أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - باروخ كيمرلنغ - حرب ثقافات














المزيد.....

حرب ثقافات


باروخ كيمرلنغ

الحوار المتمدن-العدد: 151 - 2002 / 6 / 5 - 21:39
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


"النهار"

الاربعاء 5 حزيران 2002

 

 

 ثمة من يقول ان الحرب الحالية ضد الفلسطينيين هي: "حرب شارون من اجل سلامة المستوطنات"، لكنها في الحقيقة اكثر من ذلك بكثير. فالاستيطان في المناطق المسماة يهودا والسامرة ليس هدفا قائما بذاته، وانما هو بالنسبة الى الايديولوجيا الدينية - القومية، وحتى القومية العلمانية، وسيلة هدفها اعداد امة ذات ثقافة سياسية تستحوذ على قلوب كل اليهود ومن شأنها ان تحول اسرائيل دولة يهودية تقاطع كل من لا يعتبر "يهوديا" بحسب مفهومها.

ويقوم معظم هذه الثقافة ليس على اعتبار الحرب المستمرة شرا لا بد منه، بل تعتبرها وضعا طبيعيا وحتى سامياً كما عبر عن ذلك اخيرا الزعيم الجديد لحزب "المفدال" آني إيتام.

وبما ان تجربة صنع السلام والتسوية بين اليهود والعرب اجمالا، ومع الفلسطينيين في صورة خاصة، اعتبرها اليمين في عهد رابين وباراك بمثابة اخضاع  وحسم في الحرب الثقافية داخل اسرائيل. كذلك علينا ان ننظر الى سياسة الحكومة الحالية والجيش في ما يتعلق بالعلاقة مع الشارع. ومن المحتمل ان هذا لم يخطط له في صورة مسبقة، لكن سياسة الحكومة في الاشهر الاخيرة، وفي صورة خاصة بعد عملية "السور الواقي" وانما تسعى الى تحقيق حسم استراتيجي مزدوج: فخارجيا هدفها تدمير البنية السياسية المؤسسية الفلسطينية، اما داخليا فهدفها تدمير الأسس العالمية والانسانية في المجتمع والثقافة الاسرائيليين.

تخلق الحرب عموما وضعا مريحا لاحداث تغييرات اجتماعية تحت غطاء تهديد الوجود. وكل تفكير نقدي يوضع بسهولة جانبا واحيانا يعتبر ذلك قريبا من الخيانة. وهكذا تبدأ "مطاردة السحرة" ضد كل من لا يقف مع المزاج القومي: من يافيه يركوني، الى اصحاب صحيفة ليبرالية حذرة مثل عاموس شوكين (رئيس تحرير "هآرتس") الى محاضرين مؤيدين لتلامذتهم رافضي - الخدمة، وحتى إبعاد اعضاء عرب في الكنيست عنه قانونيا.

ترتبط بهذا كله المحاولات الناجحة جدا لاضعاف مؤسسات اساسية في الثقافة المدنية مثل الجامعات والمحاكم العليا او شبكات الاعلام. وفي مثل هذا الوضع تبرز افكار مثل النقاء الاتني والنقاء الثقافي. وكلما ازداد اليأس، وتزعزعت الثقة بالنفس، ويظهر من جديد تهديد "المارد الديموغرافي" تتسلل هذه الهواجس من هوامش الخطاب العام الى وسطه.

اوجدت هذه المرحلة من النزاع اليهودي - الفلسطيني الظروف لحرب ثقافية تدور في اسرائيل منذ السبعينات بين "اليمين" و"اليسار". وفي هذا النزاع يقدم اليمين  ما يعتبره حاليا الحل الحاسم.

وفي حال تحقق الحسم الذي يريده اليمين العلماني والديني فانه سيؤدي الى تجربة اعادة السيطرة على كل ارض - اسرائيل وعلى الثقافة السياسية ايضا.

وفيما بدا المجتمع الاسرائيلي في العقد الاخير اكثر انفتاحا وليبرالية ويتجه نحو التعددية الثقافية الاقل عسكرة والاقل قومية، انقلبت الوقائع اليوم بصورة مأسوية واسرائيل بدأت تسير قدما نحو مجتمع فاشي، يقدم فيه الفرد حقوقه الاساسية ضحية من اجل افكار جماعية غامضة من شأنها ان تؤدي الى الخسارة.

ولكن مثل هذا الحسم النهائي غير ممكن، لأنه من الصعب تغيير الحقائق الديموغرافية والاتنية والطبقية الموجودة في اسرائيل وفي المنطقة. بالامكان تفكيك السلطة الفلسطينية وتصفية زعاماتها وسحبهم وطردهم، ولكن لا يمكن خنق مقاومة استمرار الاحتلال، ان التطهير العرقي الذي كان ممكنا في العالم عام 1948 لا يمكن تطبيقه اليوم. وفي كل الاحوال لا يمكن القيام بذلك من دون تدمير اخلاقي وسياسي للذين يقومون به وتحويلهم شعبا من مجرمي حرب. ان استمرار فقدان الثقة بالنفس ان يتحول امرا روتينيا، فهو بعد ان يتجاوز عتبة معينة سيؤدي الى نهاية الحكم القائم، كما جرى مع بيريس ونتنياهو وباراك.

رويدا رويدا تُظهر الطبقة الوسطى مؤشرات تحرر، وتبدأ في تنظيم نفسها من جديد لمواجهة التهديد المتربص بمكانتها السياسية والاقتصادية، والذي يتهدد ايضا البنية الاخلاقية للمجتمع بأسره. ونجاح اعادة التنظيم هذه مرتبط بتجديد التحالف مع العرب مواطني اسرائيل، وهذا مرتبط ايضا باعادة بناء الشخصية الاسرائيلية، والاطار التعددي الثقافي الذي بدأ بناؤه في السبعينات، وانهار مع الحرب بين الثقافات الاتنية.

"يديعوت احرونوت"

ـــــــــــــــــــــ

عالم اجتماع



#باروخ_كيمرلنغ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- بالفيديو.. منصات عبرية تنشر لقطات لاشتباكات طاحنة بين الجيش ...
- Rolls-Royce تخطط لتطوير مفاعلات نووية فضائية صغيرة الحجم
- -القاتل الصامت-.. عوامل الخطر وكيفية الوقاية
- -المغذيات الهوائية-.. مصادر غذائية من نوع آخر!
- إعلام ألماني يكشف عن خرق أمني خطير استهدف حاملة طائرات بريطا ...
- ترامب يدرس تعيين ريتشارد غرينيل مبعوثا أمريكيا خاصا لأوكراني ...
- مقتل مدير مستشفى و6 عاملين في غارة إسرائيلية على بعلبك
- أوستن يتوقع انخراط قوات كورية شمالية في حرب أوكرانيا قريبا
- بوتين: لدينا احتياطي لصواريخ -أوريشنيك-
- بيلاوسوف: قواتنا تسحق أهم تشكيلات كييف


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - باروخ كيمرلنغ - حرب ثقافات