أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - إدريس جنداري - إيديولوجيا الإعجاز العلمي في القرآن و السنة : نشر الخرافات لقتل الروح العلمية في الفكر العربي















المزيد.....


إيديولوجيا الإعجاز العلمي في القرآن و السنة : نشر الخرافات لقتل الروح العلمية في الفكر العربي


إدريس جنداري
كاتب و باحث أكاديمي

(Driss Jandari)


الحوار المتمدن-العدد: 2522 - 2009 / 1 / 10 - 09:54
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


أصبح من بين الأمور البديهية خلال السنوات الأخيرة في الفكر العربي ؛ الحديث في موضوع يسمى (الإعجاز العلمي في القرآن و السنة ) ؛ بل و قد ظهر متخصصون في هذا المجال ؛ ينشرون مؤلفاتهم؛ و يقيمون محاضرات و ندوات ؛ تنشر أعمالها مجلات و صحف و قنوات تلفزيونية ؛ و الويل كل الويل لمن انتقد هؤلاء (العلماء )؛ أو شكك في ما ينشرون ؛ فهو كافر؛ زنديق ؛ مباح دمه ... إلى غير ذلك من الترهات التي لا تليق بإنسان متحضر بله العالم المنظر .
لكن دعنا نعرض لهذا المفهوم من منظور منهجي ؛ لا يتحامل و لا يحابي ؛ بل يحلل الظاهرة عبر تناول مكوناتها ؛ و كذلكك تكونها ضمن مجال فكري ؛ اجتماعي ؛ سياسي ... عام .
إنه من بين الأمور المعروفة في مجال البحث العلمي ؛ هو أنه يقوم على أسس و مقومات واضحة ؛ لا يمكن للباحث دون اعتمادها أن يخلص إلى نتائج علمية ؛ و لعل أبرزها ما يسمى بخطوات المنهج العلمي ؛ التي تشتمل : الملاحظة ؛ الفرضية ؛ التجربة ؛ الاستنتاج .
أي إن الباحث العلمي ؛ يلاحظ ظاهرة ما (ترتبط بمجال الفيزياء أو البيولوجيا أو الطب ...) و يفترض مجموعة من الفرضيات اعتمادا على تخصصه العلمي ؛ لكن هذه الفرضيات لا ترقى إلى مجال النظرية العلمية ؛ إلا بعد اختبارها ؛ و الاختبار هنا يتخذ طبيعة مختبرية ؛ تقوم على الأسس العلمية التي ينتمي إليها الموضوع المبحوث فيه ؛ و بعد الاختبار يستخلص الباحث العلمي النتائج (الاستنتاج) ؛ التي تصبح ملكا مشاعا ؛ تستفيد منه البشرية في الأخير.
و كما نلاحظ فالممارسة العلمية ؛ هي ممارسة تجريبية تقوم على المنهج العلمي ؛ و النتائج التي تخلص إليها في أي مجال معرفي ؛ تخضع لخطوات منهجية واضحة ؛ ترتبط بالبحث المختبري .
لكن دعنا ننتقل إلى موضوع الدين ؛ الذي يرتبط بالإيمان في مقابل التجريب الخاضع للأسس العلمية ؛ ففي مجال الدين نجد رجل الدين ( الفقيه ؛ المفسر ؛ المحدث...) ؛ و كل هؤلاء ينطلقون من نصوص واضحة سواء في مجال العقيدة أو في مجال الشريعة ؛ أما في مجال البحث العلمي ؛ فإننا نجد الباحث العلمي ؛ الذي لا يمتلك نصوصا و لا قضايا يجزم بأنها صحيحة ؛ بقدر ما يمتلك أدوات منهجية ؛ يخضع من خلالها مجموعة من الظواهر الطبيعية للافتراض و التجريب ؛ و هو لا يمتلك حقائق مسبقة بقدر ما أنه يبني هذه الحقائق بناء علميا.
اعتمادا على هذه المقدمات المنطقية الواضحة ؛ يمكن أن نتساءل مع قرائنا الكرام : هل يمكن للدين الذي ينبني على الإيمان والحقائق المطلقة ؛ أن يندمج مع العلم ؛ الذي يخضع للمنهج العلمي ؛ و يتميز بالنسبية ؛ أي بالتطور؛ اعتمادا على مجموعة من القطائع الابستمولوجية – بتعبير كاستون باشلار- ؟
هل يمكن أن نعرض مجموعة من القضايا الدينية – و العقدية خصوصا- للمنهج العلمي ؛ من قبيل وجود الله و الملائكة و الجن ؟ و في نفس الآن هل يمكن أن نبني نظريات علمية اعتمادا على الإيمان في غياب البحث المختبري ؟
هل يقبل المسلمون ربط مجموعة من القضايا الدينية ؛ بنظريات علمية تخضع للسيرورة و التطور ؟
كلها أسئلة ؛ و غيرها كثير ؛ لا نتوخى من طرحها إلا عرض هذه القضية التي أصبحت من المسلمات على طاولة النقاش ؛ من دون إصدار أحكام قيمة ؛ سواء لـتاييدها أو لدحضها ؛ لأن ثقتنا كبيرة في المتلقي على الوصول إلى الحكم المناسب .
و في هذا الإطار لا بأس أن ننتقل بقارئنا الكريم إلى مجال أوسع ؛ حتى نتمكن من بناء خلاصاتنا ؛ و هو مجال خصب ؛ يرتبط بالفكر العربي الإسلامي في عهود ازدهاره ؛ على مستوى العلوم الطبيعية ؛ و كذلك على مستوى العلوم الدينية . بحيث لا يمكننا أن نعثر على أي ربط بين العلم و الدين ؛ من منطلق الآية ( و ما فرطنا في الكتاب من شيء) ؛ لأن علماءنا الأجلاء كانوا على معرفة تامة بأن القرآن كتاب دين و ليس كتاب علم ؛ و أن الله لم يفرط في الكتاب من شيء مرتبط بمجال االدين ؛ و ليس بمجال العلم أو السياسة.
و لعل المطلع على كتابات ابن رشد و ابن سينا و ابن زهر في الطب ؛ و الخوارزمي في الرياضيات ؛ و غير هؤلاء في ميادين علمية أخرى ؛ لا يقف على مفهوم الإعجاز العلمي في القرآن و السنة ؛ بل يقف على منهج علمي ؛ و على مصطلحات علمية ؛ ترتبط بمجال الطب أو الرياضيات ... و هذا لا يعني أن هؤلاء لم يكونوا على معرفة بالدين ؛ بل كانوا علماء دين كبار ؛ تركوا لنا كتب رائدة في هذا المجال ؛ و نمثل بابن رشد ؛ الذي كان – بالإضافة إلى كونه طبيب- فقيها و قاضيا و فيلسوفا .
لكن تفسير ذلك ؛ هو أن هؤلاء كانوا ينتمون إلى مرحلة ؛ عرف خلالها الفكر العربي ازدهارا على جميع المستويات ؛ بحيث كانت اللغة العربية هي لغة العلم ؛ في كل جامعات العالم ؛ و بالتالي كان لهؤلاء العلماء القدرة المعرفية و المنهجية ؛ كي يبحثوا في مواضيع كثيرة ؛ من دون الوقوع في الخلط ؛ بالإضافة إلى أنهم كانوا قبلة العالم على المستوى العلمي ؛ و لذلك فإنهم لم يسعوا إلى تغطية ضعفهم في هذا المجال .
و خلاف ذلك تماما ؛ نجد العرب المسلمين اليوم يعيشون أسوا مراحلهم التاريخية ؛ فجميع التقارير الدولية تصنفهم في المراتب الأخيرة ؛ و خصوصا على مستوى البحث العلمي ؛ الذي لا يأخذ من ميزانيات الدول العربية مجتمعة ؛ ما يأخذه من ميزانية دولة صغيرة ؛ و حديثة التأسيس مثل إسرائيل .
لكن هل يمكن أن نغطي هذا الضعف بالعودة إلى الكتاب و السنة ؛ لاستخراج النظريات العلمية ؛ و تأسيس أكاديميات كبيرة ؛ كي نثبت أن النظريات التي يستخلصها الغرب في مختبراته موجودة في القرآن و السنة ؟
و ما هي المنفعة التي يجنيها المواطن العربي ؛ من هذه المجهودات المبذولة ؛ و هو يستورد كل المنتجات من الغرب ؛ و يدرس نظريات الغرب العلمية ؟
و هل يمكن المساهمة في بناء الصرح العلمي الحديث عبر تأصيل نظريات الغرب ؛ من خلال ربطها بآيات قرآنية و أحاديث نبوية ؛ في العقيدة أو التشريع ؟
إن حاجة المواطن العربي اليوم ماسة إلى جامعات و معاهد علمية ؛ تساهم في البحث العلمي من منظور المنهج العلمي ؛ للمساهمة في تنمية مجتمعاتنا من جهة ؛ و تكريس دور العرب في العالم ؛ كأصحاب نظريات علمية ؛ تنتجها معاهد و جامعات معترف بها. أما أن نستغل أموال البترول في تكريس الجهل السائد بالعلم و الدين على السواء؛ و ممارسة التجهيل الممنهج على المواطن العربي ؛ و قتل طاقاته في الإبداع العلمي ؛ و الاجتهاد الديني ؛ فهذا ما لن تغفره لنا الأجيال القادمة .










#إدريس_جنداري (هاشتاغ)       Driss_Jandari#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من دروس أحداث غزة : العلاقات الدولية تقوم على المصالح لا على ...
- أحداث غزة : صراع الأصوليات الدينية لنشر الدمار و الموت .
- في حاجة النشر الإلكتروني إلى الأقلام العربية المتنورة
- نموذج التدين المغربي سلاح لمواجهة التطرف الديني الوهابي
- أحداث غزة و فشل استراتيجية الإعجاز و الجهاد المقدس
- في مساءلة التراجع الحضاري للأمتنا العربية : هل سببه تخليها ع ...
- في حاجة الفكر العربي المعاصر إلى استلهام روح التنوير النهضوي ...
- من الشورى إلى المستبد العادل : الفكر الديني و تكريس دولة الا ...
- الحلاج .. في صلبه المباغت
- الديمقراطية بناء ثقافي و ليست فقط صناديق اقتراع .
- العلمانية و الدولة المدنية في الثقافة العربية : المشروعية ال ...
- تأويل النص الديني و تكريس الرجعية في الثقافة العربية


المزيد.....




- سعادة ومرح لاطفالك طول اليوم .. خطوات تثبيت تردد قناه طيور ا ...
- الرئيس الإيراني يريد الحوار مع ترامب لكنه ملتزم برفض المرشد ...
- يهود متشددون يغلقون طريقا سريعا وسط إسرائيل احتجاجا على التج ...
- -نحتاج إلى الوحدة-.. شيخ الأزهر يتحدث عن الخلاف بين السنة وا ...
- الفاتيكان يكشف حالة البابا فرنسيس الصحية
- ثاني أيام رمضان.. المسجد الأقصى يستقبل 75 ألفا لتأدية صلاتي ...
- 75 ألفا يؤدون صلاتي العشاء والتراويح في المسجد الأقصى المبار ...
- الفاتيكان: البابا بدون تنفس صناعي ويبعث برسالة شكر للمؤمنين ...
- السعودية.. إطلاق خدمة هي الأولى من نوعها داخل المسجد الحرام ...
- كلمة قائد الثورة الاسلامية آية الله السيد علي خامنئي في المح ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - إدريس جنداري - إيديولوجيا الإعجاز العلمي في القرآن و السنة : نشر الخرافات لقتل الروح العلمية في الفكر العربي