أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - إدريس جنداري - من الشورى إلى المستبد العادل : الفكر الديني و تكريس دولة الاستبداد الشرقي .















المزيد.....

من الشورى إلى المستبد العادل : الفكر الديني و تكريس دولة الاستبداد الشرقي .


إدريس جنداري
كاتب و باحث أكاديمي

(Driss Jandari)


الحوار المتمدن-العدد: 2513 - 2009 / 1 / 1 - 06:26
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


تأسست التجربة السياسية الإسلامية في فضاء شرقي ؛ يقوم على الفردانية و الاستبداد ؛ كأدوات في الحكم ؛ و من هنا ارتبطت جميع الأدبيات السياسية الإسلامية بفضائها زمانيا و مكانيا ؛ و نسجت على منواله دون أن تخترق النموذج السائد .
و لعل محاولة بسيطة للنفاذ إلى جوهر هذه التجربة ؛ لتبين عن الكثير من بذور الاستبداد السياسي ؛ الذي أسس له النص الديني كتابا و سنة ؛ و كرسه الفقهاء إجماعا و قياسا .
إن الحكم في الإسلام – كما أكد فقهاؤه - لا يستقيم بالشركاء ؛ و أنه لو كان فيهما آلهة غير الله لفسدتا ؛ و التاريخ الإسلامي من ألفه إلى يائه هو تاريخ استبداد خلفائه و ملوكه و سلاطينه – يؤكد الأستاذ عز الدين العلام- (1) .
إن النظام السياسي الإسلامي من هذا المنظور هو كغيره من الأنظمة السياسية الأخرى التي تنتمي إلى مرحلة تكونه؛ يرتبط بالفكر السياسي السائد في المرحلة ؛ و يضيف إلى ذلك أنه يؤول النص الديني لتكريس قيم الاستبداد التي ظهر في أوج ازدهارها (عهد الإمبراطوريات الكبرى) . و بناء على هذا فإن ما نسميه بالدولة الإسلامية هو مزيج يجمع بين ثلاثة عناصر أساسية هي :
1- العنصر القبلي ؛ و قد كان متجسدا في التنظيمات القبلية التي كانت موجودة قبل الدعوة الإسلامية ؛ و استمرت بعدها .
2- العنصر الفارسي الساساني : و يتمثل في كافة الأنظمة الإدارية و السياسية التي ورثها العرب ؛ و بواسطتها بنوا أجهزة دولتهم الوليدة .
3- العنصر الإسلامي : و تمثل في كافة المنظومات الأخلاقية و الثقافية المولودة مع مجيء الدين الجديد . (2) .
و إذا توقفنا عند هذه العناصر المختلفة ؛ و التي اندمجت ضمن نسق سياسي ؛ يغري ظاهريا بالأصالة و الفرادة ؛ لكنه يخفي جوهريا ارتباطه بالفكر السياسي المؤسس للمرحلة ؛ و الذي يتداخل فيه النظام القبلي العربي ؛ بالنظام السياسي و الإداري الفارسي ؛ بالإضافة إلى الأدبيات السياسية الإسلامية التي لم تؤسس لشيء جديد مخالف للمكونين السابقين ؛ بل على العكس من ذلك نسجت على منوالهما ؛ و عملت على تكريسهما ؛ عبر إضفاء المشروعية الدينية عليهما .
و سواء تعلق الأمر بالنظام القبلي القائم على زعيم القبيلة ؛ بما يجسده من عصبية قبلية ؛ تمكنه من السيطرة على الرأسمال المادي و الرمزي معا و توريثه لخلفه ؛ أو سواء تعلق الأمر بالنظام السياسي الفارسي ؛ الذي يجسد دولة الاستبداد الشرقي ؛ المتمركزة حول الزعيم ذو البعد الإمبراطوري ؛ أو سواء تعلق الأمر بالأدبيات الأخلاقية و الثقافية الإسلامية ؛ التي تقوم على الأحادية و تحرم كل تعددية ؛ بل تعتبرها خرقا للنظام السائد و تأسيسا للخلافات و الفوضى .
في كل هذه المرجعيات التي نهلت منها –ما يسمى بالدولة الإسلامية- نجد تكريسا واضحا لثقافة الاستبداد ؛ بمفهومها الشرقي القديم ؛ الشيء الذي يجعل (الدولة الإسلامية) تجربة سياسية شرقية ؛ تنظر للاستبداد و تمارسه باعتباره نظاما سياسيا ؛ لكن هذه التجربة تختلف في كونها أسست لمشروعية الاستبداد من منظور ديني .
فلذلك لا نتفاجأ إذا وجدنا جميع التنظيرات السياسية الإسلامية –في أرقى تجسيداتها- لا تخرج عن صياغة مفهوم الاستبداد ؛ و إن حاولت أن تضفي عليه نوعا من المشروعية ؛ حينما ربطته بالعدل ؛ و نحن نتساءل : هل يمكن للاستبداد و العدل أن يجتمعا معا تحت سقف واحد ؟؟؟
إن مفهوم المستبد العادل الذي تربطه هذه الأدبيات بالخليفة عمر بن الخطاب ؛ ظهر في فترة كانت تسعى خلالها الجماعة الإسلامية إلى الحفاظ على تماسكها ؛ حتى لا تتشتت بعد موت الرسول ؛ خصوصا و قد تولدت صراعات خطيرة حول من يمتلك مشروعية خلافة الرسول ؛ لذلك تقلد عمر بن الخطاب الخلافة بعد موت أبي بكر الصديق باعتباره عمر الذي كان يصيح في قريش بعد إسلامه :" من أراد أن تفقده أمه فليتبعني خلف هذا الجبل " و لذلك فقد كان يمتلك رأسمالا رمزيا ؛ باعتباره الزعيم القوي و الشجاع الذي تحدى قريش و الذي نصر الرسول ؛ و الذي انتفض في صلح الحديبية عندما حذفت صفة رسول الله من الاتفاقية ؛ و أبقي فقط على الاسم (محمد بن عبد الله) .
كل هذا الإرث الرمزي هو الذي مكن عمر بن الخطاب من التأسيس لمفهوم المستبد العادل في الثقافة الإسلامية ؛ بل و ممارسته طيلة سنوات حكمه ؛ باعتباره الزعيم السياسي (الذي لا تأخذه في الحق لومة لائم) أي –بلغة سياسية حديثة- إن أوامره لا تناقش و لا يتداول بشأنها ؛ بل يجب أن تطبق بحرفية تامة .
و في علاقة مباشرة بمفهوم المستبد العادل ذو الأصول السياسية الشرقية القائمة على الاستبداد ؛ راج في الأدبيات السياسية الإسلامية مفهوم الشورى ؛ الذي ارتبط في البدايات الأولى للدعوة بمشاورة الرسول لصحابته في شؤون الدين الجديد (و أمرهم شورى بينهم) ؛ لكن هذا المفهوم سيرتبط بتأسيس نظام الخلافة في الإسلام ؛ و الخليفة كما أسلفنا من قبل هو المستبد العادل ؛ الذي يعرف كل شيء في أمور الدنيا و الدين ؛ فهو يؤم الناس في الصلاة (الإمام : احتكارالمعرفة الدينية ) ؛ و في نفس الآن يؤمهم في شؤون الدولة (الإمام :الذي يحتكر شؤون الدولة لنفسه ) .
و كما يختار هذا الإمام الديني فقهاء يستشيرهم في شؤون الدين ؛ فهو يختار كذلك فقهاء آخرين (فقهاء البلاط) يستشيرهم في أمور الدولة ؛ و هو في كلا الحالتين يمتلك حرية اختيار من يشاء ؛ و التخلي عن مشوروة من يشاء ؛ من دون نظام أو قانون يحكمه في اختياراته هذه . و لذلك فالخليفة باعتباره ذلك المستبد العادل لا يختار من رجال الدين (المستشارين) إلا من يزكي قراراته في الدين و الدولة ؛ و هكذا يصبح هؤلاء المستشارون ؛ كما تصبح الشورى ؛ ليست البتة (أمرهم شورى بينهم) و لكن على العكس من ذلك تصبح أداة لتكريس الاستبداد ؛ عبر تزكية سلطة الخليفة /المستبد العادل .
بعد هذا العرض الموجز يمكن أن نتساءل :
هل يمكن بناء دولة عربية حديثة تقوم على الدستور و المؤسسات و المواطنة في ظل هذا المتخيل السياسي الذي يقوم على الاستبداد المدعم بالنص الديني ؟
هل بناء الديمقراطية في الثقافة العربية يقتصر على استعارة المؤسسات السياسية الغربية من أحزاب و حكومة و برلمان ؛ أم إن الأمر يتجاوز ذلك بكثير؛ بحيث يجب أن يرتبط بتفكيك البنية الفكرية التقليدية القائمة على الأحادية و تقديس (ولاة الأمور) و محاربة التعددية و الاختلاف ؟
هل يمكن أن ننجح في بناء دولة مدنية حديثة في ظل عودة المكبوت الديني في أبشع صوره ؛ مرتبطا بعصور الانحطاط و الاستبداد ؟
هل يمكن للمحاولات التي تقوم بها أمريكا و أوربا أن تنجح في نشرالديمقراطية في العالم العربي ؛ مع تكريس الثقافة الرسمية السائدة ؛ لمتخيل الاستبداد الشرقي/ الإسلامي ؟
هل تقبل الأنظمة العربية القيام بثورة ثقافية حقيقية ؛ تدعم من خلالها قراءة التراث السياسي الإسلامي قراءة نقدية ؛ مع علمها المسبق بأن نتيجتها ستهدد مصالها ؟
ما هي وظيفة المثقف العربي التنويري في ظل هذه الآفاق الثقافية و السياسية الحالكة في ثقافتنا العربية ؟ هل يقبل بوظيفة فقهاء البلاط ؛ عبر تدعيم ثقافة الاستبداد ؟ أم يجب عليه أن يحمل المشعل ؛ من منظور نقدي يقوم بتفكيك المنظومة الثقافية التقليدية ؛ و في نفس الآن الدفاع بشراسة عن قيم الحداثة ؛ من ديمقراطية سياسية ؛ و ليبرالية فكرية ؛ و علمانية دينية ؛ و اقتصاد السوق المنفتح ؟
الهوامش :
1- عز الدين العلام – تحرير الكلام في تجربة الإسلام – منشورات دفاتر سياسية –
ط: 1 – 2008 . ص: 42 .
2- نفسه – ص: 56 .








#إدريس_جنداري (هاشتاغ)       Driss_Jandari#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحلاج .. في صلبه المباغت
- الديمقراطية بناء ثقافي و ليست فقط صناديق اقتراع .
- العلمانية و الدولة المدنية في الثقافة العربية : المشروعية ال ...
- تأويل النص الديني و تكريس الرجعية في الثقافة العربية


المزيد.....




- مقتل 42 شخصا في أحد أعنف الاعتداءات الطائفية في باكستان
- ماما جابت بيبي..استقبل الآن تردد قناة طيور الجنة بيبي وتابعو ...
- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن مهاجتمها جنوب الأراضي المح ...
- أغاني للأطفال 24 ساعة .. عبر تردد قناة طيور الجنة الجديد 202 ...
- طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال ...
- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - إدريس جنداري - من الشورى إلى المستبد العادل : الفكر الديني و تكريس دولة الاستبداد الشرقي .