|
ألحرب الإقتصادية: من الأرجنتين إلى العراق
حسين الحاجبي
الحوار المتمدن-العدد: 776 - 2004 / 3 / 17 - 08:44
المحور:
الادارة و الاقتصاد
راعني ما أعلنه وزير المالية العراقي في سبتمبر الماضي عند انعقاد المنتدى الإقتصادي في دبي عن فتح أبواب العراق أمام الإستثمار الأجنبي و عرض كل مؤسسات و شركات القطاع العام للبيع. و أخذتني الدهشة لجرأة الوزير في اتخاذ مثل هذا القرار الخطير في الوقت الذي لا يحظى لا هو ولا وزارته و لا حتى مجلس الحكم الموقت الذي عينه في هذا المنصب بأية شرعية في غياب أي دستور. و مما زاد في استفزازي هو تقرير بول بريمر أمام الكونجرس في اليوم التالي الذي ضمنه ما معناه: "أصدر وزير المالية العراقي قرارا شجاعا بخصخصة المشاريع في العراق و عرضها للبيع بدون أية قيود على إخراج الأرباح من البلاد ...." ليس الإقتصاد من اختصاصي، و لكني أعرف من متابعاتي لأخبار البلدان المختلفة أن هذه السياسة الإقتصادية لا تجلب سوى الفساد و الفقر لعامة الشعب و اتساع الهوة بين الأغنياء و الفقراء. و هذا ما حصل في أي بلد خضع لشروط صندوق النقد الدولي و أهمها سياسات الخصخصة.... ثم عم السكوت بعد ذلك و لم نعد نسمع أي شيء. و لكني و أنا أترجم المحاضرة أدناه سمعت من صديق عن فشل المشروع الأمريكي، مشروع "الماك حكومة" حيث رفضته معظم القوى الوطنية العراقية و كانت هناك احتجاجات داخل حتى الأحزاب المشاركة في المجلس. ترجمتي لمحاضرة ألقتها صحفية كندية في جامعة واشنطن بسياتل في 9 أوكتوبر 2003 أهديها لمجلس الحكم الإنتقالي و لأعضاء الوزارة المحترمين و أناشدهم ألا يسمحوا للعراق أن يتحول إلى أرجنتين أو شيلي أخرى. و أهديها أيضا للأحزاب و القوى الوطنية مناشدا إياهم بألا يسمحوا بأية "ماك حكومة" مستقبلا ....
حسين الحاجبي
************************
نعومي كلاين صحفية كندية حازت على جوائز عديدة. و مقالاتها تنشر في صحف و مجلات بارزة حول العالم. و هي تسافر كثيرا لتكتب عن النشاطات المعادية للشركات متعددة الجنسية. و كتابها المعنون "بدون شعار" عن العولمة و التسويق هو الأكثر مبيعا على النطاق العالمي. أما كتابها الأخير فهو "أسوار و شبابيك"، كما أن لديها كتابات توثيقية جديدة حول الأزمة في الأرجنتين. و فيما يلي محاضرة ألقتها كلاين في جامعة واشنطن في 9 أوكتوبر 2003.
ألحرب الإقتصادية: من الأرجنتين إلى العراق
أود اليوم التحدث عن بلد تعرض مؤخرا لكثير من نهب الشركات، و هو الأرجنتين. فلقد عشت في ذلك البلد في السنة الماضية، و كنت هناك عندما بدأ الهجوم على العراق بقيادة الولايات المتحدة. و باعتقادي فأنها كانت موقعا فريدا لمراقبة الحرب منه. و مثلما راقب الجميع على شاشات التلفاز، راقبتها أنا من على تلفزيون الأرجنتين. و هناك لاحظت الأمر المثير، و هو أن 90% من السكان كانوا ضد الحرب و كانت هناك مظاهرات معادية لها ضخمة مثلما جرت في كل مكان في العالم. و لكني لاحظت إجماعاً عاما في هذه المظاهرات حول أن الحرب ضد العراق كانت نسخة مكبرة من الحرب الجارية في الأرجنتين. فالناس هنا يتحدثون عن الإرهاب الإقتصادي، فهذه البلاد تعرف الكثير عنه، و هذا ما سأتحدث عنه فيما بعد. و لكن هذه هي البلاد التي عاشت تلك الأزمة الإقتصادية في السنوات الخمس الأخيرة و التي كانت لها نفس تأثيرات الحرب الحقيقية. صحيح أنه لم تكن هناك قنابل، إلا أن الناس عانوا من التداعيات الأخرى للحروب، و هي النزوح الجماعي للبشر و تشكل أعداد هائلة من المهاجرين و اللاجئين، و الأذى الجسدي و الموت. هذه هي ظروف الحرب. و من المثير جدا أن هذا هو ما حصل في الأرجنتين. لقد اعتبرت الأرجنتين نفسها لفترة طويلة بلدا أوربيا فخريا، على عكس البلدان الأمريكية اللاتينية الأخرى البائسة. فكانت بونس أيرس تسمى باريس أمريكا اللا تينية. و كان مستوى المعيشة في الأرجنتين يقارن في الواقع و إلى حد كبير بكندا و إيطاليا، إذ استطاعت الطبقة العاملة الضخمة ألقفز إلى مستوى الطبقة الوسطى حيث استطاعت أن ترسل أبنائها إلى الجامعات، و أن تتمتع بالأجازات، و ذلك لأنها كانت تمتلك اتحادات نقابية قوية جدا. ثم كانت هناك القفزة الإقتصادية الأخرى في التسعينات ألشبيهة بتلك التي كانت في سياتل. فكانت تنتشر في بوينس أيرس خلال تلك السنوات شبكة من المطاعم الآسيوية الفاخرة و مقاهي الكاباتشينو و بارات المارتيني و حمامات الأيفيان، كما كانت هناك أعلى نسبة من عمليات التجميل في العالم. إلا أن كل تلك الثروة تبخرت نتيجة سلسلة من الصفقات المنفردة و خصخصة المصالح و بيع البلد. فقد بيع كل شئ في الأرجنتين، حتىإشارات الشوارع. يقولون "جيء به إليك عن طريق الماستر كارد". يا له من تمويل زائف. و كان هذا كله يغطي على مبالغ هائلة من الديون و التزويرالمحاسبي. و باعتقادي فإن من المثير حقا أن تفلس الأرجنتين في نفس الشهر الذي أعلنت فيه إنرون عن إفلاسها. لقد انفجرت الفقاعة قبل سنتين و ها أنك تلاحظ اليوم الظروف التي تنشأ اعتياديا عن الحروب. ففي هذا البلد الذي انعدمت فيه البطالة و كانت فيه الأجور الأعلى في أمريكا اللاتينية يعيش الآن 60% من السكان في الفاقة، و هذا يعني أنهم لا يملكون ما يكفي من الطعام. و البطالة تتراوح حاليا بين 20% و 30%، و يموت فيه 27 إنسانا كل يوم بسبب سوء التغذية. و في هذا البلد الموصوف بسلة الخبز و الذي ينتج كميات هائلة من الغذاء للتصدير، يجوع الناس. و لهذا السبب يتحدث الناس عن الإرهاب الإقتصادي و عن الحرب الإقتصادية و عن حقيقة أن ما يجري في العراق هو نسخة مضخمة مما يعانونه كل يوم. هناك فروق بالطبع، و لكني أريد الحديث أكثر عن أوجه الشبه.
إن هذا النظام الإقتصادي الذي انهار قبل سنتين في الأرجنتين قد فرضته حرب حقيقية. ف "الحرب القذرة" كما يدعونها شنتها دكتاتورية عسكرية شبيهة الى حد ما بالدكتاتورية العسكرية في شيلي المجاورة، و قد جاءت عقب انقلاب عسكري في 1976، و بقي العسكر في السلطة حتى عام 1983. إلا أن الجنرالات في الأرجنتين تعلموا شيئا من الأخطاء التي ارتكبها بينوشيه في شيلي، و ذلك لأن انتهاكاته الفظة لحقوق الإنسان كانت مفضوحة. فقد ارتكب المجازر ضد الناس و اغتال رئيس الجمهورية، و كان ذلك في عام 1973 حين أثار غضبا عالميا عارما. و لكن عندما جاء الجنرالات في الأرجنتين الى السلطة كانوا قد استأجروا شركات علاقات عامة نصحتهم بألا تكون أعمالهم بمثل ذلك الإفتضاح. و لذلك فأنهم غيبوا الناس بدل أن يقتلوهم. فخلال حكم الدكتاتورية في الأرجنتين اختفى 30,000 شخصا، كانو قد اختطفوا من دورهم بدون أي تفسير. و كانت العادة أن تقف سيارة فورد فالكون أمام البيت فيدخل عدد من الشرطة أو الجنود و يختطفون ناشطا سياسيا أو نقابيا و يلقونه في السيارة معصوب العينين، و لا يظهر بعد ذلك أبدا حتى تطفوا جثته على الشاطئ. و هذا ما ولّد حركة سياسية قوية، أمهات ساحة دي مايو، اللاتي كن يتظاهرن أمام الساحة هذه مطالبين بمعرفة مصير أولادهن. لقد بلغ الإرهاب في الأرجنتين حدا جعل العالم يركز على هذا الموضوع فقط، بفضل نشاطات منظمات حقوق الإنسان مثلا، و لكن قليلا جدا من الأسئلة كانت تثار حول أسباب هذا الإرهاب، و لصالح من، و لماذا العنف، ولماذا الإختفاءات. و هذا أمر طبيعي، لأن إرهابا من هذا النوع، ذلك النوع من انعدام الإنسانية في معاملة الناس تسبب لنا كبشر تلك الصدمة التي تعمي عيوننا، فنصاب بالشلل و نفقد القدرة على إثارة أسئلة كـ "لماذا"، و كأنها تلتمسك ألا تسأل. فأنت تود أن تعتقد بأنه لا يوجد سبب لذلك النوع من المعاملة اللاإنسانية. إلا أن هناك في الواقع سببا لهذه الحرب الإقتصادية. فبعد الإنقلاب مباشرة جاء الجنرالات بالمستشارين الإقتصاديين، كثير منهم أمريكان، و أغلبهم من جامعة شيكاغو، مثل ما حدث في شيلي المجاورة تماما. فأعادوا صياغة البلد بموجب كتبهم المقررة في الإقتصاد. هؤلاء هم أصوليو السوق الحرة الذين لم يستطيعوا تطبيق سياساتهم في الولايات المتحدة لأن الديمقراطية هناك كانت عائقا في طريقهم. لقد كانت لديهم أفكار و لكنهم لم يستطيعوا تطبيقها قط. فلم يكن بمقدورهم خرق كل القوانين الحكومية، ولم يستطيعوا خصخصة كل شيء، ولم يتمكنوا من خفض الأجور فجأة بنسبة 50%. و لكنهم في المقابل استطاعوا تحويل الأرجنتين إلى مختبر للسوق الحرة في ظل الدكتاتورية العسكرية. و هكذا انخفضت الأجور بنسبة 50%، و شطبوا على الدعم الحكومي، و ألغيت قوانين الدولة باسم الإستثمار الأجنبي.
و لكن قليلا من الناس استطاعوا أن يدركوا ماذا يكمن وراء رعب الإختفاءات، و أن يسموا البرنامج الإقتصادي المسبب لهذا الرعب بـ "الحرب القذرة". و أحد هؤلاء كان رجل إسمه رودولفو والش الذي أصبح في الرابع و العشرين من مارس 1977، ألذكرى السنوية الأولى للإنقلاب، و في أجواء الإضطهاد المفرط، على رأس قائمة المطلوبين للنظام، فقد أرادوه ميتا. و ذلك لأنه في ظل انعدام حرية الصحافة كتب رسالة و بعثها بالبريد. و في الحقيقة فإنه استنسخ عددا من هذه الرسالة باستعمال ورق الكاربون و أرسلها إلى عدد من العناوين – كان هذا قبل عصر الإنترنت و قبل تطور وسائل نقل المعلومات – فتصل إلى الأشخاص المعنيين، و يقوم هؤلاء بتوصيلها إلى أصدقائهم. بهذه الطريقة كان يمكن الحصول على المعلومات الحقيقية. و هكذا فقد كتب في الذكرى السنوية الأولى هذه الرسالة الأكثر شهرة في كل أمريكا اللاتينية، و لكنها لم تترجم إلى الإنجليزية إلا مؤخرا. و كان عنوان هذه الرسالة "رسالة مفتوحة من كاتب إلى الطغمة العسكرية" قال فيها شيئا يرقى إلى مصاف الهرطقة، فقد كتب ما يلي: "ليست الإختفاءات هي معاناة الشعب الأرجنتيني الأفظع، كما ليست هي أسوأ خروقات حقوق الإنسان التي ارتكبتموها، إنها سياسة هذه الحكومة الإقتصادية التي لا توضح تفسيرا للجرائم فحسب، بل تكشف الوحشية الأفظع و هي بربرية معاقبة الملايين بالبؤس المخطط". و هكذا سمّاها البؤس المخطط، ثم يشرح ماذا عنى بهذه العبارة: "تجميد الأجور بقوة أعقاب البنادق بينما ترتفع الأسعار تحت سلطة الحراب، إلغاء كل أنواع الحقوق النقابية، إرتفاع معدل البطالة، السياسة التي يمليها صندوق النقد الدولي و هي وصفة تطبق من زائير إلى شيلي و أورغواي أو إندونيسيا بدون تمييز". كانت الحرب العسكرية في نظر والش ضرورية لخدمة ما اعتبرها الحرب الحقيقية و هي الحرب الإقتصادية، هذه الحرب التي فتحت البلد للإستثمارات الأجنبية. و بعد ساعتين من إلقاء هذه الرسالة في صناديق البريد طوقت الشرطة والش في شوارع بوينس أيرس و قتلته؟ كان هذا آخر ما كتبه، و لكن كثيرا من الأرجنتينيين حفظوا رسالته عن ظهر قلب، و هم يرددونها بالتفصيل لأنهم يرونها تعريفا و تنبؤا بالإصلاحات الهيكلية التي استمرت في ظل الديمقراطية.
إن البرنامج الإقتصادي الذي عاشت في ظله الأرجنتين و الذي فشل بذلك الشكل المريع قبل سنتين له مسمّيات عديدة. فالبعض يدعونه اللّبرالية الحديثة و آخرون يسمّونه المحافظة الجديدة و الفرنسيّون يطلقون عليه إسم الرأسمالية البربرية، و هذه الأخيرة هي التسمية التي أميل إليها. أما أنا فسأسميه "ماك حكومة" لأنه نوع من سلسلة المحلات. إنه نوع من الوجبة اللذيذة من السياسات التي يفترض أنها تناسب أي مكان مثل ماكدونالدز، لإنها ممتازة و قد صممها الأصوليون. و هذه السياسات هي الخصخصات المكثفة. و لماذا؟ لأنها تمنح الشركات المتعددة الجنسية فرصا لشراء كثير من الخدمات العامة و المصادر الأخرى، أي أنها تخلق فرصا للإستثمار.
هذا هو إذن معنى الخصخصة. هو التقليص الكامل للقطاع العام. لماذا؟ لأن ذلك يطمئن المستثمرين بخفض ضرائبهم إذ لا وجود للقطاع العام لكي تدعمه الضرائب، و لأن ذلك أيضا سيخفض الأجور حيث سيعم ارتفاع معدل البطالة و هذا يعني قوة عمل مرنة. و الأمر الثالث بعد التخصيص و التقليص هو إلغاء القوانين. و هذا الإلغاء يتم حسب وصفة الماك حكومة في نوعين و بهدفين. ألهدف الأول هو إزالة المنافسة أمام الشركات الأجنبية المتعددة الجنسية. و هكذا فإنك تدخل و تقول: أنظر، لن يسمح لك بعد الآن دعم نشاطك الإقتصادي عن طريق الإسناد الحكومي و لن يسمح دعم الزراعة، لأن هؤلاء المتعددي الجنسية المساكين يقولون أن ذلك ليس من الإنصاف. و سيستخدمون لغة الحقوق المدنية، و سيقولون إن ذلك سيخرق حقوقهم الإستثمارية التي تتطلب ملعبا مستويا. و هكذا ستسمع وال - مارت تقول بأنه ليس من حقك بأية وسيلة أن تدعم أية مصلحة مبيعات وطنية. أو – و هذا هو الجانب الآخر لإلغاء القوانين – لا يمكنك أن تضع أية قيود على نشاط هذه الشركات الأجنبية. إن بعضا من هذه القيود قد تكون مثل ما تفعله الصين، و هو أنك إن أردت المجيء إلى الصين للإستثمار عليك أن تشارك شركة صينية و أن تستخدم العمالة المحلية. هكذا سنبني صناعتنا الوطنية و بهذه الطريق ستنتقل إلينا التكنولوجيا. إلا أن مثل هذه القوانين محظورة في الماك حكومة. فالمتعددة الجنسية تريد أن تكون حرة في إدخال و إخراج الأموال بعد أن يتم تحطيم الدعم الحكومي و بعد أن تزاح المنافسة. أنهم لا يريدون أية قيود على إخراج أرباحهم من البلد، و لا يريدون أن يطلب منهم استخدام العمالة المحلية، و هكذا دواليك. فالقضية تنحصر أساسا في لائحة حقوق و حريات الشركات المتعددة الجنسية. هذه هي الماك حكومة
إن نتائج كل عمليات تزييت الأعمال هذه واحدة في كل مكان. إنها خصخصة المزيد من مناحي حياتنا كي تتحول إلى استثمار. فهي لذلك ليست مجرد بيع مزيد من البضائع عبر الحدود، بل إنها مسألة الإستحواذ على أشياء ليست ببضائع، أشياء من صلب المجال العام كالتعليم أو التأمين الصحي أو الأفكار، و عرضها في السوق. إنها السيطرة على الأملاك العامة ثم بيعها، لأن "هذا يخلق النمو و التوسع". لقد تكلمت قليلا عن أثر هذه السيطرة و هذه الخصخصة على الأرجنتين عندما انفجرت الفقاعة. و ربما لاحظ عدد منكم بعضا من هذا في الوطن. فلقد عرفت بأن بول كروجمان (Paul Krugman) تحدث الليلة الماضية عن اتساع الفجوة الفاحش بين الأغنياء و الفقراء في الولايات المتحدة. و ها أنكم تعانون من ارتفاع معدل البطالة في نفس الوقت الذي تتحول فيه مدارسكم إلى شركات، فنرى المزيد من الإعلانات الدعائية عن المدارس، و إلى ما شابه ذلك. و أصبحت هذه من الأمور المألوفة. و من المهم باعتقادي أن نتذكر بأننا على علم بهذه الأمور، لأننا سمعنا أعضاء الجناح اليميني يقولون بعد 11 سبتمبر و بالأخص بعد بدء الحرب على العراق بأن النقاش حول العولمة قد انتهى. و كان العنوان الرئيس لصحيفة كندية في 14 سبتمبر "تحققت العولمة أمس". و لم يرد أي شخص التحدث بعد الآن عن الإقتصاد. و لأن المسؤلين في الـ "سي أن أن" صاروا يتحدثون عن الإرهاب و بأنه الشيء الوحيد الذي يجب أن يحظى بالإهتمام، كان علينا نحن أيضا الحديث عن القنابل وعن الإرهاب، و كأن الناس فقدوا الإهتمام بما إذا كان بمقدورهم الحصول على الماء، أو بما إذا كان طعامهم معدلاً جينياً. من المهم باعتقادي أن نتذكر بأن هذا ليس بجديد، و بأننا كنا نتحدث عن هذه السياسات، و بأننا نعرفها لأننا نعيشها في وطننا و لأننا رأيناها في كل مكان في العالم.
و لهذا السبب أريد أن أتحدث عن العراق ليس بصفته شيئاً جديداً و غريباً و مختلفاً تماماً، بل بصفته نسخة مكبرة لما كنا نتحدث عنه طوال الدقائق الماضية. فالعلاج بالصدمة، كما كانت هذه السياسات الإقتصادية تسمى في الأرجنتين و شيلي و روسيا، يطبق الآن في العراق بفعل القوة العسكرية التي تمارس الصدمة و الرعب. هذا هو ما يجري الآن. و علينا أن نتسلح بالشجاعة مثل رودولفو والش الذي كتب الرسالة، أن ننظر من خلال الصدمة و الرعب الذين يتملكاننا إلى العنف و الدمار اللذين تسببهما الحرب، و نسأل لماذا يحصل هذا، و لصالح من، و ما الذي يجري. و لذلك فإن ما سأتحدث عنه هو العلاقة بين حركة العولمة، هذا البرنامج الإقتصادي الذي جوبه بذلك الشجب الرائع و المدوي في سياتل عام 1999، و بين حقيقة ما يجري في العراق الآن. و لماذا يحصل كل هذا؟ أنه نفس الموضوع القديم: العراق بلد غني جداً، حيث الكمية الهائلة من المصادر الطبيعية و الخدمات العامة التي يجب أن تخصخص. لقد بيع معظم أجزاء العالم و استغل، كأمريكا اللاتينية و أفريقيا بالكامل و الجزء الأعظم من آسيا. غير أن الثروة النفطية حمت العالم العربي و جعلته خارج نظام التجارة العالمي. و لذلك فإن 22 من دول الجامعة العربية لم تزل خارج منظمة التجارة العالمية و لم تستبح بعد. فهذه الحكومات كالعربية السعودية و الكويت تتملك النفط و معظم مرافق الإقتصاد.
لقد قال بوش بكل صراحة أنه يجب إنهاء كل هذا الوضع. و هذا ليس بسر، فلقد أعلن أنه ستكون هناك منطقة تجارة حرة في الشرق الأوسط خلال السنوات العشر القادمة (و الآن صاروا يتحدثون عن الشرق الأوسط الكبير. أليست المحاضرة محقة في استنتاجاتها؟ - المترجم). إنه المشروع الكبير التالي، هذه السوق الحرة الشرق أوسطية، بعد أمريكا اللاتينية و بعد منطقة التجارة الحرة لشمال أمريكا. و لكن يجب الشروع من مكان ما، و لهذا فهم بحاجة إلى موضع قدم، و موضع القدم هذا هو العراق. إنه لصيد ثمين. فهو يمثل سوقاً جديدة هائلة في وقت تمر فيه السوق العالمية نحو الإنحدار و هي بحاجة للإنقاذ. كذلك قالها السناتور جون ماكّين ببلاغة شديدة الإختصار: "إن العراق وعاء ضخم من العسل يجتذب إليه ذباباً كثيراً". و لذلك فإني سأتكلم عن العسل و عن الذباب، و إذا أسعفنا الوقت عن مضربة الذباب. يقول بعض الناس أن العسل هو البترول. ليس هو البترول فحسب، إنه أيضاً الماء، إنه الهواتف و الطرق، و هو كذلك و سائل الإتصال و القطارات و الطائرات مثلما هو السجون و الشرطة. إنه أي شيء يمكن تحويله إلى تجارة مربحة. و الذباب هو بكتل، هاليبرتون، أم سي آي، إكسون- موبيل، واكينهات، تايم وورنر، وال- مارت، بوينغ، شركة الأخبار، و هلمجرا.
بودي قبل أن أسترسل عن إعادة إعمار العراق أن أقول بكل وضوح إن على الولايات المتحدة أن تعوض العراقيين عن هذه الحرب، لأنهم بحاجة إلى مصادر يعيدون بها بناء بلدهم المحطم. إن الولايات المتحدة الأمريكية مدينة للعراق بتعويضات ضخمة. إنه واجب معنوي و يجب أن ينجز، و لكن ذلك لم يتم لحد الآن. أن ما يدعونها إعادة إعمار العراق لا صلة لها بالتعويضات. فالجزء الأعظم من مبلغ الـ 20 مليار دولار الذي يطالب بوش الكونجرس باعتماده (تذكر بأن هذا الكلام قيل في أكتوبر الماضي – المترجم) لا يذهب إلى الشعب العراقي لإعادة إعمار بلده كما يرغب. فقد توزع بين شركات أمريكية اختارتها إدارة بوش لما يسمى إعادة الإعمار. إن إعادة الإعمار عبارة جميلة و رائعة، فتستطيع أن تتخيل بأن الجسور و الطرق و المستشفيات و المدارس رممت، و بهذا سيعود البلد إلى الوضع الطبيعي، و كأن هذه الشركات هي فرق سلام خيّرين أخذوا على عاتقهم تنظيف العراق. تلك الدول لم تذهب إلى العراق لإعادة إعماره. إنهم يذهبون إلى هناك لشراءه. فهذا هو بالضبط ما يفعلونه هناك. إن العراق الذي نتحدث عنه في طريقه إلى التحول إلى أكبر مركز تسوق في العالم للشركات الأمريكية و لبضع شركات بريطانية. إن الأمر لا يعدو أن يكون سوى صفقة القرن. أقصفه ثم اشتريه. لقد بدأنا نسمع بمجرد أن بدأت الحرب عن عقود إعادة الإعمار تحيلها لجنة المساعدات الأمريكية خلف أبواب مغلقة. إن عقود إعادة الإعمار هذه تختلف عن العقود التي تمنح عادة بعد الحروب. فمثلاً لم تذهب عقود إعادة بناء أنظمة التعليم و الصحة إلى الصليب الأحمر، أو إلى اليونسيف أو إلى منظمات الصالح العام. إن المنظمات الإنسانية هي التي يجب أن تقوم بهذا العمل. إلا أن هذه العقود ذهبت إلى شركات تعليم و صحة أمريكية، و هذه هي ذات الشركات التي تدفع باتجاه خصخصة التعليم و إلى مزيد من خصخصة الضمان الصحي في الولايات المتحدة. إنهم ينظرون إلى المدارس، هنا مثلما هناك، و كأنها فرص استثمار. و قد منحوا فعلاً عقد طباعة الكتب المدرسية العراقية الجديدة إلى ناشرين أمريكان. حتى طباعتها لم تتم في العراق. أما النقود العراقية الجديدة فقد ذهب عقد طباعتها ألى شركة بريطانية. و لنتحدث الآن عن بكتل. إن لهذه الشركة عقدا بمبلغ مليار دولار. و بالرغم من أنهم أخبرونا بأن العقد لن يتعدى الـ 680 مليون دولار فإنه تجاوز الآن المليار. إنهم يركزون على الطرق و الجسور و شبكات الكهرباء و هكذا نوع من إعادة البناء.
لقد غضب عدد من رجال الأعمال العراقيين لهذا الوضع، لأن هذه الأعمال – و البطالة في تصاعد في العراق – هي الأساس في إصلاح الإقتصاد العراقي، في حين أننا نرى أغلب هذه الأعمال تذهب إلى الأمريكان. أن جواب واشنطن على مثل هذه الإحتجاجات هو أن إعادة إعمار العراق إحدى غنائمهم، فقد قصفناها و ها نحن نشتريها الآن. هذه هي نظريتهم و هم صريحون جدا حولها. و لا يتزايد الغضب على بكتل بسبب طمعها فحسب، بل و كذلك لأنها لا تنجز الأعمال المحالة إليها. و سأقتبس الآن من مجلة الإيكونومست و هي ليست إشتراكية، فلن يستطيع أحد أن يلومني. فقد نشرت هذه المجلة مقالاً في عددها الأخير عن ما أنجزته بكتل من عقدها الملياري لحد الآن. فخلال خمسة أشهر لم تنفذ سوى ميل واحد من الطرق. أما الجسور التي قصفت فقد بدأ العمل في ثلاثة منها فقط من مجموع الـ 49 جسراً. نصف هواتف بغداد ما زالت معطلة، كذلك الجزء الأعظم من شبكة الكهرباء.
لا يسعنا الحديث عن عقود إعادة الإعمار بدون التعريج على هاليبرتون التي كان ديك تشيني مديرها التنفيذي. أعتقد أن الجميع يعرفون هذه الحقيقة. و لكنه لا يزال يحمل optionـها (لا أعرف ترجمة لهذه الكلمة و لكني أحاول هنا شرح معناها: هي أسهم تشتريها بسعر يتفق عليه و يقل عن سعرها الحقيقي كثيراً و لمدة محدودة يتفق عليها أيضاً. فإذا ارتفع سعر السهم عند انتهاء المدة يكون ربحك النسبي أكثر مما لو اشتريت السهم بالسعر العادي. أما إذا انخفض السعر فقد تخسر كل رأسمالك – المترجم) عدا عن بيع حصته من الأسهم البالغة 20 مليون دولار عندما تركها ليصبح نائباً لرئيس الجمهورية، كما أنه حصل على أكثر من 350,00 دولار، و هو نائب الرئيس، عن الأرباح المتأخرة عن تلك الـ options. غير أن تشيني يقول أنه من الرخص أن يقال أن هناك أي نوع من تعارض المصالح بين علاقته مع هاليبرتون و حقيقة أن هذه الشركة قد حصلت على معظم عقود إعادة الإعمار المجزية. فلأكن رخيصة و لكني سأقولها. لقد حصلت هذه الشركة على عقد بمبلغ 1,4 مليار دولار لحد الآن، و العقد مفتوح لبلوغ سبعة مليارات. إن هذا ليس بالأمر البسيط حتى لشركة ضخمة مثل هاليبرتون. لماذا؟ لأن هذه الشركة كانت متهالكة للحصول على هذا الضخ من السيولة. فلقد بدت في السنة الماضية و كأنها سائرة نحو مصيرٍ كذلك الذي انتهت إليه إنرون. لا أدري إن كنتم تتذكرون هذا، فقد تورطت في فضائح محاسبية، كما كانت متورطة في سلسلة من الدعاوى بخصوص التسمم الأسبستي لذلك الحد الذي كانت فروعها "كيلوغ" و "براون أند روت"، و "كي بي آر"، و هذه هي التي حصلت على عقود في العراق، على وشك أن تعلن إفلاسها هذا الخريف بموجب الفصل 11. كما أنها أعلنت عن خسارتها لـ 500 مليون دولارفي السنة الماضية. لذلك كانت الأمور سيئة بالنسبة لها. أما في هذه السنة فقد قفزت قيمة سهمها بنسبة 77% و قد أعلنت عن تحقيق أرباح بمبلغ 26 مليون دولار. هكذا أنقذ العراق قفا هاليبرتون. و هذه ليست مبالغة. فالحسابات تبين أن ديك تشيني بصفته المدير التنفيذي لهاليبرتون قد سبب لها مشاكل جمة، لكنه و بصفته نائبا للرئيس أنقذها من مصير إنرون. ما الذي يفعلونه بالأموال إذن؟ إنهم يفعلون شيئين، أحدهما هنا في الوطن و الثاني في العراق، و كلاهما مرتبطان بالخصخصة. فأول شيء تعمله هاليبرتون من خلال "كي بي آر" هو حماية جريان نفط العراق، و إطفاء حرائق البترول، و إصلاح الأنابيب بحيث يمكن في النهاية خصخصة البترول.
أما الشيء الثاني فهو الخصخصة في الوطن. إنهم في المراحل المتقدمة من عملية خصخصة الجيش الأمريكي. لقد قرر جورج بوش أن كفاءة الجيش الأمريكي الرئيسية تنحصر في خوض المعارك و كل ما عداه يمكن أن يحال إلى عقود مقاولات. و الواقع إن لهاليبرتون حاليا جيشا من جنود الأحتياط، 4500 في الوقت الحاضر، في العراق، و هم أساساً بمثابة مجهزين للجيش الأمريكي. إنهم يبنون القواعد و يطهون الطعام و ينظفون المراحيض و يغسلون ملابس الجنود، بل و حتى يحلقون الرؤوس. كما أنهم يسهرون على أمن القواعد. و كل ذلك بكلفة زهيدة طبعاً، أما الأرباح فتذهب مباشرة إلى هاليبرتون. و هذا هو السبب في أنهم حققوا أرباحاً بـ 26 مليون دولار في السنة الماضية. إن ثلث تخصيصات العراق قد ذهبت إلى مقاولين على شكل عقود من الباطن. و هكذا عندما تسمع عن الأموال التي ذهبت إلى الجيش من الميزانية، يجب أن تعرف أن ثلثها تذهب إلى شركات خاصة كهاليبرتون ، التي تسعى إلى الأرباح من قيامهم بالأعمال. و لكي نختم هذا الموضوع نقول إن حكومة الولايات المتحدة، و هي تبحث عن فرص إستثمارية لشركاتها المضعضعة تشن حروباً غير مبررة بجيش مخصخص جزئياً ثم تقوم بالتنظيف بعد الحرب مستخدمة بعضاً من نفس هذه الشركات المتهالكة على الأرباح. و هذا هو مربط الفرس، فعندما ينتهي التنظيف كلياً يصار إلى بيع مكونات العراق إلى تلك الشركات ذاتها. و ليت هذه العقود تمنح لأقل المناقصين سعراً و لكنها في الحقيقة تذهب إلى الأكثر تبرعاً. لقد بدأنا نرى هذا الخيط الدقيق الذي يبدأ بإعادة إعمار العراق و ينتهي بخصخصته. إن الهدف واضح للعيان: ليس إنشاء طرق العراق فقط بل لكي يحولوها إلى طرق مملوكة إلى و تدار من قبل أفراد، ليس إصلاح أنظمة المياه المقصوفة فقط بل و أيضاً بيعها إلى الشركات المتعددة الجنسيات و عندها باستطاعتها أن ترفع فواتير الإستهلاك. ليس مجرد إطفاء حرائق النفط و حماية أنابيبه بل لبيعه أيضاً. ليست هذه نظرية المؤامرة، فقد أذيع كل ذلك على الملأ. لا خجل و لا أصدقاء، كلا أبداً. يقر بوش و رامسفيلد و بريمر علناً أنهم يعتبرون إعادة إعمار العراق تحويلاً له إلى اقتصاد السوق الحرة التي لا تحكمها قوانين. لقد كتب بريمر مذكرة إلى مجلس الحكم الإنتقالي في شهر آب الماضي، و على فكرة هو الذي عين هذا المجلس، مصدراً إليه التعليمات. فهذا الذي عينه الرئيس يصدر التعليمات إلى من عينهم حول ما يجب أن يفعلوه في العراق. أما مسألة ما إذا كان الرئيس معيناً هي أمر يمكن مناقشتها فيما بعد (ضحك). قال بريمر في هذه المذكرة لمن عينهم إن اقتصاد العراق كان يخضع لقيود الحماية الشديدة، و كان يحكم بالقوانين الإشتراكية. عجباً، فصدام كان كثيراً من الأشياء إلا أن يكون اشتراكياً. و يقول كذلك في هذه المذكرة إن على مجلس الحكم أن يفتح أبواب معظم الصناعات العراقية على مصاريعها أمام الإستثمار الأجنبي. و فعلاً و بعد أقل من شهر، و بالتحديد في 19 سبتمبر، عرضت 200 شركة و مؤسسة للبيع. مائتا شركة حكومية جاهزة الآن للخصخصة. إن إعادة إعمار العراق قد تحولت إلى عرض البلد، بلد الغير، للمزايدة.
لقد اعتقدت أن العراق ليس كبلدان أمريكا اللاتينية لكي يباع، و لذلك فإني منفعلة قليلاً بسبب هذا. فبموجب القوانين التى أصدرها بريمر يحق للشركات الأمريكية أن تتملك 100% من البنوك و المناجم و المصانع من كل نوع. و الإستثناء الوحيد هو النفط، و لكن صدقوني أن دوره سيحين. فقد أخبر بريمر الكونجرس الأمريكي أنه أصدر تعليماته إلى الحكومة العراقية، بصرف النظر عمن تكون هذه الحكومة، بأن عليها أن تخصخص النفط أيضاً.
و الآن و قد عرضت هذه الشركات للبيع، فإن أكثر الناس حظاً لشرائها هم الموجودون هناك. و من الطبيعي أن تكون عروضهم الأكثر تنافسية لأنهم يعملون هناك بالفعل. و هذا يتيح لهم أفضلية كبيرة على الشركات الأوربية. و هكذا سوف تبز بكتل "الـ Suez" و "”Vivendi عندما يأتي الحديث عن خصخصة مؤسسة إسالة الماء في العراق، لأنها تعمل على إصلاحها الآن، لأنها موجودة هناك بالفعل. هذا ما تفعله بكتل، فهي الأكثر حرصاً على مشاريع الماء على النطاق العالمي بالرغم من أن لها سجلاً في غاية السوء في هذا الخصوص. فقد طردت من كوتشابامبا- بوليفيا قبل بضع سنوات لأن الأسعار ارتفعت بمقدار 50% هناك بعد خصخصة الماء. و الأمر الثاني الذي لم يعجب الناس هناك هو ما قالته لهم بكتل من أن تجميعهم لمياه المطر غير قانوني، لأن هذا يدخل في خانة المنافسة غير العادلة. و هكذا غاصت بكتل في الوحل، و هي ترفع الآن دعوى قضائية ضد الحكومة البوليفية لخسارتها و لمشاكل أخرى جابهتها هناك. أما في العراق فلا تواجههم أية من هذه المشاكل. و ليس عليهم أن يفاوضوا حكومة أجنبية لأنه لا حكومة هناك. فكل ما هناك هو أن الحكومة الأمريكية تبيع بلدا آخر لشركات أمريكية، و بدون وسيط. إنها لعبقرية حقاً! فلم يكن الهدف إعادة الإعمار قط، بل كان دائماً الخصخصة تحت قناع الإعمار، سرقة بالجملة تحت ستار الترميم. لقد نشرت الوشنطن بوست قصة شركة مستحدثة أسسها عدد من موظفي البيت الأبيض السابقين و أصدقاء بوش، و هم كثر، الذين يبيعون الحماية من الإرهاب. و اسم هذه الشركة New Bridge Strategies و لا يرئسها سوى مدير حملة بوش الإنتخابية إياه. تقدم هذه الشركة الجديدة خدماتها للشركات التي ترغب في فتح دكاكين في العراق مستغلّين ما تسميه الفرص غير المسبوقة في العراق. و لذلك فهي شيء من قبيل الوسيط. و لديهم علاقات سياسية جيدة. إنهم يقولون لك تعال لنذهب إلى العراق. و في قصة الواشنطن بوست هذه كتبوا عن لسان أحد شركاء الشركة المذكورة بدون ذكر اسمه خطة اللعبة. فلقد قال: "إن الحصول على امتياز لتوزيع منتجات بروكتر أند جامبل Procter & Gamble هو منجم ذهب. إن باستطاعة شركة كبرى بهذه الضخامة ألإطاحة بثلاثين محلاً عراقياً. و بإمكان شركة مثل وال – مارت أن تسيطر على البلد". لاحظوا اللغة: الإطاحة ... السيطرة !! إن هذه سيطرة عدوانية على البلد. و قبل أن يحدث هذا، قبل أن يتحول العراق بالكامل إلى أحد فروع "شركة أمريكا" كان يجب أن تحصل بعض الأمور الأخرى. لقد تحدثت عن الوجبات اللذيذة التي تطبخها الماك حكومة، و إحداها هي الخصخصة. أما الأخريتان فهما تقليص دور الحكومة و إلغاء القوانين. و أستطيع المراهنة على أن بول بريمر بصدد هاتين الخطوتين. فلقد فصل في الشهر الأول من استلام مهامه 400,000 موظف حكومي بدون أية حقوق تقاعدية و لا برنامج إعادة توظيف. و سمى الفصل الجماعي هذا "إجتثاث البعث"، أي تنظيف الحكومة من مسؤولي حزب صدام حسين. إلا أن الأمر أبعد من هذا بكثير، حيث تمت عمليات الفصل في وزارات بأكملها بدون تمييز، حتى لأشخاص لا يمتون بصلة إلى الحزب. و هكذا فقد بدأوا بالخصخصة باسم اجتثاث البعث مثلما هو باسم إعادة الإعمار. كما أنهم شنوا هجمات مكثفة على القطاع العام باسم اجتثاث البعث. لماذا يفعلون هذا؟ لنفس الأسباب التي جعلتهم يفعلونها هنا و في الأرجنتين: لأن ذلك يؤدي إلى خفض ضرائبهم عندما يدخلون كما شرحت قبلا،ً و لأنه يخلق فرصاً جديدة، لأن المصالح الحكومية التي تم تحجيمها هي نفسها التي تباع الآن. ألتحجيم المسبق ثم الخصخصة ثم إلغاء القوانين. و لقد اهتم بول بريمر بهذا أيضاً.
يحب جورج بوش و بريمر الحديث عن الإتيان بالسوق الحرة إلى العراق بصفتها فرصة رائعة للشعب العراقي. لقد تكلمنا عن كيف أن رجال الأعمال العراقيين لم يكن لهم نصيب من عقود إعمار العراق، بل إن الأمر يتعدى هذا. فقد أخرجت الشركات العراقية من السوق في ظل حكم بريمر. عندما وصل بريمر إلى العراق كانت الشركات المملوكة للعراقيين في وضع سيّء أصلاً. أنها الشركات التي تلقت ضربة قوية بثلاث عشرة سنة من الحصار و بشهرين من السلب و النهب الذين لم يفعل المحتلون أي شيء لمنعهما أو لإيقافهما، هذا إذا لم نذكر تداعيات حربين. و إذا كانوا حريصين على الإتيان بالسوق الحرة إلى العراق كان عليهم أن يقوموا ببعض الأمور قبل أن تواجه هذه الشركات المنافسة العالمية. فكان يجب إعادة الكهرباء و تشغيل الهواتف، و كان يجب إنتظار وصول قطع الغيار التي نهبت لكي تعود عجلات المصانع العراقية إلى الدوران، هذا إذا كانوا جادين حول منافسة السوق الحرة، و ملعب مستوٍ.
و لكن ليس هذا ما فعله بول بريمر. فبعد 26 يوماً من إعلان بوش عن إنتهاء العمليات الحربية في العراق، و في الوقت الذي كانت الكهرباء لم تزل مقطوعة و الهواتف ما زالت عاطلة عن العمل في بغداد، أعلن بريمر عن فتح الأبواب أمام الإستثمار. و أغرقت الأسواق بأجهزة إلكترونية رخيصة، و بالملابس و الأغذية المعلبة (و قد سمعنا أن كميات كبيرة من تلك الأغذية كانت مستنفذة مدة صلاحيتها – المترجم). و ما حصل بعد ذلك كان متوقعاً تماماً، حيث أغلقت المئات من المصالح العراقية أبوابها، أو أفلست لأنها لم تستطع المنافسة بالطبع. و نكرر، لم تتم إعادة إعمار العراق، بل قضي عليه، أولاً بالحرب ثم الحصار ثم الحرب ثم السلب و النهب، و الآن في ظل جو العمل الأحمق و غير العادل و غير القابل للمنافسة هذا. لماذا؟ إذا كنت فرعاً من فروع الـ وال- مارت و قررت أن تمسح 30 محلاً عراقياً من الوجود، أفليس من الأفضل محوها و إزالة المنافسة حتى قبل أن تدخل؟
إنه مناخ عمل مريح! .. كما أن هذه الشركات حصلت على مزايا أخرى أيضاً. فقد أعلن بريمر عندما عرض الشركات الحكومية المائتين للبيع إن ضرائب الشركات الأجنبية ستخفض. و لكن بأي مقدار؟ من 45% و هي أعلى نسبة ضريبة دخل إلى 15%. من خمسة و أربعين إلى خمسة عشر! إن هذا أفضل ما فعله بوش في الوطن. إنه تخفيض خطير للضريبة. كما أنه ألغى القيود على إخراج الأرباح من البلد. و باختصار، فإن العراق لا يمتص الأموال من وجهة نظر المستثمر الأجنبي. لقد قدم لهذه الشركات على طبق من فضة كل ما مارست لأجله من نفوذ. فهناك كل الخصخصات التي يريدونها، و هناك كل التقليصات لدور الحكومة التي يرنون إليها، و هناك إلغاء القوانين التي يودون فرضها، هذا الإلغاء الذي يقضي على المنافسة المحلية و يسمح لهم تحريك الأموال من و إلى البلد بحرية. ليس هذا استنساخاً للنظام الأمريكي في العراق. لا تصدقوا من يقول لكم ذلك. هذا مختبر مثل الأرجنتين إثناء "الحرب القذرة". إنه عالم أحلام لأكثر المحافظين الجدد القابعين في واشنطن هوساً بالأيديولوجية، في أن ينشئوا العالم الذي يرونه في كتبهم المقررة فقط، بأن يخلقوا اقتصاد سوقهم المخصخصة كلياً و بدون أية قيود، إقتصاد السوق الحرة النقية. إنهم مغتبطون حقاً. لقد قال دونالد رامسفيلد في الشهر الماضي (أعتذر عن أنكم تسمعون كل هذا من كندية، أنتم شجعان و أنا خائنة) إن العراق سيمتلك بفضل هذه الأنظمة أكثر قوانين الضريبة و الإستثمار روعة في العالم الحر. هكذا كان حماسه. غير أنه ارتكب هفوة، فالعراق ليس حراً، بل إنه تحت الإحتلال، في حين اتخذت هذه القرارات من دون أن تكون للشعب العراقي أية كلمة فيها. و هكذا فإن السؤال الجوهري هو أي نوع من الحكومات نريد – إن هذه هي الأسئلة التي تناقش بعمق في كندا – هل نريد نظاماً صحياً على الطراز الأمريكي أم أن نستمر في نظام التأمين الصحي الحكومي؟ لقد تمت الإجابة على كل هذه الأسئلة قبل أن تتاح الفرصة للشعب العراقي في أن يتخذ حتى قراراً واحداً أو أن ينتخب ممثلاً واحداً له.
إن هذا في منتهى الغرابة. لننظر إلى الامر بجدية: إن السرعة التي يتم بها ذلك ليبعث على الصدمة. ففي الوقت الذي لم يستطيعوا فيه إنجاز ميل واحد من الطرق أو البدء في العمل على أكثر من ثلاثة جسور، نراهم يعيدون قولبة الإقتصاد كاملاً. لقد استغرق هذا ثلاثة عقود في الأرجنتين بينما أخذ ستة أشهر من الوقت في العراق. ما الذي يفعله هؤلاء؟ ليس هذا من الذكاء بمكان. فمن الناحية الأمنية يثير هذا امتعاض الناس، إنه يغذي المعارضة على الإحتلال. إن سبب قيامهم بهذا العمل غير الحكيم هو أن لا خيار آخر أمام بوش. فهو في عجلة من أمره، فالإنتخابات الرئاسية قادمة، و هو بحاجة إلى حدث للمباهاة به. هل تعرفون معنى هذه الكلمة "مباهاة"؟ لا يمكن المباهاة بأفغانستان، لأن أفغانستان موحلة، و لم يعثر على أسلحة الدمار الشامل، و شعبيته في انحدار. إنه يريد أن يكون بإمكانه القول في حملته الإنتخابية بأنه أتى بالديمقراطية إلى العراق.
إن تحقق هذا، و إذا جرت أية إنتخابات في العراق قبل أن تجري في الولايات المتحدة – يبدو أني متفائلة جداً – فإن عليه أن يقوم بهذه الأصلاحات الآن، لأنه لو توفرت الديمقراطية، حتى لو كانت ديمقراطية مبتسرة، في العراق فإن الشعب سيقول كلمته في أنه لا يرغب ببيع بلده. في حين أنه لو اتخذت القرارات قبل الإنتخابات و تمت إحالة العقود سيبدو الأمر كالمصادرة و أمريكا لا تحب ذلك، حيث ستكون هناك أعمال معادية و لن يكون هناك استقرار. و هكذا تتم سرقة حق الشعب العراقي في المبادئ الأساسية للديمقراطية، و هي الحق في حكم نفسه بنفسه، حق تقرير مصيره. و يدرك بوش بأن الديمقراطية هي في الواقع عدوة لمثل هذه الإصلاحات، و بأنه لو كان للشعب الحق في المشاركة و في إبداء رأيه فسيرفض بالطبع مثل هذه السياسات المعادية لمصالحه. و هكذا، و بعد أن يبرأ الشعب العراقي من جراحات الحرب و الحصار و السلب و النهب سيدرك بأن بلاده قد بيعت من وراء ظهره، و سيقال له عندئذ أن يستعجل في انتخاب زعيمه الجديد قبل انتخاب بوش ليستقبل بالترحيب في عالم الديمقراطية الرائع. هذا أمر مفزع، إني أراه مفزعاً. إني أعتقد أنه مرعب في كونه ليس أكثر من فضيحة. أن وقاحة و سوء هذا المشروع تثيران الإشمئزاز حقاً.
و لكني أريد أن أقول لكم شيئاً أأمل أن يكون أقل قتامة، و أنا أراه كذلك بالتأكيد. إننا نرى على السطح تحدياً حقيقياً و تفرداً و قوة إستعمارية يمارسها فريق بوش. هذا واضح للعيان. و لكني أعتقد بأن هذا التحدي بذاته هو الظاهر الذي يختفي وراءه اليأس. ينبع هذا المشروع كله من اليأس. و لست أقلل من خطر هذا اليأس، فهو خطر جداً. أن سبب هذا التكالب على مصادر العراق غير المستغلة هو أن الرأسمالية تتصرف كمدمن على المخدرات، و المخدرات هي التوسع. هذه هي الجرعة. فتموت بدونها و بدون التوسع. و ليس من السهل الآن أن تتوفر الجرعات فقد قطع العالم الإمدادات.
لنعد الآن إلى الأرجنتين حيث ابتدأنا. إنفجرت بسبب الإنهيار الإقتصادي حركات شعبية، و رفض جماعي لسياسات "الإنفلاتية الحديثة" (neo-liberalism) و المسماة بـ الماك حكومة في أمريكا اللاتينية، و عمت البلاد حركة راديكالية بحق أجبرت الحكومة على الوقوف بوجه صندوق النقد الدولي. ليس لدي الوقت الكافي للولوج في تفاصيل ذلك، إلا أني أقول إن الأرجنتين تمر في ثورة حقيقية بدأت في بناء اقتصادات بديلة جذرية بحق. فلقد استولى العمال على مائتين من مصانعهم و حولوها إلى تعاونيات. و هناك في البرازيل "لولا" بكل ما يمثله من رفض لتلك السياسات. و في فنزويلا ثبات شافيز المدهش برغم أشرس المحاولات للتخلص منه. و لكن الأكثر أهمية من إنتخاب لولا و شافيز و جوتييرز و نستر كريتشنر في الأرجنتين هو أنه في ظل ديمقراطية المشاركة في هذه البلدان ترفض الخصخصات في كل مرة يجري الإستفتاء عليها.
و لم تتوقف الخصخصات في أمريكا اللاتينية بسبب أن السياسيين تقدميون بل لأن الشعب لا يطيقها، بنفس الطريقة التي طردت بكتل من كوتشوبامبا. و هذا مثال آخر على كون الديمقراطية عدوة هذه الإصلاحات. و نرى الشيء نفسه يحصل بخصوص "منطقة التجارة الحرة لأمريكا الشمالية". فلقد رأيناها في كانكون في اجتماع منظمة التجارة العالمية. و كان مدهشاً أن ترى الضغط في الخارج، الناس في الشوارع. غيرأنه حصل أمر مدهش آخر عندما تكاتفت حكومات الدول الفقيرة قائلة و هي تخرج من الإجتماع: "الأفضل ألا نعقد أية اتفاقية على أن نتفق على شيء سيء".
إن ما يحصل هو ما سأسميه تجارة حرة هزيلة، هو الإلتفاف على المصادر و الأسواق من خلال حكومات التجارة الحرة و من خلال منظمة التجارة الحرة. غير أن هذه التجارة الحرة الهزيلة لم يحالفها النجاح. و لهذا أصابهم اليأس. و لذلك انتقلوا إلى فرص السوق الحرة عن طريق الساحات الحربية. ولم يستشيروا أحداً لأنهم يعرفون الجواب. هذا هو اليأس. إلا أن العالم لا يتقبل مثل هذا الشيء، فهناك معارضة جماعية رأيناها أثناء الحرب في انفجار حركة معادية حقيقية لها على النطاق العالمي. و رأينا ذلك أيضاً على مستوى الحكومات. لا أتحدث عن فرنسا و ألمانيا فقط، بل حتى جراء أمريكا المخلصين ككندا و المكسيك شركاء النافتا (منظمة التجارة الحرة لأمريكا الشمالية – المترجم) لم يؤيدوا الحرب، لكن ليس انطلاقاً من المبادئ. و أستطيع أن أقول ذلك عن كندا و أعتقد أن هذا ينطبق على فنسنت فوكس أيضاً. لم يؤيدوا الحرب لأنه لم يكن لديهم خيار آخر، فشعوبهم كانت تعارض الحرب إلى الدرجة التي كان يصعب معها على الحكومات الدفاع عنها. و هذا الإعتراض في تزايد و لا أعتقد أن هذا نابع عن معاداة أمريكا. إن ما يجري رفضه ليس ضد الولايات المتحدة أو ضد حكومتها. أن المرفوض هو هذه السياسات الإقتصادية التي تحمل طابع العالمية و التي تتحمس لها الولايات المتحدة أكثر من غيرها. و لكني أخشى أن تتحول معاداة أمريكا إلى عامل كبير و خطر من عوامل صرف الأنتباه. أن ما يجب التركيز عليه هو نفس ما ركزنا عليه في حركة العولمة خلال السنوات الماضية، و هي هذه السياسات الإقتصادية التي تشن الحروب على الشعوب، و التي تضع الربح قبل الإنسان.
و باعتقادي فإن التحدي للفترة القادمة هو ألا ندع الحرب تعمينا عن الأسباب و عن الدوافع لكلا الحربين الإقتصادية و العسكرية. فإذا نظرنا إلى ما حصل في العراق يتضح أن الهجوم كان جزءاً من نفس الحرب التي عارضناها باستمرار. لقد شنت لتنفيذ نفس السياسات التي تجابه بالمعارضة في كل أنحاء العالم، في كندا و الأرجنتين و مدينة كويبك و جنوا و الأكثر شهرة هنا في سياتل عام 1999. إن واجب كل من تعنيه هذه الأمور في الحركات المناهضة للحرب و الحركات المعادية للتأثيرات المدمرة للرأسمالية هو التلاحم و المزيد من التكاتف. و قد بدأ هذا فعلاً بطرق عديدة. و علينا أن نتذكر بأننا يجب أن نواصل الكفاح، فلدينا الكثير جداً مما يجب القيام به. و شكراً
#حسين_الحاجبي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
سعر غير مسبوق.. -البتكوين- تسجل رقما قياسيا جديدا
-
“لحظة بلحظة الآن”.. انخفاض سعر الذهب اليوم في مصر الجمعة 22
...
-
-البتكوين- تسجل رقما قياسيا جديدا
-
بمواصفات منافسة.. Oppo تطلق حاسبها الجديد
-
كم سعره اليوم؟.. أسعار عيارات الذهب اليوم في العراق الجمعة 2
...
-
بعد اجتماع البنك المركزي بتثبيت سعر الفائدة .. سعر الدولار ا
...
-
بسعر المصنعية .. سعر الذهب اليوم بتاريخ 22 من نوفمبر 2024 “ت
...
-
بعد اجتماع البنك المركزي بتثبيت سعر الفائدة .. سعر الدولار ا
...
-
بسعر المصنعية .. سعر الذهب اليوم بتاريخ 22 من نوفمبر 2024 “ت
...
-
سؤال يؤرق واشنطن.. صنع في المكسيك أم الصين؟
المزيد.....
-
الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق
/ مجدى عبد الهادى
-
الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت
...
/ مجدى عبد الهادى
-
ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري
/ مجدى عبد الهادى
-
تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر
...
/ محمد امين حسن عثمان
-
إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية
...
/ مجدى عبد الهادى
-
التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي
/ مجدى عبد الهادى
-
نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م
...
/ مجدى عبد الهادى
-
دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في
...
/ سمية سعيد صديق جبارة
-
الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا
/ مجدى عبد الهادى
المزيد.....
|