|
كيف و متى تترسخ الثقافات التي يحتاجها العراق الجديد
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 2525 - 2009 / 1 / 13 - 09:24
المحور:
المجتمع المدني
اننا على علم بان الشعب العراقي له خلفياته الثقافية المتنورة بجميع اشكالها ، و انه تحمٌل الضيم و القهر و المرارة على ايدي الحكومات المتعاقبة ، بعدما كانوا يحكمون هذا البلد بقبضتهم الحديدية لكونهم لا يمتلكون من الثقافات العامة التي كان بامكانهم الحكم بموجبها بتراض كامل و مقنع و باساليب توائم و تلائم ظروف المرحلة ، و ان كانوا بمستوى من الحكمة و المعرفة لما اقدموا الى القوة المفرطة في سيطرتهم على زمام الحكم . هذا ما خلف اثارا سلبية على وضع الفرد و المجتمع ، و الشعب العراقي تضرر بشكل مباشر و ضمني و اتسم و اتصف بمجموعة من الخصائص التي اكتسبها بشكل لا ارادي و فرضها الواقع و ثبتها في خلفيته الثقافية والفكرية بمرور الزمن ، و هذا ما يدعنا ان نقول بان المجتمع العراقي يحتاج الى عمل و ارادة و تخطيط و برامج متعددة الاوجه و وقت كافي لمسح ما يعيق و يمنع تجسيد الثقافات الجديدة اللازمة لما يجب ان يكون عليه العراق الجديد في المرحلة الراهنة و في مستقبله . و ها ما يفرض علينا ان نعتقد بانه يجب ان تبدا نقطة الانطلاق من الذات و بشكل طوعي و عفوي دون ضغط او فرض من اية جهة ،و انما كل ما يحتاجه هو توفير الالية اللازمة لتفكير الفرد و تعمقه فيما يتطلبه الواقع الجديد من المستلزمات الضرورية لعملية الانتقال و التغيير الذاتي في كافة المجالات و النواحي ، و اولى المحاولات تُستهل من تصفية الذهن و تنظيفها من مؤثرات الماضي و انسلاخ العقل والفكر من ما ترسبته المراحل الصعبة الماضية من السلبيات و اثارها ، و الانخراط في الحياة النشطة الطبيعية و العيش الحيوي و تقبٌل الثقافات المتعددة الخاصة بالعصر و متطلباته ، و العقلية السليمة التقدمية تفرض حب الحياة و التعايش و تقبٌل الاخر و احترام ارائه و عدم الغائه او تسقيطه ، و اتباع الطرق العلمية لكسب المعرفة و اسس الحوار و التفاعل مع المستجدات و طرح المواضيع العامة بكل جراة في النقد و طلب الحقوق و طرح الافكار و الاتزان و الاعتدال في فضاء الحرية و الثقافة الديموقراطية و تمأسس الدولة من اجل عدم التراجع بعد التقدم الملحوظ . و بعد ان تؤخذ الخصوصيات بنظر الاعتبار ، من الواجب الاستفادة من تجارب الغير و ثقافته و خبرته بشكل يمكن ملائمته مع الواقع الموجود . و عندئذ يمكن سلك الطرق الصحيحة بحرية ، و يمكن اعادة الثقة بالنفس بعد عهود من الكبت و الانعزال نتيجة الظروف الصعبة و مؤثرات الحروب و ما فرضته الدكتاتورية من كبت الحريات و لجم الافواه و غلق اجواء الحرية المطلوبة في الحياة . عند غرز صفة حب الحياة و السلم و الامان و تفعيل العقلية الحداثوية و التاثر بما موجود من التطور العلمي و التكنولوجي ، فبه يمكن قطع المراحل الضرورية للتجديد و التقدم ، و به تنعكس النتائج بشكل ايجابي على الظروف العامة للشعب ، و الشيء المهم الذي يفرض نفسه على المواطن في حينه هو ثقافة التعلم و اكتساب المعرفة و عدم هدر اية لحظة في مسيرة الحياة من اجل استغلالها و الاستفادة منها ، و هذا ما يفرض تقوية ارادة العيش و التمسك بالحياة و الاصرار على العمل و الاجتهاد و الانتاج بشكل طبيعي . الثقافات الجديدة في اجواء من الحرية و زوال المعوقات تفرض على الفرد لااراديا العمل الدؤوب على ايجاد معالم الذات و خصوصيات النفس في ما يمكن الاهتمام به من الاختصاصات التي يمكن الابداع و الابتكار فيها والتي يمكن ان يستفيد و يفيد الاخرين بها ، و هذا بدوره يؤدي الى اعادة القافلة الى سكتها الصحيحة من التطور و الترقي بشكل متسلسل و سلس من دون التوقف في مستوى معين . اذن الثقافات الجديدة موجبة الاتباع و التعلم في العراق الجديد ، و هي بدورها تؤثر على المجتمع بشكل عام للاهتمام بالفكر والثقافة والعلوم و المعرفة التي هي موجودة و تاريخ العراق غني بها بالاضافة الى تقبل ما ابدعه الاخرين في تلك المجالات ، و بدورها تؤثر على الحياة الاجتماعية بشكل عام ، بعد اخذ العبر و الحكمة من تجارب الغير و من ايجابيات تاريخ المجتمعات الاخرى من دون النظر الى ما وراء تلك العلوم و التطورات او جغرافية اصحاب تلك التجارب او صفاتهم الشخصية و انما الاعتبار من حكمتهم و علمهم و تجربتهم ، و هذا ما يحتاج الى علم و معرفة و بصيرة و خبرة ذاتية مع الاخذ بنظر الاعتبار الظروف الخاصة التي يعيشها الفرد و مستوى مجتمعنا و بيئتنا و مميزاتنا . و عند تحديد الثقافات التي يحتاجها العراق الجديد و ما تهم العصر يمكن التخطيط و انبثاق برامج خاصة بترسيخ تلك الثقافات و تجسيدها في فكر و عقليات و اخلاقيات الفرد و الشعب بشكل عام ، و في العراق الجديد ، يحتاج الشعب الى تحديد اليات تطبيق البرامج التقدمية المؤثرة على الحياة الاجتماعية بثقافات جديدة من خلال نبذ كافة انواع الخلافات و ترسيخ الارضية المناسبة لتطبيق الديموقراطية في هذا الجو من الحرية النسبية و الاصرار على تطويرها و توسيعها ، و هو الوسط الصحيح لترسيخ الثقافات التقدمية العصرية في سبيل التنمية و التقدم ، و العمل على تدرج سلم التقدم الديموقراطي و اتباع العلمانية لضمان القدر الممكن من العدالة الاجتماعية والمساواة المنشودة من قبل الجميع .
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عدم ادانة ايران رغم قصفها المستمر لقرى اقليم كوردستان !!
-
المرحلة التاريخية الراهنة تتطلب منا الافكار و الحوار
-
حرب غزة بين الايديولوجيا و التكنولوجيا و افراز قوى اقليمية ج
...
-
العراق بحاجة الى بلورة خارطة طريق معتمدة لحل المسائل العالقة
...
-
العراق بحاجة الى بلورة خارطة طريق معتمدة لحل المسائل العالقة
-
ترحيل اللاجئين قسرا خرق لحقوقهم الانسانية
-
كيف و لمن نصوت في الانتخابات العراقية المقبلة
-
القيم الجديدة و مدى تقاطعها مع العقائد السائدة
-
المشاريع الاصلاحية في اقليم كوردستان تعبر عن عقلية اصحابها و
...
-
عواقب عشوائية تطبيق السياسة الاقتصادية في العراق
-
العراق بحاجة الى قراءة جديدة للوضع الراهن من اجل تقدمه
-
كثرة العوائق امام مسيرة الشباب في اقليم كوردستان
-
هل تنجح امريكا في ابراز قوى معارضة في اقليم كوردستان كما تحا
...
-
تعديل الدستور عملية معقدة و تسيطر عليها المصالح الحزبية و ال
...
-
الاصرار على المركزية صفة غريزية للمتنفذين في السلطة العراقية
-
تحولات في الصراع الامريكي الايراني على ارض العراق في ظل الاد
...
-
ماذا تضم لنا السنة الجديدة سياسيا في العراق و المنطقة
-
في ليلة حالكة من ثمانينات القرن الماضي
-
مواقف المثقفين و مسار تقدم الشعب العراقي في الوقت الراهن
-
مهنية الصحافة و معتقدات الصحفي
المزيد.....
-
صدام حسين ويحيى السنوار .. بعثة إيران لدى الأمم المتحدة تقار
...
-
إلغاء إعدام المتهم بالقتل المرتبط بـ-متلازمة هز الرضيع-
-
المجاعة تضرب غزة: القيود الإسرائيلية ترفع الأزمة إلى مستويات
...
-
نتنياهو يعقد اجتماعا أمنيا لبحث جهود صفقة الأسرى عقب مقتل ال
...
-
واشنطن بوست تتساءل: هل كان السنوار فعلا هو العقبة الرئيسة عل
...
-
الأمم المتحدة: 345 ألفا سيواجهون جوعا كارثيا في غزة خلال الش
...
-
الامم المتحدة: 345 الفا سيواجهون جوعا كارثيا هذا الشتاء في ق
...
-
أول تعليق من المحكمة الجنائية الدولية على استشهاد السنوار
-
الأمم المتحدة: 345 ألفا من سكان غزة سيواجهون جوعا كارثيا هذا
...
-
بعثة إيران لدى الأمم المتحدة: مقتل السنوار سيعزز روح المقاوم
...
المزيد.....
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
-
فراعنة فى الدنمارك
/ محيى الدين غريب
المزيد.....
|