|
أمراء الظلام يسخرون الاعلام لخدمة حماس
صموئيل تاوضروس
الحوار المتمدن-العدد: 2523 - 2009 / 1 / 11 - 09:45
المحور:
حقوق الانسان
أصبحنا الآن عندما نفتح الراديو أو نشاهد التليفزيون "على اي محطة بأي لغة" أو عندما نقرأ أي جريدة أو نبحث في الانترنت نجد أن الخبر الرئيسي والأخبار الثانوية والفرعية كلها عن "العدوان الاسرائيلي على غزة" و "ردود أفعال" لهذا العدوان و"تصريحات الادانة والتنديد والشجب".. و"القرارات" و "المظاهرات" وأصبح بين كل خبر عن "العدوان" وخبر آخر عن نفس "العدوان" يوجد خبران أو أكثر ايضاً عن نفس "العدوان" وذلك في عملية إعلامية واضح أن الغرض منها هو خلق رأي عام عالمي للضغط على السياسيين لاتخاذ قرارات لمصلحة جهة ضد جهة أخرى.
ويشترك في هذه العملية الاعلامية، تقريباً، جميع أجهزة الاعلام حتى أجهزة الاعلام العالمية ويشمل ذلك القنوات التليفزيونية والاذاعية والصحف والمجلات ومواقع الانترنت على إختلاف لغاتها وتوجهاتها فمنها ما هو عربي أو حتى "إخواني" التوجه ومنها ما هو من المفترض أن يكون غربي التوجه ومنها ما هو يساري ويميني، ديمقراطي وجمهوري، ليبرالي ومحافظين، جميعهم يرددون نفس النغمة. فيبدو أن الأموال العربية والاسلامية عرفت طريقها للاستثمار في مجال الاعلام فإشترت بعض الأجهزة الاعلامية لتكون أبواق لها ويبدو أن حتى الأجهزة الاعلامية التي لم يتم شراءها "بعد" وجدت أنها يجب أن تعزف على نفس الأوتار حيث يوجد "زبائن" مهتمين بالقضية.
وحتى لا يتهمنا أحد بأننا نشجع العدوان فإننا نقول أننا ندين كل أنواع العدوان ولا يمكن لمن يمتلئ قلبه بمحبة المسيح أن يعرف الكراهية ولا يمكن لمن عانى من الظلم أن يشجع عليه. نحن ندين الكراهية وندين الظلم ونحاربه بكل ما نستطيع عمله. ونحن أيضا من الشجاعة أننا ندين كل من يقتل الأبرياء عمداً أو بغير عمد يستوي في ذلك بالنسبة لنا إسرائيل أو الارهابيين أو حتى الادارات الأمريكية المتعاقبة التي تحالفت مع كل القوى الراديكالية المجرمة. وندين الحرب "الغبية" في العراق التي أطاحت بديكتاتور لتأتي بعشرات الالاف من المجرمين لكي يقوموا بقتل وتهجير مسيحي العراق ونجد أن لا بوش ولا الادارة الأمريكية ولا منظمة العفو الدولية ولا الأمم المتحدة يذرفون الدموع على مسيحي العراق وفي نفس الوقت تفيض دموعهم أنهاراً على غزة.
وهنا ولأننا ضد "كل الظلم" وليس ضد "بعض الظلم" ولأننا ضد "كل الاجرام" وليس ضد بعضه فقط فيحق لنا المقارنة بين حال المسيحيين في العراق وحال الفلسطينيون في غزة وفي كيفية تعامل الاعلام العالمي مع كلتا الحالتين؟
في العراق لا توجد إحصائيات دقيقة لعدد القتلى من كل العراقيين فبينما يقدره البنتاجون بحوالي 30 ألف قتيل فإن مصادر أخرى تقول أن عدد القتلى منذ عام 2003 وحتى عام 2008 وصل إلى حوالي 100 ألف قتيل ورغم أن أغلب هؤلاء القتلى مسلمون لكن لا يمكن إنكار أن هناك عمليات قتل متبادلة بين السنة والشيعة بالعراق تسببت في قتل الكثيرين منهم، بينما المسيحيون هم ضحايا على الدوام فلم ولن يحاول مسيحيو العراق قتل أحد وليس لهم ميليشيات بل هم عرضة للقتل والخطف والنهب وكل عمليات الارهاب. أما في غزة فقد وصل عدد القتلى حاليا إلى ما يقرب من 800 قتيل حسب ما يدعي الاعلام العربي "المشكوك في مصداقيته".
في العراق تؤكد الاحصائيات أن عدد المسيحيين في عام 2005 كان أكثر من 800 ألف شخص وقد أنخفض إلى النصف تقريبا مع بداية العام 2008 أي تم تهجير حوالي نصف مسيحيو العراق أي حوالي 400 ألف مسيحي في خلال 3 أعوام. أما في غزة فرغم "العدوان" ولكن لا توجد عملية تهجير مماثلة فيبلغ عدد سكان قطاع غزة نحو 1.5 مليون نسمة مكدسون في مساحة لا تتجاوز 365 كم2 حيث تصل الكثافة السكانية إلى أكثر من 4100 شخص لكل كم2 وهي 8 أضعاف الكثافة السكانية في الضفة الغربية ونحو 13 ضعف الكثافة السكانية في إسرائيل وفيما يعتبر حرب ديموجرافية بين الاسرائيليين، الذين يعتمدون بالأكثر على الهجرة، وبين الفلسطينيين فإن معدل المواليد للفلسطينيين في غزة يصل إلى 42 في الألف، وهو أعلى معدل مواليد في الدول العربية ويكاد لا ينافس قطاع غزة في هذا المعدل المرتفع سوى عدد من الدول الافريقية.
في العراق لم يحاول المسيحيون فرض أي قوانين خاصة بهم على أي شخص بل كل ما كانوا يطمحون اليه هو العيش المشترك في سلام مع شركائهم في الوطن. أما في غزة فان "حماس" وهو الاسم المختصر لـ "حركة المقاومة الاسلامية" والتي يتكون شعارها من صورة لمسجد قبة الصخرة تعلوها خارطة فلسطين ويحيط بصورة القبة علمان لفلسطين مكتوب عليهما الشهادتين الاسلاميتين فان حركة حماس تسعى لتطبيق الشريعة الاسلامية على كل المواطنين ولكن الرأي الغالب لديهم أن هذا "أي تطبيق الشريعة الاسلامية" سيتم في مرحلة لاحقة لأنهم الآن في مرحلة "التحرر الوطني" اي بعد أن يتخلصوا من اليهود سوف يقومون بفرض الشريعة الاسلامية في كل "فلسطين" وهذا على حسب مصادرهم أي أنهم يسعون لتطبيق الشريعة الاسلامية في الأراضي المقدسة.
في العراق لا يمتلك المسيحيون أي صواريخ يطلقونها على أحد بل يمتلكون كل محبة لاخوانهم في الوطن وكل محبة للعالم كله. أما في غزة فإن حماس تمتلك صواريخ رغم أنها بدائية إلا أنها قادرة على بث الذعر وإحداث إصابات على أهداف مدنية مثل المدن وهذه حقيقة لا يستطيع أحد تجاهلها وكل هدف إسرائيل "المعلن على الأقل" هو وقف هذا التهديد فبالتأكيد هناك مدنيون إسرائيليون يريدون العيش في سلام كما أن هناك مدنيون فلسطينيون يريدون ويستحقون نفس الشئ.
في العراق يحترم المسيحيون قوانين البلاد مثل كل الأقليات. أما في غزة فيقال أن هناك أكثر من 1000 نفق تربطها بمصر حيث يقوم البعض "بأستثمار" أموالهم في "مشاريع" حفر الأنفاق التي تدر عائد مالي كبير جداً ينتج عن الاتجار في المخدرات والسلاح وغيره وذلك بعد الاتفاق مع عناصر من "حماس" لتأمين عمليات التهريب.
في العراق فان المسيحيين ليس لهم أي دخل بالحرب الدائرة فهم ليسوا طرفا فيها. أما في غزة فان الغزاويون هم الذي اختاروا حماس التي تم تحذيرها مراراً من مغبة إطلاق صورايخها وقد حاولت بعض البلدان التدخل لتغليب خيار العقل ولكن حماس إختارت خيار الارهاب.
بصراحة الفارق كبير جداً بين قضية المسيحيين في العراق وقضية الفلسطينيين في غزة. ورغم هذا الفارق الكبير جداً لكن نجد أن الاعلام يكاد يكون قد أهمل جداً قضية المسيحيين في العراق والمسيحيين في باكستان وشمال ووسط نيجيريا وغيرها. وعليه فالسؤال الذي يطرح نفسه هو، إن كان يجب إدانة الاعتداء والظلم أفليس من الواجب إدانة كل الظلم وكل الاعتداء؟ سواء كان الاعتداء يقع على مسيحيين أو مسلمين؟ سواء قام به يهود أو مسلمين أو هندوس؟ هل يتم التعامل مع كل القضايا بنفس المقاييس وبنفس الحياد؟
المسألة لا تحتاج لذكاء شديد بل "من ثمارهم تعرفونهم" فالاعلام العربي والعالمي قد التزم الصمت أو على الأقل لم يعطي موضوع إضطهاد المسيحيين حقه وهو من أنبل القضايا وأشرفها، وعليه فمن يصدق أجهزة الاعلام العربي والعالمي في أي شئ الان، يجب ألا يلوم إلا نفسه بعد ذلك عندما يكتشف أن من قاموا بشراء هذا الاعلام ويقومون بتوجيهه هم أنفسهم أمراء الظلام الذين قاموا بتوجيه المختبئون في أنفاق "تورا بورا" للقيام بأحداث 11 سبتمبر وكل الأعمال الارهابية.
نتمنى أن نسمع على الأقل من الجهات الاعلامية العالمية مثل الـ "بي بي سي" والـ "سي ان ان" أجهزة الاعلام في "العالم الحر" ما يناقض روايتنا وأيضا الدعوة موجههة لمنظمة العفو الدولية ومجلس حقوق الانسان، فهم مدعوون
- إما لتبني كل القضايا الانسانية بنفس الحيادية والمهنية والنشر عن كل القضايا سواء كان الضحايا مسسلمين أو مسيحيين أو من أي دين أو بلا دين.
- وإما بإثبات خطأ كلامنا إن إستطاعوا إثبات أنه لا يوجد إضطهاد للمسيحيين في العراق و باكستان أو السودان أو شمال ووسط نيجيريا أو الصين أو مصر مثلا.
- وإما بإثبات أنهم قاموا بالنشر بطريقة مناسبة تتفق وحجم الجرائم المرتكبة في كل حالة.
وحتى تقوم هذه الجهات بنشر الحقائق كلها بنفس الحياد والعدالة سوف نواصل إتهامنا لهم الصريح بإزدواجية المعايير وعدم العدالة.
الرب يعطينا جميعاً البصيرة لنعرف الحق ونثبت فيه.
#صموئيل_تاوضروس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
القضية القبطية قضية إنسانية كريمة وليست قضية سياسية كريهة
-
وعود تتحطم فوق هضبة المقطم
-
حقائق غائبة
المزيد.....
-
-وقف الاعتقال الإداري ضد المستوطنين: فصل عنصري رسمي- - هآرتس
...
-
الأردن.. مقتل شخص واعتقال 6 في إحباط محاولتي تسلل
-
بورل: أندد بالقرار الذي اعتمده الكنيست الاسرائيلي حول وكالة
...
-
بوريل: اعتقال نتنياهو وغالانت ليس اختياريا
-
قصف الاحتلال يقتل 4 آلاف جنين وألف عينة إخصاب
-
المجلس النرويجي للاجئين يحذر أوروبا من تجاهل الوضع في السودا
...
-
المجلس النرويجي للاجئين يحذر أوروبا من تجاهل الوضع في السودا
...
-
إعلام إسرائيلي: مخاوف من أوامر اعتقال أخرى بعد نتنياهو وغالا
...
-
إمكانية اعتقال نتنياهو.. خبير شؤون جرائم حرب لـCNN: أتصور حد
...
-
مخاوف للكيان المحتل من أوامر اعتقال سرية دولية ضد قادته
المزيد.....
-
مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي
/ عبد الحسين شعبان
-
حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة
/ زهير الخويلدي
-
المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا
...
/ يسار محمد سلمان حسن
-
الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نطاق الشامل لحقوق الانسان
/ أشرف المجدول
-
تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية
/ نزيهة التركى
-
الكمائن الرمادية
/ مركز اريج لحقوق الانسان
-
على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
المزيد.....
|