|
أفكار لأزمنة الجنون الإنساني
خالص جلبي
الحوار المتمدن-العدد: 2519 - 2009 / 1 / 7 - 07:33
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
عرفت شابا تأثر بأفكار اللاعنف، وحضر رسالة الدكتوراة لذلك، وقرأ مائة كتاب ويزيد، وألف بحث ونيف، ثم سمع بخرطشة السلاح في لبنان مع زعقات حزب الله، فاضطرب وانسحب درجة وانقلب من اللاعنف إلى صديق اللاعنفيين، وهو يتلمظ أن يلتحق بآيات الله للقتال. ثم جاء الزلزال الثاني في أحداث غزة، فنكس على رأسه وتبدل اسمه مرة أخرى من لقب صديق اللاعنفيين إلى صديق المقاومة. وسوف يتبدل إلى المقاوم العنفي ثم إلى العنفي المناضل ولكن ما يمنعه وأمثاله هي عيون المخابرات العالمية واعتباره إرعابيا إرهابيا؟! يوضع اسمه في المطارات ؟؟ وأذكر يوما في منتدى فكري في عمان كيف قام أحد الحضور وقال إن جلبي يدعو إلى حقن الدماء وإن فلانا يدعو إلى سفك الدماء؟ فهب أحد قيادي الأخوان المسلمين فقال: يجب أن أدافع عنه قبل أن يصبح اسمه مطلوبا في المطارات من المخابرات ومن أعجب ماقرأت لنفس العنفي الفلسطيني كتاباته في اللاعنف، فقلت والله يهدي إلى الحق وطريق مستقيم.. وإن كانت قناعتي أن فيروسات العنف معندة على اللقاح والعلاج مثل فيروسات الايدز اللعينة القاتلة.. وصديقنا (اللاعنفي ـ صديق اللاعنفيين ـ صديق المقاومةـ العنفي المقاوم) سيمشي على نفس الدرب فمن سار على الدرب وصل.. وما يمنعهم من الإعلان عن أنفسهم أنهم يؤمنون بالقتل وسيلة لحل المشاكل خوفا من تهمة الإرهاب وعواقبها.. وأنا أقول ما أقوله لكم في الآذان نادوا به من على السطوح، وما نقوله ينفع الجميع ولا يتضرر به عصفور وأرنب.... والمشكلة رصيدها نفسي، فما لم نتحرر من جرثومة العنف فلسوف نكون أسرى هذا المرض الوبائي الطاغي. وحاليا حماس وفتح تقاتلتا بكل حماس... وحاليا تتقاتل إسرائيل مع حماس، كما تقاتلت من قبل مع حزب الله، حتى أيقن الطرفان أن الدم والقتل ليس وسيلة لحل المشاكل، وأن الحوار سيد الحلول. وأن الزمن كفيل بندب الجراح، وأنه ليس كل المشكلات قابلة للحل في وقت واحد وفورا بل الزمن سيد الجراحين والأطباء.. وقد تكون حرب غزة أخر حرب بين الفلسطينيين والإسرائيليين بعد أن وضعت أوزارها بين الحكومات العربية وحكومة إسرائيل.. بفعل تطور التكنولوجيا الداعية إلى فناء كل الأطراف فكانت أعقل من الجميع.. لأن البشر فيهم عرق من الجنون؟! وحاليا كل من إسرائيل وحماس والعرب في ورطة كونية عرفها من عرفها وجهلها من جهلها وشاء حزب الله وشاءت حماس وشاءت إسرائيل أن ترتقي المرتقى الوعر الصخري الدامي لحل المشاكل، حتى يعرفوا أن العنف أبو المصائب وأم الدواهي والسواهي. والخلاصة فالعنف جنون والعنف ومعه القتل جريمة والعنف والدم إفلاس أخلاقي مهما كان ومن أي مصدر جاء.. فوجب التخلص منه.. ولقد جرب البشر والأوربيون بشكل خاص كل أنواع الحروب فخاضوها بكل ضراوة، فسالت بحار من الدماء في النزاعات الدينية في حرب الثلاثين سنة بين عامي 1618 و1648 م، وفيها قتل ملك السويد جوستاف وبعدها لم تدخل السويد حربا، بل أصبحت هي وسويسرا ـ أم الجنود حملة الرمح والبلطةـ بلادا لا تدخل الحرب والضرب قط. ثم خاضوا الحروب القومية من مثل حرب 1870 م، وفيها قتل 170 ألف جندي من أجل شوارب بسمارك البروسي. ثم خاضوا الحروب الأهلية فقتل في أمريكا 600 ألف وأسبانيا مليونين، في حفلة دم عارمة شربت من دماء كل الغيورين على الشيوعية والفاشية؟ ثم خاضوا الحروب العالمية التي أبحرت بأرواح 70 مليونا من الأنام إلى عالم أنوبيس السفلي في زورق شارون الكئيب. وأنا شخصيا وقفت صامتا حزينا في المقبرة الكندية والمغربية على الحدود الفرنسية البلجيكية، حيث قبور شباب بعمر الورد الكبير فيهم بلغ العشرين، فما عرفوا الحياة سوى من بوابة الموت، التي أشار لها لوح المغاربة المعلق بكلمات (بدون شفقة ورحمة؟!!) وأعنف حروب المنطقة لم تكن بين العرب وإسرائيل بل بين العرب والعرب والعرب والفرس.. وفي حرب إيران والعراق التي دامت أكثر من الحرب العالمية الثانية في ثمان سنين عجاف، وموت مليون شاب، وإهدار تريليون دولار، واستخدام كل أنواع الأسلحة، تمدها ثلاثون دولة، أدرك الخميني وصدام في النهاية، أن الحرب بدايتها بأيدهم، ولكن نهايتها ليست بأيديهم ولا لصالحهم. وإسرائيل لو تجازف بقتل أولادها، لحرقت حزب الله وحزب الشيطان، والجن الأزرق والملائكة البيض، ولكنها لا تفعل لحرصها على مواطنيها، وعدم حرص حكومات العرب على مواطنيهم (عفوا من التعبير)... وهي مسألة ثقافية أكثر منها سياسية.. وفي مقابلة صدام مع وفد أجنبي في حربه الأخيرة، كان يقول: إنه مستعد للتضحية بستة ملايين إنسان عراقي؟ وهنية صرح باستعداده لموت أهل غزة أجمعين؟؟ ولنعتبرها حماقة وهفوة ولكن اللاوعي يبقى شاهدا مثل إفراز العرق من مسامات الجلد.. فلما جد الجد مع صدام المصدوم خذله أقرب الناس إليه، فصدموه وباعوه بثمن بخس دراهم معدودة وكانوا فيه من الزاهدين. وكسر الجيوش سهل، وقهر الشعوب مستحيل، فيجب المراهنة على الشعوب.. وخدعة السلاح كبيرة، والحرب تكنولوجيا، يغلب فيها التفوق التقني. والمقاومة السلمية حركة أعظم من كل سلاح وجربه غاندي وغيره ففازوا الفوز العظيم. ولو اعتمدت حماس هذا التكتيك لفازت أعظم وخسرت أقل وولد إنسان المستقبل الجديد الواعد. والمقاومة السلمية تعتمد تحرير الإنسان من القوة، وهي أذان بولادة الإنسان الجديد العالمي، على دين إبراهيم محررا من علاقات القوة. على شرعته لا تقدم القرابين البشرية على أية صورة من الصور.. ولو اعتمدت حماس وفتح على المقاومة السلمية لولد من رحم الصراع إنسان جديد، بمن فيهم أناس جدد من الإسرائيليين يرون حل المسألة بنور جديد، ولكن حيل بينهم وبين ما يشتهون كما فعل بأشياعهم من قبل إنهم كانوا في شك مريب.. وهذه الأيام يشرب القوم جرعة من عرق الجنون، ويعربد عزرائيل بمنجله فرحا، ويسكر دراكولا بخمر المقتولين .. إنها أيام جنون وأفكار بئيسة لأيام الحروب والنكس الإنساني والتردي الحضاري.. والعودة إلى ما قبل البربرية فالمكان الوحيد الذي يقتل فيه الإنسان الإنسان بدون محاكمة بل تشجيعا وبالمكافأة، مكانها الحرب، حيث تتعطل كل الشرائع، وتقف كل القوانين عن العمل، إلا غرائز الوحش من أيام إنسان نياندرتال.. قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء؟؟؟ قال إني اعلم مالا تعلمون..
#خالص_جلبي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أفكار لأزمنة الحروب
-
زيارة بوش الأخيرة للعراق
-
حينما يكون لون جواز السفر زفتيا ؟!
-
يوم المحزنة 8 آذار المشئوم
-
أسطورة الذكر
-
عندما يقدس الأشخاص؟
-
لكونها أنثى
-
قيامة الحزب
-
البنية الموضوعية للقرآن
-
مفاتيح السعادة الثلاث
-
هل النظام السوري متورط في مصرع الحريري؟
-
مسألة الديموقراطية
-
المثقف وعلاقات القوة؟
-
علاقات القوة والجنس
-
لماذا قتل ابن المقفع؟
-
أي مستقبل ينتظر العرب؟
-
كيف تحولت المباراة الرياضية إلى مجزرة؟ فلسفة التظاهر والمظاه
...
-
المجزرة الرياضية في القامشلي؟ ؟
-
متى نفهم إسرائيل ؟
-
السلفية بين الفكر الإصلاحي والفكر التقليدي
المزيد.....
-
وفاة الملحن المصري محمد رحيم عن عمر يناهز 45 عامًا
-
مراسلتنا في الأردن: تواجد أمني كثيف في محيط السفارة الإسرائي
...
-
ماذا وراء الغارات الإسرائيلية العنيفة بالضاحية الجنوبية؟
-
-تدمير دبابات واشتباكات وإيقاع قتلى وجرحى-.. حزب الله ينفذ 3
...
-
ميركل: سيتعين على أوكرانيا والغرب التحاور مع روسيا
-
السودان.. الجهود الدولية متعثرة ولا أفق لوقف الحرب
-
واشنطن -تشعر بقلق عميق- من تشغيل إيران أجهزة طرد مركزي
-
انهيار أرضي يودي بحياة 9 أشخاص في الكونغو بينهم 7 أطفال
-
العاصفة -بيرت- تتسبب في انقطاع الكهرباء وتعطل السفر في الممل
...
-
300 مليار دولار سنويًا: هل تُنقذ خطة كوب29 العالم من أزمة ال
...
المزيد.....
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
-
سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري -
/ الحسن علاج
المزيد.....
|