أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - حميد الهاشمي - هل العراق بلد خليجي؟ وما هي معايير الإنتماء؟















المزيد.....

هل العراق بلد خليجي؟ وما هي معايير الإنتماء؟


حميد الهاشمي
مختص بعلم الاجتماع

(Hamied Hashimi)


الحوار المتمدن-العدد: 2527 - 2009 / 1 / 15 - 08:51
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


بمناسبة الحدث الخليجي الأول هذه الأيام (بطولة خليجي 19 بكرة القدم)، التي تقام في سلطنة عمان، لعل هناك من تساءل مسبقا فيما إذا كان العراق بلد خليجي؟ والآخر غاب عنه، بينما لدى البقية الأخرى مسلمات تتراوح بين الجزم بالإنتماء أو عدمه. ولكن ما هي معايير الإنتماء هذه التي يحدد وفقها تصنيف بلد ما ضمن إقليم معين؟
توجد عدة معايير أولها العامل الجغرافي من ناحية الموقع، بالإضافة إلى طبيعة الأرض وتضاريسها وما يعكسه ذلك في أنماط الحياة اليومية وحتى في بناء الشخصية. والثاني هو العامل الثقافي، حيث مدى التشابه في العادات والتقاليد والقيم واللغة والدين وما إلى ذلك. والعامل الثالث هو النظام السياسي، والرابع النظام الإقتصادي، والخامس التكوين الإثني (أي مدى التنوع الديموغرافي وفقا للعرق). وربما هناك عوامل أخرى.
فبالنسبة للمعيار الجغرافي، فإن العراق يطل على جزء من الخليج العربي. وهذا عامل انتماء، ولكن من ناحية تضاريسه وطبيعته الجغرافية، يختلف من نواح عديدة منها إختلاف المناخ الذي يتمايز كلما صعدنا شمالا وصولا إلى شماله الذي يضم جبالا مرتفعة تسقط عليها الثلوج وتبقى حتى أشهر الصيف على بعض قممه. يضاف إلى ذلك وجود الأنهار وما يخلفه من تفاوت في طبيعة المعاش والطباع، والعلاقات والبنى الاجتماعية. ورغم أن العراق يشترك بالعديد من مفردات العامل الثقافي مع بلدان الخليج العربية، حاله حال بلدان العالم العربي الأخرى، لكن ماذا لو تمت المقارنة في مسألة ترجيح إنتماء العراق إلى إقليم آخر كالهلال الخصيب الذي يضم بلاد الشام (سوريا ولبنان وفلسطين والأردن) والعراق معا. ففي هذه الحالة سيكون ترجيح إنتماء العراق إلى هذا الإقليم الأخير أكثر من إنتمائه إلى الخليج.
وعلى هذا الأساس ووفقا للمعيار الثقافي والاثني فإن العراق يتكون من أعراق (مكونات اثنية) مختلفة بالإضافة إلى العرب مثل الكورد والتركمان والآشوريين والكلدان والسريان والأرمن والشبك. أما بالنسبة للأديان فبالإضافة إلى الإسلام يوجد أتباع الديانة المسيحية واليهودية (إلى وقت قريب وحتى هجرة وتهجير اليهود بعيد إعلان إسرائيل دولة عام 1948،عاش في العراق حوالي ربع مليون يهودي عراقي ترجع أصولهم إلى السبي البابلي الأول عام 597 ق.م، والثاني عام 586 ق.م). كذلك يعيش في العراق أتباع الديانة الصابئية المندائية، والايزيدية، وهي ديانات عراقية قديمة لازالت حية لدى هؤلاء. ومن المذاهب الدينية هناك الشيعة الأمامية والسنة والشبك والكاكائية ومن المذاهب المسيحية، الكاثوليك والبروتستانت والأرثوذكس، وأتباع الكنيسة الارمنية والنساطرة. وهذا التنوع يكاد يكون موجودا ومتشابها مع الحال العراقي في إقليم الهلال الخصيب، بينما لا تجده في بلدان الإقليم الخليجي، وإن وجد ففي بعض عناصره الضيقة (مذهبي إسلامي فقط) في بعض بلدان الخليج خاصة البحرين والكويت والسعودية.
وتتعزز هذه المقاربة/المقارنة فيما يخص النسق السياسي، فالعراق ومنذ بداية تكوينه ككيان سياسي بإسم (المملكة العراقية) عام 1921، قد اعتمد على نظام حكم الملكية الدستورية والتمثيل النيابي، وهذا ما لم يتمثل في بلدان الخليج العربية الأخرى. كذلك برزت في جوانب هذا النظام الأحزاب السياسية، وهو ما لم يظهر حتى الآن في تلك المنطقة، سواء على صعيد تشريع أو تأسيس الأحزاب أو ربما حتى القبول الاجتماعي لها. وعلى نفس الصعيد نجد أن العراق قد قبل اجتماعيا وسياسيا على فترات ولو متقطعة أحزابا تمثل ايديولوجيات عالمية أو إقليمية، تتعدى طموحاتها وأجنداتها خارطة الوطن العراقي، مثل الحزب الشيوعي (العراقي)، والأحزاب القومية والدينية. في حين أن مثل هذه الأفكار والأحزاب لم تجد لها موطئ قدم في تلك المنطقة (الخليج). وأن العراق قد شهد إنقلابات عسكرية وتغيرات في أشكال أنظمة الحكم، بينما شهدت بلدان الخليج استقرارا تاما منذ فترات الإحتلال والإنتداب ومن ثم الإستقلال. بينما على الجانب الآخر فإن مثل هذه الأحزاب والأنظمة والحياة السياسية وعدم الإستقرار إلى حد ما، قد تشابهت بدرجة كبيرة مع العراق في منطقة إقليم الشام.
وفي جانب معيار النظام الاقتصادي، فإن النظام الإقتصادي العراقي يختلف إلى حد كبير باستثناء وجود عنصر النفط الذي يعتبر ركيزة أساسية فيه، لكن العراق يعتبر بلدا زراعيا وتركيبته الديموغرافية كانت والى عقد الستينات من القرن الماضي تقريبا ترجح أن النسبة الأكبر هي من سكان الريف، وبعدها سكان الحواضر، وبنسبة أقل وبفارق شاسع وجود أعداد من البدو، وهم في الأصل من سكان شبه الجزيرة العربية الذين اعتادوا التنقل في البادية الممتدة من حدود العراق الجنوبية الغربية وصولا إلى البادية السورية. وهذه الأنماط الحياتية موجودة في بلدان الإقليم الشامي أكثر من الخليجي، حيث وجود نمطين إلى حد كبير هما البادية والحضر.
وبخصوص المعيار الاقتصادي، فقد خلق التفاوت في الدخل بين بلدان الخليج والعراق، إضافة إلى ما خلقته الظروف السياسية التي مر بها العراق جراء الحروب وغزو الكويت شرخا كبيرا بينه وبين تلك البلدان التي إستعدت مسبقا إلى عزل نفسها في إطار سياسي هو (مجلس التعاون الخليجي) الذي جمع تلك البلدان على أساس خصائصها الإقتصادية والثقافية بالدرجة الأولى. حيث عوامل التوحد بينها إلى درجات كبيرة. وهذا مؤشر على وجود فوارق كبيرة بين العراق ككيان (اجتماعي- ثقافي- سياسي- اقتصادي- جغرافي) وبينها. وهو ربما انعكس على طبيعة تعامل تلك البلدان مع العراقيين في أزماتهم السياسية والاقتصادية في العقدين الأخيرين، حيث رفضت تلك البلدان فتح أبوابها لموجات المهاجرين العراقيين نتيجة لظروف الحروب والحصار وأخيرا الظروف الأمنية الداخلية، وتعاملت بانتقائية وبراغماتية من خلال حصر تأشيرات الدخول (فيزا) إلى أصحاء الكفاءات خاصة الأطباء والمهندسين وحملة الشهادات العليا، ويفضل من بين هؤلاء من يحملون جنسيات بلدان أوربا الغربية وأميركا وكندا واستراليا ونيوزيلاند. بينما فتحت بلدان الجوار (الشامي) الأردن وسوريا خاصة أبوابها واستقبلت مئات الآلاف من العراقيين.
لا شك أن نقاط الإلتقاء هذه تحديدا تقلص حتى الفوارق الاجتماعية والنفسية بين الشعوب. وبالمقابل يتبادر إلى الذهن موقف بعض بلدان الخليج التي لازالت لم تتنازل أو تخفف ديونها عليه، أو التعويضات المترتبة على غزو الكويت، رغم مبادرة بعضها وتعاملها بسخاء في مجالات إقتصادية وسياسية وإنسانية مع العراق مثل دولة الإمارات.
مرة أخرى، ما يعزز هذا المقارنة ويرجح وجود فوارق تكاد تكون شاسعة بين العراق وشعوب الخليج العربية، اللهم باستثناء بعض التشابه في الفولكلور واللهجة المحلية لمحافظة البصرة، هي الجوانب الاجتماعية، مثال العلاقات الاجتماعية بين الجنسين، والاختلاط بينهما، ومكانة المرأة وحضورها في المناسبات الاجتماعية والرياضية والسياسية، والتعليم والمناصب الإدارية وغيرها. خذ مثلا أن المرأة لازالت إلى وقت قريب لم تنل حقها في الانتخاب وليس الترشيح فحسب إلى البرلمان في الكويت التي تمثل وجها مشرقا للديموقراطية في الخليج. فقد وقف ممثلو الشعب الكويتي بالمرصاد لأي مشروع قرار برلماني يسمح للمرأة بالانتخاب في الكويت إلى أن تدخل أمير البلاد وفرض هذه المسألة، وهذا دليل على شكل " الديموقراطية" التي ربما تناسب بعض الشعوب لاعتبارات اجتماعية. يضاف إلى الفوارق الأخرى التسامح الديني والمذهبي والزواج المختلط، حيث توجد هذه الخصائص في المجتمع العراقي، في حين أنها قليلة جدا وربما نادرة في بعض بلدان الخليج. ومثل هذه الخصائص تجدها في بلدان الشام مع بعض الفوارق القليلة.
نسوق هذه الأمثلة والمقارنات والمقاربات، ليس لأغراض التفاضل بين شعوبنا، فلكل منها ما تفخر به، بل نفخر به نحن. وبلدان الخليج قد حققت إنجازات كبيرة في مجالات التنمية الإجتماعية والإقتصادية والإستقرار السياسي وغيرها، ولكن غرض هذا الموضوع هو معرفة أسس إنتماء بلد إلى إقليم ما، وإلقاء الضوء على موقع العراق في الخارطة الجغرافية والاجتماعية والثقافية في المنطقة. وبالتالي فإن معرفة موقع العراق إقليميا على أساس الروابط المشتركة التي تجمعه مع هذا الإقليم أو ذاك سوف ييسر من إمكانية تحقيق تكامل في شتى مجالات الحياة ولا تحتاج إلى عناء كبير وشراكات غير متكافئة.

* د. حميد الهاشمي، كاتب عراقي متخصص بالانثروبولوجيا وعلم الاجتماع: http://www.al-hashimi.blog.com



#حميد_الهاشمي (هاشتاغ)       Hamied_Hashimi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأرقام العربية وحاجة المشرق العربي إلى العودة لإستخدامها
- جذور الصراع بين الألوان البشرية والتداعيات الإجتماعية لفوز ا ...
- تيار الوسط العراقي وأزمة القيادة
- خطورة التدخين وخطورة دور وسائل الإعلام
- صدور الترجمة الانكليزية لكتاب عالم الاجتماع علي الوردي -دراس ...
- بين الصورة النمطية والوقائع التاريخية: المرأة مخترعا
- عن المحافظ الذي خلع العمامة من أجل السلطة: علاقة الدين بالسي ...
- على هامش تحركاته السياسية الأخيرة: اياد علاوي في الميزان
- تداول المقاومة في العراق: ما مفهوم المقاومة الشريفة؟
- نظرية بناء الأمة وقابلية تطبيقها في المجتمعات غير الغربية
- مؤسساتنا وثقافة مواقع الانترنت: الجامعات نموذجا
- جريدة الزوراء أم جورنال عراق: نحو تصحيح كتابة تاريخ الصحافة ...
- المثقف العراقي وموقعه من المأزق الراهن لبلده
- المرأة والظلم الاجتماعي في مجتمعاتنا
- المجاهدون وأخلاقيات الحرامية
- الآثار والهوية الاجتماعية -1
- حول استهداف العلماء والتعليم في العراق: العراق يمرض ولا يموت
- حين يكون النسب العشائري معيارا للمواطنة
- خطة أمنية لكل مواطن
- الآخرون وتسخين المشهد العراقي


المزيد.....




- باحثون يكشفون أين تصنّع كوريا الشمالية صواريخ تستخدمها روسيا ...
- على ارتفاع 5 آلاف قدم.. هل تجرؤ على صعود -سلم السماء- بالصين ...
- خريطة توضح موقع نهر الليطاني ومناطق انتشار الجيش اللبناني وف ...
- وزير الدفاع اللبناني يوضح كيفية التعامل مع حزب الله وعدد قوا ...
- الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على ...
- الأزهر يهاجم إسرائيل نصرة لشيخه
- الأردن يرحب بوقف إطلاق النار في لبنان ويؤكد ضرورة وقف الحرب ...
- ميقاتي: وضعنا خطة لانتشار الجيش اللبناني في الجنوب وعلى إسرا ...
- -ليبيا هي وطني وأرض أهلي، لكن السجلات الرسمية لا تعترف بي-
- ألمانيا ـ مبيعات أسلحة لإسرائيل بأكثر من 130 مليون يورو


المزيد.....

- افتتاحية مؤتمر المشترك الثقافي بين مصر والعراق: الذات الحضار ... / حاتم الجوهرى
- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب
- اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد ... / علاء هادي الحطاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - حميد الهاشمي - هل العراق بلد خليجي؟ وما هي معايير الإنتماء؟