|
الخفي والمعلن في قرار إبعاد أحمد لخريف من الحكومة
مصطفى عنترة
الحوار المتمدن-العدد: 2515 - 2009 / 1 / 3 - 05:14
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ما هي الأسباب الحقيقية وراء إنهاء مهمة كاتب الدولة لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون؟ وكيف استقبل الصحراويون القرار الملكي؟ وما هي الإشارات التي يتضمنها القرار الملكي؟ و كيف سيتعامل حزب الاستقلال الذي يقود أمينه العام الحكومة مع هذا الوضع. وما هي التبعات السياسية لإبعاد " إبن السمارة" من الحكومة عن حزب الاستقلال بالأقاليم الصحراوية؟
أقدم الملك محمد السادس على قرار إنهاء مهمة أحمد لخريف من الحكومة على اعتبار وظيفة كاتب الدولة لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون. وأكد بلاغ الإقالة أن الحكومة علمت بأن السلطات الإسبانية شرعت، منذ عدة شهور، في منح الجنسية الإسبانية للعديد من سامي المسؤولين المغاربة. وأضاف نفس المصدر أن هذا الإجراء قد يجد تبريره في مسؤولية إسبانيا على مناطق من المملكة المغربية كانت تخضع للحماية. ومعلوم أن موضوع منح الحكومة الإسبانية الجنسية للعديد من الأجانب خلال سنة 2008 و2009 كان قد تصدر واجهة بعض وسائل الإعلام الدولية، الأمر الذي دفع مجموعة من الصحراويين "ذوي الحقوق" إلى طرق أبواب السلطات الإسبانية قصد الاستفادة من القانون الذي يمنح بموجه الجنسية الإسبانية. ومن هذا المنطلق يأتي قرار إبعاد "ابن السمـارة" من الحكومة لكونه أودع طلبه بهدف الاستفادة من هذا القانون.
ـ "حكـم ودادي" استند مجموعة من الصحراويين في مطالبتهم السلطات الإسبانية للحصول على الجنسية على "حكم ودادي". وهو الحكم الذي جاء بناء على دعوى قام بها هذا الصحراوي(ودادي) من أجل استرجاع الجنسية محملا إسبانيا مسؤولية خروجها من المنطقة الصحراوية. ويعد هذا الحكم مؤسس أبح يستند عليه الصحراويون طالبو الجنسية الإسبانية شريطة الإدلاء بوثائق إدارية معينة إضافة إلى ورقة تحديد الهوية الممنوحة من طرف قوات "المينورسو". وكانت إسبانيا في نهاية عقد الخمسينيات من القرن الماضي قد غيرت الوضعية القانونية للصحراء من منطقة حماية إلى إقليم تابع لها، حيث أصدرت سلسلة من القوانين، كما وضعت هياكل إدارية ومؤسساتية وقانونية.. قصد تمرير سياستها في المنطقة. لكن السؤال الذي يطرح نفسه لماذا كثفت المملكة الإسبانية من عملية منحها للجنسية للصحراويين؟ وما هي العوامل الخفية التي تتحكم في هذه العملية؟ وما هي طبيعة الإشارات التي يحتويها هذا القرار؟
ـ الخلفيات والمخاطر من المؤكد أن عدة عوامل لها دور في قرار الحكومة الإسبانية تجاه ما تسميهم بالصحراويين "ذوي الحقوق". أول عامل يعود إلى طبيعة القضاء الإسباني المتسم باللامركزية وكذا اجتهاداته التي تختلف من إقليم إلى آخر. أكثر من ذلك أن "حكم ودادي" شجع الصحراويين على الاستفادة من القرار الإسباني المذكور. وثاني عامل يتعلق بالضغط الممارس من قبل المجتمع المدني هناك والمعروف بتعاطفه الكبير مع الصحراويين وتبنيه للطروحـات الانفصالية وكذا الدفاع عنها داخل التراب الإسباني خاصة والإتحاد الأوربي عامة. وقد ميز هذا التعاطف حتى أسرة القضاء، ويتذكر العديد من المتتبعين للشأن الصحراوي الدور الذي لعبته قاضية بقرطبة في عملية تسهيل حصول الصحراويين على الأوراق الإسبانية. وثالث عامل يعود إلى السياسة الحكومية هناك والتي تحاول في كل مناسبة تأكيد حضورها كرقم أساسي في كل معادلة سياسية تهم مستقبل الصحراء المتنازع حولها. تتمثل مخاطر إقدام مسؤول حكومي على الاستفادة من القرار الإسباني بكونه سيحصل على أوراق الجنسية مبنية على أمور تشكك في السيادة المغربية على الأقاليم الصحراوية. هذا الأمر من شأنه أن يشجع كافة الصحراويين على الانخراط في هذه المبادرة. كما أن خطوة لخريف، كاتب الدولة في الخارجية، تأتي في سياق جملة من التطورات التي تعرفها قضية الصحراء المغربية خاصة بعد مبادرة الحكم الذاتي التي تقدم بها المغرب مقترح لإنهاء هذا النزاع الذي تجاوز أربعة عقود.
ـ القرار وتبعاته مما لاشك فيه أن قرار إبعاد أحمد لخريف من الحكومة سيلقي بظلاله على حزب الاستقلال الذي يستعد لتنظيم مؤتمره الوطني الخامس عشر في الشهر القادم وإعادة ترتيب بيته الداخلي في أفق تأكيد قوته في الانتخابات المحلية القادمة خاصة وأن أمينه العام يقود اليوم الحكومة. تبعات هذا القرار من شأنه أن تؤثر على موقعه السياسي داخل الأقاليم الصحراوية خاصة في حالة إقدامه على طرد لخريف من صفوف تنظيمه، على اعتبار أن المجتمع الصحراوي معروف بنزعته القبلية.. ولا يستبعد أن يتراجع حضوره هناك لفائدة أحزاب أخرى حيث ينطبق المثل القائل "مصائب قوم عند قوم فوائد". أكيد أن قرار إعفاء أحمد لخريف من مهمته في الحكومة يتضمن إشارات متعددة، منها ما هو موجه إلى خصوم الوحدة الترابية، وما هو موجه إلى الصحراويين تفيد أن للدولة هيبتها على الأقاليم الصحراوية وساكنتها والتي لا يمكن أن تتخلى عنها في أية لحظة. ساد تخوف كبير لدى بعض المسؤولين الصحراويين على اعتبار أن العديد منهم يحمل الجنسية الإسبانية، الأمر الذي قد يفسر البعض بـ"غضبة الملك" على كل الصحراويين الحاملين للجنسية. ومن المتوقع أن يعيد هذا القرار فتح موضوع الجنسية علما أن العديد من المسؤولين المغاربة يحملون جنسيات فرنسية وكندية وإسبانية... لكن المفارقة العجيبة أن الصحراويين كانوا في السابق يرفعون شعار "فويرا لاسبانيا"، أي لتخرج إسبانيا، في حين نجدهم اليوم يتهافتون للاستفادة من الجنسية الاسبانية!؟ ............................................................. من هو أحمد لخريف؟ ازداد أحمد لخريف، الذي عينه الملك محمد السادس كاتبا للدولة لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون سنة 1953 بالسمارة. وقد تابع دراسته الابتدائية بمدينة السمارة والإعدادية والثانوية بمدينة العيون، وحصل على الاجازة في شعبة الفلسفة بجامعة كومبلوتنسي بمدريد سنة 1976 . وعمل من سنـة1976 إلى1978 أستاذا بالسلك الثاني في مادة اللغة الاسبانية بمدرسة "لاباس" التابعة للبعثة الثقافية الاسبانية بالعيون. ومن سنة1978 إلـى1986 تولى مهمة مدير مؤسسة تعليمية بالعيون قبل أن يشغل منصب مندوب جهوي لوزارة السياحة بالعيون إلى غاية 1997 . وانتخب احمد لخريف سنـة1983 نائبا لرئيس المجلس البلدي بالعيون وهي المهة التي لازال يشغلها، كما انتخب مستشارا برلمانيا منذ سنة1997، وهو عضو بلجنة العلاقات الخارجية والدفاع بمجلس المستشارين ونائب رئيس مجموعة الصداقة المغربية الاسبانية بالمجلس.
#مصطفى_عنترة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
وأخيرا قانون خاص بالنقابات العمالية...
-
تاماينوت تراسل وزير التربية الوطنية حول موضوع الأمازيغية في
...
-
لونيس بلقاسم.. سأقاضي من اتهموني باختلاس أموال الكونغرس
-
أحمد بوكوس يتحدث عن ملف إدماج الثقافة الأمازيغية بالمغرب
-
من المسؤول عن أزمة ملف الأمازيغية بالمغرب؟
-
رموز -وطنية- الأمس و-الظهير البربري-
-
المغرب الحقوقي يتعرض لضربة جديدة
-
التناقض بين الاتحاديين والاستقلاليين يطفو من جديد على سطح ال
...
-
الصحافي جمال براوي يؤكد أن الإرهاب مسألة بنيوية والمغرب لم ي
...
-
جدلية السياسي والتقني في قضية تعليق بث -النشرة المغاربية-
-
مريم الدمناتي ناشطة امازيغية وباحثة في مجال التربية والتكوين
...
-
!! السي عباس الفاسي و-المهام-
-
مصطفى عنترة يتحدث في حوار للمشعل حول الإشاعة التي تنسج حول ا
...
-
مصطفى عنترة يتحدث في حوار لجريدة -المشعل- حول الإشاعة التي ت
...
-
متى تتصالح الأحزاب السياسية مع المكون الأمازيغي؟
-
الإعلامي والباحث مصطفى عنترة يتحدث في حوار مع جريدة -ازطا- ح
...
-
إعلان عن قرب تأسيس مجلس علمي للجالية المغربية المقيمة بالخار
...
-
تدني صورة الأمريكان في عيون المغاربة
-
ماذا بعد التخلص من محمد اليازغي ؟
-
تشكيلة المجلس الأعلى للجالية بالخارج لم تحظ بإجماع مغاربة ال
...
المزيد.....
-
بعد استخدامه في أوكرانيا لأول مرة.. لماذا أثار صاروخ -أوريشن
...
-
مراسلتنا في لبنان: غارات إسرائيلية تستهدف مناطق عدة في ضاحية
...
-
انتشال جثة شاب سعودي من البحر في إيطاليا
-
أوربان يدعو نتنياهو لزيارة هنغاريا وسط انقسام أوروبي بشأن مذ
...
-
الرئيس المصري يبحث مع رئيس وزراء إسبانيا الوضع في الشرق الأو
...
-
-يينها موقعان عسكريان على قمة جبل الشيخ-.. -حزب الله- ينفذ 2
...
-
الرئيس الصيني يزور المغرب ويلتقي ولي العهد
-
عدوى الإشريكية القولونية تتفاقم.. سحب 75 ألف كغ من اللحم الم
...
-
فولودين: سماح الولايات المتحدة وحلفائها لأوكرانيا باستخدام أ
...
-
لافروف: رسالة استخدام أوريشنيك وصلت
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|