وكما ان العنف يتم تحويله بشكل متزايد الى قانون فان راس المال والنقود يجرى ايضا تحويلهما الى معرفة اما العمل فانه يتغير ايضا فى خط مواز لذلكليصبح اكثر اعتمادا على المضاربه بالرموز .. ولان المعرفه تقلل الحاجة الى المواد الخام والعمالة والوقت والحيز وراس المال فانها تصبح بذلك المورد المحورى للاقتصاد المتقدم وفيما يحدث هذا تزداد قيمتها ..
ويتناول المؤلف حرب المعلومات فى مستوياتها المختلفة ابتداء بالسيوبرماركت حيث يسرد وقائع معارك التقنية المتقدمة التى بدات فى السوبر ماركت وانتقلت الى اماكن اخرى مشيرا الى ان المستهلك يعطى المعلومات بلا مقابل فى حين ان هذه المعلومات القيمة هى التى يتقاتل من اجل السيطرة عليها التجار والصانعون والمصارف وشركات البطاقات الائتمانية ( وكثيرون غيرهم )ومن الناحية النظرية سيحصل المستهلكون مقابل بياناتهم على انخفاض فى الاسعار نتيجة للارتفاع فى كفاءة النظام لكن ليس من المؤكد ان اى جزء من هذا الوفر سيصل الى المستهلك ولما كانت البيانات المستخرجة من المستهلك مطلوبة باطراد من اجل تصميم السلع والخدمات وانتاجها وكذلك توزيعها فان المستهلك فى الواقع يصبح بذلك طرفا مساهما فى عملية اانتاج ..
وفى تناول المؤلف للذكاء الخارجى اى الشبكات ( التلغراف ,الهاتف , الحاسوب ..الخ )يتناول المؤلف اثر هذه الشبكات على النشاط الاقتصادى وتحول السلطة كما يطلق على شبكات القيمة المضافة تسمية شبكات الذكاء الخارجى , فبهذه لا تنقل البيانات فحسب , بل تقوم بتحليلها او ضمها او اعادة تحزيمها او تغييرها.. خالصا الى اننا بخلق نظام عصبى الكترونى مدرك لذاته وذى عقل خارجى انما نغير قواعد الحضارة والاعمال التجارية وفيما تدفع التجديدات والابتكارات التنافسية مزيدا من امنتجات الجديدة الى الاسواق مشبعة وخالقة فى نفس الوقت احتياجات جديدة للمستهلكين يعمل تعريف المعايير القياسية نفسه على دفع الابحاث الى الامام . وهكذا على كل جبهة علمية او سياسية او اقتصادية وتكنلوجية يمكن توقع اشتداد المعارك حول المعايير القياسيةفيما يحل نظام خلق الثروة الجديد محل عالم المصانع ذات المداخن الغابر . ان المنتصرين فى الحرب الاخذه فى الاتساع التى تدور حول المعايير القياسية سينالون سلطة هائلة وعالية النوعية فى عالم الغد المقبل سراعا _ ان حرب المعلومات المحتدمة فى العالم الخارجى على كل شىء منالاجهزة الفاحصة فى السوبرماركت والنظم القياسية الى اجهزة التلفزيون والقومية والتكنلوجية , تنعكس داخل الشركة ايضا . ا السلطة فى اعمال الغد التجارية , سوف تذهب لاؤلئك الذين يملكون افضل المعلومات عن حدود المعلومات ولكن قبال ان تفعل السلطة ذلك فان حرب المعلومات التى يشتد اوارها الان سوف تغير شكل العمل التجارى نفسه ...
كما يتناول المؤلف انهيار الوحدات البيروقراطية المنغلقة اذ يرى ان على اقطار العالمالثالث نبذ اللا شخصية البيروقراطية ومناواة الاسرة التى تسود فى الغرب وان تبنى اقتصادا مبنيا على الاسرة , فالمنشاة الاسرية ليست سوى مجموعه من الصيغ التجارية المتنوعه التى ستحول السلطة بعيدا عن البيروقراطيين الاداريين فى السنوات المقبلة مؤكدا ان ادارة التنوع الذى تتسم به الشركة المرنه يتطلب قادة جدد لا يمتون بصلة الى خصائص المدير البيروقراى بيد ان شركة المستقبل المرته لا يمكن ان تعمل بدون تغييرات اساسية فى علاقات السلطة بين المستخدمين ورؤسائهم .. اننا اليوم نعيش تحول السلطة التالى فى موقع العمل . ومن كبرى سخريات التاريخ ان نوعا جديدا من العامل المستقل ذاتيا يبرز الان مالكا فى الواقع لوسائل الانتاج بيد ان وسائل الانتاج الجديدة لا توجد فى صندوق ادوات الحرفى او فى الالات الضخمة لعصر المداخن بل هى تجلجل داخل جمجمة العامل حيث سيجد المجتمع المصدر الوحيد الاهم للثروة والسلطةفى المستقبل _ان من المبكر على اى منا فهم فسيفساءات السلطة الاخذة فى التشكل بسرعة فهما تاما والتكهن بما تكون عليه الشركات فى المدى البعيد لكن شيئا واحدا مؤكدا : وهو ان الفكرة التى مفادها ان حفنه من الشركات العملاقةستهيمن على اقتصاد الغد , هى اشبه برسم ساخر للحقيقة _فنظام خلق الثروات يسهم فى تفسير الاضطرابات الهائلة التى تعم العالم الان . وهى هزات تمهيدية تنبىء بتصادم بين نظامين لخلق الثروة على نطاق لم يحدث من قبل ابدا ...
وفى تناول المؤلف لاساليب تحول السلطة يؤكد اننا عوضا عن نهاية الايديولوجيا التى يتمشدق بها كثيرا قد نرى فى الشؤؤن المحلية والدولية كلتيهما ظهور ايديولوجيات جديدة متعددة كل منها تشعل حماس المنضمين اليها برؤية وحيدة للحقيقة وعوضا عن الف نقطة من الضؤ الشهيرة التى قال بها الرئيس بوش فاننا قد نواجه الف حريق من الغضب العنيف وبينما نحن منهمكون فى الاحتفال بالنهاية المفترضة للايديولوجيا والتاريخ والحرب الباردة قد نجد انفسنا ازاء نهاية الديموقراطية التى عهدناها اى الديموقراطية الجماعية .. ان الاقتصاد امتقدم القائم على الحاسبات الالية والمعلومات والمعرفة والاتصال العميق يثير الشك فى كل وسائل الدفاع التقليدية عن الديموقراطية , متحديا ايانا باننا نعيد تحديدها بمعايير القرن الحادى والعشرين ولكى نقوم بذلك نحتاج الى صورة واضحة عن كيفية عمل هذا النظام وكيف بدا يتغير سلفا .. الحكومات ظلت تطبخ دفاترها على الاقل منذ اختراع دفاتر القيد المزدوج بواسطة اهالى البندقية فى القرن الرابع عشر فقد دابت منذ اليوم الاول علةى طبخ البيانات والمعلومات والمعرفة بكافة انواعها وليس فحسب تلك الخاصة بالمال او الميزانيات اما الجديد حاليا فهو ظهور القدرة على استخدام الحاسب الالى فى قلى هذه المواد او سلقها او طهيها بمواقد المايكرويف .فالسياسة تدور حول السلطة وليس حول الحقيقة . فالقرارات لاتبنى على النتائج الموضوعية او الفهم المتعمق بل على تصارع القوى التى تسعى الى تحقيق مصالحها الذاتية المفتقدة وليس بمقدور الحاسبات الالية ان تزيل ما يتسم به هذا الصراع من مظاهر لازمة ومقيدة وعلى الرغم من الجلاسنوست ومن تشريع حرية تداول المعلومات وتسريب الاسرار والصعوبة التى تجدها الحكومات اليوم فى الحفاظ على سرية الامور على الرغم من كل هذا ومما هو اكثر غموض العمليات الفعلية التى يمارسها من بيدهم السلطة قد يكون على الارجح فى تزايد لا فى تناقص وذلك هو السر الاسمى للسلطة . كما ان الثورة التاريخية التى تواجه الان صناعة الاستخبارات ناقلة اياها الى مرحلة ما بعد الانتاج الكمى تضعها مباشرة فى طريق نظام خلق الثروةالجديد المتقدم . وتواجه هذه الصناعه مثل غيرها من الصناعات منافسة من جهات غير متوقعه ويتعين عليها شانها فى ذلك شان غيرها من الصناعات ان تشكل تحالفات جديدة دائبة التغير وعليها كغيرها ان تعيد صياغة تنظيمها وان تضع منتجاتها حسب متطلبات العميل وان تعيد النظر فى مهامها الجوهرية .. سوف تكون الديموقراطية فى خطر مميت اذا اصبحت العمليات الاستخبارية ( الذى يتعذر سلفا على البرلمانات والرؤساء التحكم فيها )جد متشابكة مع الانشطة اليومية للمجتمع وجد مركزية وجد ملتحمه مع مصالح الاعمال التجارية وغيرها من المصالح الى درجة تجعل السيطرة عليها امرا مستحيلا ... تمر طبيعة السلطةوالقوة حاليا بتحول جذرى حقا اذ يتم تعريفها الان بدرجة متزايدة من ناحية سؤ توزيع المعلومات . ان التفاوت الذى ظل مرتبطا لامد طويل بالدخل اساسا يجرى الان ربطه بالعوامل التكنلوجية وبالتحكم السياسى والاقتصادى والمعرفة فى القرنين التاسع عشر والعشرين كانت الامم تخوض حروبا من اجل السيطرة على المواد الخام اما فى القرن الحادى والعشرين فان المعرفة هى التى ستكون اكثر المواد الخام اساسية فهل سيكون ذلك هو المحور الذى قد تدور حوله حروب المستقبل وثوراته الاجتماعية ؟؟؟واذا كان الامر كذلك فما هو الدور الذى تلعبه وسائل اعلام المستقبل عندئذ ؟_ صحيح ان وسائل الاعلام الدوليةلن تجعل الامم تتصرف كافراد الكشافة لكنها تزيد من تكاليف تحدى الراى العالمى ففى عالم يقوم ببناءه بارونات الاعلامسيكون ما يقوله الاجانب عن دولة ما وزن فى الداخل اكبر مما كان له من قبل ولا شك ان الحكومات ستخترع اكاذيب اكثر تطورا لتسوغ بها تصرفاتها الانانية وللتلاعب بوسائل الاعلام التى ما فتئت تصير منهجية وسوف تزيد كذلك من جهودها الدعائية لتحسين صورتها الدولية . لكن عندما تفشلتلك الجهود فانها يمكن ان تواجه جزاءات اقتصادية ذات بال من جراء تصرفها المستفز لحفيظة سائر العالم . ان اباطرة الاعلام الجدد وغيرهم يخلقون الان اداة جديدة قوية ويضعونها فى يد المجتمع الدولى بيد ان ذلك يكاد لا يمثل شيئا بالنسبة لما يجرى الان اذ ان النظام العالمى الجديد بات فى الواقع اداة رئيسية من ادوات الثورة فى عالم اليوم المتغير حثيثا _ حرية التعبير شرط اساسى للقدرة على التنافس الاقتصادى . هذا الاكتشاف يضع الاساس لتحالف مستقبل سياسى غير معهود , تحالف يجمع بين المفكرين والعلماء والفنانون ودعاة الحرية المدنية من جهة والمدراء المتطورون بل وحملة الاسهم والراسماليون من جهة اخرى . فكلهم سيجدون الان ان مصالحهم مرهونه بتثوير التعليم وبتوسيع سبل وصول المواطنين جميعا الى الحاسبات الالية وغيرها من وسائل الاعلام الجديدة وبحماية بل وتوسيع حرية التعبير _ ان الحكومات لا تظل ديموقراطية لمدة طويلة عندما تكون خاضعة لسيطرة نفوذ المتطرفين الذين يقدمون لونهم الخاص من الدين او البيئة او القومية على القيم الديموقراطية ولانقاذ التنمية والديموقراطية كلتيهما تحتاج النظم السياسية للقفز الى مرحلة جديدة كما يفعل الاقتصاد نفسه حاليا لكن فيما يدخل المجتمع الصناعى اخر مراحل انهياره يجرى خلق قوى مضادة يمكن ان تدمر الديموقراطية وخيار التقدم الصناعى وفى عصر تحول السلطة لن يكون الصراع الايديولوجى الرئيسى بين الديموقراطية الراسمالية والشيوعية بل بين ديموقراطية القرن الحادى والعشرين وظلام القرن الحادى عشر يتناول المؤلف فى هذا الفصل الاخير من اخر ابواب الكتاب , تحولات السلطة فى الكتلة الشيوعية السابقة وفى عدد من بلدان العالم مؤكدا ان النظام الجديد لخلق الثورة القائم على المعرفة كان اما عاملا هاما او سببا رئيسيا للتحول التاريخى الكبير فى السلطة الذى يعيد الان تشكيل العالم مشيرا الى ان المفتاح الجديد للتنمية الاقتصادية واضح وجلى والفجوة التى يتعين اغلاقها هى فجوة معلوماتية والكترونية انها ليست فجوة بين الشمال والجنوب بل بين المبطئين والمسرعين _ ان اهم ثورة على ظهر البسيطة اليوم هى ظهور مدنية جديدة تنتمى للموجة الثالثة وتتسم بنظام جديد جذرى لخلق الثروة وان حركة لم تستوعب هذه الحقيقة بعد محكوم عليها بان تجىء اخفاقاتها واى دولة تجعل المعرفة اسيرا انما تحكم على مواطنيها بالبقاء فى كابوس الماضى ومن خلال مناقشات المؤلف لتحولات السلطة فى برلين وطوكيو وواشنطن يؤكد ان القرارات التى تتخذها واشنطن عن وعى او اهمال ستشكل مستقبل سائر الامم من الصين وروسيا الى الشرق الاوسط وافريقيا وامريكا اللاتينية ولكن فان اهم تحول للسلطة على الاطلاق ليس هو ذلك الذى يكون من شخص او حزب او مؤسسسة او دولة الى اخر او اخرى بل انه ذلك التحول الخفى فى العلاقات بين العنف والسلطة والمعرفة فيما تنطلق المجتمعات نحو صدامها مع الغد ....



#احمد_ضحية (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عام على احتلال العراق : لقد ظل حذاؤك وراسى .. فتذكر سيدى الج ...
- اغنية لطائر الحب والمطر..........قصة قصيرة
- تشكيل العقل الحديث
- هوامش على دفتر التحولات ..........دارفور والبلاد الكبيرة ... ...
- المقدمات التاريخية للعلم الحديث...
- النوة.......... قصة قصيرة
- دار فور: ما لا يقتلنى يقوينى 4_4
- نافذة للحنين نا فذة للشجن ....قصة قصيرة
- القاص السودانى عبد الحميد البرنس : الطيب صالح لو عاش فى السو ...
- القاص السودانى عبد الحميد البرنس: الهيئة المصريه احتفت بالتج ...
- على خلفية القرالر 137 فى العراق - الاسلام السياسى قنبلة موقو ...
- دار فور : ما لا يقتلنى يقوينى3_4
- عثمان علي نور / رائد القصة القصيرة في السودان
- دارفور ملا يقتلنى يقوينى 2_4
- كل ما لا يقتلنى يقوينى 1--4
- دار فور: حرب تلد أخرى........
- منال - قصة قصيرة ...
- في ذكرى الأستاذ محمود محمد طه
- الحوار المتمدن .. خط شروع جديد
- السودان : احتمالات السلام واجندة عمل مؤسسات المجتمع المدنى


المزيد.....




- رقمٌ قياسيّ لعملة فضية نادرة سُكَّت قبل الثورة الأمريكية بمز ...
- أهمية صاروخ -MIRV- الروسي ورسالة بوتين من استخدامه.. عقيد أم ...
- البرازيل.. اتهام الرئيس السابق جايير بولسونارو بالضلوع في مح ...
- اكتشاف عمل موسيقي مفقود لشوبان في مكتبة بنيويورك
- وزيرة خارجية النمسا السابقة: اليوم ردت روسيا على استفزازات - ...
- الجيش الإسرائيلي يوجه إنذارا إلى سكان الحدث وحارة حريك في ال ...
- أين اختفى دماغ الرئيس وكيف ذابت الرصاصة القاتلة في جسده كقطع ...
- شركة -رايان- للطيران الإيرلندية تمدد تعليق الرحلات الجوية إل ...
- -التايمز-: الغرب يقدم لأوكرانيا حقنة مهدئة قبل السقوط في اله ...
- من قوته إلى قدرة التصدي له.. تفاصيل -صاروخ MIRV- الروسي بعد ...


المزيد.....

- -فجر الفلسفة اليونانية قبل سقراط- استعراض نقدي للمقدمة-2 / نايف سلوم
- فلسفة البراكسيس عند أنطونيو غرامشي في مواجهة الاختزالية والا ... / زهير الخويلدي
- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - احمد ضحية - تحول السلطة : بين العنف والثروة والمعرفة