أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مثنى حميد مجيد - إسماعيل هنية ، ثور حنيش وبقرتنا الطيبة الخيرة المعطاء















المزيد.....

إسماعيل هنية ، ثور حنيش وبقرتنا الطيبة الخيرة المعطاء


مثنى حميد مجيد

الحوار المتمدن-العدد: 2518 - 2009 / 1 / 6 - 02:16
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


من ذكريات الطفولة ذكرى بقرتنا الطيبة الخيرة الكريمة المعطاء، من حليبها وزبدها ولبنها نهلنا وشببنا أقوياء العظام نعصى على زمهرير الشتاء أن يطرحنا بسهولة صرعى للحمى، إضافة إلى سمك الفرات الذي يجففه الفقراء تحت شمس الصيف ليطعموا به أنفسهم في عز الشتاء بطبخه ، في أكلة شهيرة جنوب العراق تسمى ، المسموطة.ومن روث بقرتنا كانت والدتي المرحومة تشيد صروحآ مخروطية عالية هي بمثابة مورد دائم لحطب التنور ومواقد الطبخ والشاي هذا إضافة إلى كونه مصدر غذاء للدجاج التي لا تكف عن النبش والنقر فيه ملتقطة ما يجود به من مواد وحبوب مفيدة هي بمثابة عطاء من البقرة الكريمة لجميع من حولها من خلق الله.كانت بقرتنا طيبة الذكر تقيم في عز وسؤدد في صريفة خاصة بها مع حشد من الدجاج والطيور وكانت إذا ما ولدت عجلآ أو عجلة فإن ذلك بمثابة حدث مفعم بالفرح والسرور فنحتفي بالوليد الجديد مولين له الرعاية والحنان إلى درجة التدليل.وصريفة الطيبة بقرتنا كانت واحدة من مراعي الطفولة والصبا لنا نحن الأطفال وحتى الان ، بعد كل سنين العمر المليئة حزنآ وكمدآ من حكم الطاغية صدام، أستطيع الان أن أستحضر الهيئة الجميلة لبقرتنا ، وجهها الحنون وعينيها الواسعتين الحليمتين وهما تنشان الذباب والهوام وفكيها ، وهما يجتران طعامها من النخالة والتمر أو الجت والتبن.ما كانت أبدآ تعبأ بنا أو تحفل ونحن نتقافز من حولها بمرح الطفولة وسهوها عن العالم.كانت ولا أبالغ رمزآ رائعآ للوداعة والأمومة والخير والكثرة والنبل والعطاء ولو قدر لي أن أكتب كل ذكرياتي عن بقرتنا الحبيبة لختمت بها كتابآ هي مستحقة له بلا شك وجديرة به لكنني هنا سأقتصر الحديث على ثلاثة أحداث من تلك الذكريات ألح بها علي عقلي الباطن أن أذكرها للقاريء الكريم وله طبعآ ، بل أترجاه ،أن يعينني مشكورآ إن إستطاع إعانتي على سبر وكشف سر هذا الإلحاح الداخلي الذي يدفعني لروايتها وتسجيلها في هذه المقالة العابرة وفي هذا الوقت بالذات والرابط الذي يجمعها مع بعضها .

الحدث الأول يتعلق بإبن عمي الذي يصغرني قليلآ .هرع ذات يوم مقتحمآ باب بيتنا وكنا صغارآ دون العاشرة.كان خائفآ ومطاردآ من إبن عمتي خالد الذي يكبرنا سنآ وفي عمر الشباب وكان رياضيآ ومطيعآ لعمي ومنفذآ لأوامرة في تأديب أي طفل منا يشاكس أو يتعدى حدود الأدب.وكان الصغير إبن عمي خبيثآ وكحآ دائم المشاكسة نال الكثير الكثير من عقل عمي ، جمع عقال، فلم ينفع به ضرب العقل فتعب منه وأوكل أمره بإبن عمتي خالد .وهتف بي إبن عمي وهو يلهث قائلآ ـ خويه مثنى لبدني خالد يريد يبسطني! ـ ولبدني ، وأعتقد إنها من الفصحى تعني ، أخفني.

لا أعرف لماذا شعرت بتضامن طفولي مع إبن عمي المشاكس ، قررت أن أجد مخبأ له يختفي به وتفتق ذهني عن فكرة ماكرة لا تخطر في بال. طلبت منه أن يتبعني إلى صريفة بقرتنا وأخذته إلى مقصورة صغيرة داخلها مخصصة للتبن.نبشت التبن حتى كدت أبلغ الأرضية فتكونت حفرة تكفي لإحتواء جسده الصغير ودعوته أن يدخل وأهلت التبن عليه ، وكان نظيفآ ذهبيآ نقيآ من الأتربة يتيح له التنفس .حدث كل ذلك بسرعة وخرجت من الصريفة لأجد إبن عمتي ينتصب أمامي تعبآ هو الاخر من المطاردة ،وسألني.ـ مثنى أين هذا الخبيث لقد رأيته يدخل بيتكم ـ فأجبته بثقة ـ نعم لقد شاهدته يدخل ولا أعرف أين أخفى نفسه ، تستطيع أن تبحث ـ وتجول إبن عمتي باحثآ كل زاوية وركن في دارنا وعاد ليسألني -
ـ مثنى أنا رأيته بأم عيني يقتحم بابكم فأين هو ـ
أجبته محاولآ التمويه ـ ربما طفر إلى بيت أحد الجيران ـ
رمقني إبن عمتي خالد بعينين مستكشفتين ودخل الصريفة وإستحضر قصبة قوية وذهب إلى مقصورة التبن وأخذ يغرسها عميقآ في داخله وفي هذه اللحظات كنت في غاية الإثارة والتوجس أن خطتي ستكشف ويقبض على إبن عمي .لم يحدث ما يلفت إنتباه خالد فكف عن النبش وخرج من الصريفة وهو يقول ـ عجيب أين إختفى هذا الملعون.وبعد مغادرة خالد دعوت إبن عمي للخروج وأحتفينا بفرح طفولي بنجاته من براثن إبن عمتي الرهيب والرياضي.

الحدث الثاني أكثر قدمآ ببضعة سنين من الحدث الأول .كنت صغيرآ جدآ لم أسجل بعد في المدرسة ، ربما في الخامسة أو حتى أقل، لكن الحدث مازال واضحآ في كثير من تفاصيله في مخيلتي بل أستحضره أحيانآ عند التأمل في معاني الموت والفقدان والرحيل الأبدي عن العالم .كان ذلك حين لسعت حية سامة بقرتنا فأردتها قتيلة.كان حدثآ جللآ إهتزت له العائلة بل وأهل المحلة أجمعين، كارثة حقيقية ، فاجعة ، سالت لها دموع الصغار والكبار وسببت لنا الألم والحزن.وفي ذلك الزمن لم يكن من بد أن يكون الفرات هو المقر الأخير والمثوى لجسدها. ولضخامة البقرة وثقلها فقد تجمع لفيف من فتيان وشباب المحله لجر وسحل الجثة إلى النهر القريب وما زلت أتذكر ذلك الموكب الحزين وقد أحاط الجمع بالبقرة يسحلونها في الشارع إلى حيث مثواها الأخير في ماء الفرات.ولأيام كنت مع بعض إخوتي نذهب إلى ضفة النهر فنجلس ونبكي بحرارة وألم مرعلى بقرتنا الحبيبة ونحن نراها أمام أعيننا تنتفخ وتتفسخ وقد تحشد حولها كل من هب ودب من حيوات النهر وأسماكه الشرهة تعتاش وتقتات عليها.

أما الحدث الثالث فهو ليس بالحدث الذي يتمحور في حبكة درامية معينة بل هو أشبه بالشطحات، أو اللمحات، التي أستحضرها حالما أرى السيد إسماعيل هنية ،يظهر بقامته الفارهة الرياضية والممشوقة ودشداشته البيضاء في التلفاز.أتذكر في الحال بقرتنا وقد أمسك بها أحد الشباب الأقوياء للسيطرة عليها في طريقها إلى حضيرة المرحوم حنيش لتلقيحها من أحد ثيرانه.كان خروج البقرة من البيت للتلقيح سنويآ يسبب لها البلبلة ويخرجها عن أطوارها التي إعتادت عليها في حياتها الرتيبة الهانئة والمطمئنة فتبدي في الطريق ممانعة في الجري ، أو إضطرابآ ،أو حتى محاولة لفك أسرها بالرفس والنطح فكان هذا التصرف غير المألوف منها يتطلب شابآ قويآ أو شابين لقيادتها ما لم يرسل المرحوم حنيش نفسه مبعوثآ له يمتلك الخبرة اللازمة في طبائع الحيوان لإحضارها إلى حضيرة الثيران.هناك في الحضيرة تجري طقوس مثيرة وغريبة علينا ، نحن الأطفال الذين نحضر هناك ، في الجمع بين البقرة والثور للمواقعة الجنسية.

أسئلة كثيرة أطرحها على نفسي دائمآ بخصوص هذا الحدث الأخير الذي أروية من ذكرياتي عن بقرتنا الحبيبة ،وهو السبب المباشر الذي دفعني لكتابة هذه المقالة والذي إستدرجني شيئآ فشيئآ ،ومن سنوات، إلى إستحضار عام لكل ذكرياتي عن تلك الأيام الجميلة للطفولة المرحة وعلاقتي الحميمة ببقرتنا.لماذا هذا الإقتران السايكولوجي الغريب في مخيلتي للسيد إسماعيل هنية بحضيرة المرحوم حنيش وثيرانه ؟.في أول مقالة لي قبل أكثر من عامين عن السيد هنية لقبته بلقب، دابة الروث، إذا ما تذكر القاريء المتابع لمقالاتي. أطلقت عليه هذا الإسم لأسباب سياسية بحتة وليس للتهكم والسخرية .ولكن لماذا ؟ لماذا هذا التوارد الإنعكاسي التخاطري الأبستمولوجي في نفسي بين صورة وقامة وحركات السيد إسماعيل هنية وكلمات مثل روث ، ثور ، حضيرة ، ثور هائج يعتلي بقرة.وحتى حين أسمع السيد هنية يخطب في الميكروفون أتخليله أحد معاوني المرحوم حنيش وهو يتبادل النداءات الحادة والصيحات مع زملائه في طقسهم العملي الذي به يستدرجون البقرة والثور للمواقعة .يقال أن للسيد هنية عدة زوجات رزقه الله منهن بثلاثة عشرة إبنآ وهو ما زال في ريعان الشباب فهل لخصوبته الجنسية وقدرته على الإنجاب علاقة بهامته وملامحه وتصرفاته التي توحي وتولد هذا الإنطباع السايكولوجي ورد الفعل البافلوفي في نفس الناظر والمتطلع إليه .سؤال وجيه يطرح نفسه بشدة أيضآ ،هل يمتلك السيد هنية حضيرة للثيران والأبقار لإعالة عياله الكثر.في رسالة لإخوان الصفا عن تأثير المعاشرة بين الحيوان والحيوان ينصح الإخوان بها مربي الماشية أن تترك لفترة في حضائر الخنازير لتكتسب جودة في لحمها وشحمها وحليبها ، فهل ياترى ينطبق هذا النصح في العلاقة بين الإنسان والحيوان. مثل هذا التحليل لن ينال بالتأكيد رضا السيد هنية في تفسير طاقاته الجسدية والجنسية بالإشارة من طرف لاهوتي إلى اليهود.أما سياسيآ وأيديولوجيا فأنا أجزم أن نظرية إخوان الصفا لها مدلولها السياسي وإن تطرف حماس ، الثوري ، مكتسب بالمعاشرة في حضائر اليمين الصهيوني المتطرف التي أنجبت خنازير ذات مواصفات خارقة ودولية من أمثال شارون وبن غوريون وباراك.

أسئلة أخرى أكثر غرابة يمكن أن تطرح في هذا المجال تتعلق في إحتمالية صحة تطبيق نظرية سيغموند فرويد على هذه الحالة بالذات فهل كنت أنا شخصيآ أعاني من عقدة أوديب في علاقتي بثور السيد حنيش نظرآ لعلاقته الجنسية مع بقرتي الطيبة الحبيبة ؟ سؤال عجيب يثير بلا شك إستغراب الأساتذة علماء النفس ولكن في حالة إثباته بالأدلة المختبرية والتجريبية القاطعة أكون قد فسرت علميآ وفعليآ وكشفت السر في تفسير هذه المتلازمة الأبستمولوجية البافلوفية وأقصد بها علاقة السيد هنية ، بهامته ودشداشته وحماسته بروث وحضيرة وثيران المرحوم حنيش.ومن يعلم فقد أكون على حق ولا من يسمع ولا من يرى.



#مثنى_حميد_مجيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفرق بين سلفادور الليندي واسماعيل هنية،من ثمارهم تعرفونهم
- فان كوخ وسعدي يوسف، خارقية العملية الإبداعية
- تعليم الكردية في مدارس العراق واجب وطني ومهمة لها أولوية
- حسن العلوي وصدام ، علاقة المفكر الشقي بالرئيس البلطجي
- لماذا وقفت ضد حذاء منتظر ، رسالة إلى صديق يعاتبني-
- إلغاء قانون رقم 50 وسيناريو الحرب على إيران
- نداء إنساني إلى إتحاد الكتاب العراقيين وإتحاد الفنانين التشك ...
- الأولى بك أن تهجو نفسك ياعبد الرزاق عبد الواحد
- اكسير الوعي الماركسي في فانتازيا فؤاد النمري
- رفقآ بطاووس ملك ومندادهيي ياعزيزي خدر خلات بحزاني
- أفكار من على رصيف الباب الشرقي
- المالكي ومكب نفايات التاريخ
- تعلولة مفيد الجزائري وماركسية حسين الشهرستاني
- ابن تيمية ، الحراني الأخير
- فينومينولوجيا خالتي صبريه
- التخاطر مع الموتى خير من متابعة أخبار حرامية العراق
- عن ترجمتي التخاطرية لأشعار كارين بويه
- إبادة الصابئة وإبادة أقليات دارفور- ياأسود ياأبيض!
- كارين بويه ، قصائد مترجمة
- ثلاث قصائد للشاعرة السويدية كارين بويه


المزيد.....




- عمليات المقاومة الاسلامية في لبنان ضد مواقع جيش العدو الإسرا ...
- المقاومة الإسلامية في لبنان تدك حصون الاحتلال + فيديو
- ويكيبيديا توجه ضربة لمصداقية إحدى أكبر المنظمات اليهودية بأم ...
- حيفا.. مدينة المساجد والكنائس
- تقرير فلسطيني: مستعمرون يقتحمون المسجد الأقصى
- مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى المبارك
- الخارجية الإيرانية تدين بشدة القرار الكندي بشأن حرس الثورة ا ...
- وسيم السيسي: دليل من التوراة يبطل حجة اليهود بأحقيتهم في أرض ...
- فورين بوليسي: حملة الصين على الإسلام تزحف نحو الأطفال
- وسط صيحات الله أكبر بموسكو.. مقاتل روسي أمريكي سابقا يعتنق ...


المزيد.....

- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مثنى حميد مجيد - إسماعيل هنية ، ثور حنيش وبقرتنا الطيبة الخيرة المعطاء