أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - باسم محمد حبيب - لا تستطيعون صنع دبابة تقتل الأغنية














المزيد.....


لا تستطيعون صنع دبابة تقتل الأغنية


باسم محمد حبيب

الحوار المتمدن-العدد: 2517 - 2009 / 1 / 5 - 07:14
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


لا يعرف على وجه الدقة متى غنت أول أغنية أو تلي أول نشيد لكن من الثابت أن العراق قد عرف أشكالا قديمة من الأغاني دون العديد منها على ألواح مسمارية ومع أن الغالبية العظمى من الأغاني العراقية كانت تتسم بسمة الحزن انطلاقا مما يعانيه الإنسان العراقي من واقعه الصعب إلا أن الناس عرفت نوعا أخر من الأغاني اتسم بالفرح والمسرة كانوا يؤدونه في أوقات الأعياد والمناسبات الأمر الذي جعل العراق من أكثر البلدان امتلاكا لموروث غنائي تنوعت أشكاله تبعا للبيئة العراقية فهناك الأغاني الريفية الحزينة التي صورت مشاعر الجنوبيين وهم يمارسون حياتهم في ظل المخاطر والأهوال المختلفة وهناك غناء البادية وغناء الجبل وهناك المقام العراقي الذي يعبر عن واقع أهل بغداد وأحوالهم حيث يتحول الغناء إلى حاجة وضرورة بعد أن تنقشع غمامة الحزن ويرتفع ضلال الخوف لتصدح الحناجر بتلك الكلمة التي يفتتح بها الغناء عادة (أمان ) فيأنس الناس بها ويخرجوا بعد أن يزول الخوف ويتلاشى الرعب وبالتالي أصبح للغناء في العراق مكانة طاغية وأصبح له موسم خاص يتبع موسم الحزن الذي يدوم طوال فترة الشتاء والخريف الأيام المزعجة للعراقيين في تلك الاونه حيث يتقلص الإنتاج الزراعي و تزداد شدة البرد القارص وهطول الأمطار الكثيفة وانتشار الأوحال حيث رمزوا لها بطقس موت تموز هذا الموت المؤقت الذي يستمر ستة أشهر ثم يعود للحياة في موسم الربيع بداية السنة البابلية القديمة أوائل نيسان فيبدأ موسم الخير والرفاه حيث الزراعة والدفء الذي يستقبله العراقيون بالأفراح والغناء والولائم ويبدوا أن العراقيين لم يتخلوا عن طقوسهم التي أخذت طابعا جديدا لاسيما في العهود الإسلامية حيث استبدل الحزن على تموز بإحياء واقعة كربلاء الأليمة والتي يستمر أحيائها لما يقارب الشهرين من بداية محرم إلى نهاية صفر و بالتالي استمرت السنة العراقية مقسمة بين موسم الفرح وموسم الحزن إلى يومنا هذا لكن في السنوات الأخيرة حصل اختراق لهذه المعادلة حيث حرمت ( بتشديد الراء ) التيارات الدينية الغناء ومارست إرهابا ضد ممارسيه ومعتنقيه حتى وصل الأمر حد إحياء المناسبات المفرحة كالأعراس والولادات والختان بالهتافات الدينية وتراتيل التعزية وقد تعرض أصحاب محلات بيع الأغاني لحملات قتل وتنكيل دفعت اغلبهم إلى الهرب أو ترك المهنة والملاحظ أن التيارات الدينية من الطائفتين قد اتفقت على هذا الأمر ومارست فعل المنع ضمن حدود نفوذها وبالطبع شمل ذلك تيارات منغمسة في المشروع الديمقراطي ! أو العملية السياسية حتى وصل الأمر حد الاستخفاف بأغنية فلكلورية قدمها المطرب حسين نعمة خلال حفل افتتاح المصب العام في الناصرية وواجه منظمو الحفل حملات تشويه وإدانة من أطراف عدة وقد اطلعت شخصيا على منشور من إحدى التيارات الدينية يصف هذا الأمر بالفسوق والخروج عن الدين ! لكن تأبى الحياة إلا أن تستمر ويأبى الفرح إلا أن يدور دورته فها هم العراقيون يستعيدون ولعهم بالأغاني كتأكيد لولعهم بالحياة ورغبتهم في مواجهة الصعوبات بروح مرحة وصامدة حيث راجت من جديد أغاني الكاسيتات التي أخذت تسمع سواء في الحافلات أو في محلات بيعها فهؤلاء الذين يحاربون الأغنية لن يحصدوا من وراء حربهم لها غير الهزيمة والفشل فهم لايملكون سبيلا يمكن به إيقاف الحياة أو تضليلها بالحزن ولوا فعلوا لن يدوم فعلهم طويلا وهذا ما يذكرني ببطولة نادرة قدمها المغني التشيلي فكتور جارا عندما قبض عليه نظام بينوشيه الدكتاتوري وأرادوا إعدامه حيث قال لهم وهو على مرمى حجر من الموت " انتم وأسيادكم تملكون الدبابات ونحن نملك الأغاني ومن سوء حظكم فأنكم لا تستطيعون صنع دبابة تقتل الأغنية " .






#باسم_محمد_حبيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جهاديو حماس والنار المشتعلة في غزة
- حتى لا تسبب الطقوس الدينية الإزعاج وتتناقض مع الحياة
- جذور الديانات التوحيدية
- الفلسفة الحديثة و سؤال المعرفة
- دور التربية في مشروع حوار الأديان والثقافات
- يجب أن تعترف الحكومة بفشلها ويعتذر السياسيون عن أخطائهم
- حملة لتأكيد الطابع العلماني للدولة العراقية
- اتحاد كتاب أسيا واتحاد كتاب العالم
- الرداء القديم للتجديد
- ابراهيم الخليل بين الروايات الدينية والتحليل العلمي


المزيد.....




- مجلس الوزراء السعودي يوافق على -سلم رواتب الوظائف الهندسية-. ...
- إقلاع أول رحلة من مطار دمشق الدولي بعد سقوط نظام الأسد
- صيادون أمريكيون يصطادون دبا من أعلى شجرة ليسقط على أحدهم ويق ...
- الخارجية الروسية تؤكد طرح قضية الهجوم الإرهابي على كيريلوف ف ...
- سفير تركيا في مصر يرد على مشاركة بلاده في إسقاط بشار الأسد
- ماذا نعرف عن جزيرة مايوت التي رفضت الانضمام إلى الدول العربي ...
- مجلس الأمن يطالب بعملية سياسية -جامعة- في سوريا وروسيا أول ا ...
- أصول بمليارات الدولارات .. أين اختفت أموال عائلة الأسد؟
- كيف تحافظ على صحة دماغك وتقي نفسك من الخرف؟
- الجيش الإسرائيلي: إصابة سائق حافلة إسرائيلي برصاص فلسطينيين ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - باسم محمد حبيب - لا تستطيعون صنع دبابة تقتل الأغنية