أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف - اذار/ نيسان 2004 - مرور عام على الغزو/ الاحتلال الأمريكي للعراق وانهيار النظام البعثي الدكتاتوري - إبراهيم إستنبولي - و في العـــراق ... قلقٌ و حزن















المزيد.....

و في العـــراق ... قلقٌ و حزن


إبراهيم إستنبولي

الحوار المتمدن-العدد: 774 - 2004 / 3 / 15 - 04:38
المحور: ملف - اذار/ نيسان 2004 - مرور عام على الغزو/ الاحتلال الأمريكي للعراق وانهيار النظام البعثي الدكتاتوري
    


عام مضى بعد سقوط نظام الكريه .. وعلى الاحتلال الامريكي للعراق .. وبذلك يكون قد انقضى عام إضافي آخر في معاناة الشعب العراقي التي استمرت طويلاً .. و نأمل جميعاً ان ينتهي عاجلاً ليل العراق الدامي الطويل .. لتشرق شمس جديدة على هذه الارض الخيرة .. وليعود العراق مكاناً دافئاً لجميع ابنائه بما فيهم اولئك الذين هجّرهم الطاغية خلال عقود ..
و حزني تجاه العراق و ابناء العراق مضاعف بل ومثلّث .. فهناك جانب عاطفي مع مسحة من الحنين الشخصي .. ذلك اننا نحن من ذلك الجيل الذي ظلّ الود والحلم زاده في هذا الزمن العولمي الـ " رأسمالي " المادي الصرف .. وهناك جانب انساني و أخلاقي تجاه اطفال و شباب وصبايا ، تجاه امهات وآباء و كهول في العراق فقدوا الأمن والطمأنينة والأمل .. فهم يعيشون في ظروف قهر وعوز وفقر ـ في بلد غني بالخيرات ، و هم مهددون بالموت بين لحظة و اخرى ـ إن لم يكن على ايدي قوات الاحتلال فعلى ايدي اخوانهم لسبب مذهبي أو عرقي ، او على يد عصابة قتل واجرام .. بينما نحن نشرب القهوة صبحاحاً على انغام فيروز .. و نأكل ونشرب وبعضنا يلهو .. و الجانب الآخر لحزننا ينبع من عجزنا عن انقاذ العراق سواء من نظام الطاغية أو من الاحتلال والسيطرة على ثرواته وعلى المستقبل فيه .. بل ربما الآن يجب انقاذه من بعض ممن يسيطر عليه اليوم من ابنائه في مجلس الحكم ـ الذين يسعون لجزأرته أو لبننته و ربما " طَلْبَنَتِهِ " لا فرق .. وكأنه لا يكفي العراق ما عاناه على مرّ العصور .. فالعراق لن ينهض إلا على اسس علمانية ديموقراطية يتساوى فيه ابناؤه كمواطنين بعيداً عن اي اعتبار آخر ديني أو مذهبي أو قومي ..
و أما الجانب العاطفي ـ النوستالجيا الشخصية ـ فيعود الى عام 1976 حين شاءت الاقدار ان اسافر الى موسكو للدراسة عن طريق بغداد ( ففي ذلك الزمن لم يكن ليسمح ـ رغم وجود ما يسمى الجبهة الوطنية التقدمية ورغم العلاقات الجيدة بين سوريا و الاتحاد السوفييتي آنذاك ـ للمرء بالحصول على ما يسمى " الاشراف " وبالتالي جواز سفر عادي لكي يتمكن من الدراسة في بلد الشيوعية الاول بتلك السهولة خصوصا اذا كان الشخص من الشيوعيين العاديين البسطاء وليس من ابناء النخبة " الحزبية الرسمية " التي لم يعرف ابناؤهم على العموم طعم اية مرارة .. ) .. وهكذا اضطررت ، وانا الشاب القروي ، ان اغادر دمشق الى بغداد على متن حافلة( كما لو الى ابو ظبي للعمل ـ بينما كنت ادرس الطب في دمشق ) ـ وهذا في ذلك الزمن الذي كانت فيه العلاقات بين العراق وسوريا دائماً متوترة و الحدود مهددة بالإغلاق في كل لحظة.. و بعد وصولي بغداد سألت عن مكتب " طريق الشعب " .. ولم اهتد اليه بسهولة فقد شعرت أن الناس إما لا يعرفون بالفعل مكان المكتب و إما انهم كانوا خائفين من مجرد لفظ اسم الحزب الشيوعي .. ركبت تكسي الذي اوصلني الى مكتب ايروفلوت ( الذي لم يكن يبعد عن مكتب الجريدة اكثر من مائة متر .. ثم ذهبت الى مكتب جريدة الحزب الشيوعي " طريق الشعب " .. وقد كان الرفيق الاستاذ عبد الرزاق الصافي في ذلك الوقت رئيس تحريرها فاستقبلني ( طبعاً بناء على تحية شفهية من الرفيق يوسف الفيصل مساعد الامين العام للحزب الشيوعي السوري في ذلك الوقت ـ وكان هذا كافياً في تلك الايام ) و ارسل معي رفيقاً الى الفندق بالقرب حيث أمن إقامتي الى حين احصل على فيزا من السفارة السوفييتية.. ومكثت في بغداد ثلاثة ايام في شارع السعدون .. وبالطبع لن انسى كيف ان الاستاذ الصافي اصطحبني معه مساء اليوم الثاني الى جامعة المستنصرية في بغداد حيث اقيم احتفال خطابي بمناسبة يوم الصداقة العراقية ـ البلغارية أو الالمانية الشرقية .. وكيف بعد ذلك رافقني الرفيق عبد الرزاق الى قرب الفندق وهو يشرح لي عن معالم بغداد ..وقد كان الرفيق عبد الرزاق الصافي مثالاً للشيوعي المتواضع المثقف الذي يمكن لمن عرفه ان يشعر بالاعتزاز لهكذا مناضل ..
كان في ذلك اليوم قد نزل معي في نفس الغرفة شاب فلسطيني وصل للتو من الجزائر وكان اهله يعيشون في مخيم اليرموك في دمشق لكن السلطات السورية يومها لم تكن تسمح له بزيارة سوريا ـ كما قال لي .. فالكل يعلم كم كانت العلاقة سيئة بين القيادة السورية ومنظمة التحرير الفلسطينية بعد احداث تل الزعتر وبرج البراجنة في عام 1976 .. و كـــم كـــانت بغـــداد جميـــلة و رائــعة .. ذهبنا واحتسينا بعض البيرة في شارع ابو نواس على شاطئ دجلة ..والتقطنا لبعضنا بعض الصور .. ولم نلتق فيما بعد للأسف الشديد رغم اننا تبادلنا العناوين .. بعدها سافرت الى موسكو .. وقد اوصلني الرفاق الذين كانوا يعملون في مكتب " طريق الشعب " الى المطار .. و كم تمنيت طويلاً لو اتذكر اسماءهم .. ليتني اعرف شيئا عنهم ( مضى اكثر من ربع قرن من الاحداث الحياتية والعالمية المثيرة !!) ..
دون ان انسى نبلهم الذي كم كان عاديا بالنسبة للشيوعيين في تلك الايام .. تحيـــة اليهم جميعاً . أما الرفيق الصافي فقد سبق و شاهدته في احد البرامج الحوارية على التلفزيون ، حقاً منذ فترة طويلة نسبياً .. و أرجو ان يكون وجميع افراد عائلته بخير ..
 أما بخصوص مستقبل العراق والصيغة الأكثر مناسبة لبناء عراق ما بعد صدام قيمكنني القول بكل ثقة ما يلي : إن امريكاالمستعمرة ومعها بريطانيا " العليمة والخبيرة " بأدق تفاصيل الواقع العراقي ، لن يعملا على بناء عراق ديموقراطي يقوم على اسس حضارية ( دولة القانون و فصل السلطات وعراق علماني مع مجتمع مدني مزدهر ) .. و أرجو ان اكون على خطأ.. وفي حال وافقت الدولتان المحتلتان على ذلك فإني اخشى أن تتضمن الصيغة العراقية الجديدة " ألغاماً وقنابل مؤقتة " كما سبق وفعلت بريطانيا مع العراق و الكويت وكذلك بين الهند والباكستان .. أو غيرهما ففي النهاية إن احتلال العراق هو خطوة فقط في الخطة الامريكية ـ البريطانية لاقامة " الشرق الاوسط الكبير " الذي يدمج اسرائيل في المنطقة من ناحية ، ومن ناحية اخرى سيساعد على إطالة " عمر" الامبراطورية الامريكية بل الهيمنة الانكلوـ ساكسونية على العالم لفترة طويلة جداً .. ولن تكون صيغة عراقية لاقتسام السلطة والنفوذ على اساس ديني مذهبي و قومي سوى شكل مُعدَّل من " لبننة " العراق .. وكلنا يعلم ماذا حلّّ بلبنان خلال قرن تقريباً : بشكل دوري كان لبنان ينتج ازماته التي تؤدي الى قيام حرب اهلية وكان دائما ضعيفاً امام تدخل جميع القوى الخارجية.. اقليمية او دولية . أرجو أن لا يحدث ذلك . فنحن نريد قيام دولة ديموقراطية على اساس علماني ( الدين لله والوطن للجميع او لكم ديني ولي ديني .. ) مع احترام جميع الحقوق الثقافية والقومية للاقليات . اما قيام دولة كردية فإنني اعتقد انه لا امريكا و لا دول الجوار لن تسمح بذلك ، في المدى المنظور على الاقل.. هذا من ناحية ، ومن ناحية اخرى ، اعتقد ان لبّ القضية ليس قيام دولة مستقلة بحد ذاته هو الهدف.. فهناك دول كثسرة لا تضمن من الحقوق والاحترام لمواطنيها ما تضمنه صيغ اخرى من تنظيم الدول .. وهناك امثلة كثيرة على ذلك في اوروبا ( النمسا و اسبانيا،  و ربما روسيا التي تصبح اكثر واقعية في هذا الشأن .. ) .
وذلك مع كل احترامي ومحبتي للاكراد ( و لي بينهم اصدقاء كثر ) .. لكني اخشى ان يخيب املهم كما بعد الحرب العالمية الاولى .. فيكونوا ضحية لمخططات القوى الاستعمارية .. والاستعمار هو هو لم يتغير . إنما مصالحه قد تتغير . 
وهنا ساحاول التعبير عن وجهة نظري شعراً ( و عذراً من الاستاذ الشاعر ـ الراحل الكبير نزار قباني ) بخصوص مستقبل عراقنا الحبيب .
 
 
مرحباً يا عراقُ ، الشعبُ يبكي
وهل يُجدي شعبَنا البكاءُ
 
زمنٌ طويلٌ ، يا عراق ، وفيك
يأكلُ الأبناءَ الأبناءُ
 
بالامسِ وحشٌ ظالمٌ قتلَ
عرباً و كرداً : الكل سواءُ
 
بالامس قمعٌ غاشم سادَ
فكانت حلبجة وكربلاء ُ
 
بالامس حقدٌ و بعثٌ
باسمك يا عراقُ و سامراءُ
 
عام طويلٌ ، يا عراقُ ، وفيك
البطشُ يعربدُ والدماء ُ
 
عامٌ طويلٌ ، يا عراقُ ، مضى
فكم تطولُ الليلةُ الظلماءُ .
 
كفى ظلماً باسمك يا عراق
و باسمِ الدينِ يكفي الرياءُ
 
لا عراقٌ مذهبي نرجو :
بل عراقٌ كلهُ ضياء ُ .
 
عراقٌ يجمعُ الشعبَ فيه
عقلٌ و علمٌ و إخاءُ .
           
 
الدكتــــور إبراهـــــيم استنبولي 
 



#إبراهيم_إستنبولي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- معــاداة السامــية في روسيا :من ستالين حتى الطغمة المالية
- بقايــا - آلـــهة - أو قصص غير مفيدة
- الشاعر الروسي أوسيب إيملييفيتش مندلشتام قصة حياته و موته
- مــلاحظات حول موضوعات المؤتمر السادس للحزب الشيوعي السوري- ا ...
- يفغيـــني يفتوشينـــكو
- الوصية السياسية - لـ : فلاديمــير . إ . ليـــنين
- آنّا آحمادوفا .. عن نفسها
- العولمــــة … ماذا تعـني حقــــــاً ؟
- هل يبتلع الاسلام السياسي دولة - البعث - في سوريا أو تداخل ال ...
- العــــالم من دون رسول حمزاتوف
- نيكـولاي غوميليف
- الولايات المتحدة الأمريكية والهيمنة على العالم
- مبادئ الحرب الإعلامية
- دروس من التاريخ : من الوثائق السرية للجنة المركزية للحزب الش ...


المزيد.....




- سفير الإمارات لدى أمريكا يُعلق على مقتل الحاخام الإسرائيلي: ...
- أول تعليق من البيت الأبيض على مقتل الحاخام الإسرائيلي في الإ ...
- حركة اجتماعية ألمانية تطالب كييف بتعويضات عن تفجير -السيل ال ...
- -أكسيوس-: إسرائيل ولبنان على أعتاب اتفاق لوقف إطلاق النار
- متى يصبح السعي إلى -الكمالية- خطرا على صحتنا؟!
- الدولة الأمريكية العميقة في خطر!
- الصعود النووي للصين
- الإمارات تعلن القبض على متورطين بمقتل الحاخام الإسرائيلي تسف ...
- -وال ستريت جورنال-: ترامب يبحث تعيين رجل أعمال في منصب نائب ...
- تاس: خسائر قوات كييف في خاركوف بلغت 64.7 ألف فرد منذ مايو


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - ملف - اذار/ نيسان 2004 - مرور عام على الغزو/ الاحتلال الأمريكي للعراق وانهيار النظام البعثي الدكتاتوري - إبراهيم إستنبولي - و في العـــراق ... قلقٌ و حزن