|
مستقبل عملية السلام في الشرق الأوسط على ضوء ما يحدث في غزة
احمد محمود القاسم
الحوار المتمدن-العدد: 2524 - 2009 / 1 / 12 - 06:39
المحور:
السياسة والعلاقات الدولية
الوثيقة التي من المقرر أن يقرها وزراء خارجية الدول الأوروبية بالفترة المقبلة بعنوان: «استراتيجية عمل الاتحاد الأوروبي لتحقيق السلام في الشرق الأوسط: الطريق الى الأمام»، هذه الوثيقة، كان من المقرر اعتمادها قبل شن دولة الأحتلال الصهيوني عدوانها الغاشم على غزة. تضمنت الوثيقة، الكثير من القضايا والأمور الحساسة، والتي تصب في طريق تحقيق اقامة الدولة الفلسطينية في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة بعاصمتها القدس الشريف، في حال سارت الأمور وفقا للرؤيا الأورو-امريكية، خاصة بعد حدوث المجزرة الصهيونية في قطاع غزة، ضد ابناء شعبنا الفلسطيني، بحجة القضاء على حركة المقاومة، وبشكل اوضح القضاء على حركة المقاومة الأسلامية (حماس) أو اضعافها على أقل تقدير، والتي يعتبرونها عقبة اساسية، في طريق تحقيق اقامة دولة فلسطينية مستقلة، وتحقيق سلام شامل وعادل في المنطقة. الوثيقة الأوروبية بشكل موجز، فيها الكثير من العناوين الهامة والأمور العملية الداعمة للسلطة الفلسطينية من أجل تحقيق اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة في جناحي الوطن: الضفة الغربية وغزة، ومن اجل تحقيق سلام شامل وعادل ودائم بالمنطقة ايضا، وبالتعاون والتنسيق مع الولايات المتحدة الأمريكية، على مرجعية القرارات الدولية، والتي ينبغي أن تقوم أي تسوية دائمة وعادلة للصراع، على أساس المبادئ التي تم الاتفاق عليها في مدريد، بما في ذلك مبدأ الأرض مقابل السلام، وقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أرقام 242 و338 و1397 و1515، إلى جانب مبادرة السلام العربية، وخطة خارطة الطريق، والاتفاقات السابقة التي تم إبرامها بين الأطراف المعنية، اي السلطة الوطنية الفلسطينية واسرائيل. تقر الوثيقة أيضا، بضرورة الحفاظ على أمن اسرائيل، والذي لن يتحقق الا باقامة دولة فلسطينية مستقلة وقابلة للحياة بجوار دولة اسرائيل، وستعمل الدول الأوروبية على دعم مؤسسات هذه الدولة المستقلة، في كافة المجالات، خاصة فيما يتعلق بالقضايا الصحية والتربية والتعليم واجهزة الأمن الشرطية، وستواصل هذه الدول دعم المفاوضات بين الجانبين، وما يتمخض عنها، دون التدخل من جانبها، بما يتفق عليه الطرفان الفلسطيني والأسرائيلي. المعروف بأن اتحاد الدول الأوروبية يعد واحداً من أكبر الجهات المانحة، وعضو اللجنة الرباعية، وله دور رائد، وقدم إسهاما كبيرا في العديد من المؤتمرات الكبرى التي عقدت سابقا، والتي تم تنظيمها دعماً للعملية السياسية، مثل مؤتمر أنابوليس في (نوفمبر 2007م)، ومؤتمر باريس للجهات المانحة للدولة الفلسطينية في (ديسمبر ـ كانون الأول ـ 2007م)، ومؤتمر بيت لحم، لتعزيز القطاع الخاص في فلسطين (مايو ـ أيار ـ 2008م)، ومؤتمر برلين، لدعم إصلاح القطاع الأمني (يونيو ـ حزيران ـ 2008م)، إضافة إلى اجتماعين على مستوى الوزراء للجنة الارتباط الخاصة في لندن في (مايو 2008م) ونيويورك (سبتمبر ـ أيلول ـ 2008م). ولا شك، أن التطورات الميدانية تلعب دوراً جوهرياً في خلق الإطار المناسب لإجراء مفاوضات ناجحة. تؤكد الوثيقة ايضا، على ضرورة وقف الأستيطان الأسرائيلي بكافة صوره واشكاله، ويشمل وقفه كذلك في مدينة القدس الشرقية، حيث يعتبر الأستيطان، عقبة كبرى أمام بناء دولة فلسطينية قادرة على البقاء، كما أكدت الوثيقة، على اهمية الاستمرار في الالتزام بالهدنة المبرمة في غزة، وعلى أهمية إعادة فتح المعابر بانتظام، لضمان تدفق الواردات الإنسانية والتجارية، الضرورية لضمان استعادة غزة نشاطها الاقتصادي. سيشرع الاتحاد الأوروبي في تحديد الإسهامات التي بمقدوره تقديمها، بما في ذلك ما يتعلق بقضايا الأمن واللاجئين والقدس، واوضحت الوثيقة أهمية قضية اللاجئين وحلها بأسلوب يتميز بالعدالة والإنصاف والواقعية، فإلاتحاد الأوروبي على استعداد، إذا لزم الأمر، المساعدة في خلق و تفعيل آلية دولية لتنفيذ الترتيبات المعنية بجميع الأطراف، بما في ذلك معالجة الأبعاد اللوجستية والمالية للقضية. وفقا لخطة خارطة الطريق، سيعمل الاتحاد الأوروبي بنشاط، على إعادة فتح المؤسسات الفلسطينية، بما فيها بيت الشرق في مدينة القدس الشرقية، والأستمرار في دعم المؤسسات التعليمية والصحية كما فعل في السابق. كما جاء بالوثيقة، فان التسوية الشاملة للصراع العربي-الإسرائيلي تستلزم اتخاذ توجه إقليمي يكمل تسوية الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني. ونحن بحاجة ليس فقط للإبقاء على الزخم الذي تولد عن أنابوليس، وإنما أيضاً للبناء على إنجازات هذا المؤتمر، فيما يتصل بلبنان وسورية، علاوة على ضرورة التشجيع على المحادثات الإسرائيلية-السورية، وأن يصاحبها إسهام قوي من جانب الاتحاد الأوروبي. هذا هو ملخص المخطط والسياسة الأوروبية وأهم بنودها، والذي كان سيعتمده وزراء خارجية دول الأتحاد الأوروبي لأنجازة في منطقة الشرق الأوسط، بين الفلسطينيين والأسرائيليين، وبالتعاون مع الأدارة الأمريكية الجديدة، وكافة الأطراف المعنية في المنطقة في العام الجديد 2009م، آخذين بعين الأعتبار ايجاد تسوية ومصالحة سياسية بين الأطراف الفلسطينية المتنازعة، تكلل بالنجاح، باعادة كافة الأوضاع في غزة الى مسؤوليات السلطة الفلسطينية، الى ان تتم آليات ديموقراطية بين الأطراف الفلسطينية للتفاهم فيما بينها، بعد ان انفضح وفشل مخطط (دايتون) ضد القوى المعارضة لنهج السلطة، والذي كان مزمع تنفيذه في غزة، ضد حركات المقاومة الأسلامية، والذي دفع بحركة المقاومة الأسلامية (حماس) للقيام بانقلابها العسكري، ضد مؤسسات السلطة الشرعية وتتغذى عليها، قبل ان تتعشى السلطة بها على حد زعمهم. ما تقوم به اسرائيل منذ اسبوعين، من مجازر وحشية ودموية اتجاه شعبنا الفلسطيني في غزة، واتجاه حركات المقاومة هناك، كان دورا منوطا أن تقوم به السلطة الفلسطينية ضد القوى الأخرى المعارضة لاتفاقيات السلام، والتي كانت السلطة تدفع دفعا لها وبقوة، من أجل القيام بها من قبل دول اخرى في المنطقة وخارجها، لكن اسرائيل والدول الكبرى الفاعلة في المجتمع الدولي، وعلى رأسهم الويات المتحدة الأمريكية، يظهر انها ارتأت ان السلطة غير قادرة على انجاز مثل هذه المهمة، ولن تقبل كذلك القيام بهذا الدور الحقير، فأوعزت الى اسرائيل للقيام به، حتى تتواصل عملية السلام بطريقها المرسوم لها. الولايات المتحدة واوروبة ومعهم اسرائيل ايضا، يعتبروا حماس ووجودها عقبة امام تنفيذ عملية السلام في المنطقة، خاصة انهم اعتبروها مرتبطة بدولة ايران ووسموها بالأرهابية، فهم يعتقدوا ان ازالتها من الوجود هو الحل، وعلى أقل تقدير اضعاف وجودها وسلطتها، ولكن ما قامت به اسرائيل من مجازر في غزة، يعتبر حاجزا صعبا جدا امام تحقيق السلام مع الكيان الصهيوني المجرم، بعد ما سببه عدوانها من دمار شامل في القطاع، وبعد شلال الدم هذا، ومئات الشهداء وآلاف الجرحى من الفلسطينيين، فلا يمكن للدم الفلسطيني ان يتحول بسهولة الى مياه، وتتم المصالحة بهذا الشكل. هل يقرر الأتحاد الأوروبي ودوله، اعتماد ما اقروه في وثيقتهم واجتماعاتهم السابقة كما نشرت نصا وروحا؟؟؟ أم انهم بانتظار الأجواء التي ستتمخض عنها نتائج العدوان الأسرائيلي على قطاع غزة؟؟؟؟؟ وهل تستطيع اسرائيل ازاحة المقاومة الفلسطينية من أمام الطريق التي تعترض عملية السلام حسب ادعاءاتهم؟؟؟؟ وهل العام الجديد، وفي ظل حكومة الولايات المتحدة الجديدة، وبعد دمار غزة من قبل سلطات الأحتلال الصهيونية، سيشهد تجاوزا للأحداث، والسير بسرعة، على طريق تحقيق الحلم الفلسطيني باقامة دولة مستقلة في الضفة والقطاع الفلسطيني؟؟؟ وماذا لو نجحت حماس، بصد الهجمة الصهيونية ووقف المجازر في غزة وفرض ارادتها، ودفعت باسرائيل الى الأنسحاب منها، دون ان تحقق الأخيرة اهدافها المعلنة وغير المعلنة؟؟؟؟؟ حتى لو لم تنجح حماس، وحققت توازنا مع الأسرائيليين، وليس نصرا عسكريا كما يرجوه الطرفين، هل ستعود غزة الى حضن السلطة الفلسطينية بعد كل هذه الدماء، وعلى اي قاعدة ستتم هذه العودة؟؟؟ هل ستتواصل اسرائيل في عدوانها على الشعب الفلسطيني في غزة؟؟؟ حتى تحقق انتصارا ساحقا على حماس، ووقف قصف الصواريخ على مستوطناتها كما تدعي من اهداف حربها على غزة؟؟؟؟ ما يقوله البعض، وما يدور خلف الكواليس، وما حذر به كل من الأمير الحسن بن طلال، والملك عبد الله الثاني، بان هناك مخططا رهيبا يرسم للمنطقة، ابعد مما يعتقده البعض بتصفية (حماس)، بل المطلوب امريكيا واسرائيليا، هو تصفية القضية الفلسطينية وليس تسويتها، بحيث تبقى يد اسرائيل هي العليا في منطقة الشرق الأوسط، ويتم طرد الفلسطينيين من ديارهم، او الحاقهم في احسن الظروف، بكل من جمهورية مصر و المملكة الأردنية الهاشمية، كما كان عليه الوضع قبل الخامس من يونيو حزيران عام 1967م، وعلى اساس الواقع الحالي، والذي تتمتع به اسرائيل بسيطرة دائمة على مناطق في الضفة الغربية تكون في معظمها خالية او قليلة السكان. اما قضية اللاجئين، فسوف يتم حلها على اساس التعويض، من خلال انشاء صندوق عربي –دولي لتعويض من يقبل من اللاجئين عن ممتلكاتهم واراضيهم، وسيتم ترحيل فليسطينيوا لبنان الى دول اوروبية بعد التفاهم مع هذه الدول وبعد تعويضهم ايضا، سيقى الفلسطينيون في المهاجر كما هم عليه، وستبقى المقدسات الأسلامية في مدينة القدس تحت حماية السلطات الأردنية كما هي عليه الآن، دون اي سيطرة على اي اجزاء منها، وسيقبل بوجود اقليات فلسطينية محيطة بالحرم القدسي الشريف، وعلى ضوء هذا التصور، وما رشح منه في الأعلام يكون قد تم تصفية القضية الفلسطينية وليس حلها، وستنام هذه القضية عشرات اخرى من السنين قبل ان تظهر على السطح مرة اخرى، وهذا ايضا مرتهن بموازين القوى فلسطينيا وعربيا ودوليا، وكما يقول المثل الفلسطيني:( بكرة بذوب الثلج ويبان تحته المرج).
#احمد_محمود_القاسم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
روح الأجرام والعقلية الصهيونية وما يحدث في غزة
-
مولد كاتبة ونجمة سعودية
-
مدينة بيت المقدس عاصمة للثقافة العربية عام 2009م- الرمز والأ
...
-
صور استغلال الرجل للمرأة في الزواج
-
الفساد في جامعاتنا العربية ينذر بالخطر
-
هجرة الأدمغة الفلسطينية-الأسباب والحلول
-
المطلقات بين سندان الزوج والأهل ومطرقة المجتمع
-
دراسة بعنوان: المرأة السعودية تواجه القمع والارهاب وحيدة في
...
-
الأديبة صابرين الصباغ والقدرة على تقمص الشخصيات
-
كنت في بيت لحم
-
الوجه الآخر للكاتبة والصحفية والاعلامية اللامعة سلام الحاج
-
تصريحات اولمرت/رئيس وزراء العدو الصهيوني ذات دلالات واضحة
-
موازين القوى الفلسطينية –ا لإسرائيلية مختلة والوضع الفلسطيني
...
-
الجرأة والصراحة في كتابات وأسلوب زينب حفني
-
قراءة في رواية -موسم الهجرة إلى الشمال -للكاتب السوداني الطي
...
-
قراءة بين السطور: لرواية (أحلام النساء الحريم) للكاتبة والأد
...
-
قراءة في رواية (أنثى العنكبوت)
-
لماذا رفض الفلسطينيون قرار التقسيم في العام 1948م
-
وجهات إسرائيل الاستراتيجية بعد 60 عامًا على إقامتها -وثيقة م
...
-
قراءة بين السطور في رواية زينب حفني (ملامح)
المزيد.....
-
فوضى في كوريا الجنوبية بعد فرض الأحكام العرفية.. ومراسل CNN
...
-
فرض الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية.. من هو يون سوك يول صا
...
-
لقطات مثيرة لاطلاق صاروخ -أونيكس- من ساحل البحر الأبيض المتو
...
-
المينا الهندي: الطائر الرومنسي الشرير، يهدد الجزائر ولبنان و
...
-
الشرطة تشتبك مع المحتجين عقب الإعلان عن فرض الأحكام العرفية
...
-
أمريكا تدعم بحثا يكشف عن ترحيل روسيا للأطفال الأوكرانيين قسر
...
-
-هي الدنيا سايبة-؟.. مسلسل تلفزيوني يتناول قصة نيرة أشرف الت
...
-
رئيس كوريا الجنوبية يفرض الأحكام العرفية: -سأقضي على القوى ا
...
-
يوتيوبر عربي ينهي حياته -شنقا- في الأردن
-
نائب أمين عام الجامعة العربية يلتقي بمسؤولين رفيعي المستوى ف
...
المزيد.....
-
افتتاحية مؤتمر المشترك الثقافي بين مصر والعراق: الذات الحضار
...
/ حاتم الجوهرى
-
الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن
/ مرزوق الحلالي
-
أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال
...
/ ياسر سعد السلوم
-
التّعاون وضبط النفس من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة
...
/ حامد فضل الله
-
إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية
/ حامد فضل الله
-
دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل
...
/ بشار سلوت
-
أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث
/ الاء ناصر باكير
-
اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم
/ علاء هادي الحطاب
-
اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد
...
/ علاء هادي الحطاب
المزيد.....
|