أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - منذر خدام - الديمقراطية التي نريد















المزيد.....



الديمقراطية التي نريد


منذر خدام

الحوار المتمدن-العدد: 773 - 2004 / 3 / 14 - 08:00
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


جورج صبرا
تعقيب: د. منذر خدام
إن الديمقراطية التي نريد ببساطة ،هي الديمقراطية التقليدية المعروفة عالميا،والتي يمكن تعديلها حسب ظروف بلادنا. تعرف هذه الديمقراطية بأنها ((حكم الشعب بالشعب وللشعب))،أما جوهرها مهما تعددت الأيديولوجيات كمفهوم تاريخي يبقى واحدا.يتحدد هذا الجوهر بما يلي:
1 -احترام حقوق الإنسان. 2- التعددية السياسية 3-تداول السلطة شرعيا.
والمهم من كل ذلك هو اكتشاف طريقة صحيحة لتطبيق الديمقراطية وقيام نظام ديمقراطي حقيقي،الشعب فيه مصدر الشرعية،يعبر عنها من خلال الانتخابات.وإن اكتشاف آليات هذا النظام مهمة ملحة لجميع القوى والمفكرين،لكي يصبح هذا النظام ثابتا مستقراً قوي المرتكزات وطيد الدعائم قابل للتطوير والتجديد.إني أرى مثلا بضرورة الإبقاء على بعض التشريعات الإسلامية كأحد المصادر للتشريع،والأخذ بعين الاعتبار ببعض الأعراف والتقاليد الضاربة جذورها في مجتمعنا.ولكن القوانين الأساسية المستقاة من مصادر عربية وعالمية فإنها تبقى اليوم مكاسب تاريخية للبشرية،وبصفتها هذه فهي مصدر للتشريع ، نأخذ منها ما يتناسب مع ظروفنا الخاصة،وينطبق ذلك بصورة خاصة على القوانين الديمقراطية.
الديمقراطية التي نريد هي أن نختار نحن كشعب وكمحكومين نظام الحكم والحكام عن طريق الانتخابات الديمقراطية الحرة النزيهة وبالاقتراع السري،وتقوم على أساس أن السيادة للشعب والاعتراف للجميع بحرية الفكر والعقيدة والرأي والتعبير عنه،والحق بالحصول على المعلومات،وحرية الصحافة، والحق بالتجمع والتظاهر وتأليف الأحزاب السياسية ،وتشكيل النقابات والجمعيات وحرية الانضمام إليها.
أنا أعتقد مع برهان غليون ، أن إعطاء تعريفات للديمقراطية يزيد الأمر صعوبة،ويجعل الرهان كبيراً جداً ،وصعب المنال ويثبط همم شعوبنا.يجب النظر إلى الديمقراطية في إطار أقل طموحا وأكثر واقعية أو أقرب إلى ما يهم منها أغلب الناس اليوم.
إن الديمقراطية التي نريد لها جناحان:جناح الحريات السياسية وما يترتب عليه من جهة ، وجناح العدالة والمساواة من جهة ثانية.الديمقراطية ليست الحرية والمساواة وإنما ما يحقق الحرية والمساواة. من الأفضل النظر إلى الديمقراطية من زاوية تنظيم السلطة حسب عقد
اجتماعي تجمع عليه الأغلبية،يتم بموجبه تبادل السلطة بين الأطراف الاجتماعية بدون عنف.
الديمقراطية التي نريد هي نظام في العلاقات الاجتماعية يتولد عنها مؤسسات سياسية واجتماعية تقوم على المشاركة كما يقول بسام الطيبي.إنها دعوة إلى المساواة بين البشر في فرص الحياة،و إطلاق قوى الإنسان الكامنة لتحقيق الذات، وهي ليست مفهوما سياسيا فحسب،بل تنظيما لسلوك الإنسان.
الديمقراطية التي نريد تحتاج إلى ممارسة سليمة وإلى خطاب منفتح وتطبيق صحيح،لكن كيف نحقق ذلك؟ إنها تحتاج إلى مساهمتنا جميعاً ،وبخاصة في بلداننا العربية ، وذلك من خلال تحليل الواقع ،واكتشاف خصوصيته. الخطاب الأيديولوجي لم يعد يجدي نفعاً،بل أصبح خطاباً ((سخيفاً)) على حد قول برهان غليون.مع ذلك فقد أكد على دور المثقفين الهام في المعركة الاجتماعية من أجل الديمقراطية وغيرها من قضايا الوطن ، بشرط أن لا يكون خطابهم فوقياً،أيديولوجياً ،بل تحليلاً علمياً للواقع .
في علم السياسة ،القرار السياسي هو ثمرة تفاعل جميع القوى السياسية في المجتمع،يمر بمساومات عديدة ،ليخرج في النهاية كحل وسط.غير أن ذلك لا يلغي مبدأ احترام رأي الأغلبية للحسم بين وجهات النظر إذا امتنع التوليف بينها،وليس في ذلك أي انتقاص من مبدأ المساواة.من وجهة نظر الديمقراطية السياسية المساواة تعني مساواة أمام القانون، واحتراما للدستور، والفصل بين السلطات واستقلال القضاء،وتعزيز الرقابة على دستورية القوانين،وعلى ممارسات السلطات التنفيذية ، ودورية الانتخابات ،وان كل مواطن يتمتع بصوت واحد .ومن أجل كفالة النظام الديمقراطي يجب بالإضافة إلى ما سبق،استخدام المعرفة والعلم والنقد الذاتي،كما يقول هاشم صالح،أي استخدام العلم الذي هو قوة إنتاج وإبداع ،كما يقول الطيب بكوش.
الديمقراطية التي نريد مدعوة للقضاء على الأنظمة الدكتاتورية ،الأنظمة المعادية لحقوق الإنسان،الأنظمة الاستبدادية الشمولية..الخ.التغيير السياسي في طبيعة الأنظمة الحاكمة هو المهمة الأولى ، والتي تعني من جملة ما تعني الحد من نفوذ الجهاز البيروقراطي للدولة،والسماح للمعارضة بالتعبير عن نفسها، وإنهاء طغيان المجتمع السياسي العسكري على المجتمع المدني الذي يحتاج إلى إرساء أسس متينة له ، ويكون ذلك بتطوير الوعي السياسي،بحيث تصبح الديمقراطية ((مستنبطة وموجهة للممارسة اليومية)) كما يقول برهان غليون،والنضال ضد النزعة الكلامية واللاعقلانية والإقليمية،ونبذ الروح الطائفية والمذهبية والحفاظ على الحقوق الاجتماعية والسياسية لجميع المواطنين،أي إعطاؤهم حق المواطنة. يقول أمين شقير(( المواطنة حق أساسي من حقوق الإنسان المنتمي إلى الأمة العربية،أو أي وطن من أوطانها، والمواطنة تنشئ التزامات على كل مواطن عربي تجاه أمته وأوطانها، لا تستقيم مواطنته بدونها، و تنعدم الديمقراطية حين يحرم المواطن من حقوقه كإنسان أو يعتدى عليها كلها أو بعضها ولا سيما حين يمتنع عليه العيش بكرامة بفعل التكوين الاقتصادي الذي يمنع عليه العيش الكريم اللائق بإنسانيته، أو حين يقع ضحية الإرهاب السياسي والفكري أو البوليسي)). وأقول المطلوب أن نفكر بحرية ،أن نستخدم العقل الذي يستهزئون به ويريدون تعطيله،أن نتحاور ونختلف،ننتخب من نريد ونسقط من نريد،بكامل الحرية والمسؤولية..الخ.تنعدم الديمقراطية إذا فقدت العدالة،أو فقدت سيادة القانون،وإذا حرم المواطن حق الدفاع المشروع عن نفسه.الروح الديمقراطية ليست كلمة تقال ولا ستارة تغني عن المؤسسة الديمقراطية، التي بدورها ليست مجلساً منتخباً فقط ،بل حياة كاملة ، يطمئن من خلالها الإنسان إلى التعبير عن رأيه دون الخوف من أية مساءلة،وأن يمارس التنظيم في إطار الشرعية كحق من حقوقه الديمقراطية،وان يقبل بمبدأ الاختلاف، ويرفض احتكار النخبة، وان تحترم الأكثرية الانتخابية حقوق الأقلية..الخ.
من جانب آخر تتحرك الديمقراطية في فضاء عام لا بد أن تأخذ بعين الاعتبار اشتراطاته، مثل قضية تحرير الأرض، وقضية فلسطين، وقضية الوحدة العربية،والتعاون العربي في مجال الاقتصاد وانتقال الأشخاص والرساميل والبضائع..الخ.إن المشروع القومي الديمقراطي هو الخيار الاستراتيجي الذي لا بديل عنه لمواجهة الإمبريالية والصهيونية،ومواجهة الأوضاع العربية المتردية اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً وسياسياً،وبناء الوحدة العربية على أساس الوحدة والتحرر والتقدم الاجتماعي.
ولكي تكون الديمقراطية أداة فعالة للوصول إلى أهداف الشعب فإنها تحتاج إلى ممارسة صحيحة وذلك على ثلاث مستويات: - في داخل كل حزب.- في العلاقة مع الغير.- في تطبيقها على السلطة وفي إشاعتها في المجتمع.
فعلى المستوى الحزبي تعني الممارسة الديمقراطية القبول بتعدد الآراء وتنوعها وإيجاد أنظمة داخلية أكثر ديمقراطية وأقل مركزية والبحث عن الأفضل.
وعلى مستوى العلاقة مع الآخر لا بد من الاعتراف بوجوده وبحق الاختلاف، واحترام آرائه ومواقفه والبحث عن المصلحة العامة وتغليبها على أي خلاف للوصول إلى الأهداف الوطنية.
وعلى مستوى الدولة والسلطة تقتضي الديمقراطية تطبيق الدستور المتفق عليه وطنياً،إجراء انتخابات حرة ونزيهة ومراقبة،والإقرار بمبدأ تبادل السلطة….الخ. ولا بد من التنويه بضرورة بقاء الجيش على الحياد في الحياة السياسية الداخلية والسهر على حدود البلاد واستقلالها و أمنها القومي ضد العدو الخارجي.
وعطفا على موضوع احترام أراء الأقلية سواء داخل الحزب الواحد،وحتى في المجتمع،سوف أورد رأيا لوفيق نظمي أراه سديدا في هذا المجال . يقول وفيق نظمي (( للأقلية حق على الأغلبية أن تطبع وجهة نظرها(أي وجهة نظر الأقلية) وتوزعها على سائر أعضاء الحزب،وان يتاح للأقلية أن تدافع عن وجهة نظرها بشأن القضايا الفكرية والسياسية ،وأن يجري الحوار السياسي في الصحافة..)). في البداية لا بد من إجراء التحول الديمقراطي على القوى السياسية قبل أن يطبق على الدولة والمجتمع.فالديمقراطية التي نريد تفصل بين المجتمع السياسي والمجتمع المدني ،بين الدولة والمجتمع .ومن خلال هذا الفصل نؤكد على إعادة الربط بين السياسي والاجتماعي، مع تامين ((احترام المصالح الاجتماعية المختلفة لمجموع الفئات المشتركة في البنيان الاجتماعي الوطني))كما يقول سمير أمين ، ويضيف أنه لا بد من (( إعلان مبادئ فصل الدين عن الدولة وإعلان مبادئ العلمانية)). ومن جهتي أرى في العلمانية هدفا يستحق الاهتمام وانه لا بد من علمنة المجتمع أثناء تطبيق الديمقراطية،لأن المسألة لا تتعلق بدستور ما ، بل بموقف الأصوليين المتعصبين من هذه القضية.العلمانية قضية يجب دراستها جيداً: بحثاً وتدقيقاً وتوضيحاً ومطلباً.وهي لا تعني إلغاء الدين وشعائره وقيمه الروحية ولا الوقوف في وجهه بل احترامه.وهنا يأتي السؤال الذي يفرض نفسه: كيف يمكن الاتفاق أو التعاون مع القوى الدينية؟ كيف يمكن الاتفاق على برنامج الحد الأدنى،وما هو هذا الحد الأدنى؟يجيب عادل حسين في معرض حديثه عن إمكانية الحوار أو التعاون مع الإسلاميين (( يمكن أن يقول الراديكاليون الماركسيون إن الحد الأدنى هو الوقوف ضد الهيمنة الأمريكية والصهيونية أو ضد التفاوت في توزيع الدخول أو ما شابه ذلك.. وقد لا يختلف الإسلاميون الراديكاليون حول هذه الأهداف في حد ذاتها،ولكنهم يقبلونها ضمن إطار آخر يجعل الحد الأدنى لبرنامج تعاونهم يقوم على الاعتراف بالإسلام كنقطة انطلاق،لمناقشة المشاكل الأخرى.وبهذا المفهوم فإنهم يرون أن الطرف الآخر هو الذي رفض التعاون والحوار وفق برنامج الحد الأدنى)).وبدوري أقول أن أي تعاون جبهوي من اجل الديمقراطية يحتاج إلى أسس ثلاث ، أقول (أسس) وليس (شروط) لبناء جبهة وطنية ديمقراطية عريضة وهي:
-الاستقلالية عن الخارج وعن لعبة الأنظمة.
- نبذ العنف بكل أشكاله وصور.
-تبني الديمقراطية فعلا في القول والعمل.
ومن المهم أن يقتنع الأصوليون بالديمقراطية باعتبارها قضية مركزية وقيمة أولى،ومطلب ملح وإن التعصب والتزمت لا يفيدان ،وان الديمقراطية ليست بدعة ولا مستوردة ولا إلحاداً،بل هي ضرورة مثل الخبز والماء والهواء.ولكي نصل إلى الديمقراطية لا بد من أن نجتاز العقبات التالية:
أ-بناء الدولة الشرعية ،دولة القانون والمؤسسات،تكون ضمانة للحريات السياسية،وللاستقلال الوطني،ولتحقيق التنمية الشاملة،وتنمية القيم الديمقراطية..الخ.إن السلطة السياسية يجب أن تكون نتيجة الاختيار الحر للجماهير. لا بد من إعادة النظر في كثير من القيم الاجتماعية وفي نظام العائلة وفي العلاقة بين الجنسين،وفي التعليم والثقافة والإعلام بحيث تساعد في تقدم المجتمع وازدهاره.
ب-حل التناقض بين تحدي التنمية الداخلية وبين الاختراق الأجنبي اقتصادياً وثقافياً وسياسياً.السؤال هو كيف يمكن بناء دولة ديمقراطية في إطار دولة تابعة واقتصاد تابع؟ما هي علاقة التبعية بالقهر السياسي وبالعكس؟ ما علاقة الاستقلال الوطني بالديمقراطية؟ هل يمكن توفير الديمقراطية خارج إطار الرأسمالية؟ أم لا بد من التسليم بنظامها العالمي الجديد؟ هل يمكن تحقيق مبدأ تداول السلطة خارج حرية السوق؟ألم يبق لنا أمل غير الديمقراطية لتمهد لنا الطريق إلى حياة أفضل،إلى نوع من الاشتراكية الحقيقية؟.
ث-الديمقراطية تحتاج لتذليل الشروط التاريخية للوصول إليها ، فثمة ظروف موضوعية قائمة يجب النضال ضدها لترسيخ التحول نحو الديمقراطية مثل التخلف ،صعوبة التنمية ، تحقيق السيادة والاستقلال السياسي الفعلي، التكامل الاقتصادي العربي والوحدة القومية..الخ.لذلك فإن احتمال الرجوع عن الديمقراطية قائمة في هذه الظروف الموضوعية والشروط التاريخية.نتساءل مع الطاهر لبيب(( إذا كان المجتمع العربي في وضع تبعي،وإذا كانت الظواهر التبعية فيه تخترق كامل مستويات بناه الاجتماعية وقطاعاته المختلفة،ألا يجب أن نتساءل عن حدود الديمقراطية في هذا الوضع؟!.
إن الطبقات المسيطرة اقتصادياً والحاكمة سياسياً عاجزة موضوعياً عن إنجاز مشروع ديمقراطي يمس التبعية. ما نشير إليه هنا هو اتجاه العلاقة نحو حدودها القصوى التي عندها تصبح القوى المطالبة بالديمقراطية لا تواجه الدولة المحلية بل الدولة المركزية التي تحاول التدخل لفرض نوع الديمقراطية وتراقب تطبيق حقوق الإنسان المناسبة.)).
بينما يقول إبراهيم غليون((أعتقد انه من الأفضل أن يبحث في الشروط القائمة وشروط الوصاية الأجنبية ، وتخريب وتدمير البنى المحلية الثقافية والاجتماعية والاقتصادية، عن أسباب غياب الديمقراطية ،من أن نلقي المسؤولية على التاريخ أو على الدين أو على غيره من العوامل الثانوية)).وأنا أقول أننا في سورية مارسنا نوعا من الديمقراطية القريبة الشبه بما يطبق في الغرب،أو ما أمكن ممارسته منها في خمسينات القرن العشرين،لكن لمدة قصيرة جداً لم تتح فيها لشعبنا الفرصة أن يرسخ تقاليد ومبادئ تطبيق الديمقراطية في حياته وجاء القطع التاريخي لمدة أربعين عاماً.وإذا كانت العودة إلى تجربة الخمسينات الديمقراطية مستحيلة في الوقت الراهن،فمن الأجدى العودة إلى الديمقراطية حسب الشروط التاريخية والظروف العالمية والأوضاع العربية والإقليمية السائدة في نهاية القرن العشرين. ولا يحول دون ذلك ما يقول به بعضهم(نديم البيطار)من أن إفلاس البرجوازية عندنا هو ((إفلاس متواصل…لأنها عاجزة بسبب بنيتها نفسها عن مواجهة أو حل التناقض والصراعات الأساسية التي تهيمن عليها…أما البرجوازية الغربية فقد استطاعت أن تغير وجه التاريخ والاجتماع والأرض نفسها)). ما هي القوى الاجتماعية التي يمكنها أن تحقق الديمقراطية في بلدان العالم الثالث أو في وطننا العربي؟ في الجواب على هذا السؤال أقول إن القوى التي يمكنها أن تحقق الديمقراطية في بلداننا العربية تتكون من جبهة وطنية عريضة تتسع لجميع القوى المتسلحة بوعي اجتماعي متقدم ، ولكل من له مصلحة في تحقيق الديمقراطية وإقامة النظام الوطني الديمقراطي المبني على أساس التغيير الجوهري الديمقراطي في حياة البلاد السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتربوية عبر ((إعادة التسييس)) الديمقراطي.تقوم هذه العملية على تقوية القدرة التنظيمية الذاتية للجماهير وقدرتها على التنمية المعتمدة على الذات.ومن المفيد هنا أن نذكر قول علي الدين هلال إن الديمقراطية((ينبغي أن تصبح عقيدة الطبقات الدنيا في المجتمع إزاء سيطرة الطبقات الأكثر غنىً وقدرة)). وهي عملية مستمرة لتوسيع دائرة الحقوق السياسية والاجتماعية ونقل قوة التأثير والنفوذ إلى أكثر الدوائر الشعبية اتساعاً.إنها تملك مثلاً سياسياً أعلى يتضمن الحكم الذاتي للبشر والمساواة الاجتماعية.
أما مشكلة الأقليات القومية،فإني أرى أن انتصار الديمقراطية في كل بلد يساهم في حل الجزء الأكبر منها ويخلق المناخ الملائم لحلها النهائي على أساس حق تقرير المصير.
الديمقراطية التي نريد تطمح إلى رفع شأن المرأة ومساواتها بالرجل وإعطائها حقها الكامل في أن تنتخب دون أية قيود، وحقها في العمل والإدارة والرعاية الصحية والاجتماعية والثقافية والمساواة مع الرجل أمام القانون وتحقيق ذاتها كإنسان، لا سيما أنها تشكل نصف المجتمع و إقرار جميع حقوقها العامة والفردية.
و أخيرا إن الديمقراطية التي نريد هي سلسلة من التغييرات الجوهرية في بنية حياتنا الحديثة، في الدائرة السياسية وفي الدائرة الإنتاجية للوصول إلى تحقيق الديمقراطية التي لا يمكن أن تحلق إلا بجناحيها:الحريات السياسية من جهة والعدالة والمساواة من جهة ثانية.
تعقيب
د.منذر خدام
إن الانعطافات الحادة وتغيير المواقع والمواقف الفكرية والسياسية من الأمور المألوفة في وطننا العربي. فأن يكون المرء مرة متدينا سلفيا، ومن ثم قوميا متعصبا ومن ثم شيوعيا أمميا (كوسموبولوتيا)،أو بالعكس، أو بين بين فهذا من طبيعة الحياة الفكرية والسياسية عندنا.لقد ذكرنا في أكثر من موضع أننا ننفعل فكريا وسياسيا بما يجري حولنا،فليس لدينا فكرا مستقلا أصيلا وبالتالي ليس لدينا سياسة مستقلة حقيقة.وأكبر مثال على ذلك المثاقفات الجارية في الوقت الراهن على امتداد ساحة الوطن العربي حول مشكلة الديمقراطية ، التي دفعنا إليها دفعا من جراء التغيرات التي جرت على الصعيد العالمي ، كما دفعنا قبلا إلى المثاقفة حول قضية البيروسترويكا في الاتحاد السوفييتي السابق، ولاحقا حول قضية النظام العالمي الجديد ،وراهنا حول قضية العولمة..الخ.دائما الأسباب خارجية ،ودائما قواعد الحوار وأدواته تتحدد في الخارج، والمآل النهائي لكل ذلك يرسم في الخارج..الخ، فلا ضير أن تكون العربات محلية طالما أن القاطرة خارجية.
وهكذا إذا فلا لوم ولا حرج على السيد أبي شادي أن يكون مرة شيوعيا أمميا ومن ثم يصبح شيوعيا قوميا واخيرا شيوعيا ليبراليا، وقد يكون في تقلباته وتغيير مواقعه ومواقفه الفكرية نوع من التطور ،أو في الحد الأدنى نوع من التكيف مع المتغيرات العالمية خصوصا بعد انهيار الاتحاد السوفييتي وتفرد أمريكا بزعامة العالم دافعة إياه باتجاه عولمة همجية تتقرر مصائر الشعوب والدول فيها في مراكز القرار التي يهيمن عليها رأس المال الأمريكي.وإذا كان من حق السيد أبي شادي أن يتخلى عن الديمقراطية الاجتماعية بصيغتها السوفييتية والتي فشلت في اختبار الحياة الواقعية ولا يثير ذلك أي تساؤل، فإن الغريب في الأمر الحماس والشحنة الانفعالية العالية التي يدافع بها عن الديمقراطية الليبرالية. فهو لا يكلف نفسه عناء التساؤل عن تاريخها الخاص ولاعن مدى ملاءمتها للواقع العربي ، بل يقرر((إن الديمقراطية التي نريد هي ببساطة الديمقراطية التقليدية المعروفة عالمياً)) ،وبطبيعة الحال(( تلك التي يمكن تعديلها حسب الظروف في بلادنا)) كما يقول السيد أبو شادي. فتعريف الديمقراطية بأنه ((حكم الشعب بالشعب وللشعب)) يبدو من البداهة بالنسبة للأخ أبي شادي ولغيره، وكأنه مفهوم بذاته لا يحتاج إلى أية مراجعة نقدية لكثرة شيوعه وتكراره في الأدبيات السياسية والفكرية بحيث تحول إلى مفهوم مجرد متعال.لا ضير أن نكرر مرة أخرى أن القيمة الحقيقية لمفهوم ((الديمقراطية )) أو لمفهوم ((الشعب)) أو لمفهوم ((الحكم)) تكمن في الدلالة التاريخية لها أي في إشارتها إلى واقع معين. فمن الخطأ المنهجي أن ننظر إلى هذه المفاهيم وغيرها من المفاهيم الاجتماعية على أنها عابرة للتاريخ متعالية عليه.من هذا المنطلق، ومن زاوية انشغالنا الراهن بقضية الديمقراطية يمكن القول أن مفهوم ((الشعب)) أو مفهوم ((الحكم)) كان لها دلالات متغيرة عبر الزمن ومن مكان لآخر ومن شعب لآخر. ففي اليونان القديمة لم يكن لمفهوم الشعب الدلالة نفسها التي كانت له في المرحلة الرومانية ، أو الدلالة التي له في الوقت الراهن.الشعب في اليونان القديمة هو طبقة الأحرار التي لم تكن تزيد عن 12% من مجموع سكان اليونان، أما أغلبية السكان(88%) فكان خارج إطار هذا المفهوم،كانوا عبيداً.كذلك الأمر في العصر الروماني فإن الملكية كانت المعيار في التمييز بين من ينتمي إلى الشعب ومن هو خارجه ، وفي الرأسمالية حيث يتم الاعتراف بحق المواطنة للجميع ،إلا أن مفهوم "الجميع" هنا ليس له معنى طالما أن الوضعية الاقتصادية مختلفة. هذا الحال سوف يستمر في جميع التشكيلات الطبقية.فالحكم بما هو توليف وضبط لعلاقات السيطرة يكاد يكون واحدا منذ اقتضى الاجتماع البشري نوعا من الضبط والإدارة. لكن شكل الحكم وأدواته وأساليبه تغيرت واختلفت من شعب لآخر مع تطور التاريخ واختلاف الظروف،بسبب تغير طبيعة علاقات السيطرة، بما هي تكثيف لتطور العلاقات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية بصورة عامة.وعليه فإن مفهوم الديمقراطية والمبادئ الأخرى التي يرتكز عليها مثل مبدأ الحرية وحق الاختيار ومبدأ احترام حقوق الإنسان ومبدأ التعددية السياسية والمدنية إلى مبدأ تداول السلطة ..الخ كلها مفاهيم تاريخية ، وبدلا من المطالبة بتطبيقها هكذا كقيم مجردة متعالية علينا أن ننظر أولا في واقعنا الاجتماعي والسياسي والاقتصادي للكشف عن حدود تطبيق هذه المفاهيم وإمكانية ذلك.ولا أخال السيد أبا شادي يبتعد كثيرا في موقفه هذا عن طروحات الجيل الأول من مفكري عصر النهضة العربية، الذين حاولوا التوفيق بين الأفكار النهضوية والتنويرية الأوربية وبين الموروث الثقافي التراثي الإسلامي.السيد أبو شادي يدعونا إلى أن نأخذ من الآخرين ما يلائم ظروفنا،فالقوانين الديمقراطية أصبحت عالمية،وفي نفس الوقت نأخذ ما يزال صالحا في تراثنا الإسلامي وعاداتنا وتقاليدنا. في موقفه هذا يتناقض السيد أبو شادي مع تصوره للديمقراطية التي يريدها وهي ديمقراطية ليبرالية بامتياز. في هذه الديمقراطية الشعب هو الذي يختار نظام الحكم الذي يريد وينتخب حكامه بالاقتراع السري، ويتمتع الجميع بحرية الفكر والعقيدة والتعبير والاجتماع والتظاهر ، وممارسة ذلك كله في إطار تنظيمي مناسب.بل ويتناقض السيد أبي شادي من جديد مع وجهة نظر السيد برهان غليون التي يدعو إلى تبنيها، والتي تنظر إلى الديمقراطية في إطار أقل طموحا وأكثر واقعية، أو أقرب إلى ما يهم أغلب الناس منها.ومما لا شك فيه أن أغلب الناس في بلداننا العربية لا تتقدم الديمقراطية لديهم إلى المرتبة الأولى في سلم أولويات اهتماماتهم. فقضية فلسطين والوحدة العربية والكفاية الاقتصادية والأمن الشخصي والأمن العام وقضايا الحرية ،كلها هموم تتقدم الهم الديمقراطي.
الديمقراطية التي يريدها السيد أبو شادي تطير بجناحين هما : الحرية السياسية والمساواة. ولماذا الحرية السياسية وليس الحرية بالمطلق؟ يجيب السيد أبي شادي انه (( من الأفضل رؤية الديمقراطية من زاوية تنظيم السلطة )) أي أن الديمقراطية عنده تنحصر في مجال السياسة وهذا الأخير ينحصر في مجال تنظيم السلطة بناء على أساس قانوني متفق عليه.
من المعروف في تاريخ الفكر الفلسفي الديمقراطي، أن الديمقراطية كانت تنمو وتنوس بين قطبين هما: الحرية والمساواة، وبالقياس إليهما تمايزت الفلسفات الديمقراطية إلى تيارين كبيرين ينظر الأول منهما إلى الديمقراطية من منظار الحرية. هذا التيار يجد نضجه النظري والفلسفي عند لوك. أما التيار الثاني فإنه ينظر إلى الديمقراطية من منظار المساواة، ويجد أفضل ممثليه في جان جاك روسو.من الزاوية التاريخية ، أي من زاوية التجارب الديمقراطية الواقعية في أوربا يمكن القول أن الديمقراطية لم تحقق أياً من المبدأين الذين قامت عليهما نظريا. فهي لم تحقق الحرية بل هوامش محدودة للحرية، ولم تحقق المساواة، بل المساواة الشكلية أمام القانون.
الديمقراطية من منظار الحرية أدت واقعيا إلى ولادة النخبوية في المجال السياسي، أما الديمقراطية من منظار المساواة فقد أدت إلى إلغاء الحياة السياسية، عداك عن أنها لم تحقق المساواة.وإذا كانت الديمقراطية لم تحقق واقعيا لا الحرية ولا المساواة، كما طرحتها فلسفات الديمقراطية، فهذا شيء طبيعي ومتوقع، نظرا لوجود هامش اختلاف وتفارق بين ما هو ممكن في حقل النظرية وما هو ممكن في حيز الواقع وقد يكبر هذا الهامش أو يضيق سواء باتجاه النظرية أو باتجاه الواقع بحسب الظروف والخصائص الموضوعية التاريخية لكل بلد أو شعب. أضف إلى ذلك فإن مفهوم ((الحرية)) وكذلك مفهوم ((المساواة)) هي مفاهيم تاريخية تتغير دلالتها مع تغير وضعية الإنسان باعتباره كائن ثقافي. فدلالة الحرية والمساواة عند الإغريق القدماء هي غيرها عند الرومان وهي غيرها في أوربا الرأسمالية وهي غيرها في البلدان المتخلفة.وبالتالي فإن قيمتها الفعلية ليست في كونها مثلا مجردة متعالية، بل في وجودها المشخص والمميز، وهذا يحيلنا مباشرة إلى الواقع والبحث فيه عن الممكنات الموضوعية والذاتية، الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية التي تسمح باحتضان وتجذر هاتين القيمتين المتعاليتين.هنا سوف نصدم بقوة، على الرغم مما في تراثنا من قيم تدعو إلى الحرية والمساواة، باعتبارهما من القيم الأخلاقية العامة التي تستوجب الثواب أو العقاب. فالواقع الذي نعيشه في وطننا العربي وطبيعة الإنسان العربي باعتباره كائنا ثقافيا يكثف بذاته جميع شروط تصيره، لا يشكل حاملا حقيقيا لا لمفهوم الحرية ولا لمفهوم المساواة. بل على العكس لديه قابليات نامية ومستنفرة لاحتضان ما هو عكسهما تماما من خضوع واستبداد وتمايز.من هذا المنطلق أرى أن المطلب الديمقراطي لا يزال مطلبا نخبويا يتحرك في الحقل الثقافي، يبحث عن تربة في الحقل السياسي يمد جذوره فيها، عن حامل اجتماعي يناضل في سبيله.لذلك كله ،آخذين بعين الاعتبار أيضا خصائص الدولة الأمنية المهيمنة على كل شيء ، نرى انه لأقرب إلى الصواب التركيز على مطلب الحريات العامة في الخطاب النظري الفكري وعلى الديمقراطية بالمعنى العام باعتبارها نمط حياة وليس مجرد تنظيم وضبط لعلاقات السيطرة.هذا لا يعني أن تغيب الديمقراطية بالمعنى السياسي عن خطابنا الفكري والسياسي، بل بالعكس يجب أن تحتل الموقع الأول في الخطاب السياسي لكن في إطار الممكنات الواقعية لها. نحن على قناعة أنه في كل مجتمع وفي إطار شروطه الموضوعية والذاتية توجد دائما إمكانية ما للديمقراطية السياسية من المهم جدا الكشف عنها وعن حدودها الواقعية.
إن الانتقال السريع ،على افتراض أن ذلك ممكن واقعيا، من وضعية الدولة الأمنية الجامدة التي تتحرك على كامل مساحة المجتمع، ملحقة جميع أشكال وجوده التنظيمية بها، لتؤدي وظيفتها بالعلاقة معها وفي خدمتها، إلى الدولة الديمقراطية دولة المؤسسات والقانون قد يتسبب بانهيارات لا تحمد عقباها، وخصوصا على صعيد الدولة ، وإذا انهارت الدولة فلا معنى للديمقراطية.لا نقول ذلك من باب التهويل أو التوجس من احتمال وقوع هكذا كارثة، بل للتذكير مرارا بضرورة عدم القفز فوق الواقع بل العمل من داخله لتغييره بصورة منهجية غير متسرعة ،العمل الذي يخلق المناخ الملائم لنمو الديمقراطية وجميع القيم المصاحبة لها، سواء باعتبارها أسلوب في إدارة الحكم وعلاقات السيطرة ، أو باعتبارها نمط حياة.
وبعد أن أفصح السيد أبو شادي في مداخلته عن نزوعه الكبير نحو الديمقراطية الليبرالية فهو يعشق الحرية، يعود فيتحول مع بسام الطيبي إلى الديمقراطية باعتبارها نوع من التنظيم للعلاقات الاجتماعية، أي باعتبارها نمط حياة ، دعوة (( للمساواة بين البشر في فرص الحياة)) . لا شك أن بين الديمقراطية بالمعنى السياسي والديمقراطية بالمعنى الاجتماعي علاقات ووشائج ، تجعلنا نشك في إمكانية ممارسة الديمقراطية السياسية بصورة دائمة ومستقرة بدون أن تتحول إلى نمط حياة له قيمه وأدواته وأساليبه. لكن ذلك لا يجوز أن يجعلنا نشتق بين الديمقراطية السياسية والديمقراطية الاجتماعية أي باعتبارها نمط حياة أي أسبقية نظرية ثابتة،فكلا الاحتمالين لهما الإمكان النظري نفسه. فقد تتطور الديمقراطية باعتبارها نمط حياة وتنتشر من دائرة إلى أخرى من دوائر الحياة الاجتماعية، بحيث تحتل في مرحلة من التطور التاريخي الدائرة السياسية أيضاً. المثال النموذجي على ذلك يمثله بامتياز تاريخ تطور الديمقراطية الأوربية .هنا نلاحظ أن الفكر النهضوي ومن ثم الفكر التنويري بما فيهما من دعوة إلى قيم الحرية والمساواة كان سابقين على الفكر الديمقراطي الليبرالي ممهدين التربة له.وإذا افترضنا أن الديمقراطية الحديثة هي الديمقراطية التي حملت لواءها الطبقة البرجوازية، وحايثت تطور الرأسمالية الأوربية، فإننا سوف نلاحظ أنها قد شقت طريقها أولا في الحقل الثقافي و الاقتصادي والاجتماعي قبل أن تتطور في الحقل السياسي. ففي ظل الملكية المطلقة في أوربا بدأت العلاقات الرأسمالية بالنمو والتطور مولدة قيمها الخاصة في الحياة الاقتصادية والاجتماعية، ومنذ أواخر القرن الثامن عشر بدأت البرجوازية المتحالفة مع الفلاحين والعمال ،تحسم موضوع السلطة السياسية وبالتالي موضوع الديمقراطية باعتبارها شكلا لتنظيم علاقات السيطرة وتشييد النظام السياسي المطابق.
لكن لو نظرنا إلى المسألة في العديد من البلدان المتخلفة ومنها بلداننا العربية، مع الفارق الزمني عن أوربا، ومع كل ما تركته في البنية المجتمعية من أثار ثقافية واقتصادية وسياسية واجتماعية ..الخ، بل وآخذين في عين الاعتبار ثورة المعلوماتية والاتصالات، نكاد نجزم أن الديمقراطية كنمط حياة في مجتمعاتنا لم تجد تربة خصبة تتجذر بها بعد ، ولا تزال تعاني من غربة حقيقية. لذلك فإن المدخل إليها لا يكون إلا عبر الديمقراطية السياسية التي بدورها تتطلب توسيع دائرة الحريات العامة والضغط على الدولة الأمنية وإرغامها على التحول التدريجي باتجاه الدولة الديمقراطية دولة المؤسسات والقانون.بطبيعة الحال كل ذلك يتطلب نضالا صبورا ومجالدة وزمنا طويلا تحسمه في النهاية موازين القوى الاجتماعية والسياسية بين أنصار الديمقراطية وخصومها.
نعود إلى الأخ أبي شادي ، فبعد أن توقف عند الديمقراطية السياسية الليبرالية، انتقل وتوقف عند الديمقراطية الاجتماعية، لينتقل بعد ذلك ويتوقف عند موضوع في غاية الأهمية بالنسبة لموضوعنا ألا وهو، بلغتنا، إرادة تحقيق الديمقراطية.هذا الموضوع هو أيضا من المواضيع التي انشغل بها الفكر الديمقراطي ،وهو جزء من تاريخ الديمقراطية. فلا يكفي أن يكون للديمقراطية جناحان هما الحرية والمساواة، بل لا بد أن تمتلك أيضا إرادة الطيران.السيد أبي شادي يعرض وصفة وعظية ممتازة في هذا المجال من قبيل (( أنها [ أي الديمقراطية ] تحتاج إلى مساهماتنا جميعاً)) ، على أن نبتعد عن ((طريق الصراع الأيديولوجي)) فالخطاب الأيديولوجي (( أصبح سخيفا)) كما يقول نقلا عن السيد برهان غليون. وإن على المثقفين أن يلعبوا دورهم وان (( يساهموا في المعركة الاجتماعية )) من خلال موقعهم كمثقفين (( لا أن يحلوا محل الجماهير ))..الخ. ولم ينسى السيد أبو شادي أن يضمن عظته دعوة إلى ((تحليل وتشخيص واقع بلادنا)) وخصوصا من زاوية مشكلة الديمقراطية.
ما الذي تغير؟ هل تغيبت الأيديولوجيا عن مداخلة السيد أبي شادي، وهو الذي قضى شطرا كبيرا من حياته يناضل في سبيل أيديولوجيا المساواة الاجتماعية؟!وهل من الممكن أن تطرح أية قضية من خارج الأيديولوجيا؟. ثم عن أي مثقفين ، وعن أي جماهير يتحدث السيد أبي شادي هكذا بعمومية واطلاقية، داعيا إياها إلى حمل لواء الديمقراطية والنضال في سبيلها.المثقف حسب السيد أبي شادي مدعو إلى تحليل الواقع بعمق وبصورة موضوعية، لكن بدون أيديولوجيا، وبدون أن يتناقض مع نفسه!.السيد أبو شادي بنظرته هذه إلى المثقف يعزله عن بيئته الاجتماعية ويحيله إلى وضعية اجتماعية متعالية متماثلة في خطابها المعرفي والسياسي وبالتالي في خطابها الديمقراطي.
نحن نعتقد أن الثقافة سلطة، وان المثاقفة صراع في سبيل السلطة الثقافية والفكرية ومن خلال ذلك فهي تعبر إلى السلطة السياسية. والمثقفون ليسور في وضعية اجتماعية واحدة، بل متمايزة،سواء كحالة وجودية ومعرفية أو من خلال علاقاتها الموضوعية والذاتية مع بقية شرائح المجتمع.وعلى هذا الأساس فهي تشهد في داخلها صراع ليس فقط في دائرة انشغالها الأساسية، اعني دائرة إنتاج المعرفة، بل وفي الدائرة الأوسع ، أعني دائرة العلاقات الاجتماعية متضمنة العلاقات السياسية.وعندما ننظر إلى قضية المثقف في وطننا العربي من زاوية علاقاته بالديمقراطية ، لا نستطيع أن نتجاهل حقيقة أن أغلبية المثقفين في وطننا العربي هم في حقيقة الأمر مثقفو السلطات القائمة، وينتجون بالتالي ثقافة سلطوية دكتاتورية ، تارة تحت عنوان الخصوصية ، وتارة تحت عنوان التراث وتارة ثالثة تحت عنوان الوحدة أو تحرير فلسطين أو التنمية.. إلى غير ذلك من الذرائع التي أثبتت الحياة عقمها وفشلها ، فلم يتحقق أي منها، غير أننا ضحينا جميعا بقضية الديمقراطية.
هل المهمة الأولى للنضال الديمقراطي هي القضاء على الأنظمة الدكتاتورية؟ أم أن هناك مهام أخرى تتقدم هذه المهمة؟ وبالتالي من أي حقل ينظر إلى هذه المهام بحيث تأخذ أوالية معينة؟.إذا نظرنا إلى هذه المهام من الحقل السياسي فقد تبدو الديمقراطية في موقع متقدم تثبت حضورا مستمرا في الخطاب السياسي، لكن إذا نظرنا إليها من الحقل الثقافي والنظري فقد تبدو قضايا الحرية في الموقع المتقدم، أما إذا نظرنا من الحقل الاجتماعي فقد تبدو المطالب الاجتماعية المباشرة في المقدمة وهكذا دواليك. إن هذه التجزئة للقضايا باعتبارها مهام نضالية هي في حقيقة الأمر عملية افتراضية إلى حد بعيد، فهي جميعها متداخلة متراكبة تدخل مع بعضها البعض بعلاقات ارتباطية وتفاعلية تحدد حراكها العام كقضية كبيرة واحدة.هذا لا يمنع من الناحية التكتيكية والإجرائية التركيز حينا على قضايا الحرية، وحينا آخر على المطالب الاجتماعية والاقتصادية وفي حين آخر على قضايا السلطة ونظام الحكم..الخ.
إن مواجهة الأنظمة الدكتاتورية في وطننا العربي بقدر ما هي مهمة ملحة وضرورية وحاسمة، بقدر ما هي مهمة صعبة ومعقدة . لذلك ربما من الأفضل أن يتركز العمل والنضال اليومي على إعداد المواطن، أداة النضال،وإخراجه من سلبيته وذلك بتوسيع دائرة الخطاب التنويري بقضايا الحرية وحقوق الإنسان والديمقراطية هذا من جهة، ومن جهة ثانية بالضغط المتنامي على الأنظمة الدكتاتورية وإرغامها على التنازل عن مواقع معينة للحرية والديمقراطية والعمل على ترسيخها وتوسيعها والتمسك بها.وفي هذا الإطار من الأهمية بمكان تقديم المثل في الممارسة الديمقراطية في داخل الأحزاب السياسية والتنظيمات الجماهيرية، وفي مجال العلاقات المتبادلة بينها. هذا هو طريق التحويل الديمقراطي الذاتي الذي يقول عنه السيد أبو شادي أنه طريق العمل المتواصل مع الذات أولاً قبل العمل مع الآخرين.
إن أكثر ما يستفز الأنظمة الحاكمة في وطننا العربي هو الخطاب السياسي المباشر الموجه نحو سلطتها، فيجعلها تنكمش وتحرك قواها الأمنية المستنفرة دائماً، وقد جرب هذا النهج في السابق فكانت نتيجته قمع القوى الوطنية والديمقراطية،ومزيدا من التسلط والاستقواء بالأجهزة الأمنية ، وفي المحصلة تعززت الأنظمة الدكتاتورية أكثر فأكثر. ربما من الحنكة السياسية التركيز في الخطاب السياسي وفي العمل النضالي على قضايا أقل حساسية وإثارة للتوجس، لكنها في نفس الوقت أكثر قبولا أو أن هناك فرصة لتقبلها أو أن الأنظمة الحاكمة يصعب عليها مواجهتها بصورة سافرة في الظروف الدولية الراهنة مثل قضايا الحرية وحقوق الإنسان.
إن الظفر بالحريات العامة في أية مرحلة من مراحل النضال ، أو بفعل التحول الذاتي للقوى الحاكمة هو وحدة الذي يخلق الظروف لتطبيق الديمقراطية الليبرالية كاملة، واعادة هيكلة المجتمع بحيث تتحرك الدولة على المساحة الخاصة بها وتتحرك تنظيمات المجتمع المدني على مساحتها الخاصة، وفي هذا الإطار احترام مبادئ التعددية السياسية والمدنية على قاعدة الاختلاف في المصالح وفي المناهج السياسية وفي العقائد ، ويؤمن الشروط الضرورية لتبادل السلطة بصورة سلمية عبر الانتخابات الدورية، وسيادة القانون ..إلى آخر هذه الوصفات الليبرالية المعروفة التي تتكرر كثيرا في مداخلة السيد أبي شادي.ويمكن أن يتحقق كل ذلك بصورة أولية غير ناضجة وغير كاملة حسب الهوامش المعطاة للحرية والديمقراطية، ومن ثم تنميته وصولا إلى النظام الديمقراطي الحقيقي الذي يفصح عن مبادئه بصورة أكثر اكتمالا. وفي هذا السياق ليس من الضروري إعلان مبادئ العلمانية ، فالعلمانية بما هي خطاب موجه نحو فصل الدين عن الدولة ،قائمة فعليا في واقعنا العربي، الدولة هنا ليست دولة دينية والمدرسة ليست ملحقة بالجامع. أضف إلى ذلك إن إبراز العلمانية في الخطاب السياسي يولد قيمة انفعالية سلبية لدى الجمهور، ويقدم خدمات مجانية للقوى غير الديمقراطية وخصوصا للقوى الإسلامية السلفية.القضية ليست في غياب العلمانية عن بلداننا العربية، فهي حاضرة فعلا في جميع مناحي الحياة، بل وهي حاضرة لدى الإسلام السياسي والتنظيمات الدينية الأخرى بما هي أطر أهلية للدفاع عن مصالحها أو المصالح العامة كما تراها، بل القضية الجوهرية هنا تكمن في تعميم العقلانية في الفكر والممارسة ، في الدولة وفي المجتمع، في الحياة الخاصة والعامة. إن من يرفعون لواء العلمانية والحداثة يمارسون في كثير من الأحيان أصولية وضعية لا تقل خطورة عن الأصولية الدينية، فلا تبقي فسحة للحوار والعمل المشترك.هناك قضايا عديدة يمكن أن تجتمع حولها جميع القوى السياسية والاجتماعية مثل قضايا الحريات العامة والقضايا الوطنية والقومية وقضايا التنمية..الخ وهذه القضايا لا تتطلب بالضرورة أن تكون علمانيا أو غير علماني بل تطلب أن تكون وطنيا وديمقراطياًوحسب.
ينتقل السيد أبو شادي إلى محطة أخرى ليتوقف عند جانب من أهم جوانب القضية التي نبحث فيها ويتساءل: هل يمكن بناء الديمقراطية في ظل التبعية؟ وما علاقة الاستقلال الوطني بالديمقراطية؟ وهل يمكن توفير الديمقراطية خارج إطار الرأسمالية؟ تساؤلات هامة جدا لا يجيب عنها السيد أبو شادي. مع ذلك أبدأ من السؤال الأخير فأقول من الخطأ المنهجي والنظري اختلاق ارتباط عضوي بين الديمقراطية والرأسمالية، فكما أن تاريخ الرأسمالية ليس تاريخ الديمقراطية، كذلك فإن تاريخ الديمقراطية لم يبدأ معها وبالتالي لا ينتهي عندها. وإذا كنا نبحث عن الديمقراطية الكاملة، إذا جاز لنا القول بوجود ديمقراطية كاملة، فإن ذلك سوف يقودنا بالتأكيد إلى تجاوز الأفق الضيق للرأسمالية هذا الأفق الذي يمكن رؤيته بعين المنطق النظري. ربما في هذا المقام من المفيد التساؤل حول إمكانية وجود الديمقراطية خارج البناء المجتمعي المتمايز داخلياً،على افتراض وجود هكذا بناء.من الناحية المبدئية لا يمكن تصور وجود بناء مجتمعي متماثل تماما،فلو حصل ذلك لانتهى التطور،وإن ما كانت تقول به الماركسية المبتذلة من وجود مجتمع شيوعي متماثل هو نوع من التجريد الأيديولوجي ، لذلك فإن الديمقراطية لا تكون إلا على قاعدة الاختلاف سواء في المصالح أو في زاويا النظر إلى المصالح .
أما ما يتعلق عن علاقة الديمقراطية بالتبعية وهل هناك إمكانية لبناء نظام ديمقراطي غير تابع،فهذا يتوقف على ما نفهمه من التبعية. في مداخلتنا التي افتتحنا بها أشغال ندوتنا هذه، كنت قد قلت بإمكانية النضال الوطني الديمقراطي وتحقيق الاستقلال الوطني في ظل الظروف الراهنة، بل ومن واجبنا تحقيق ذلك. لكن من جهة أخرى علينا أن نفهم الاستقلال لا بمعنى الانعزال، بل التكامل والاندماج في العلاقات الاقتصادية الدولية بدءا من الدائرة العربية ومن ثم الإقليمية فالعالمية.
في عالم اليوم، عالم الاندماج العالمي المتسارع على قاعدة التكتلات الاقتصادية والسياسية الكبيرة، لا مكان فيه للوحدات الصغيرة وبالتالي فإن التبعية بما هي عملية اشتراط متبادل بين الدول والوحدات الاقتصادية والسياسية تبدو عملية موضوعية لا رجوع عنها. في هذا الإطار فإن عمليات التحول باتجاه الديمقراطية تبدو هي الأخرى في توسع متسارع، وضرورية، بحيث لا تستقيم عمليات التشارط المتبادلة في الحياة الدولية بدونها.الذي يحصل أن القوى الإمبريالية بزعامة أمريكا ،والعولمة الهمجية التي يدفع باتجاهها رأس المال العالمي العالم كله تعمل على ترسيخ التبعية الالحاقية غير المتكافئة. في إطار هذه التبعية تبدو الديمقراطية بصورتها الليبرالية ناقصة جداً وهي تخدم القوى الإلحاقية المحلية والعالمية . ولقد كنا في أكثر من موضع في سياق أشغال ندوتنا قد قلنا أن الإمبريالية العالمية وبصورة خاصة الإمبريالية الأمريكية والأوربية غير متحمسة للديمقراطية في بلداننا العربية لأنها لا تخدم مصالحها. لذلك كنا نشدد دائما على أن قضية الديمقراطية هي قضيتنا نحن أبناء هذه الأمة العربية، قضية قواها الاجتماعية والسياسية الديمقراطية.وإن النضال في سبيل الديمقراطية هو في الوقت ذاته نضال في سبيل التحرر من الهيمنة الإمبريالية وتحقيق التنمية الشاملة والدخول في علاقات متكافئة مع جميع الأطراف المشاركة في العمليات التكاملية العالمية.ولأنه كذلك فهو يطرح مباشرة وبصورة موضوعية مسالة القوى الاجتماعية التي لها مصلحة في انتصار الخيار الديمقراطي والقوى المستعدة للنضال في سبيل هذا الخيار. لقد كنا في مداخلتنا قد أشرنا إلى أن الكتلة التاريخية التي هيأها التاريخ موضوعيا للنضال في سبيل تحقيق مهام المشروع الوطني الديمقراطي بما فيه مهمة الديمقراطية يشمل طيفا واسعا من القوى الاجتماعية والسياسية القائمة على الأرض وهو لا يستثني عمليا سوى القوى الاجتماعية التي ليس لها مصلحة في تنفيذ هذا المشروع وبالتالي ليس لها مصلحة في الديمقراطية وقد حددناها بأنها البرجوازية البيروقراطية والطفيلية والكمبرادورية. ولا يشترط بهذه الكتلة التاريخية أن تتسلح بوعي متقدم، بل يكفي أن تعي ضرورة وأهمية النضال في سبيل هذا المشروع، وهي بشكل عام تضم قوى اجتماعية وسياسية غير متجانسة، وأن انخراطها في النضال له أبعاد زمنية متفاوتة.وعليه لا بد من الموافقة مع السيد أبي شادي بأن النضال في سبيل الديمقراطية هو نضال صعب ومعقد ويحتاج إلى زمن طويل، من خلاله وفي سياقه تنمو الذات الديمقراطية وتتوسع حقوقها السياسية والاجتماعية والاقتصادية وتتمأسس الحياة المدنية والسياسية ويتم إعلاء شان القانون وسيادته ،واحترام الحقوق والحريات العامة والفردية.



#منذر_خدام (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الصراع الطبقي وأشكاله
- أزمة الديمقراطية في الوطن العربي
- البناء الاجتماعي ومفاهيمه الأساسية
- المادية التاريخية وسؤالها الأول
- الديمقراطية: معوقات كثيرة …وخيار لا بد منه
- المادية الجدلية وسؤالها الأول
- الديمقراطية بين الصيغة والتجسيد
- المنهج الماركسي واشتراطاته
- شي بحط العقل بالكف....
- منطق الفكر
- نقد الفكر مقدمة لنقد السياسة
- الديمقراطية وبيئتها المفهومية في الوعي السياسي العربي
- الديمقراطية والنخبة
- الديمقراطية والعلمانية والليبرالية
- الديمقراطية والمجتمع المدني
- عندما -تحاول- أمريكا التفكير بعقل -غير- إسرائيلي يظل مثقفونا ...
- الديمقراطية وحقوق الإنسان
- الديمقراطية والحرية
- الديمقراطية الحديثة بين نخبوية لوك ومساواتية روسو
- الديمقراطية: ولادة المصطلح وحدوده الواقع


المزيد.....




- روسيا تبدأ محاكمة الصحفي إيفان غيرشكوفيتش بتهمة التجسس والول ...
- نائب مصري يهاجم مدبولي: هل يعلم أن قرار إغلاق المحال سبب مزي ...
- مدفيديف: القانون الدولي يجب أن يعكس توازن مصالح كافة الدول
- أولمرت يتهم نتنياهو بالخيانة
- إردوغان يتهم نتانياهو بالتخطيط لـ -كارثة- في لبنان
- لماذا فرضت المحكمة العليا الإسرائيلية على الحريديم الخدمة ال ...
- تواصل الغارات الإسرائيلية في قطاع غزة، وكتيبة جنين في الضفة ...
- واشنطن تواصل ضغوطها على إسرائيل لتجنب حرب مع حزب الله
- زيلينسكي يصادق على استحداث -قوات المسيّرات- في جيشه
- الاستخبارات التركية تعلن تحييد قيادي في -العمال الكردستاني- ...


المزيد.....

- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب
- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - منذر خدام - الديمقراطية التي نريد