أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - فارس محمود - جماهير العراق اكثر تقدما من قانونهم! كلمة حول -تحررية- قانون ادارة الدولة المؤقت















المزيد.....

جماهير العراق اكثر تقدما من قانونهم! كلمة حول -تحررية- قانون ادارة الدولة المؤقت


فارس محمود

الحوار المتمدن-العدد: 773 - 2004 / 3 / 14 - 11:06
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


لقد قيل الكثير عن قانون ادارة الدولة العراقية او الدستور المؤقت وانعكاساته و سودت الاف الصفحات في العالم ارتباطاً بهذا الحدث و"مآثره". ليس في ذلك ادنى غرابة قط. اذ ان العراق ومستقبل مشروع امريكا في النظام العالمي الجديد، وبقاء الرئيس لدورة اخرى مرهون الى حد كبير بالعراق وهذه المنطقة الحساسة من العالم. وقد قيل من بين ما قيل انه، اي قانون ادارة الدولة الموقت، يعد "الوثيقة الاكثر تحرراً في الشرق الاوسط"، بل تمادت صحيفة كبرى مثل الغارديان لوضع صورة بجانب موضوع يتناول هذه القضية لفتيات عراقيات (!!!) (ولم تذكر انها تظاهرة نساء العراق التي قادها الحزب الشيوعي العمالي ومنظمة حرية المراة في بغداد!!) يحتفلن باليوم العالمي للمراة الذي تزامن مع توقيع الدستور المؤقت قائلة "انه، اي الدستور، اعطاهن سبباً اضافياً للتأكيد على اهميتهن في المجتمع العراقي" (الغارديان، 9 اذار).

اود ان اتطرق في هذه المقالة الى مسالتين يعبر عنهما هذا المقتطف. الاولى حول مسالة تحررية هذا القانون والاخرى حول موقف المراة من هذا القانون.

لقد حولت اكثر الوثائق مناهضة لجماهير العراق الى الوثيقة "الاكثر تحرراً" على صعيد الشرق الاوسط!! ان هذه، بحد ذاتها، ليست دلالة على تقدمية هذا القانون قط، بل تدلل على حقيقة اخرى اشد اسفاً الا وهي سيادة الاجواء الرجعية والقوانين المذلة والتي تحط من الانسان السائدة في هذه المنطقة. ان منطقة يمثل قانون ادارة الدولة الموقت العراقي اكثر وثيقة تحررية فيها لهي كابوس بكل معنى الكلمة. بوسع المرء ان يستنتج اي مستنقع من الرجعية والعداء للانسان والقيم الانسانية تغط فيه هذه المنطقة. هل ثمة ذرة من تحررية في قانون يستند الى تقسيم البشر واختلاق هويات كاذبة، مفتعلة قومية ودينية وطائفية لهم وختم جباه اناس سعت وتسعى نحو الرفاه والسعادة والتحرر والمساواة؟! انه، وباعتراف الاطراف القومية والدينية والطائفية نفسها من مقتدى الصدر والمدرسي والسيستاني والحكيم وصولا الى القوميين العرب، قانون يتم تشبيهه بـ"قنبلة موقوتة"، "انتكاسة" و"نواقص خطيرة" وغير ذلك ناهيك عن الحديث عن عدم شرعيته والذي يعم طيفاً واسعاً من اليمين واليسار. انه الكذب بعينه. ان قانون يضع الاسلام كدين الدولة الرسمي و لايقبل باي قرار او قانون يخالف مباديء الاسلام لهو قانون مجحف وظالم بحق الجماهير ويضع هذا السيف الصدأ على رقاب 25 مليون انسان واولهم المراة والشباب. انه يسلط سيف مصادرة الحريات السياسية والحقوق المدنية والشخصية على رقاب اناس متشوقة ومتطلعة لها وبالاخص بعد ما يقارب من ثلاث عقود ونصف من حكم الفاشية القومية البعثية ، قانون يناهض حرية الفكر والعقيدة والتعبير بحجج واهية مثل مناهضتها وتنكرها لـ"قيم وتقاليد المجتمع الاسلامية"!! و"مراعاة واحترام مشاعر الناس". انه قانون يسير على نفس خطى البعث بهذا الصدد.

ليس ثمة اي خير في قانون يتم مقارنته بقوانين بلدان مثل السعودية وايران والسودان والاردن وغيرها. ان كان ثمة احد يفخر بكون قانونه هو اكثر "تحررية" من هذه البلدان، عليه ان يراجع تحرريته ليرى مدى الهزالة التي تنطوي عليها!! هل تاريخ التحررية نضب نبعه ليلجأ احد ما لمقارنة هذا "المنجز" بدول وحكومات تنتمي الى عصور البربرية والتحجر اكثر من انتمائها الى عالم القرن الحادي والعشرين؟! انهم يقارنون دستور العراق الجديد بدستور الحكومات والانظمة البوليسية، حكومات السجون والاعدام، الاعتقالات والتعذيب، مطاردة الفعالين السياسيين واغتيال النشطاء السياسيين، حكومات قطع الايادي، وعمل الاطفال، الامية، عبودية المراة ودونيتها، حكومة مصادرة اي نفس رافض وتحرري، دساتير انظمة عشائرية وقبلية وقرووسطية وقومية فاشية واستبدادية وتنضح تخلفاً وانحطاطاً. الم تبقى بقعة في العالم ذات قوانين اكثر انسانية ليقارن المرء نفسه بها؟! اين ذهب تاريخ التمدن والحضارة والانسانية، تاريخ بشرية سعت لنقل العالم من بربرية مظلمة الى عالم اكثر انسانية، تاريخ حقوق ومنجزات البشر، بدءا من البيئة وحقوق الاطفال انتهاءاً بالمشاركة اليومية في صياغة مجمل حركة المجتمع السياسية والاقتصادية والاجتماعية؟!

ان دلل هذا التفاخر والثناء على شيء، فانه يدلل على ان اصحابه لايتمتعون بنسخة افضل من النسخ السائدة في المنطقة. انها نسخة "محسنة"، "معدلة" و"افضل" عن تلك السائدة في المنطقة (واني لاشك حتى في ذلك!) . ان المعنى العملي لهذا هو التنكر السافر لحقوق الجماهير وحرياتها ومطاليبها الواقعية لا اكثر. من جهة اخرى، حتى ان تلك العبارات الرنانة حول حقوق الانسان، حقوق المراة، احترام راي الاقليات التي ورد ذكرها في القانون لاتتعدى عبارات جوفاء، كلائش عامة، يتنصلوا عنها وينتهكوها يومياً. ان كل تاريخهم وممارستهم وسجل اعمالهم السياسية لهي بعيدة كل البعد هذه الادعاءات. فمن جلادي الاسرى، عملاء المخابرات المركزية الذين لايزالوا يقبضون رواتبهم من السي آي أي، قطاع الطرق، ورواسب "اعدم! اعدم! لاتكول ما عندي وكت" والبعثيين السابقين والطائفيين والعشائريين القادمين توا للسياسة وغيرهم لايمكن ان يرتجيء المرء منهم التقيد بمثل هذه الادعاءات.

ان هذا التصور لهو بالدرجة الاولى اهانة صريحة لجماهير العراق. انه يستكثر علينا الحرية والرفاه والمساواة. انه يعدنا باننا لانستحق اكثر من هذه الخرقة القومية، الطائفية، الدينية البالية. ان جماهير العراق لهي اكثر تقدما من كل هذا. ان المجتمع العراقي متقدم، وبخطوات كبيرة، عن التيارات السياسية والفكرية والثقافية والاجتماعية التي تقف وراء هؤلاء الساسة وقانونهم. ان المجتمع العراقي مجتمع علماني، ليس بديني، ناهيك عن انه ليس بطائفي. انه مجتمع تعتبر المدينة، الصناعة، الاحزاب السياسية ذات الشكل العصري، العلم، الثقافة والفكر والفن وحريات المراة اجزاء اساسية من مكوناته وبنيته الاجتماعية والحياتية. ان وجود هذه التيارات وبقائها نتاج اوضاع سياسية محددة: اوضاع الحرب، السيناريو الاسود، الديكتاتورية والمساعي السياسية الواعية من اجل قسر المجتمع نحو القيم والعقائد والافكار البالية والمهترئة. لقد تخطاها المجتمع منذ امد، واعيدت للساحة نتاج هذه الاوضاع العالمية والمحلية الشاذة.

ان هذا التصوير يرتكب خطئاً فاحشاً ومغرض الا وهو مقارنة هذا القانون بقوانين وحكم البعث. انه يقول للجماهير: الا ترون ان في هذا القانون، ديمقراطية، تعددية، برلمان، فيدرالية، حق اقامة الشعائر الدينية وغيرها (وبايجاز، انه انصف الجميع كما يقولون!!)، او يقولون هل كان بوسع اي امرء ان يتجرأ على طرح مثل هذه الامور سابقاً!! لماذا يقارن احد ما نفسه باشد الانظمة بربرية ووحشية في هذا القرن؟! ومن متى اصبح نظام البعث معياراً للحكم بحيث يلزم المرء ان يقارن "حكمه" وقوانينه به؟! انهم يدورون حول نفس الفلك.

لقد اعطى هذا القانون الشرعية للهويات القومية والدينية والطائفية ووجه ضربة قوية للمواطنة. لقد جاء هذا القانون ثمرة لتوازن قوى معين بين التيارات السياسية المشكلة له. ومن المؤكد ان اقل تغير او اختلال في هذا التوازن سوف ينسف هذا الاتفاق. ان "نسف" هذا الاتفاق لن يتم عبر البرلمان والدستور والطرق السلمية. اذ ليس الاخوة الاعداء يمارسون السياسة في المانيا او فرنسا اولندن. ان الدم ولغة الدم والبارود هي التي ستكون الفيصل. ان صراع الجميع الضاري من اجل كسب اكبر ما يمكن من الامتيازات من الاخرين وفرض اكبر ما يمكن من التراجعات عليهم. ان هذا هو منطق حركة القوى السياسية الموقعة على هذا القرار، وكذلك منطق اولاد عمهم الذين لم يوقعوه.

لقد اجل البت في الكثير من الامور: شكل الفيدرالية، كركوك وباقي المناطق التي يداعي بها القوميون الكرد، حدود "عدم القبول باي قرار يناهض مباديء الاسلام"، هيئة الرئاسة، تركيبة الجمعية الوطنية المقبلة، ستكون مثل هذه الامور ميدان لصراع عنيف، واذا ما اخذنا سجل هذه الاحزاب والتيارات وممارساتها السياسية، لا احد يضمن ان لايتحول الى صراع مسلح ضار ودموي. انه ابقى الباب مفتوحاً على صراعات يتمثل محورها في الحصة من السلطة السياسية. "تيار السنة" المهمشين والفاقدين لتمثيل سياسي قوي ومعتبر يقولون "اننا رقم صعب لايستطيع احد ان يحذفنا من الساحة" و"تيارالشيعة" يقولون "اننا نمثل 60% من الشعب العراقي ولهذا يجب ان يكون لنا الكلمة الفصل في السلطة"، من جهة اخرى، يقول القوميون الكرد "اننا ظلمنا ويجب ان تكون الفيدرالية واعادة المناطق الكردية التي عربها النظام الينا" يجعل الجميع في حالة من وضع يده على الزناد.

ان هذا هو حال القانون الاكثر تحرراً في الشرق الاوسط. ساترك الحديث عن نظرة القانون ومجلس الحكم للمراة و"خيرات" هذا القانون لها، وهل ان نساء العراق احتفلن بهذا القانون يوم 8 اذار الى الحلقة التالية.

للمقالة تتمة



#فارس_محمود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بمناسبة الذكرى السنوية للثورة الايرانية مقابلة مع قادة وفعال ...
- ان هدير -ينار محمد- قد انطلق، لن توقفه التهديدات الرخيصة للا ...
- ان وراء الاكمة ما ورائها! كلمة حول طرح -فيدرالية المحافظات
- اوضاع الاطفال في العراق الان!
- يجب وضع حد لتطاول الحوزة وزمرة مقتدى الصدر العميلة والمأجورة ...
- منازلة قطبي الارهاب العالمي! جماهير ايران والعراق في مقدمة ص ...
- الديمقراطية ام مأزق السياسة الامريكية؟! على هامش خطاب بوش ال ...
- تخرصات الارهابيين المفلسة! رد على جريدة الحياة العراقية
- نداء فارس محمود الى جماهير الناصرية حول إشتداد الصراع للسيطر ...
- صراع جبهتان! حول تظاهرة اتحاد العاطلين في الناصرية
- كابوس مؤرق على الابواب!!
- اللامي يقرء كتابات الحزب الشيوعي العمالي بنظاراته الشعبوية!! ...
- ثقافة التسقيط-.. ثمرة الاستبداد القومي- الاسلامي*
- نعم انها متحيزة لجبهة الحرية و المساواة وعالم خال من الظلم ب ...
- يجب كنس مؤسسة الجيش من حياة جماهير العراق!- الجزء الثالث وال ...
- بمناسبة اليوم العالمي الاول لمناهضة -عقوبة- الاعدام: يجب ا ...
- يجب كنس مؤسسة الجيش من حياة جماهير العراق الجزء الثاني اسط ...
- يجب كنس مؤسسة -الجيش- من حياة جماهير العراق! - الجزء الاول
- -مؤتمر بروكسل-.. وكعكة السلطة المغمسة بدماء الابرياء!
- فوز حزب العدالة والتنمية في تركيا، نتاج اية واقعيات!!


المزيد.....




- لحظة لقاء أطول وأقصر سيدتين في العالم لأول مرة.. شاهد الفرق ...
- بوتين يحذر من استهداف الدول التي تُستخدم أسلحتها ضد روسيا وي ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل جندي في معارك شمال قطاع غزة
- هيّا نحتفل مع العالم بيوم التلفزيون، كيف تطوّرت -أم الشاشات- ...
- نجاح غير مسبوق في التحول الرقمي.. بومي تُكرّم 5 شركاء مبدعين ...
- أبرز ردود الفعل الدولية على مذكرتي التوقيف بحق نتنياهو وغالا ...
- الفصل الخامس والسبعون - أمين
- السفير الروسي في لندن: روسيا ستقيم رئاسة ترامب من خلال أفعال ...
- رصد صواريخ -حزب الله- تحلق في أجواء نهاريا
- مصر تعلن تمويل سد في الكونغو الديمقراطية وتتفق معها على مبدأ ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - فارس محمود - جماهير العراق اكثر تقدما من قانونهم! كلمة حول -تحررية- قانون ادارة الدولة المؤقت